ترمب يجتاز أول اختبار أمام الكونغرس

انتقادات {ديمقراطية} لغموض خطته لخفض الضرائب وإلغاء «أوباما كير»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي خطابه الأول أمام الكونغرس ويبدو نائبه مايك بنس (يسار) والمتحدث باسم مجلس النواب بول راين أول من أمس (إ.ب.أ) - كارين أوينز زوجة الجندي الأميركي الذي قتل في عملية باليمن خلال خطاب ترمب بالكونغرس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي خطابه الأول أمام الكونغرس ويبدو نائبه مايك بنس (يسار) والمتحدث باسم مجلس النواب بول راين أول من أمس (إ.ب.أ) - كارين أوينز زوجة الجندي الأميركي الذي قتل في عملية باليمن خلال خطاب ترمب بالكونغرس (أ.ف.ب)
TT

ترمب يجتاز أول اختبار أمام الكونغرس

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي خطابه الأول أمام الكونغرس ويبدو نائبه مايك بنس (يسار) والمتحدث باسم مجلس النواب بول راين أول من أمس (إ.ب.أ) - كارين أوينز زوجة الجندي الأميركي الذي قتل في عملية باليمن خلال خطاب ترمب بالكونغرس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي خطابه الأول أمام الكونغرس ويبدو نائبه مايك بنس (يسار) والمتحدث باسم مجلس النواب بول راين أول من أمس (إ.ب.أ) - كارين أوينز زوجة الجندي الأميركي الذي قتل في عملية باليمن خلال خطاب ترمب بالكونغرس (أ.ف.ب)

في أول خطاب له أمام الكونغرس، كانت نبرة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تصالحية، إلا أنه لم يتراجع عن الوعود التي أدلى بها خلال حملته الانتخابية، التي تشمل الدفاع عن مصلحة الولايات المتحدة أولا، ودعوته حلفاء بلاده إلى مضاعفة مساهماتهم في التمويل الدفاعي.

أميركا أولاً

وفي خطاب استمر ساعة تقريبا، تخلله تصفيق متكرر فاق 96 مرة، دافع الرئيس الأميركي بقوة عن قراره السابق بحظر دخول اللاجئين والمسافرين من سبع دول ذات غالبية مسلمة، وهو الأمر التنفيذي الذي أوقفته المحكمة الاتحادية. وقال: «لا يمكن أن نسمح لوطننا أن تصبح مرتعا للمتطرفين»، مضيفا: «سنتخذ قريبا خطوات جديدة للحفاظ على أمننا، ولمنع دخول أولئك الذين يريدون إلحاق الأذى بنا».
وتطرق ترمب أمام مجلسي الكونغرس باقتضاب إلى قضايا الدبلوماسية والدفاع. لكن الرئيس الأميركي الجديد، الذي لا تزال خطوط سياسته الخارجية غير واضحة، حذر من أنه سيتصرف أولا لخدمة مصلحة بلاده. وقال: «مهمتي لا تكمن في تمثيل العالم، بل تمثيل الولايات المتحدة».
في المقابل، أقرّ ترمب بأن «سياستنا الخارجية تستلزم تعهدا مباشرا ومتينا وكبيرا مع الأسرة الدولية». وعلى خطى أسلافه الجمهوريين والديمقراطيين، أشاد رئيس أول دولة عظمى في العالم بـ«زعامة أميركا التي تقوم على مصالح أساسية من الناحية الأمنية، نتقاسمها مع حلفائنا في العالم».

