قائد {المنطقة الوسطى} الأميركي يزور بيروت {لتمكين الجيش اللبناني}

أبلغ عون بأن قيادته قررت مواصلة برنامج التعاون مع الجيش وتطويره

الرئيس اللبناني خلال لقائه قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني خلال لقائه قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي أمس (دالاتي ونهرا)
TT

قائد {المنطقة الوسطى} الأميركي يزور بيروت {لتمكين الجيش اللبناني}

الرئيس اللبناني خلال لقائه قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني خلال لقائه قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي أمس (دالاتي ونهرا)

عكست زيارة قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي، الجنرال جوزيف فوتيل، إلى بيروت، اهتماماً أميركياً باستمرار دعم الجيش اللبناني، عبر التسليح وبرامج التدريب، ومواصلة تمكينه لمواجهة العناصر الإرهابية المنتشرة على الحدود الشرقية مع سوريا.
وزار فوتيل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في قصر بعبدا، حيث بحثا في ملف التعاون والمساعدات الأميركية للجيش اللبناني، قبل أن ينتقل لزيارة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، في حضور السفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد، وجرى خلال اللقاء البحث في موضوع المساعدات العسكرية الأميركية للجيش اللبناني.
وجاءت زيارة فوتيل إلى بيروت، ضمن جولة له في الشرق الأوسط، شملت العراق ومصر، فضلاً عن لقائه بقيادات في «قوات سوريا الديمقراطية» في شمال سوريا. وانحصرت مباحثات اللقاء بين عون وفوتيل، في بيروت، بالملفات العسكرية، واقتصرت على التعاون الثنائي بين الجيشين اللبناني والأميركي.
وقالت مصادر مواكبة لزيارة فوتيل إلى القصر الجمهوري إن اللقاء «تناول العلاقات الثنائية، والتعاون القائم بين الجيشين الأميركي واللبناني، والدورات التدريبية والمساعدات الأميركية التي ترسل للجيش اللبناني»، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المسؤول العسكري الأميركي «أكد أن القدرة القتالية للجيش اللبناني عالية، وواشنطن مرتاحة للتعاون القائم مع الجيش اللبناني». وقالت المصادر إن فوتيل أشار إلى أن الولايات المتحدة «ستزيد مساعداتها العسكرية للجيش اللبناني، وتعطي دورًا أكبر لبرامج التدريب، عبر زيادة الدورات التدريبية للجيش اللبناني».
وقالت المصادر إن فوتيل «أبلغ عون بأن القيادة الأميركية في اجتماع عقد أخيرًا قررت استمرار برنامج التعاون مع الجيش اللبناني وتطويرها، كما نوهت بالخبرات القتالية للجيش اللبناني وقدراته وتضحياته».
وتقدم الولايات المتحدة الأميركية مساعدات عسكرية متواصلة للجيش اللبناني، ضمن برامج سنوية، تساعده على مواجهة الإرهاب في شرق لبنان، حيث يقاتل الجيش تنظيم داعش المنتشر في منطقة الجرود الحدودية مع سوريا. وإلى جانب برامج التدريب المستمرة، سلمت الولايات المتحدة العام الماضي طائرات مقاتلة، وقطع مدفعية وعربات مدرعة وقاذفات للقنابل، وكان آخر تلك الدفعات من المساعدات في أغسطس (آب) الماضي، وبلغت قيمته 50 مليون دولار، ويعتبر جزءاً من حزمة مساعدات تجاوزت 220 مليون دولار في عام 2016، بحسب ما أعلنته السفيرة الأميركية في بيروت، إليزابيث ريتشارد، يوم تسليم المساعدات.
وتقدم الولايات المتحدة نوعين من المساعدات، الأول من خلال برامج سنوية، أما الثاني فيشمل مساعدات ظرفيّة، فضلاً عن برنامج للتدريب مستمر منذ 10 سنوات.
وجاءت زيارة فوتيل إلى بيروت، ضمن جولة له في الشرق الأوسط. كما تلت زيارة لرئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور روبرت كوركر إلى بيروت، الأسبوع الماضي، حيث التقى كبار المسؤولين، كما تفقد برفقة وفد من قيادة الجيش اللبناني المواقع الأمامية للجيش اللبناني بجرود عرسال، حيث اطلع على سبل مكافحة الإرهاب واحتياجات الجيش.
ووضع الباحث السياسي اللبناني جورج علم هذه الزيارة في إطار «التصميم الجدي على دعم الجيش اللبناني لمواجهة التحديات»، مشيرًا إلى أن هناك عدة عناوين لهذه الزيارة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أول هذه العنوانين أنها التحرك الأول من قبل الإدارة الأميركية الجديدة تجاه الشرق الأوسط ولبنان»، لافتًا إلى أنها تأتي «ضمن حشد طاقات الجيوش العربية المدعومة من الولايات المتحدة، في إطار ما يشبه (ناتو عربي)، مهمتها محاربة الإرهاب في الدول العربية». وأشار إلى أن لبنان «من البلدان المستهدفة من الإرهاب، وثمة صراع يومي مع (داعش)، وبالتالي سيكون دور الجيش أساسياً في حماية الحدود اللبنانية، والحفاظ على الاستقرار في الداخل».
وقال علم إن الجيش اللبناني، بكفاءاته القتالية، «يحظى بسمعة جيدة، وقد عبّر كروكر عن ذلك أثناء زيارته الجيش في عرسال»، مشددًا على أن «هناك تصميماً جدياً على دعم الجيش اللبناني لمواجهة التحديات، كون استقرار لبنان هو مصلحة أميركية».
ولم يستبعد علم أن هناك مخاوف دولية من تسلل «داعش» إلى لبنان والأردن بشكل خاص، إثر الضربات التي يتلقاها الإرهاب في سوريا والعراق، مشيرًا إلى أن هناك «مساعي أساسية لتحصين الوضع الداخلي في لبنان والأردن، وإلى حد بعيد في تركيا}، لافتًا إلى أن في لبنان «ممرات غير مضبوطة قد يستخدمها الإرهابيون للتسلل إلى لبنان، ومن هناك يأتي التصميم على تمكين الجيش اللبناني».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.