المصممة البحرينية هند تبدأ رحلة العالمية.. من لندن

ما يثلج الصدر في الآونة الأخيرة أن العالم العربي لم يعد مجرد متلق ومستهلك للموضة، بل أصبح له صوت مسموع بفضل مجموعة من الشباب الذين يحاولون ترسيخ أقدامهم في هذا المجال بالدراسة والابتكار. من هؤلاء نذكر الشابة البحرينية الأصل، هند مطر، التي أسست ماركة «مطر» (MATAR) بعد تخرجها في معهد «سنترال سانت مارتن للتصميم» وتدربها على يد كل من المصممين برنار ويلهيلم ويانغ لي.
خلال أسبوع لندن الأخير أثارت الكثير من الانتباه بمجموعة أزياء أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها حيوية وشبابية ومبتكرة بتفاصيلها الدقيقة. فرغم أنها لعبت على موضوع الورد، الذي كان قويا في كل عواصم الموضة العالمية، فإنها لم تسقط ضحية بعض الكليشيهات التي يقع فيها عادة الشباب المبتدئ، لأنها ترجمت أشكاله وألوانه بأسلوبها الخاص. تقول إنها حرصت على ترجمة تفتح كل وردة في كل مراحلها، مرة من خلال الألوان الساطعة ومرة من خلال البليسيهات أو طيات الأوريغامي أو الأحجام.
النظرة الأولى لهذه الأشكال تقول إن الألوان المتوهجة والمعدنية هي أكثر ما يجذب فيها، الأمر الذي تفسره هند بقولها «ربما لأنها ألوان تستحضر أعمال فنانين كبار مثل روبرت مايبلثورب ومونيه»، وهذا بلا شك ما أعطاها بعدا فنيا زادته التفاصيل الدقيقة، مثل الخامات المختلفة في القطعة الواحدة، تميزا وتفردا. وكلما تمعنت في هذه التفاصيل يولد لديك انطباع بأن المصممة عاشت صراعا في فترة الإبداع.. صراعا تمخض عن تناقض واضح بين الانسيابية التي طبعت بعض التصاميم، والخطوط المعمارية التي ظهرت في أخرى، لا سيما تلك التي استعملت فيها الساتان المقوى. لم يسلم أي شيء في هذه التشكيلة من لمسات هند الجريئة، فحتى الكسرات والبليسيهات التي ظهرت في بعض التنورات وجوانب الجاكيتات، تعمدت أن تأتي بأحجام مختلفة حتى تذكرنا بأننا في عالم الورود.
عند مواجهتها بهذه الملاحظة ترد بأنها تريد أن يرتبط اسمها بأسلوب جريء لكن بعيد كل البعد عن الابتذال أو المبالغات، وهو ما تعكسه أيضا من خلال الأقمشة التي تختارها والتطريزات والخطوط التي تصممها. إذ لا تستغرب أن ترى تنورة مفصلة على الجسم بطيات أوريغامي مع جاكيت ضخم ومتسع مستوحى من السترة الرجالية، أو صديري مطرز بالكامل مع جاكيت قصير بلون واحد وهادئ، وغيرها من التناقضات الفنية المتناغمة. تذكرنا هند، مبتسمة، بأنها خريجة معهد سانت مارتن الذي يشجع على الابتكار، حتى وإن تطلب الأمر الجنوح إلى الجنون أحيانا، على شرط أن يخدم التصميم. فأسوأ شيء يمكن أن يعوق عملية الإبداع عموما هو الخوف، خصوصا الخوف من المجازفة لاستكشاف فكرة غير مطروقة من قبل. صحيح أن هذا الجنوح رُوض في السنوات الأخيرة بسبب الحاجة للتسويق، مما جعل العديد من المصممين الشباب يمسكون العصا من الوسط، لكن لندن لا تزال مهد الإبداع والمنبر الذي يجد فيه هؤلاء الشباب فرصة للتنفيس عن قدراتهم والتعبير عن أنفسهم. وهند لا تخرج عن هذه القاعدة، وما قدمته كان تعبيرا عن جرأة لا تخطئها العين منسوجة بلمسات معقدة، يتزاوج فيها الأنثوي بالرجولي أحيانا، لكن دائما في قطع لا تعترف بزمن أو موسم.