العالول: نقبل بحل الدولة الواحدة... وتعييني ليس مؤقتاً

نائب عباس في {فتح} قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يجب التخلص من الاتفاقات... وإدارة ترمب تدرس ملف الصراع

محمود العالول
محمود العالول
TT

العالول: نقبل بحل الدولة الواحدة... وتعييني ليس مؤقتاً

محمود العالول
محمود العالول

منذ التقيته قبل شهور، لم يتغير شيء في محيط الرجل، الذي أصبح نائبا للرئيس محمود عباس في قيادة حركة فتح، المنصب الذي يعني أنه سيكون رئيسا للحركة في حال حدوث مفاجآت، وبالتالي رئيسا للسلطة الفلسطينية. وفق منطق فتحاوي بحت، يقول إن رئيس فتح هو رئيس السلطة ورئيس منظمة التحرير أيضا. وهو منطق ثابت بعكس الشخوص المرشحين أو المنتخبين.
كان الشرطي الوحيد يقف خارج مقر التعبئة والتنظيم التابع لفتح، الذي يدير منه محمود العالول، عضو اللجنة المركزية للحركة، كل أعماله، إلى جانب قياديين آخرين. ولم نتعرض لأي أسئلة في طريقنا إلى مكتبه في العمارة ذات الطوابق الخمسة، إلى أن استقبلنا مدير مكتبه، الذي أرجأنا لاحقا، مرات عدة، بسبب تداخل المواعيد وعدم تنظيمها الذي يشير إلى فوضى ما، يعدها كثير من الفتحاويين «خلاقة» و«حميدة»، وجزءا من الثقافة العامة.
أعضاء «مركزية» وآخرون من المجلس الثوري، وكوادر في الحركة، كانوا يصلون بلا مواعيد يريدون مقابلة العالول. وبينما كان هو يستقبل وفدا من الاتحاد الأوروبي، كان مساعدوه يحاولون ترتيب الأمر، بطريقة تجنبهم الإحراج أو المواجهة مع الأصدقاء والمسؤولين. سألت العالول قبل أن نبدأ حوارنا عن حراسته، فقال إنه لا يحب الجلبة التي تحدثها، ويتمنى لو يستطيع مباشرة أعماله من دون مساعدين أيضا، إذ «ليس ثمة ما يخشاه»، كما يقول. بعدها، دار بيننا هذا الحوار:
* سأبدأ من الرئيس الأميركي ترمب، ماذا أنتم فاعلون معه؟
- هذا سؤال مطروح على العالم كله. لا أحد يستطيع أن يقرأ شيئا في سياسة ترمب. هناك كم كبير من الغموض والتخبط. لقد بدأ فورا في صنع كم كبير من التناقضات والمشكلات مع المجتمع الأميركي والعالم وأوروبا، ومع الصين واليابان. سياساته مخالفة تماما لكل السياسات الأميركية السابقة. لذلك نحن أمام حالة غامضة. هناك مقدمات محبطة، لكن ما نقوله نحن، هو إننا نبذل جهدا، وما زلنا نبذل جهودا مختلفة لتجاوز ذلك.
* في أي اتجاه؟
- أن نتواصل معه ومع إدارته. نحن أرسلنا لهم مباشرة، وعبر القيادات العربية أيضا. قلنا له أن يقرأ المنطقة جيدا وألا يتسرع. نريد العلاقة جيدة وليست متوترة. لكن بغض النظر عن أي شيء يمكن أن يحدث، نحن سنبقى متمسكين بحقوق شعبنا وثوابت شعبنا وندافع عنها، والكل جربنا خلال السنوات الأخيرة، لسنا مطواعين ولا نخضع لأي إملاءات.
* وهل كانت هناك استجابة منه؟ هل فُتحت خطوط اتصال؟
- نعم. هناك كثير من الإخوة الذين ذهبوا وتواصلوا مع أطراف مهمة وأساسية في إدارته.
* قيل إن هذه اللقاءات أمنية فقط؟
- أمنية وسياسية كذلك. وحتى الأمنية منها لم تكن موضوعاتها أمنية فقط.
* وهل لمستم استجابة أو تغييرا؟ هل حدث أي اختراق؟
- يقولون إنهم يدرسون الملف. لم تتضح لدينا حتى الآن كيف ستكون السياسة الأميركية خلال الفترة المقبلة.
* لكن مواقفه خطيرة. هناك نقل السفارة، وحل الدولتين. هل تنتظرون تغييرا في مواقفه هذه؟ هل حصلتم على تطمينات؟
- نعم. هناك مواقف صعبة لكن أيضا ثمة ما يوحي بأن هناك تراجعا. بصراحة العالم كله ليس لديه توقعات محددة.
* بخصوص حل الدولتين الذي تراجع عنه، هل توافقون على دولة واحدة؟
- المسألة ليست لها علاقة بنوع الحل وشكله. المسألة متعلقة بالشروط. بالنسبة لنا، همنا الأساسي هو الحرية والاستقلال والسيادة. لا نتسرع باتخاذ الأحكام على الشكل. حل الدولة الواحدة مثلا، إذا كان بشروط إسرائيلية، أي دولة واحدة ونظام تمييز عنصري، فهذا مرفوض. موضوع الدولة الواحدة نحن أول من طرحه، قلنا دولة ديمقراطية يعيش فيها كل المكونات الموجودة على هذه الأرض.
