ليبيا: عودة الهدوء إلى طرابلس بعد ليلة من الاشتباكات العنيفة

حكومة السراج تعلن التوصل لوقف إطلاق النار... وكوبلر يدعو لتنفيذ اتفاق الصخيرات

ليبي يعمل في تنظيف مدفن لقتلى الحرب في بنغازي (رويترز)
ليبي يعمل في تنظيف مدفن لقتلى الحرب في بنغازي (رويترز)
TT

ليبيا: عودة الهدوء إلى طرابلس بعد ليلة من الاشتباكات العنيفة

ليبي يعمل في تنظيف مدفن لقتلى الحرب في بنغازي (رويترز)
ليبي يعمل في تنظيف مدفن لقتلى الحرب في بنغازي (رويترز)

عاد الهدوء أمس إلى العاصمة الليبية طرابلس بعد ليلة حافلة بالرعب والهلع الذي سيطر على السكان، إثر اندلاع اشتباكات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة بين الميليشيات المتناحرة على السلطة في الدولة التي تعاني الفوضى منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.
واستخدمت الميليشيات المتصارعة السلاح الثقيل والمتوسط في منطقة «أبو سليم» المكتظة بالسكان جنوب العاصمة طرابلس، وسط حالة من الهلع الكبير، كما أغلق مسلحون الشوارع المؤدية إلى المنطقة بالسواتر الترابية، قبل أن تعلن حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج، عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
ولم تدلِ السلطات بأي حصيلة عن هذه المعارك، لكن الهلال الأحمر الليبي، الذي أقام مستشفى ميدانيا عند تقاطع على أطراف منطقة المعارك، قال إن «فريق التدخل أسعف تسعة جرحى ونقلهم إلى المستشفى»، نتيجة الاشتباكات التي وقعت بحسب وكالة الأنباء الليبية بين فصيلين مسلحين، يسيطر كل منهما على منطقة في شرق طرابلس، ويتهم كل منهما الآخر بأنه خطف أربعة من عناصره.
في المقابل، كشفت مصادر طبية في مستشفى الخضراء عن مصرع سبعة أشخاص على الأقل في الاشتباكات، بينما أعلنت قناة تلفزيونية محلية أنها فقدت الاتصال بأحد مصوريها المكلفين بتغطية أحداث طرابلس، ولم تعرف مصيره بعد.
وبحلول ظهر أمس توقف إطلاق النار في معظم أنحاء المدينة، فيما شاهد السكان دبابات وآليات عسكرية مزودة بمدافع مضادة للطائرات تجوب الشوارع التي بدت على جانبيها سيارات محترقة.
وأعلن المجلس البلدي لمنطقة «أبو سليم» في بيان له عن وقف إطلاق النار بين أطراف النزاع، وانتشار قوة مشتركة من وزارتي الداخلية والدفاع لحكومة السراج تتمركز في منطقة التماس بين المجموعات المسلحة المتصارعة. وطبقا لما أكده عبد الرحمن الحامدي، عميد بلدية أبو سليم، فإن الوضع كان أمس هادئا بالمنطقة بعد التوصل إلى الاتفاق الذي تم بحضور وزيري الصحة والدفاع وإدارة العمليات بالحرس الرئاسي، ومدير مديرية أمن طرابلس وقادة ثوار طرابلس ووسطاء محليون.
من جانبه، قال المجلس الرئاسي لحكومة فائز السراج، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، إنه تم برعايته التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وتشكيل لجنة أمنية لمتابعة تنفيذه.كما أعلن عن تشكيل لجنة من وزارة الصحة لمتابعة علاج الجرحى والمصابين، وأخرى لتقييم الأضرار التي لحقت بالمنشآت والمباني وإصلاحها وتعويض المتضررين، مؤكدا على الاستمرار في عمله لإنهاء مظاهر التسلح الخارجة عن القانون وشرعية الحكومة كافة من العاصمة طرابلس، وفقاً للترتيبات الأمنية والقرارات الصادرة بالخصوص.
وتعهد المجلس في البيان الذي نشرته صفحته الرسمية على «فيسبوك» بملاحقة المخالفين لذلك، والقبض عليهم لمحاكمتهم أمام القضاء.
وقال إنه تم التوصل إلى الهدنة المعلنة تحت إشرافه والأجهزة التابعة له، وبفضل جهود الوسطاء المحليين من أعيان مدينة ترهونة وغريان، والمجلس الأعلى للمصالحة بطرابلس الكبرى، لافتا إلى أنه قام بكل ما ينبغي فعله من أجل وقف المعارك في منطقة أبو سليم وحماية المواطنين ووضعهم في مأمن من هذه الاشتباكات «المؤسفة».
من جهته، استنكر المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، ما تقوم به من أسماها بـ«الميليشيات الإرهابية المسلحة» في طرابلس من إرهاب، وبث الرعب والخوف للمواطنين من خلال مواجهتها وحربها فيما بينها. واعتبر صالح الذي يشغل أيضا منصب القائد الأعلى للجيش الوطني في شرق البلاد، أن هذا «يعد عملا إرهابيا وإجراميا يسبب عدم الاستقرار والطمأنينة للمواطنين ولمؤسسات الدولة في المدينة»، داعيا عناصر هذه الميليشيات إلى التوقف عن هذه التصرفات غير المسؤولة، وتسليم أسلحتهم للجيش الليبي، وهدد بملاحقتهم قانونيا في حال رفضهم.
كما طالب رئيس البرلمان الليبي المعترف به دوليا، أولياء أمور وعائلات وعشائر وقبائل المنتمين لميليشيات طرابلس بالتدخل ومنع أبنائهم من هذه التصرفات الإجرامية التي عاثت في طرابلس فسادا وخرابا، وأن يسلموا أسلحتهم، وحث أبناء طرابلس على الالتحام مع قوات الجيش والأجهزة الأمنية الشرعية لبث الأمن والأمان والاستقرار في مدينة طرابلس.
وحمل صالح المسؤولية القانونية والأخلاقية لكل من أفسد في البلاد، مشيرا إلى أنه على قوات الجيش والأجهزة الأمنية المختصة أن تتحمل مسؤولياتها اتجاه الأحداث الإجرامية الشنيعة في مدينة طرابلس.
ومن جهتها، أشادت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالجهود التي بذلها المجلس الرئاسي لحكومة السراج والقيادات المجتمعية بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ومنع المزيد من التصعيد، ودعت إلى تنفيذ بنود الاتفاق ومحاسبة المسؤولين عن أعمال العنف. وقال مارتن كوبلر، رئيس البعثة في بيان له إن «هذا الحادث يدل مرة أخرى على الحاجة إلى الإسراع في إيجاد حل سياسي، وبناء جيش ليبي موحد يعمل تحت سلطة مدنية توفر الأمن لجميع الليبيين»، مجددا دعوته إلى الإسراع في تفعيل قوات الشرطة والأمن لحماية الليبيين من الجريمة والفلتان الأمني.
كما جدد كوبلر دعمه للمجلس الرئاسي لحكومة السراج باعتباره السلطة التنفيذية الشرعية الوحيدة في ليبيا، ودعا إلى بذل المزيد من الجهود نحو تنفيذ الاتفاق السياسي المبرم في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية العام قبل الماضي، بناء على ما جاء في قرارات مجلس الأمن الخاصة بليبيا.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.