التزام بالتحالفات التقليدية

وفي محاولة لطمأنة الحلفاء التقليديين، وعد ترمب بأن واشنطن ستستمر في «دعم حلف شمال الأطلسي بقوة، وهي منظمة تم تأسيسها بعد حربين عالميتين أطاحتا بالفاشية، وبعد حرب باردة انتصرت على الشيوعية».
لكن كما أكد خلال حملته، شدّد ترمب على ضرورة مضاعفة حلفاء الولايات المتحدة، في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، جهودهم المالية لضمان دفاعهم المشترك. وقال إنه «على شركائنا أن يلتزموا بواجباتهم المالية»، في إشارة إلى أن على الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي أن يخصصوا 2 في المائة على الأقل من إجمالي الناتج الداخلي لديها لنفقاتها العسكرية.
وفي الواقع، فإن خمس دول فقط، في مقدمتها الولايات المتحدة بـ3.61 في المائة، نجحت بين الدول الـ28 الأعضاء في الحلف حتى هذا اليوم في تحقيق ذلك، وهذا ما انتقده ترمب باستمرار في الأشهر الأخيرة. وفي الأيام الأخيرة، ذكر نائبه مايك بنس، ووزير الدفاع جيمس ماتيس بذلك أمام الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي. وقال ترمب إنه «من الآن وصاعدا بفضل نقاشاتنا الصريحة جدا بدأ الأوروبيون» في زيادة نفقاتهم.وفي حين أثارت مواقفه الانعزالية والقومية والمعارضة للتعددية بلبلة في الأمم المتحدة وأوروبا وآسيا، إلا أن دونالد ترمب أكد أن الولايات المتحدة «ستحترم المؤسسات التاريخية، وأيضا حقوق الأمم السيادية».

مكافحة الإرهاب
أما فيما يتعلق بالحرب ضد الإرهاب، فقد أشار الرئيس الأميركي إلى أنه سيعمل مع الحلفاء والأصدقاء في العالم الإسلامي على اقتلاع «داعش» والإرهاب من على وجه الأرض، لافتا إلى أن إدارته ستعمل على تنفيذ إجراءات لتشديد الهجرة؛ لضمان تحديد الأفراد الذين تربطهم صلات بالمنظمات الإرهابية، ومنعهم من الدخول إلى الولايات المتحدة. وقال ترمب: «سنأخذ تدابير قوية لحماية أمتنا من (الإرهاب الإسلامي المتطرف)، ولا يمكن أن نسمح لامتنا أن تصبح مرتعا للمتطرفين». ووصف الرئيس «داعش» بأنه «شبكة من الهمج الخارجة عن القانون، تذبح المسلمين والمسحيين والرجال والنساء والأطفال من جميع الأديان والمعتقدات».
وعودة إلى السياسة الداخلية، تحدث ترمب في خطابه الذي حظي بمتابعة واسعة على إلغاء واستبدال قانون «أوباما كير» للرعاية الصحية، وإجراء إصلاحات ضرائبية وتخفيضات على الشركات والأفراد. إلا أنه لم يقدم تفاصيل حول خططه لإصلاح الرعاية الصحية وتخفيض الضرائب. وأوضح، أن فريقا اقتصاديا يحضر لإصلاحات ضريبية، وصفها بـ«التاريخية»، لتمكين الشركات من المنافسة. ودعا ترمب إلى تمويل البنية التحتية بمبلغ تريليون دولار، وإعادة بناء البلد التي وصفها بأنها دولة دمرتها الجريمة والمخدرات والبنية التحتية المتدهورة والبيروقراطيات الفاشلة. وأعلن ترمب ما أسماه «فصلا جديدا من العظمة الأميركية، والقوة العسكرية، والتقدم الاقتصادي».

شكراً لكم
في أول تعليق له على خطابه أمام الكونغرس، قال الرئيس الأميركي في تغريدة أمس على «تويتر» «شكرا لكم»، فيما قد يدل على رضاه على التغطية الإعلامية الإيجابية إلى حد كبير التي حظي بها الخطاب.
ومن الواضح أن الرئيس سعى إلى بناء زخم لدى الكونغرس، عبر دعوة كبار المشرعين وأعضاء فريقه الوزاري للاجتماع خلال الأسبوع الحالي، لإجراء محادثات حول كيفية المضي قدما في تنفيذ أجندته الاقتصادية.
ويلتقي ترمب، اليوم الخميس، مسؤولين عسكريين على حاملة الطائرات «جيرالد فورد» في ولاية فيرجينيا، ويلقي خطابا حول كيفية الارتقــاء بالاستعدادات العسكرية الأميركية، وتنفيذ خطته لزيادة الإنفاق العسكري، ومواجهة التحديات الأمنية، وهزيمة الإرهاب.
وقال مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي، إن الاستقبال الذي حظي به ترمب في الكونغرس يعطي ثقة كبيرة أن جدول أعمال الرئيس هو المناسب لأميركا، ويتوافق مع تطلعات الشعب الأميركي. وأشار في تصريحات لشبكة «ام إس أن بي سي» إلى أنه متفاءل جدا حول فرص التحرك لتنفيذ جدول أعمال الرئيس.

