حملة لوبان تستفيد من تراجع التأييد لفيون

استطلاعات الرأي أكدت تقلص فارق نوايا التصويت بينها وبين ماكرون

المرشح الفرنسي للانتخابات الرئاسية إيمانويل ماكرون يحضر تجمعا انتخابيا في وسط فرنسا أول من أمس (أ.ف.ب)
المرشح الفرنسي للانتخابات الرئاسية إيمانويل ماكرون يحضر تجمعا انتخابيا في وسط فرنسا أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

حملة لوبان تستفيد من تراجع التأييد لفيون

المرشح الفرنسي للانتخابات الرئاسية إيمانويل ماكرون يحضر تجمعا انتخابيا في وسط فرنسا أول من أمس (أ.ف.ب)
المرشح الفرنسي للانتخابات الرئاسية إيمانويل ماكرون يحضر تجمعا انتخابيا في وسط فرنسا أول من أمس (أ.ف.ب)

وسط تقلص الفارق في الاستطلاعات وتخبط أحد المرشحين الرئيسيين في فضيحة نفقات غير مشروعة، قد تتمكن زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان من الفوز برئاسة البلد في مايو (أيار)، بحسب عدد من السياسيين والخبراء.
ويعرب المسؤولون في مقر حزب الجبهة الوطنية في نانتير في ضواحي باريس، عن ثقتهم بأن العوامل التي دفعت إلى التصويت لصالح الانفصال عن الاتحاد الأوروبي (بريكست) في بريطانيا وانتخاب دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة، ستوصل لوبان إلى السلطة، حتى أن بعض خصومها أقروا بإمكانية فوز ممثلة اليمين المتشدد.
وصرح رئيس الوزراء المحافظ السابق، جان بيار رافاران، هذا الشهر «أعتقد أن السيدة لوبان يمكن أن تنتخب»، فيما حذر رئيس وزراء سابق آخر، الاشتراكي مانويل فالس، من مغبة الافتراض أن فوزها مستحيل.
وتشير الاستطلاعات إلى دعم ثابت منذ أربع سنوات للسياسية البالغة 48 عاما، والمناهضة للهجرة وللاتحاد الأوروبي، وتتوقع بلوغها الدورة الثانية في الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
وفيما تستبعد الاستطلاعات حاليا فوز لوبان في الدورة الثانية في السابع من مايو، تمكنت السياسية اليمينية من تقليص الفارق المتوقع مع خصومها الرئيسيين.
إلى ذلك، فإن المشكلات القضائية التي تحيط بالمرشح المحافظ فرنسوا فيون صبت في مصلحة لوبان. فبعدما أبعد فيون الآن جوبيه الذي اعتبر الأوفر حظا للحصول على تسمية اليمين في آخر نوفمبر (تشرين الثاني)، رجحت الاستطلاعات فوزه بـ67 في المائة مقابل 33 في المائة لمارين لوبان. لكن في يناير (كانون الثاني)، تسربت معلومات حول استفادة فيون من رواتب تقدر بمئات آلاف اليوروهات لزوجته مقابل مهام برلمانية لم تقم بها. وتشير الاستطلاعات إلى أنه في حال أجريت الدورة الثانية اليوم، فإن لوبان ستحصل على 44 في المائة مقابل 56 في المائة لفيون.
وازداد الضغط على فيون البالغ 62 عاما الجمعة، عندما أعلن فتح تحقيق قضائي كامل في المعلومات بشأنه. والصورة تقريبا مشابهة عند مقارنة نتيجة لوبان المتوقعة في الدورة الثانية بنتيجة إيمانويل ماكرون المرشح الوسطي المؤيد للأعمال الذي انتقل من وضعه دخيلا إلى منافس يحسب له حساب في أشهر عدة.
لكن رغم أن مقارنات أداء ماكرون ولوبان لم تبدأ قبل يناير، تراجع هامش فوز ماكرون على لوبان من 30 إلى 20 نقطة في غضون شهر. وأعطت آخر استطلاعات المعهد الفرنسي للرأي العام (إيفوب) ماكرون 61.5 في المائة من نوايا التصويت مقابل 38.5 في المائة لزعيمة اليمين المتطرف.
