الجزائر: بن فليس يبدأ حملة لمقاطعة انتخابات البرلمان

رئيس الحكومة السابق قال إن نظام الحكم «تحجر وبلغ مداه»

صورة أرشيفية لعلي بن فليس خلال حضوره نشاطا سياسيا في العاصمة الجزائرية (غيتي)
صورة أرشيفية لعلي بن فليس خلال حضوره نشاطا سياسيا في العاصمة الجزائرية (غيتي)
TT

الجزائر: بن فليس يبدأ حملة لمقاطعة انتخابات البرلمان

صورة أرشيفية لعلي بن فليس خلال حضوره نشاطا سياسيا في العاصمة الجزائرية (غيتي)
صورة أرشيفية لعلي بن فليس خلال حضوره نشاطا سياسيا في العاصمة الجزائرية (غيتي)

قال علي بن فليس، متزعم جبهة حزبية تدعو إلى مقاطعة انتخابات البرلمان بالجزائر، المنتظرة شهر مايو (أيار) المقبل، إن «المنظومة السياسية الوطنية بأكملها تعيش أزمة حقيقية، إنها الأزمة الأم التي تنبثق عنها كل الأزمات الأخرى، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية».
وذكر بن فليس خلال تجمع حاشد لمناضلي حزب «طلائع الحريات» الذي يرأسه، عقده أمس بسطيف (300 كيلومتر شرق العاصمة)، أن «منظومة الحكم بلغت مداها، فقد تحجرت ولم تعد لها لا الطاقة ولا القدرة على التأقلم والتغيير، وهي عاجزة أصلا عن مواكبة السير السريع لمحيطها ولزمنها، وعاجزة أيضا وأساسا عن مسايرة التغيرات العميقة التي يعرفها مجتمعنا».
وتساءل بن فليس، وهو رئيس حكومة سابق: «مَن مِن الجزائريات والجزائريين لا يرى بأم العين أن هذه المنظومة السياسية قادت البلاد إلى انسداد سياسي شامل وكامل أضعف الدولة الوطنية، وأضر بسلطتها وأخل بهيبتها ووقارها؟ مَن مِن الجزائريات والجزائريين لا يرى بأم العين أن هذه المنظومة السياسية هي المسؤول الأول عن الإفلاس الاقتصادي للبلد؟»، مضيفا أن البلد يبقى رهينة للظرف الطاقوي العالمي؛ فهو «بلد هش أمام أبسط تقلب يطرأ على السوق الدولية للطاقة. نعم، لقد نجح هذا النظام السياسي في جعل الجزائر، ورغم كل الأموال الهائلة التي توفرت لديها، تابعة للسوق الدولية للطاقة تتصدع معها إن تصدعت وتتعافى معها إن تعافت».
وأضاف بن فليس أن «هذه المنظومة السياسية الوطنية القائمة هي أصل الأزمة الاجتماعية التي يتخبط فيها بلدنا. ومن يمكنه أن ينكر أن الأزمة الحالية للمجتمع الجزائري مرتبطة، قبل كل شيء؛ بتلك المرجعيات والمعالم والمبادئ وتلك القيم التي حرفتها المنظومة السياسية القائمة، أو أفرغتها من محتواها وشوهت معناها؟»، مبرزا أن «الانسداد السياسي الشامل والكامل الذي نتحدث عنه، ليس مجرد وهم، إنه حقيقة؛ حقيقة مؤلمة تفرض نفسها علينا، وهي الحقيقة التي نعيشها ونحس بها ونتحسر لها كل يوم».
ونزل بن فليس إلى الميدان بغرض الترويج لمقاطعة الانتخابات، بينما تفعل الأحزاب الموالية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة العكس. وأكثر من ذلك، هدد وزير الداخلية نور الدين بدوي دعاة المقاطعة بسحب تراخيص النشاط من أحزابهم. فيما تخشى الحكومة من ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع، في وقت يجمع فيه المراقبون على أن الانتخابات محسومة النتائج للأغلبية الحالية، المتكونة من «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي».
وقال بن فليس، وهو يتحدث إلى مناضلي حزبه، إنه التقى بهم في سطيف «للحديث عن الوطنية؛ لأن الأمم عندما تشتد بها المحن وتضيق بها السبل والحيل، وتواجهها الأعاصير والزوابع تستمد من اليقظة الوطنية، ومن التجنيد الوطني ومن الانتفاضة الوطنية، القوة اللازمة لإسكات الشكوك، ومحاربة اليأس واستعادة الثقة في النفس، وربط العلاقة الدائمة مع التفاؤل والأمل»، مشيرا إلى أن الجزائر «في وضعية لا تحسد عليها، وتاريخنا الوطني الطويل يشهد بأن بلدنا تمكن دوما، بفضل القيم الوطنية، من تجاوز المراحل الخطيرة، وشعبنا تمكن دوما بفضلها من الخروج من محنه أكثر قوة وأكثر تصميما، وأكثر عزما وحزما في سيره نحو بلوغ غاياته وتحقيق مصيره بيده»، موضحا أن «بلدنا في وضعية محزنة، وضعية مقلقة ووضعية مخجلة حقا».
وأضاف بن فليس، أن الوطنية «ليست احتكارا كما هي الاحتكارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأخرى، التي استولى عليها النظام السياسي القائم، يمنح منها لمن يشاء ويحرم منها من يشاء. نعم يعتقد هذا النظام السياسي أنه الموزع الحصري لشهادات الوطنية، دون أن يدرك ألا أحد مؤهل لمنح أو لسحب شهادات الوطنية. إن الوطنية الحقة لا تُستعمل ولا تُستغل لأنها خارج التأثير وخارج التحكم فيها، إنها في قلوب وأذهان وضمائر الوطنيات والوطنيين. والوطنية لا تعني إطلاقا الرضوخ التام للحكام، الذين يعتقدون أنهم يجسدون وحدهم الدولة والأمة والمجتمع برمتهم. بمثل هذه الثقافة الضالة، يصبح نقد الحكام، وتحميلهم المسؤولية والجرأة على إلزامهم بتقديم الحساب، يعتبر ذلك، في نظرهم، مساسا بالدولة، وتهديدا لالتحام الأمة ونشرا للبلبلة في أوساط المجتمع».
يشار إلى أن بن فليس شارك في انتخابات الرئاسة التي جرت في 2014، وحلّ فيها ثانيا بعيدا عن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي لم يشارك في الحملة بسبب المرض. ونشر بن فليس بعد الاستحقاق «كتابا أبيض» عن «التزوير»، الذي سيطر، حسبه، على العملية الانتخابية لصالح «مرشح النظام».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.