انتقادات {ديمقراطية}
وبينما حصل ترمب على تصفيق متكرر من الجانب الجمهوري، فإنه واجه تكتلا ديمقراطيا صامتا، وارتدت عدد من السيدات الأعضاء الديمقراطيين اللون الأبيض في إشارة احتجاج على ترمب، وتعالت صيحات الديمقراطيين بالاحتجاج عندما أشار ترمب إلى خطته لإلغاء واستبدال برنامج «أوباما كير» للرعاية الصحية، كما انتقدوا الخطاب لعدم وجود خطط ملموسة حول تخفيضات الضرائب.
وقال السيناتور تشاك شومر، زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس الشيوخ، إن خطاب ترمب لم يقدم جديدا، وإنه كان منفصلا عن الواقع، منتقدا مقترحات ترمب لمكافحة الجريمة والهجرة. وقال: إن «الغالبية الساحقة من المهاجرين يلتزمون بالقانون، ويريدون أن يكونوا جزءا من الحلم الأميركي». وانتقد شومر الخطاب باعتبار أنه كان موجها فقط للمناصرين الداعمين لترمب، دون أن يقدم خطة فعلية وملموسة حول تطوير البنية التحتية أو تخفيضات الضرائب.
من جهتها، وصفت نانسي بيلوسي، زعيمة الأقلية في مجلس النواب، ترمب بأنه «مندوب مبيعات جيد»، وقالت إنه لم يقدم مقترحات حول تعزيز وخلق فرص عمل، كما لم يقدم تفاصيل حول تطوير البنية التحتية أو إعادة التفاوض على اتفاقية «نافتا».
وأعرب الديمقراطيون، كذلك، عن شكوكهم حول تصريحات ترمب حول إجراء إصلاحات شاملة للهجرة. وقال السيناتور الديمقراطي إد ماركي: «إننا ننتظر تفاصيل خطة يمكن أن تحصل على تأييد من النواب الجمهوريين والمحافظين الذين يعارضون بالفعل سياسات ترمب المتعلقة بالهجرة».
وانتقد المحافظون من الحزب الجمهوري خطط ترمب لمنح إعفاءات ضريبية، باعتبارها استحقاقا جديدا مكلفا، لكنهم أشادوا بخطاب ترمب.
في المقابل، امتدح أغلب الجمهوريين خطاب ترمب؛ إذ قال السيناتور تيد كروز، منافس ترمب السابق في الانتخابات التمهيدية: «أولويتي هي دائما تعزيز فرص العمل والنمو الاقتصادي؛ ولذا فأنا متفاءل بخطاب الرئيس، وخططه لإلغاء (أوباما كير)، والتركيز على الضرائب والإصلاح التنظيمي».
وأشار المحللون إلى أنه على النقيض من طبيعة ترمب ولهجته التهكمية والمهاجمة، فإنه نجح في ضبط نفسه وعباراته، ولم يقدِم على مهاجمة وسائل الإعلام كما فعل سابقا مرارا، والتزم بقراءة الخطاب المعد سلفا مع لمحات عاطفية في إشارته إلى كارين أوينز، أرملة الضابط الأميركي ريان أوينز الذي قتل في غارة في اليمن الشهر الماضي. كما أشار إلى ضحايا العنف المسلح في شيكاغو.
ورغم الانتقادات التي سبقت ولحقت بالخطاب من الديمقراطيين، فإن المحللين يرون أن ترمب نجح في تصوير نفسه شخصية وسط تلقى قبولا أكبر لدى المعتدلين من الحزبين والمستقلين.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.