استعدادات للقاءات في آستانة تمهيدًا لـ«جنيف 5»

لافروف يدعو إلى التصدي للإرهاب في المفاوضات دون إصرار على أولويته

استعدادات للقاءات في آستانة تمهيدًا لـ«جنيف 5»
TT

استعدادات للقاءات في آستانة تمهيدًا لـ«جنيف 5»

استعدادات للقاءات في آستانة تمهيدًا لـ«جنيف 5»

تجري الدول الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، اتصالات للاتفاق على موعد وجدول أعمال اللقاء المقبل في آستانة. وذكرت مصادر روسية، أمس، أن لقاء جديدا بين تلك الدول والمعارضة السورية والنظام، سيعقد في العاصمة الكازخية آستانة يوم 14 مارس (آذار) الحالي.
في السياق ذاته، قال مصدر كازخي، إن آستانة ستستضيف لقاء فنيا للدول الضامنة (روسيا - تركيا - إيران)، في وقت أكد فيه السفير الإيراني في آستانة تلك المعلومات.
وقالت وكالة «ريا نوفوستي» الروسية، أمس، إن السفير أكد أن لقاء جديدا حول الأزمة السورية قد يجري في آستانة قبل عيد النيروز، الذي يصادف يوم 21 مارس، لافتا إلى أن الموعد غير ثابت بعد، وأن جدول الأعمال ومستوى اللقاء سيتم تحديدهما خلال الأيام المقبلة.
وبحسب مصدر في العاصمة الكازخية تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإن اللقاء المرتقب «يأتي في سياقه الطبيعي، حيث مضى أسبوعان على آخر لقاء في آستانة، ولا بد من لقاء جديد قريبا لبحث المستجدات، لا سيما على ضوء نتائج المفاوضات السياسية في جنيف»، لافتا إلى ترابط بين «جنيف وآستانة، أي أن تطورات الحل السياسي مرتبطة بالتطورات الميدانية»، وعليه «يتحدث البعض من الدول الضامنة عن الحاجة إلى أكثر من لقاء في شهر مارس، تمهيدا للجولة المقبلة من جنيف»، مستبعدا أن يتوسع جدول أعمال «منصة آستانة» ليشمل قضايا الحل السياسي، وختم بالقول إن «كل شيء يبقى رهنا بالتطورات ورغبة الأطراف السورية والراعية للعملية التفاوضية في آستانة».
في موسكو، شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على ضرورة إدراج موضوع التصدي للإرهاب على جدول أعمال جنيف، لكن دون أي إشارة إلى منح هذه المسألة الأولوية خلال المفاوضات. وقال في مؤتمر صحافي، يوم أمس، إن «مفاوضات جنيف لن تكون وفق ما يتطلبه القرار (2254) من دون إدراج التصدي للإرهاب على جدول الأعمال». وأكد أن الأطراف في جنيف «تبحث حاليا عن صيغة تتوافق مع ذلك القرار، بما في ذلك ضرورة التصدي للإرهاب»، لافتا إلى أن «القرار ذاته يشير إلى التصدي بلا هوادة للإرهاب والفصل بين المعارضة ومن يقف على درب الإرهاب والتطرف، باعتبار هذا الأمر فقرة مهمة يجب تنفيذها»، معربا عن قناعته بأنه «سيكون من الصعب القيام بكل الأمور الأخرى، إذا لم نفهم من المشارك الشرعي في العملية السياسية». وشدد لافروف، على عدم السماح بظهور أوساط إرهابية في العملية السياسية، مردفا أنه «كما سيكون من الصعب جدا التوافق على كيفية ضمان مشاركة كل المجموعات العرقية والدينية والسياسية السورية في إدارة شؤون البلاد بعد الإصلاحات، قبل أن نعرف كيف ستتمكن كل الأطراف السورية من الاتفاق حول الدستور الجديد».
وفي تعليقه على سؤال حول احتمال فشل مفاوضات جنيف، أعرب وزير الخارجية الروسي عن أمله بعدم إفشال «صيغة جنيف»، وكذلك «صيغة آستانة».
وقبل حديثه عن موضوع التصدي للإرهاب، رفض وزير الخارجية الروسي الموافقة على القول إن «المسألة لم تحل بعد فيما يخص جدول أعمال جنيف»، وشدد على أن «الجدول حدده قرار مجلس الأمن»، موضحا رؤيته لذلك القرار أن «العملية السياسية تقوم على صياغة رؤية مشتركة لكيفية حكم سوريا في المرحلة الانتقالية، والاتفاق على نوع ما من حكومة الوحدة الوطنية، على أساس توافق متبادل بين الحكومة وكل أطياف المعارضة، وفق ما ينص عليه القرار (2254)»، مردفا أن الخطوات التالية هي «صياغة دستور بجهود مشتركة» وبعد ذلك «انتخابات عامة على أساس ذلك الدستور».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.