لكن لوبان تواجه، كذلك، فضيحة نفقات اتهمت فيها بإساءة استخدام أموال تخص البرلمان الأوروبي. غير أنها على عكس فيون الذي تصدّر السباق في مرحلة ما، لم يتراجع تأييدها بسبب هذه القضية. ويحذر الخبراء من توقع نتائج الدورة الثانية في سباق أثار مفاجآت عدة حتى الآن، خصوصا أن الاستطلاعات أخطأت سابقا في استحقاقات عدة.
بهذا الصدد، قال بيرنار سانان من مجموعة «إيلابي» لوكالة الصحافة الفرنسية، إن فوز مارين لوبان «ممكن ومستبعد في آن». وأوضح جيروم سانت ماري من «بولينغ فوكس»، أنها «أمام ماكرون تملك فرصة للفوز». وقال جيروم فوركيه من «إيفوب» إنه في حال نسبة الاستطلاعات عشية الدورة الثانية 40 في المائة لمارين لوبان مقابل 60 في المائة لخصمها: «فإن الفارق أكبر من إمكانية حصول مفاجأة». «لكن إذا بلغ 55 - 45 فالأمور تختلف» على ما أضاف، مؤكدا أن أداء لوبان في الدورة الأولى ضروري لتقييم قدرتها على إحداث زخم يؤدي إلى فوزها.
في انتخابات 2002 الرئاسية، هز والد زعيمة اليمين جان ماري لوبان الطبقة السياسية التقليدية بوصوله إلى الدورة الثانية. لكن تلك الدورة شهدت تجمع ناخبي مختلف التوجهات على مضض خلف المرشح المحافظ جاك شيراك، الذي فاز بنحو 80 في المائة من الأصوات ضد جان ماري لوبان.
وتوفر انتخابات ديسمبر (كانون الأول) 2015 المحلية سابقة أحدث؛ فقد هزمت لوبان وابنة أخيها البالغة 27 عاما، ماريون ماريشال لوبان، في الدورة الثانية رغم نتائج مرتفعة في الدورة الأولى، مع تحالف الأحزاب الكبرى للتصدي لهما.
بالنسبة إلى الباحث جويل غومبان، المتخصص في الجبهة الوطنية، ما زالت لوبان بعيدة عن تسلم مفاتيح قصر الإليزيه. وقال: «في الوضع الراهن أين هي الأصوات اللازمة للقفز من 25 أو 30 في المائة إلى 50 في المائة؟».
وعلى الصعيد الاقتصادي, تتراوح مشاعر عمال مصنع «ورلبول» للأدوات الكهربائية في أميان، شمال فرنسا، بين اللامبالاة والغضب والرضوخ مع اقتراب موعد الاستحقاق الرئاسي وسط قناعة بضرورة تعزيز الحمائية، بل حتى «مغادرة أوروبا»، من أجل حماية الوظائف.
وقالت كورين بيزيه، البالغة من العمر 49 عاما أمضت منها 17 لدى «ورلبول»، بتأثر إن «السياسيين يتغاضون عن كل شيء منذ سنوات. كل الأعمال غادرت وانتشرت البطالة، هناك حالات انتحار وطلاق وغيرها... لكنهم لا يعبأون بنا إطلاقا»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وتحت المطر الخفيف ظهرا، غادر فريق الصباح المصنع الذي يبعد ثلاثة كيلومترات عن وسط مدينة أميان وكاتدرائيتها الغوطية. بدت وجوه العمال متعبة، فيما سادت أجواء التجهم خصوصا منذ إعلان مجموعة الأدوات الكهربائية الأميركية العملاقة في يناير (كانون الثاني) إغلاق مصنعها في أميان، حيث ينتج 290 موظفا أجهزة لتجفيف الغسيل، ونقل الإنتاج إلى لودز في بولندا. ويهدد ذلك وظائف 60 عاملا لدى إحدى الشركات المتفرعة (بريما)، ووظائف وسطاء.
