تغير كبير في المؤتمر الصحافي اليومي للرئاسة الأميركية

لأول مرة، كما قال صحافيون مخضرمون غطوا أو كانوا يغطون البيت الأبيض، منع البيت الأبيض، أول من أمس، صحافيين من حضور مؤتمر صحافي. وفي الحال، هبت وسائل الإعلام الرئيسية وخبراء إعلام ومراقبون، وأدانوا ذلك.
وفي البيت الأبيض، تضامنا مع زملائهم الممنوعين، قاطع المؤتمر مراسلا وكالة أخبار «أسوشييتد برس» ومجلة «تايم».
ظهر يوم الجمعة، منع شون سبايسر، المتحدث الصحافي باسم البيت الأبيض، من حضور إيجاز صحافي (مؤتمر صحافي لا تنقل محتوياته مباشرة) مراسلي صحيفة «نيويورك تايمز» وصحيفة «لوس أنجلوس تايمز»، وتلفزيون «سي إن إن»، وصحيفة «بوليتيكو» المتخصصة في أخبار واشنطن السياسية، وصحيفة «بظفيد نيوز» الإلكترونية.
لكن، لم يمنع سبايسر مراسلي وسائل إعلامية أخرى، منها: تلفزيون «فوكس» اليمينى، وصحيفة «وول ستريت جورنال» التي تميل نحو اليمين، وصحيفة «بريتبارت» اليمينية التي كان يرأس تحريرها ستيف بانون، من كبار مستشاري الرئيس دونالد ترمب.
يوم السبت، قال تلفزيون «سى إن إ»: إنه عندما حاول الصحافيون المحظورون دخول مكتب سبايسر لحضور المؤتمر الموجز، قال لهم بعض مساعديه إن أسماءهم ليست في قائمة المسموح لهم بالحضور.
ونقل التلفزيون تفسير سبايسر بأن ما حدث لم يكن «مؤتمرا صحافيا»، لكن، كان «حوارا»؛ لأن الرئيس دونالد ترمب كان ألقى خطابا رئيسيا في وقت سابق يوم الجمعة.
ولاحظت صحيفة «واشنطن بوست» أن ترمب، في ذلك الخطاب أمام لجنة العمل العام المحافظة (سي باك)، كرر هجومه العنيف ضد الصحافيين الأميركيين. وكرر قوله إن الإعلام «عدو الشعب الأميركي».
وقال دين باكيه، رئيس التحرير التنفيذي في صحيفة «نيويورك تايمز»، يوم السبت، «لم يحدث شيء مثل هذا أبدا في البيت الأبيض في تاريخنا الطويل لتغطية الإدارات المتعددة من الحزبين» الجمهوري والديمقراطي.
وأضاف: «نحتج بشدة على إقصاء صحيفة (نيويورك تايمز)، ومؤسسات إخبارية أخرى. يجب أن نعرف كلنا أن حرية وصول وسائل الإعلام إلى حكومة شفافة هي مصلحة وطنية مهمة».
في اليوم نفسه، نشرت الصحيفة افتتاحية قالت فيها إن المنع «إساءة واضحة للقيم الديمقراطية». وأن بعض مساعدي ترمب «قليلو التجربة، ويحيط بهم الخوف، على ما يبدو، فلا يناقشون رئيسهم المتقلب المزاج».
وقال رئيس جمعية مراسلي البيت الأبيض، جيف ميسون: «يحتج مجلس إدارة جمعية مراسلي البيت الأبيض احتجاجا قويا ضد الطريقة التي مُنع بها صحافيون من تغطية لقاء صحافي».
منذ أول يوم له في البيت الأبيض، غير سبايسر تقاليد عريقة في قاعة المؤتمرات الصحافية. وأعاد ترتيب المقاعد، والذين يجلسون عليها، وطريقة تغطية مؤتمراته اليومية.
يوجد داخل القاعة (جوار مكتب سبايسر، ووظيفته الكاملة هي مساعد الرئيس للشؤون الإعلامية والمتحدث باسم البيت الأبيض) 49 مقعدا ليجلس عليها الصحافيون.
