حملة لبنانية للاهتمام بالمناطق المتأثرة بأزمة النزوح

وزير شؤون النازحين يدعو العالم لمساعدة لبنان في موضوع اللاجئين

مخيم غير رسمي لنازحين سوريين في دير زنون بسهل البقاع بلبنان حيث الجهود مشتتة بين تقديم خدمات للنازحين والمنطقة المضيفة (إ ف ب)
مخيم غير رسمي لنازحين سوريين في دير زنون بسهل البقاع بلبنان حيث الجهود مشتتة بين تقديم خدمات للنازحين والمنطقة المضيفة (إ ف ب)
TT

حملة لبنانية للاهتمام بالمناطق المتأثرة بأزمة النزوح

مخيم غير رسمي لنازحين سوريين في دير زنون بسهل البقاع بلبنان حيث الجهود مشتتة بين تقديم خدمات للنازحين والمنطقة المضيفة (إ ف ب)
مخيم غير رسمي لنازحين سوريين في دير زنون بسهل البقاع بلبنان حيث الجهود مشتتة بين تقديم خدمات للنازحين والمنطقة المضيفة (إ ف ب)

تعمل الحكومة اللبنانية على إعداد مخطط توجيهي للبنى التحتية في لبنان، يراعي أولويات المناطق المتأثرة بأزمة النزوح وحاجاتها، فضلاً عن الاهتمام باللبنانيين الذين تحولوا إلى مجتمع مضيف يتحمل أعباء هائلة جراء أزمة النزوح السوري إلى لبنان. وبالتزامن، أصدرت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» تقريراً قالت فيه إن الإجراءات التي اتخذتها السلطات اللبنانية أفقدت معظم اللاجئين السوريين صفتهم القانونية، مما جعلهم عرضة للتهميش في المجتمع، والاستغلال في العمل، وأوصت الدول المانحة بالإيفاء بكامل التعهدات إلى الدولة اللبنانية لمساعدتها في تحمل الأعباء الاقتصادية والاجتماعية والبنيوية لقرابة 1.7 مليون شخص وفدوا إلى لبنان.
وشدد المرعبي على «العودة الآمنة للإخوة النازحين إلى بلادهم في أسرع وقت، كما يصرون هم على ذلك أيضاً، وذلك من منطلق قناعتنا الإنسانية، ومنطلق احترام لبنان الشرعة العالمية لحقوق الإنسان، ومواثيق الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، ومعاهداتهما واتفاقاتهما وقراراتهما». وقال خلال المؤتمر الخاص ببلدات البقاع الشمالي الحدودية، الذي جاء بعنوان «تحديات متفاقمة وخطط معالجة»: «الرئيس الحريري قال بالفم الملآن: تحول لبنان إلى مخيم للاجئين. ونحن اليوم نعمل بتوجيهات مباشرة منه لإعداد مخطط توجيهي للبنى التحتية في لبنان، يراعي أولويات المناطق المتأثرة بأزمة النزوح وحاجاتها، وضرورة انتشالها من حالة التهميش».
ودعا المرعبي «المجتمع الدولي والعالم الحر إلى حفظ حقوق الإنسان، ومساعدة لبنان على توفير مقومات الصمود لهؤلاء الذين دمرت منازلهم، وهدمت بلدانهم ومدنهم، وارتكبت بحقهم أبشع المجازر»، مضيفًا: «كل ذلك يدفعنا للاهتمام باللبنانيين الذين تحولوا مجتمعاً مضيفاً يتحمل أعباء هائلة جراء أزمة النزوح السوري إلى لبنان، اهتماماً استثنائياً على كل المستويات الاجتماعية الاقتصادية والتربوية والصحية، وتأمين البنى التحتية غير الموجودة منذ تأسس هذا الوطن، ويفرض علينا وضع سياسة خاصة للتصدي لهذه الأزمة، بما يمكننا من مواجهة التحديات الكيانية التي فرضتها علينا أزمة النزوح السوري».
وأضاف المرعبي: «كل هذا، دفع الرئيس سعد الحريري لاتخاذ قرار حاسم بإنشاء وزارة دولة لشؤون النازحين، لبلورة سياسة وطنية جامعة تجاه أزمة النزوح السوري، قوامها حفظ الكرامة وحقوق الإنسان، وتأكيد سيادة الدولة، والتزام تسهيل العودة فور توفر مقومات الأمان من ارتكابات المجرمين والإرهابيين على حد سواء».
ورأى المرعبي أن «الأمن من منظار (الأمان الإنساني) يتعلق بوضع أولويات تعنى بالخدمات الأساسية للناس، وهذا ما ندأب على إعداده من خلال سياسة حكومية عامة تجاه أزمة النزوح من ناحية، وزيادة منسوب التنسيق بين الحكومة والسلطات المحلية، كاتحادات البلديات وهيئات الأمم المتحدة والجهات العربية والدولية المانحة، سواء أكانت حكومية أم غير حكومية من القطاع الخاص والمجتمع المدني، على أن الوزارات المعنية تبقى أساساً في إنفاذ هذه السياسة الحكومية العامة التي هي قيد الإعداد أساساً بالتنسيق معها».
وأشار إلى أن «مكافحة إمكان الاستغلال الإرهابي لمجتمع النزوح يجب أن تقوم بشكل أساسي على توعية هذا المجتمع، وتحصينه، وتأمين الحد الأدنى من المتطلبات الحياتية المعروفة. وحماية المجتمع المضيف لا تكفي أن تمر بقنوات أمنية وعسكرية حصراً»، معتبرًا أن الحماية «تقوم أيضًا من خلال رؤية تنموية إنسانية واقتصادية واجتماعية وبيئية وإنتاجية، الإنسان فيها هو الأساس».
بدوره، لفت وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي، في حديث إذاعي، إلى أن «المجتمع الدولي لم يمر بالدولة اللبنانية، بل ذهب مباشرة إلى مساعدة النازحين، نتيجة فقدان ثقته بالدولة اللبنانية، وبسبب الفراغ وأمور أخرى».
وشدد بو عاصي على أن «لبنان لا ينظر بعنصرية تجاه النازحين السوريين، إلا أنه يتحمل ثقلاً كبيراً، وبالتالي عليه وعلى المجتمع الدولي تأمين عودة السوريين ودعم لبنان واللبنانيين».
إلى ذلك، لفت تقرير من «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» إلى أن السلطات اللبنانية لم تكن تتوقع كل هذا الكم الهائل من التدفق البشري، ولم تعمل، أو لم ترغب، في إعداد خطط للتعامل مع هؤلاء اللاجئين، بل سنَّت قوانين فاقمت الأزمة، واتخذت كثيراً من الإجراءات للحدِّ من تدفُّق السوريين إلى أراضيها، وفرضت شروطًا صعبة جدًا لإقامتهم، كتحديد رسوم مرتفعة لاستخراج الإقامة، ووجود كفيل لبناني، ولم يتمكن القسم الأعظم من السوريين من تحقيق شروط الإقامة.
وأوضح التقرير أنَّ الإجراءات التي اتخذتها السلطات اللبنانية أفقدَت معظم اللاجئين السوريين صفتهم القانونية في الوجود في لبنان، ما جعلهم عرضةً للتهميش في المجتمع، والاستغلال في العمل، والإساءة في التعامل، والتحرُّش الجنسي في بعض الأحيان، وعدم قدرتهم على اللجوء إلى أجهزة الشرطة والأمن في حال تعرَّضوا لأي اعتداء، حيث فقدوا أشكال الحماية كافة، مما وضعَ اللاجئين السوريين أمام عجز شبه كامل عن تلبية احتياجاتهم الأساسية في الحياة.
ولفت تقرير «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» إلى أن القرار الأخير الذي أصدرته السلطات اللبنانية في فبراير (شباط) الحالي، ووصفته بـ«القرار محدود الصلاحيات»، فعلى الرغم من كونه ذو أهمية لشريحة من السوريين اللاجئين إلى لبنان، فإنه استثنى من دخل لبنان بطريقة غير شرعية، وهم شريحة واسعة.
وذكر التقرير تصاعد عمليات الاعتقال التعسفي التي تقوم بها قوات الأمن اللبناني بحق اللاجئين السوريين مع بداية عام 2016، وتركزت عمليات الاعتقال في مناطق طرابلس وعرسال وبيروت، الأمر الذي انعكس على حياة السوريين الاقتصادية والاجتماعية، واضطرهم إلى الحد من تحركاتهم، وإيقاف أعمالهم، وخوفهم من التجوال في الشوارع والأسواق أو خارج المخيمات، كإجراء وقائي يحمون به أنفسهم من الاعتقال، وربما الطَّرد إلى سوريا.
ووثق التقرير تسليم الأمن العام اللبناني ما لا يقل عن 56 معتقلاً سورياً إلى المخابرات العسكرية السورية منذ بداية عام 2013 حتى نهاية عام 2016، وتعرض ما لا يقل عن 108 لاجئين سوريين لعمليات خطف من قبل مجموعات مجهولة، إما بهدف الحصول على فدية مالية، أو بهدف تسليمهم للنظام السوري، وذلك بين مايو (أيار) 2011 وديسمبر (كانون الأول) 2016.



الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

زعمت الجماعة الحوثية، الأربعاء، مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها في شمالي البحر الأحمر، للمرة السادسة، باستخدام الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، وذلك غداة تبنيها 4 هجمات باتجاه إسرائيل خلال 24 ساعة.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصر الفلسطينيين في غزة.

المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع قال في بيان متلفز إن القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير التابع لجماعته استهدفا حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» وعدداً من القطع الحربية التابعة لها شمالي البحر الأحمر.

وأوضح المتحدث أن العملية الهجومية نفذت بواسطة عدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، زاعماً أنها المرة السادسة التي يتم فيها مهاجمة الحاملة منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

صورة جوية لحاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع المرافقة لها في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)

وتوعدت الجماعة على لسان متحدثها العسكري بالاستمرار في شن الهجمات، وقالت إنها جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وإن هجماتها لن تتوقف إلا بانتهاء الحرب في قطاع غزة ورفع الحصار عنه.

وسبق أن اعترف الجيش الأميركي بالتصدي لهجمات حوثية مماثلة استهدفت سفناً عسكرية في البحر الأحمر دون حدوث أي أضرار أو إصابات.

وكان المتحدث الحوثي تبنى، الثلاثاء، تنفيذ جماعته أربع هجمات باتجاه إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة خلال 24 ساعة. وأكد الجيش الإسرائيلي، من جهته، اعتراض صاروخين وطائرة مسيرة، في حين أفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية «نجمة داود الحمراء» بوقوع عدد من الإصابات جراء التدافع نحو الملاجئ، بعد تفعيل صفارات الإنذار.

يشار إلى أن الجماعة الحوثية تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

ألف غارة

أدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر خلال 14 شهراً إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

ورداً على هذا التصعيد استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي الذي بدأ في 12 يناير 2024، وأدى ذلك إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين. وفق ما أقر به الحوثيون.

وكانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

الضربات استهدفت مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان من نصيب الحديدة الساحلية أغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.

وأعاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب الإعلان عن خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.