عشرات القتلى بتفجيرات استهدفت مراكز النظام الأمنية في حمص

«تحرير الشام» تتبنى العملية والمعارضة تشكّك... و«المرصد»: بالرشى يمكن اختراق أي جهاز

عمود دخان ينبعث من حي الوعر في مدينة حمص إثر قصف من قوات النظام التي تحاصره (رويترز)
عمود دخان ينبعث من حي الوعر في مدينة حمص إثر قصف من قوات النظام التي تحاصره (رويترز)
TT

عشرات القتلى بتفجيرات استهدفت مراكز النظام الأمنية في حمص

عمود دخان ينبعث من حي الوعر في مدينة حمص إثر قصف من قوات النظام التي تحاصره (رويترز)
عمود دخان ينبعث من حي الوعر في مدينة حمص إثر قصف من قوات النظام التي تحاصره (رويترز)

شهدت مدينة حمص السورية أمس تفجيرات استهدفت مقرّين أمنيين محصّنين لقوات النظام السوري في المدينة، تبنتها «هيئة تحرير الشام». ووصفت العملية التي أدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، بينهم رئيس فرع الأمن العسكري في المدينة اللواء حسن دعبول، بأنها الأكبر من نوعها في حمص.
التلفزيون الرسمي تحدث عن «ارتقاء عدد من الشهداء بينهم اللواء حسن دعبول رئيس فرع الأمن العسكري في التفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفا مقرين أمنيين في حمص»، وأشارت مواقع معارضة و«هيئة تحرير الشام» (أبرز مكوناتها «جبهة النصرة» و«فتح الشام») إلى مقتل رئيس فرع أمن الدولة إبراهيم درويش أيضاً في العملية، في حين شدد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» على أن درويش أصيب نتيجة التفجير، وإصابته خطرة لكنه لا يزال على قيد الحياة.
أما «تحرير الشام» فنشرت على قناتها الرسمية في برنامج «تلغرام» تفاصيل العملية، فذكرت أن 5 «انغماسيين» اقتحموا فرعي الأمن العسكري وأمن الدولة في حمص وقتلوا 40 عنصراً بينهم رئيس فرع الأمن العسكري العميد حسن دعبول، ورئيس فرع أمن الدولة العميد إبراهيم درويش وضباط آخرون، بالإضافة إلى جرح 50 آخرين. وأضافت أنه في الوقت ذاته تم تفجير عبوة ناسفة في حاجز تابع لقوات النظام السوري خلال عمليات إسعاف جرحى فرعي الأمن العسكري والدولة، ما أدى لمقتل وجرح العشرات من العناصر.
ويعد أبرز القتلى دعبول من المقرّبين من رئيس النظام بشار الأسد، وهو من الشخصيات النافذة في أوساط المخابرات السورية. أما درويش فكان قد عيّن في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي في منصبه كرئيس لـ«فرع أمن الدولة» في حمص، وسبق أن شغل المنصب نفسه في فرع حماة، ويعرف، بحسب ناشطين سوريين، «ببطشه وجبروته... إضافة لفساده الكبير، حيث قتل العشرات من أبناء مدينة حماة تحت التعذيب في سجونه».
من ناحية ثانية، بينما شكّك مصدر في المعارضة بمسؤولية «تحرير الشام» عن العملية التي قال: أتّت «مشبوهة من حيث التوقيت والهدف» - بحسب وصفه لـ«الشرق الأوسط» - مذكراً بأن «تحرير الشام» تقاتل ضد الفصائل المعارضة وليس ضد النظام، ورأى عبد الرحمن أنّه بات من السهولة اختراق النظام. وأوضح: «بالرشى المالية يمكن اختراق أي جهاز تابع للنظام. وبالتالي يمكن لجبهة النصرة أو داعش أو أي تنظيم أن يستفيد من هذا الأمر وتنفيذ عمليات ضده».
وبعدما كان رئيس وفد النظام إلى مفاوضات جنيف بشار الجعفري قد هدّد بأن «تفجيرات حمص لن تمر مرور الكرام»، قال زكريا ملاحفجي، رئيس المكتب السياسي في تجمع «فاستقم كما أمرت»، لـ«الشرق الأوسط» أنه «كما عند كل محطة مهمة يقوم النظام بافتعال الأحداث الأمنية، وها هي تفجيرات حمص جاءت إثر انطلاق مفاوضات جنيف ليستخدمها النظام سلاحاً وحجة للقول إنه مستهدف ويعاني من التفجيرات الإرهابية». وأضاف ملاحفجي: «ولا نستبعد أن يكون لهذه التفجيرات التي استهدفت مربعاً أمنياً من الصعب الوصول إليه، هدفاً آخر وهو تصفية قائد أو قادة أمنيين». هذا، وتنطلق المعارضة في شكوكها من أن المنطقة التي تقع فيها المراكز المستهدفة أمنية وشديدة الإحكام وخاضعة للمراقبة الدائمة، ولا يمكن تنفيذ أي عملية أمنية فيها، إلا بتسهيلات من قوى أمنية أخرى تمتلك نفوذاً أمنياً للوصل إلى قلب هذه المناطق. يضاف إلى ذلك انعدام أي وجود عسكري لفصائل المعارضة، بحيث إن أقرب منطقة تخضع لسيطرة الفصائل هي حي الوعر المحاصر منذ ثلاث سنوات ونصف السنة، وهو يبعد عن أقرب فرع نحو 2 كلم. ثم إنه محاط بقوات أمنية مكثفة تمنع التحرك لأي مدني (عبر القناصات والرشاشات) في طرقات الحي خلال الآونة الأخيرة.
كما سبق، تبنت «هيئة تحرير الشام» (المؤلفة من جبهة النصرة سابقاً وفصائل أخرى مقاتلة متحالفة معها) الهجمات، ولكن بينما أفاد «المرصد» عن سقوط 42 قتيلاً، تحدث محافظ مدينة حمص طلال برازي عن 30 قتيلاً و24 جريحاً، وذكر التلفزيون الرسمي أن ثلاثة من الانتحاريين استهدفوا مقر جهاز أمن الدولة، في حين استهدف ثلاثة آخرون مقر المخابرات العسكرية، مقابل إعلان «هيئة تحرير الشام» عن «خمسة انغماسيين». مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن وصف عملية أمس السبت بأنها «الأكثر جرأة في حمص»، مفصلاً أنه «تم إطلاق النار على الحرس في مبنى المخابرات العسكرية. وعندما سارع الضباط لمعرفة ما كان يحدث، فجّر أول انتحاري نفسه»، ومن ثم «سارع عناصر أمن آخرون إلى المكان، حيث قام الثاني والثالث بتفجير نفسيهما واحداً تلو الآخر»، وفق عبد الرحمن الذي أشار إلى أن الاشتباكات استمرت لساعتين. وأكد التلفزيون الرسمي وقوع اشتباكات خلال الهجومين.
الجدير بالذكر، أن مدينة حمص كانت قد تم فيها بالسنوات الماضية عمليات انتحارية دامية تبنى معظمها تنظيم داعش. وقبل سنة، أدى تفجيران بسيارتين مفخختين داخل المدينة إلى سقوط 64 قتيلاً غالبيتهم الكبرى من المدنيين.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.