* يعني مقبولة بهذه الشروط؟
- الدولة الواحدة التي نتحدث عنها تاريخيا، هي الدولة الديمقراطية التي يعيش فيها الجميع على قدم المساواة، نعم مقبول. لكن، نحن نعرف أن إسرائيل لن تقبله (...) لا يمكن أن يوافقوا. هم يريدون دولة نقية في يهوديتها، لذلك يطالبوننا بالاعتراف بالدولة اليهودية. الدولة الواحدة طرحناها سابقا ولا توجد مشكلة، نحن نقبل بشروطنا.
* قلت إن العالم ينتظر أن يفهم ترمب، لكن هل يستطيع الفلسطينيون الانتظار أكثر بعد 20 عاما من المفاوضات؟ ألا يجب التحرك باتجاه آخر؟
- التفاوض شيء حتمي في كل صراع، هنا أو في أي بقعة في العالم. هناك صراع مع هذا الاحتلال، وهو صراع مرير عبر كل السنوات الماضية. ونحن عندما شعرنا أن التفاوض مسألة عبثية أوقفنا التفاوض. هذا الصراع سنخوضه بكل أشكاله.
* لكنكم أوقفتم التفاوض من دون بدائل. وهناك من يدعو لتكون المقاومة هي البديل.
- المقاومة مشروعة، وأهم نقاط الإعلان السياسي في فتح تقول إن المقاومة بكل أشكالها حق مشروع، لكن لكل مرحلة شكلا مواتيا. في هذه المرحلة، الشكل المواتي هو المقاومة الشعبية. نحن نرى ذلك ونستخدمه.
* وهل ترى أن هناك مقاومة شعبية؟
- هناك مقاومة شعبية قائمة ورائعة ومحترمة في عشرات الأماكن، لكن لا بد أن يبذل جهد أكبر من أجل النهوض بها وإظهار قدرتها على الضغط. يجب أن تكون شمولية لتصبح نهج حياة. نريدها في الميدان وأسلوب حياة.
* إذن لماذا لا تنجح جوانب مهمة منها، مثل المقاطعة (مقاطعة بضائع إسرائيلية)، سرعان ما تفشل؟
- هناك معطيات. ربما نحن نأخذ خطوات قوية في البداية، لكننا نسعى من أجل أن تكون ثقافة سائدة في المجتمع. نريدها أن تصبح ثقافة. نريد من أبنائنا أن يمتنعوا عن البضائع الإسرائيلية طوعا. لذلك نحاول أن ننشرها في المجتمع من دون قرارات.
* وهل يمكن أن تصبح المقاومة الشعبية نهج حياة بوجود سلطة؟
- نعم. دواعي ذلك أن هناك احتلالا، وهناك جرائم. من أجل ذلك لا بد أن تكون نهج حياة للمواطن الفلسطيني، ونحن مع ذلك.
* بالحديث عن الاحتلال، تم الإعلان مرارا عن خطوات ضده، مثل وقف التنسيق الأمني. لماذا لا تترجم؟
- هناك كم كبير من الضغوط، وهناك آراء تقول إنه لا يمكن استخدام العصا الآن، هددوا وأجلوا استخدامها. لكن أنا أقول لك لا محالة بالنهاية، لا بد من إعادة النظر في كل أشكال العلاقة.
* هناك من يقول إن السلطة لن تستطيع ذلك، لأنها جاءت ضمن اتفاق اسمه أوسلو.
- صحيح هناك اتفاق، لكن لدينا مبررنا. كل الاتفاقات لم يلتزم بها إلا طرف واحد، هو السلطة. لذلك يجب ألا نلتزم بهذا الاتفاق.
* هل خفتم في لحظة من أن تهدم خطوات من هذا القبيل السلطة؟ وهل أنت مع حل هذه السلطة في مرحلة ما؟
- لا، لست مع حل السلطة، باعتبارها إنجازا، لكن مع أن تقاد السلطة باتجاه تعميق التناقض مع الاحتلال. هذه السلطة لن تحل، لكن ربما تنهار بفعل الحصار، أو وقف الأموال، وأسباب أخرى. مهمتنا هي أن نعمق التناقض بصراحة.
* مستعدون للذهاب حتى النهاية؟
- مصالحنا تتطلب ذلك. حماية أرضنا وأطفالنا وشعبنا هي مسؤوليتنا.
* في مسألة ثانية تماما، تم اختيارك نائبا لرئيس حركة فتح. هل هذا منصب بصلاحيات حقيقية أم فخري؟
- لا لا طبعا، يوجد لدينا في النظام الداخلي صلاحيات لنائب الرئيس. وأنا لست باحثا عن هذا الأمر. لكن هناك كما هائلا من المهام لا بد من القيام به، وأنا أسعى لذلك. هناك أعباء يتحملها الرئيس، وجزء أساسي من مهامي كيف أساعد في حمل جزء من الأعباء.
* وهل اختيارك لهذا المنصب أنهى أي تدخلات خارجية؟
- مبدأ التدخلات الخارجية ليس مرتبطا، بل كان أحد العناوين. ما فعلناه سينهي جزءا من التدخلات الخارجية. هذه التدخلات دائمة وقائمة منذ سنوات طويلة، ومن أجل ذلك نقول القرار الوطني المستقل. أنت تدرك مدى أهمية الورقة الفلسطينية وحرص كثيرين في الإقليم على امتلاكها.
* وفي موضوع دحلان تحديدا؟ هل انتهت تلك التدخلات؟
