الحكومة التونسية واتحاد الشغل يتجهان إلى التهدئة

لتفادي أزمة جديدة عقب التعديل الوزاري الأخير

الحكومة التونسية واتحاد الشغل يتجهان إلى التهدئة
TT

الحكومة التونسية واتحاد الشغل يتجهان إلى التهدئة

الحكومة التونسية واتحاد الشغل يتجهان إلى التهدئة

هدأت حدة التوتر بين الحكومة التونسية واتحاد الشغل، ذي النفوذ القوي في البلاد، في أعقاب تحوير وزاري أشعل فتيل أزمة بين الطرفين، وخلافات في وجهات النظر حول الإصلاحات في القطاع العام، ومكافحة الفساد.
وبدأت قيادات في اتحاد الشغل، الذي يضم أكثر من 800 ألف منخرط من العمال، بعقد لقاءات مع ممثلي الأحزاب الرئيسية في السلطة والحكومة، في محاولة لرأب الصدع بين الجانبين، حيث التقى أمس نور الدين الطبوبي، أمين عام الاتحاد، الرئيس الباجي قائد السبسي لتهدئة حالة التوتر، والإبقاء على أكبر دعم ممكن لحكومة الوحدة الوطنية الحالية.
وفي هذا السياق، قال الطبوبي إن «اللقاء كان مطولاً، وفيه كثير من الصراحة لطبيعة المرحلة الدقيقة التي تمر بها بلادنا. وقد قدمنا وجهة نظرنا لتجاوز الإشكالات».
وجاء التحوير الوزاري للحكومة، وهو الأول منذ استلامها لمهامها في أغسطس (آب) الماضي، ليحمل كثيرًا من الدلالات المبطنة للاتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة النقابية الأكبر في تونس، مهندس الحوار الوطني الفائز بنوبل للسلام في 2015، الذي جنب البلاد حرباً أهلية وشيكة خلال فترة الانتقال السياسي.
وقد دفع رئيس الحكومة الشاب يوسف الشاهد بوزيرين جديدين وكاتب دولة مكلف التجارة (منصب برتبة وزير)، لكن التعديل الأكثر حساسية تمثل في منصب وزير الوظيفة العمومية والحوكمة، الذي أصبح يشغله خليل الغرياني، العضو باتحاد الأعراف الممثل لرجال الأعمال، بدلاً من عبيد البريكي الوزير المقرب من اتحاد الشغل، والنقابي السابق في المنظمة.
وجاء التغيير فيما يبدو بسبب خلافات في مقاربات إصلاحية، وتلويح البريكي في وقت سابق بالاستقالة، لكن التغيير أعطى إشارة في الوقت نفسه عن عزم الحكومة على المضي قدماً في إصلاح الإدارة.
وقبل أسابيع، جاء مقترح الحكومة بتسريح الآلاف من الموظفين في القطاع العام طوعاً، مقابل حوافز مالية واقتصادية، بهدف تخفيف الضغط على موازنة الدولة، كقادح أول للأزمة.
وزادت الخلافات مع تصريحات وزيرة المالية بشأن اعتزام الحكومة بيع حصصها في البنوك العمومية، ضمن خططها لإصلاح القطاع البنكي، مما زاد من التوتر مع الاتحاد.
والخلاف قائم أصلاً حول إصلاحات أخرى في قطاعات الصحة والتعليم على وجه الخصوص. ويعتبر الاتحاد شريكاً في المشاورات التي سبقت تكوين حكومة الوحدة الوطنية الحالية، وأحد الأطراف الموقعة على «وثيقة قرطاج» المضمنة لأولويات الحكومة خلال هذه المرحلة.
وتعهدت الحكومة بمحاربة الإرهاب والفساد، وإنعاش الاقتصاد، لكن الاتحاد ينتقد بشكل خاص تردد الحكومة في التصدي للفساد المستشري في مؤسسات الدولة بجرأة أكثر وفاعلية، غير أن الحكومة لا تبدو في وضع يسمح لها بالخوض في مزيد من الخلافات الداخلية، في وقت تضغط فيه منظمات مالية دولية بنتائج أكثر وضوحاً في الإصلاحات، للاستمرار في إقراض الديمقراطية الناشئة.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.