وهذا آخر المصانع التي تغلق في مدينة لم تعد تحصيها، وأبرزها مصنع عملاق الإطارات الأميركي «غوديير» عام 2014 ما أدّى إلى خسارة أكثر من 1100 وظيفة. وسجّلت أميان وجوارها نسبة بطالة بلغت 11.9 في المائة، تفوق بنقطتين المعدل الوطني.
وقالت بريجيت فوريه، رئيسة البلدية من التيار الوسطي للمدينة التي تعد نحو مائتي ألف نسمة، إن «الحديث عن هجرة الصناعة من بلدنا يثير أصداء خاصة هنا»، مشيرة إلى شعور «بالمرارة». وقال كريستوف كولومبو، البالغ 45 عاما بينها 27 لدى «ورلبول»: «لم أعد أرغب حتى في التصويت»، مضيفا: «سواء اقترعت لليمين أو لليسار، ما الفائدة؟». ورد فريديريك كولون الموظف لدى «بريما» منذ 16 عاما: «لم أعد أؤمن بشيء»، مؤكدا أنه سيمتنع كذلك عن التصويت.
بيد أنه من النادر أن يبدي السياسيون استعدادا لمواجهة هذه الضغينة، إلا أن الصحافي فرنسوا روفان المرشح لانتخابات يونيو (حزيران) التشريعية، التي تلي الدورة الثانية من الاستحقاق الرئاسي في 7 مايو (أيار)، وصل في شاحنته الملونة التي كانت تبثّ أناشيد تمجّد بتشي غيفارا، ويدعو روفان المدعوم من زعيم اليسار المتشدد والمشكك بالوحدة الأوروبية، جان لوك ميلانشون، صاحب الوثائقي الناجح حول الشركات «ميرسي باترون» ورئيس تحرير مجلة «فقير» الاحتجاجية، إلى الحمائية.
وقال أثناء توزيع مناشير: «لا أريد أن يبقى هذا السلاح السياسي حصرا بين يدي (حزب اليمين المتطرف) الجبهة الوطنية، وأن يكون هذا الحزب الوحيد الذي يتجرأ على تلفظ عبارات ضرائب حدودية وحواجز جمركية وحصص استيراد».
وقام الممثل المحلي للجبهة الوطنية، إريك ريشرموز، بزيارة عدد من المصانع، حيث سعى إلى جذب العمال باستخدام رسالة مصورة على هاتفة لزعيمة حزبه مارين لوبان تعد فيها «بفرض ضريبة 35 في المائة» على منتجات المصانع التي غادرت المنطقة عند بيعها.
يأمل حزب الجبهة الوطنية الذي يتصدر نوايا التصويت في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 23 أبريل (نيسان)، استغلال الأجواء الناجمة عن تصويت البريطانيين على مغادرة الاتحاد الأوروبي والسياسة الحمائية التي يسعى إليها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وقال ريشرموز إن «الإنجليز يعدون إجراءات قريبة جدا مما تسعى إليه مارين لوبان»، فيما يعمل حزبه من أجل استفتاء على خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي.
يشعر العمال الفرنسيون الذين يواجهون منافسة من البولنديين والسلوفاكيين والرومانيين الذين يتقاضون رواتب أقل بكثير، بضعف ضمن الاتحاد الأوروبي. وأشار استطلاع للرأي مؤخرا في فرنسا إلى أن 54 في المائة من المواطنين و64 في المائة من العمال المشاركين، يصفون أوروبا بنعوت سلبية.
وقال غيوم بونار (33 عاما) الذي يدير فريقا لدى «بريما» لوكالة الصحافة الفرنسية: «ما دام هناك فرق بين الأوروبيين، فلن تتحسن الأحوال مطلقا»، فيما اعتبر زميله محمد المكرتار المندوب النقابي أن الحل بسيط ويقضي «بالانفصال عن أوروبا». أما بيزيه التي ما زالت مترددة حيال المشاركة في الاقتراع، فأكدت اقتناعها بأمر واحد وهو التخلي عن اليورو «والعودة إلى العملة الفرنسية» لاستعادة القدرة الشرائية.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.