- في هذا الموضوع دعني أقول، إن تدخل الرباعية كان فظا، ونحن رفضناه. والآن لم يعد موجودا. نحن حددنا سياسة تمسكنا بها وصمدنا بها، وهذا قاد إلى تراجع الآخرين.
* طيب، اختيارك في منصب نائب الرئيس، هل له علاقة بانتقال سلس للسلطة؟
- ربما يساعد هذا الموضوع. لكن أرجو ألا يؤخذ الأمر من هذه الزاوية. نحن نعتقد أنه ما دام هناك توافق وهناك حالة من الانسجام، فإنه يضمن الانتقال السلس.
* نقل عنك أن تعيينك نائبا للرئيس، جاء محددا بفترة زمنية.
- لا لا. ضمن القانون في فتح، هناك مراجعة وتقييم لكل المهام بعد عام من إعلانها، هذا ما قصدته.
* كان البعض يتوقع أن يجري الدفع باتجاه مروان البرغوثي (أسير عضو لجنة مركزية).
- بالنسبة لمروان هو قائد وصديق عزيز ومناضل. وهو تاج عز في فتح، له منا كل التقدير والاحترام. ونحن نبقى نناضل من أجل حريته.
* طيب عدم اختياره أو إعطائه مهام، كيف تفسره؟
- هذا موضوع أحيانا يثيره بعض الناس الذين لديهم رغبة في إثارة إشكال. أريد أن أسأل أي أحد أن يقنعني أو يضع لي فكرة، إذا سُلّم مهام تنفيذية كيف سيمارسها؟ إذا كانت هناك إجابة، كل المواقع مفتوحة له بالطبع.
* كان يفترض أن تذهبوا في منظمة التحرير إلى انتخابات أيضا على غرار فتح.
- نعم. هناك فكرة أساسية ونسعى لها منذ أكثر من عام، من أجل عقد المجلس الوطني الفلسطيني. هناك لجنة تحضيرية من أجل هذه المسألة. سنسعى بكل ما نستطيع من جهد من أجل إنجاز هذا الموضوع.
* هل ثمة عقبات؟
- نعم، طبعا. نحن لسنا معزولين، هناك تدخلات، هناك صراعات، لكننا مصرون على ذلك.
* وهل حُسم أمر مكان عقده في الداخل أو الخارج؟
- هناك نقاش.
* من ضمن مهام المجلس الوطني، هل نتوقع استحداث منصب نائب رئيس السلطة؟
- دعنا نصل ونرى. لكل حادث حديث. هذا الأمر مطروح، نعم صحيح.
* وهل ثمة مرشحون؟ هل ثمة شروط أن يكون عضو مركزية مثلا أو تنفيذية؟
- المبدأ هو أن يكون هناك نائب لرئيس السلطة، هذه مسألة مهمة، لكن أين وكيف؟ التوازنات تلعب دورا في مجموعة أخرى من القضايا، يجب البحث بشأنها. حتى الآن لم نبحثها.
* حماس تقول إن هذا الأمر محسوم. لا داعي له، ورئيس المجلس التشريعي هو رئيس السلطة في حال شغور المنصب.
- طيب دعنا ننتظر إجابة من حماس أولا. هل تريد أن تدخل الجسم الفلسطيني أو لا؟ ثم إنه لا يوجد الآن رئاسة للمجلس التشريعي. يجب انتخاب هيئة جديدة.
* الفصائل تشيخ مثل الناس. هل ترى أن فتح شاخت؟
- الموضوع ليس أنها تشيخ، حركة فتح هي حركة تحرر وطني، أتت من أجل تحقيق الحرية والاستقلال. وما زالت لم تنجز هذين الهدفين، وستبقى شابة حتى تنجزهما. شعارنا هو حرب الشعب طويلة الأمد. وهذا يعني أنه سيكون هناك عدد من الأجيال، ستستمر. نحن نعتني بالشبيبة، بالأشبال. من أجل ذلك، تجدد فتح دائما شبابها حتى تتمكن من إنجاز الاستقلال.
* ما هدفك الأهم في منصبك الجديد؟
- تجديد الشباب، والنهوض بالحركة، ومعالجة كم كبير من الثغرات، والتصالح مع الشارع الفلسطيني، وخلق حالة من الانسجام داخل الحركة وبين الحركة والمجتمع.
* يعني هل توافق على أن هناك فجوات بين الحركة والشارع؟
- بالتأكيد.
* هل تعتقد أن سبب ذلك هو تماهي فتح مع السلطة إلى حد كبير؟
- لا يوجد توجه حاسم. بصراحة كل الأحزاب تسعى أن تكون جزءا من السلطة. هناك خلط. لا بد من إعادة التركيز على أن فتح حركة تحرر وطني. يجب أن نعيد الأولوية لهذا الموضوع، والنضال واستمراره. أحيانا كثيرة تكون جزءا من السلطة أو على رأس السلطة. هذا هدف لكن في دولة. نحن لدينا خلط. توجد سلطة ولم ننه الاحتلال، ولا توجد دولة. يعني هكذا قيدت الأمور. وسأبذل جهدا كبيرا لتتغير.
* ما تقوله لا يعجب الإسرائيليين!
- أعجبهم أو لا، ليس شأنهم.
* وهل تخشون من ربيع فلسطيني في مرحلة ما؟
- لا لا. في الربيع تخرج الجماهير باتجاه حاجاتها الأساسية، أو لتغيير الحكومة. تناقضنا جميعا هنا هو مع الاحتلال. إذا كان من أجل الاحتلال، فلتخرج نحن معها. أصلا، جرى التخطيط لأن يكون الربيع في فلسطين أولا، لكن ذلك لم ينجز.



الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
TT

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

تتجه الجماعة الحوثية في اليمن إلى توسيع دائرة مواردها من خلال ابتكار آليات ووسائل جديدة للجبايات بالتزامن مع مساعيها إلى إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتها، وأنشأت أخيراً آلية جديدة تحت اسم «موارد دعم القضاء»، إلى جانب توجهها لفرض جبايات على صناعة المحتوى الإلكتروني، وعلى عدد من الخدمات العمومية.

وكشفت وثيقة جرى تسريبها عن قرار أصدره القيادي الحوثي مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم الانقلابي) بدمج عدد من المؤسسات في السلطة القضائية بوزارة العدل وحقوق الإنسان في حكومة الجماعة التي لا يعترف بها أحد، وإعادة تنظيم مهام وأهداف الكيان الجديد، بما في ذلك تولي تحصيل موارد ما سماه «صندوق دعم القضاء».

قرار حوثي بإعادة هيكلة مؤسسات حكومية تضمن الإشارة إلى صندوق موارد لصالح القضاء (إكس)

وبينما لم تعلن الجماعة الحوثية إنشاء هذا الصندوق أو مهامه رسمياً، ترجح مصادر قانونية مطلعة في العاصمة المختطفة صنعاء صدور قرار بإنشاء الصندوق دون الإعلان عنه، خصوصاً أن الجماعة تتحفظ على الإعلان عن قراراتها الأخيرة بشأن دمج وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة المختطفة، ومنها هذا القرار الذي جرى تسريب بعض مواده.

