بعد معارك شرسة... «الجسر الرابع» في الموصل تحت سيطرة القوات العراقية

هاربون من حي الطيران: «داعش» أرغم عائلات على الانسحاب معه

بعد معارك شرسة... «الجسر الرابع» في الموصل تحت سيطرة القوات العراقية
TT

بعد معارك شرسة... «الجسر الرابع» في الموصل تحت سيطرة القوات العراقية

بعد معارك شرسة... «الجسر الرابع» في الموصل تحت سيطرة القوات العراقية

سيطرت القوات العراقية أمس، على موقع الجسر الرابع في جنوب غربي الموصل، من قبضة تنظيم داعش في خطوة رئيسية لاستعادة السيطرة على كامل المدينة. ووصلت القوات الأمنية إلى خط التماس مع حي الدواسة الاستراتيجي، حيث المجمع الحكومي، بينما شهدت منطقة وادي حجر ومداخل حي المنصور أمس اشتباكات عنيفة بين مقاتلي قوات جهاز مكافحة الإرهاب ومسلحي «داعش».
وقال النقيب حيدر الجبوري، الضابط في قوات الرد السريع التي شاركت في عملية تحرير حي الطيران والجسر الرابع وحي الجوسق لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الشرطة الاتحادية «تتقدم باتجاه المناطق التي تقع على الضفة الغربية لنهر دجلة لتأمينها حتى يخرج المدنيون الذين يحاصرهم تنظيم داعش من أحياء الجانب الأيمن إلى الأيسر المحرر بعد تركيب جسور عائمة».
بدوره، قال قائد قوات الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت إن قوات مغاوير النخبة والفرقة الخامسة شرطة اتحادية «وضعت المصدات والسواتر بالقرب من حي الدواسة استعدادا لاقتحامه»، مشيرا إلى أن قواته فرضت سيطرتها على الطريق الرئيسي الرابط بين حيي الطيران والدواسة.
واندلعت أمس حرائق كبيرة في حي الطيران إثر إبرام مسلحي «داعش» النار في بيوت ومبان قبل فراره منه إلى أحياء الدواسة والنبي شيت، بينما تمكنت القوات الأمنية العراقية من إنقاذ العشرات من العوائل التي كانت محاصرة في الطيران خلال الأيام الماضية. وقال المواطن صابر حميد أحد المواطنين الهاربين من حي الطيران مع عائلته بعد وصوله إلى مخيم حمام العليل جنوب الموصل: «الحمد لله نجونا من (داعش)، التنظيم يُخرج العوائل المحاصرة من بيوتها ويُجبرها على التوجه باتجاه المناطق الخاضعة له وسط الموصل لاتخاذها دروعا بشرية، وقد حاول أن يجبرنا على هذا لكن قوات الشرطة الاتحادية حررت الحي وأنقذتنا في الوقت المناسب».
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية تمثل سيطرة القوات الأمنية على الجسر الرابع خطوة مهمة للإسراع في تركيب جسر وفتح محور لمرور قوات باتجاه القسم الجنوبي من الجانب الغربي، لتكثيف الضغط ضد معاقل المتطرفين هناك. وحققت القوات العراقية مكاسب سريعة عبر هجوم انطلق من المحور الجنوبي للموصل في 19 الشهر الحالي بعد توقف للعمليات استمر شهرا تقريبا، ولم تواجه خلالها سوى مقاومة محدودة خلال استعادتها مجمع المطار وقاعدة الغزلاني العسكرية.
ورغم التقدم التدريجي في عمق الجانب الأيمن، من المتوقع أن تواجه القوات الأمنية مقاومة أكثر شدة في عمق أحياء تعد معاقل رئيسية للمتطرفين في هذا الجانب من المدينة، حيث الشوارع الضيقة لا تسمح بمرور غالبية المركبات العسكرية التي تستخدمها القوات العراقية.
ومنذ أن اقتحمت القوات الحكومية الحدود الجنوبية للمدينة يوم الخميس قال قادة عراقيون إن أكثر من عشرة آلاف مدني فروا من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش طلبا للرعاية الصحية والغذاء والماء. وحسب وكالة «رويترز»، وصل نحو ألف مدني في الساعات الأولى من صباح أمس إلى القطاع الذي يسيطر عليه جهاز مكافحة الإرهاب ونقل الجرحى إلى عيادات تابعة لهذه الوحدة من القوات الخاصة في حين تم التحقق من هويات الرجال للتأكد من أنهم ليسوا أعضاء في تنظيم داعش. ومن بين من تلقوا العلاج بوحدات مكافحة الإرهاب طفلة صغيرة تغطي الدماء وجهها وامرأة تلقت شظية في يدها ترقد بلا حراك وربما تكون فاقدة الوعي. وقال رجل مسن جاء معهما إن نحو 20 شخصا كانوا يتخذون من منزلهم مأوى عندما تعرض لغارة جوية قبل يومين في حي المأمون. واضطر الذين تمكنوا من الفرار للسير عبر الصحراء لمدة ساعة على الأقل للوصول إلى خطوط القوات الحكومية.
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أمس إنه قلق للغاية بشأن الوضع الإنساني الصعب الذي ستواجهه الأسر في غرب الموصل. وشوهدت عدة شاحنات مكدسة بأشخاص يحملون الرمال والتراب لدى خروجهم من المدينة، إحداها كانت تقل امرأتين وأطفالا بجوار السائق والباقون يقفون في الجزء المفتوح من الشاحنة أو يمسكون بها من الخارج أو يجلسون فوق كابينة السائق. وقالت امرأة: «قاموا بتفخيخ منازلنا وسياراتنا». وقال مسعف غربي متطوع في عيادة وحدة مكافحة الإرهاب إن صبيا مصابا بطلق ناري مزق ركبته كان من بين الذين عولجوا اليوم وكذلك امرأة حبلى بترت قدماها. وحسب العميد سلمان هاشم فإن «معظم الذين وصلوا إلى هذا المكان كانوا يشعرون بالجوع والعطش ويعانون الإهمال وبحاجة إلى العناية الطبية».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.