«القاعدة» تنعى «أبو الخير» الرجل الثاني في التنظيم

تورط في تفجير السفارتين الأميركيتين عام 1998... والتحضير لهجمات سبتمبر تم في منزله بكابل

أبو الخير المصري
أبو الخير المصري
TT

«القاعدة» تنعى «أبو الخير» الرجل الثاني في التنظيم

أبو الخير المصري
أبو الخير المصري

مني تنظيم القاعدة بضربة كبرى مع إعلان مقتل الرجل الثاني في صفوفه أبو الخير المصري في غارة للتحالف الدولي بقيادة أميركية في شمال غربي سوريا، في إطار سلسلة ضربات تستهدف قادة التنظيم في محافظة إدلب في الأشهر الأخيرة.
ونعت «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» و«قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي» في بيان مشترك أول من أمس بعنوان «تعزية باستشهاد الشيخ القائد أبي الخير المصري»، مقتله «إثر غارة صليبية غادرة من طائرة مسيرة لتشهد أرض الشام على جرم جديد من جرائم أميركا والحلف الصليبي». ويأتي إعلان «القاعدة» مقتله غداة كشف مسؤول أميركي الأربعاء عن أن حكومة بلاده تجري تحقيقًا لتأكيد مقتل الرجل الثاني في التنظيم في غارة أميركية في محافظة إدلب.
واستهدف التحالف الدولي هذا القيادي وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان في غارة نفذها في 26 فبراير (شباط) على بلدة المسطومة في محافظة إدلب، التي تسيطر عليها مجموعة من الفصائل الإسلامية أبرزها «جبهة فتح الشام» التي كانت تعرف بجبهة النصرة قبل إعلانها فك ارتباطها بتنظيم القاعدة. والمصري (59 عاما) صهر الزعيم السابق لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن، ويعتقد أنه نائب الزعيم الحالي أيمن الظواهري. ويرى تشارلز ليستر، الباحث في معهد الشرق الأوسط، مركز أبحاث مقره واشنطن، أن مقتله يشكل «أكبر ضربة لتنظيم القاعدة منذ القضاء على ناصر الوحيشي في اليمن في يونيو (حزيران) 2015». وكان الوحيشي زعيم تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب». والمصري من الأعضاء الرئيسيين في التنظيم بصفته عضوا في مجلس «الشورى»، وهو هيئة القيادة المركزية في القاعدة بحسب ليستر، الذي اعتبر أن مقتله سيستدعي بشكل «شبه مؤكد» ردا «في سوريا أو أي مكان آخر في العالم».
وتوجه التنظيمان في بيانهما الأربعاء بالتعزية إلى الظواهري على «استشهاد شيبة الجهاد». وتوعدا الولايات المتحدة «وحلفاءها ووكلاءها وجواسيسها أنه بقدر الارتقاء يزداد منا الإصرار على بلوغ النصر والظفر والانتقام لهم». وكان القيادي الذي أورد البيان اسمه «أحمد حسن أبو الخير» يعد واحدا من أبرز الشخصيات في تنظيم القاعدة ذات النفوذ قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001. وفق مجموعة «صوفان» الخاصة للاستشارات الأمنية والاستخباراتية.
وقالت المجموعة إنه «في منزل المصري في كابل، أفغانستان، أطلَع خالد شيخ محمد كبار قادة القاعدة عن التخطيط لهجمات 11 سبتمبر 2001 وانضم المصري، المعروف أيضا باسم عبد الله محمد رجب عبد الرحمن، إلى جماعة الجهاد المصرية التي كان يقودها الظواهري إبان الثمانينات قبل الاندماج مع بن لادن في التسعينات». وتعتقد الاستخبارات الأميركية أن المصري متورط في تفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998.
وكان المصري اعتقل مع شخصيات أخرى من «القاعدة» عام 2003 في إيران؛ حيث ظلوا هناك حتى عام 2015، عندما تمت مبادلتهم مع دبلوماسي إيراني كان اختطفه الفرع اليمني في التنظيم.
ويرى محللون مواكبون للتنظيمات الجهادية أن وجود المصري في محافظة إدلب يؤكد أهمية سوريا في استراتيجية تنظيم القاعدة. ويأتي الإعلان عن مقتله بعد سلسلة غارات للتحالف الدولي بقيادة واشنطن استهدفت قيادات من الصف الأول في التنظيم في سوريا في الأشهر الأخيرة.
ويؤكد مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية أنه «في الأشهر الثلاثة الأخيرة، تصاعدت عمليات استهداف تنظيم القاعدة من خلال استهداف كبار القادة واجتماعات ومقار تدريب في إدلب». وقال إن «دقة العمليات وتحقيق أهدافها يظهر أنه بات لدى الأميركيين (بنك أهداف) يعملون على أساسه.
وينفذ التحالف الدولي منذ سبتمبر 2014 ضربات جوية في سوريا، تستهدف الجماعات الجهادية، لا سيما تنظيم داعش. لكن في الأشهر الأخيرة، كثف التحالف ضرباته على محافظة إدلب مستهدفا قياديين كبارا في جبهة فتح الشام كان آخرهم أبو هاني المصري، الذي يعد قياديا مخضرما في تنظيم القاعدة. وقالت وزارة الدفاع الأميركية في حينه إنه «كانت لديه ارتباطات بكبار قادة التنظيم بمن فيهم بن لادن والظواهري».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.