وتوقعت المصادر أن يكون قرار إنشاء صندوق بهذا الاسم بوابة لتحصيل جبايات مختلفة من مصادر متعددة، سواء من المؤسسات أو القطاعات الإيرادية، بهدف السيطرة على إيراداتها وضمان دخولها في أرصدة تابعة للجماعة في البنوك، أو من الشركات التجارية والتجار ورجال الأعمال، وحتى من صغار الباعة ومختلف المهن والأعمال.

وذهبت المصادر في توقعاتها إلى أن مثل هذا الصندوق قد يستخدم في ابتزاز التجار ورجال الأعمال والشركات والبيوت التجارية، من قبيل أن عدم مساهمتهم في رفد موارد القضاء قد يتسبب في تعطيل مصالحهم أو معاملاتهم القانونية، وإجراءات التقاضي الخاصة بهم.

وبدأت الجماعة الحوثية منذ أسابيع تقليص الهيكل الإداري للدولة ومؤسساتها في مناطق سيطرتها من خلال عمليات دمج وإلحاق وإلغاء، بهدف مزيد من السيطرة عليها وإزاحة الموظفين فيها من غير الموالين للمشروع الحوثي.

ملاحقة صناعة المحتوى

وذكرت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تدرس منذ عدة أسابيع إنشاء آلية لفرض رسوم على صناعة المحتوى الإلكتروني من خلال فرض جبايات على المواقع الإلكترونية، وعلى صناع المحتوى والمشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي.

ووفقاً للمصادر فمن المتوقع أن يجري فرض الجبايات تحت اسم ضريبة الدخل، ويجري تحصيلها مقابل ما يتحصل عليه صناع المحتوى ومالكو المواقع الإلكترونية من مبالغ، سواء كانت عائدات من نشاطهم، أو من الإعلانات التي يقدمونها.

مبنى مجلس القضاء الأعلى في صنعاء الذي تسيطر عليه الجماعة الحوثية وتفرض جبايات باسمه (فيسبوك)

وبينت المصادر أن الجماعة تدرس آليات ووسائل فرض هذه الرسوم من خلال تتبع أنشطة صناع المحتوى، ومراقبة المواقع الإلكترونية وما تعرضه من إعلانات على صفحاتها، وتسعى إلى الاستفادة من تجارب عدد من الدول في هذا الشأن.

إلا أن الجماعة تواجه تحدياً كبيراً في تنفيذ نياتها، ويتمثل ذلك في قلة صناع المحتوى اليمنيين، ووجود كثير منهم خارج البلاد، حيث لا تساعد سرعات وأسعار الإنترنت في مناطق سيطرة الجماعة على إتاحة الفرصة لصناعة محتوى يدر مداخيل كبيرة.

كما أن غالبية مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن لا يحصلون على إيرادات كبيرة، ويكتفي أغلبهم بالحصول على هدايا من الجهات التي يقدمون لها خدمات إعلانية.

ومنذ قرابة شهر ونصف الشهر أخطرت وزارة إعلام الجماعة الحوثية ملاك المواقع الإخبارية ومحركات البحث، بتقديم تخفيضات بنسبة 70 في المائة على رسوم الحصول على تراخيص مزاولة النشاط، ولمدة لا تتجاوز الشهرين، مهددة بإجراءات عقابية على من يتخلف عن السداد والحصول على التراخيص.

جبايات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على نتائج اختبارات النصف الأول من العام الحالي (إعلام حوثي)

ومن المتوقع أن تبدأ الجماعة فرض إجراءات عقابية بحق المواقع الإلكترونية، مثل الحجب، واقتحام المكاتب، ومصادرة الأجهزة والمعدات، ضد كل من تخلف عن الحصول على تلك التراخيص.

وأخيراً فرضت الجماعة الانقلابية رسوماً على نتائج اختبارات طلبة المدارس للنصف الأول من العام الدراسي الحالي في مناطق سيطرتها.

وذكر أولياء أمور الطلاب على مواقع التواصل الاجتماعي أن الرسوم التي فرضتها الجماعة الحوثية مقابل الحصول على النتائج تراوحت بين أقل من نصف دولار إلى أكثر من دولار (بين 300 و600 ريال، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ534 ريالاً)، وجرى تحصيلها من دون سندات.

واستنكر أولياء الأمور هذه الجبايات الجديدة، التي تضاف إلى ما يجري فرضه عليهم وعلى أبنائهم من رسوم منذ بداية العام الدراسي، والتي ضاعفت من الأعباء المفروضة عليهم، خصوصاً مع توقف الرواتب، وغلاء الأسعار، وتردي أحوالهم المعيشية.