في عام 1981، بسبب زيادة عدد الصحافيين، ولتحاشي تفضيل صحافي على آخر، اجتمعت لجنة مراسلي البيت الأبيض مع المتحدث باسم البيت الأبيض، وحددوا مقاعد معينة لصحف معينة، وتركوا مقاعد قليلة مفتوحة. منذ ذلك الوقت، وحسب اتفاق مسبق، ومن وقت لآخر، يجتمع الجانبان لمراجعة هذا الوضع.
في الوقت الحاضر، يجلس في 8 مقاعد في الصف الأول ممثلو: «سى إن إن»، «رويترز»، «آي بي سي»، «أسوشييتد برس»، «سي بي إس»، «فوكس» و«إن بي سي». وفي الصف الثاني: «واشنطن بوست»، «نيويورك تايمز»، «وول ستريت جورنال»، «بلومبيرغ»: «إن بي آر»، وآخرون.
جرت العادة على أن يبدأ المتحدث باسم البيت الأبيض فترة الأسئلة والأجوبة بوكالة «أسوشييتد برس».
لكن، منذ أول يوم، غير سبايسر هذه الترتيبات. لم يعد يبدأ بوكالة «أسوشييتد برس». وغير أماكن مقاعد خلفية، وفضل صحافيين من صحف إقليمية ما كانت مهمة في الترتيبات الماضية.
لأن الرئيس ترمب يشن حملات شبه يومية ضد ما يسميه «فولص ميديا» (الإعلام الكاذب)، ويهاجم صحفا وتلفزيونات يجلس مراسلوها في مقاعد الصفين الأول والثاني في القاعة، يسود غموض حول مستقبل هؤلاء. ولم تتغير مقاعد هؤلاء، حتى الآن. في أول يوم في منصبه، في مقابلة مع تلفزيون «فوكس» اليميني، قال سبايسر: «توجد موضوعات لا يناقشها مراسلو وسائل الإعلام الرئيسية. نرى نحن أهمية الإشارة إلى هذه الموضوعات، ولا بأس من حصول صحافيين آخرين على الشهرة التي يتمتع بها صحافيون حاليون».
وفي أول مؤتمر صحافي في وظيفته الجديدة، أعطى سبايسر أول فرصة لمراسل صحيفة «نيويورك بوست» اليمينية.
ولاحظت صحيفة «نيويورك تايمز» (الأكبر والأهم) ملاحظتين: أولا: تجاهل مراسل «أسوشييتد برس». آخرا: مراسل «نيويورك بوست» كان كتب كتابا سلبيا عن هيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية التي فاز عليها ترمب. وفي ثاني يوم، أعطى سبايسر أول فرصة لمراسل موقع «لايف زيت» اليميني.
وهكذا، ليومين متتالين، خرق سبايسر تقليد 20 عاما بأن تسأل وكالة «أسوشييتد برس» السؤال الأول.
ثم صار يفضل مراسلي «نيوماكس» و«ون أميركا» و«برايبارت»، وكلها يمينية. وكلها ليست من أشهر وسائل الإعلام الأميركية. (أحيانا، يعطي فرصا لوسائل إعلامية ليبرالية، وليست مشهورة، مثل: «إيربان راديو» و«تليموندو». أو تلفزيون «يونيفيشن» الناطق باللغة الإسبانية).
ثم سن سبايسر سنة جديدة: وضع «مقاعد سكايب» على شاشتين على جانبي المنصة لمراسلي صحف خارج واشنطن. مرة أعطى فرصة لتلفزيون في مسقط رأسه (ولاية رود آيلاند). ومرة لتلفزيون محافظ في ولاية كنتاكي. قبل أسبوعين، تندّر برنامج «ساترداي نايت لايف» (ليلة السبت مباشرة) التلفزيوني على سبايسر. قدم «المتحدث باسم البيت الأبيض» في مؤتمر صحافي، وهو يحمل بندقية ماء. ويرش بها كل صحافي يسأل سؤالا عدائيا. ويصيح «المتحدث»، مع كل «رصاصة مائية»: «فولص ميديا» (إعلام كاذب). هذه هي العبارة التي يرددها ربما كل يوم الرئيس ترمب في تغريداته في «تويتر».