تونس تسعى لتقليص عجز الطاقة واستعادة السياحة

تستهدف استحواذ مصادر الطاقة المتجددة على 30 % من إنتاج الكهرباء في 2030

تراجع الإنتاج المحلي للنفط الخام نتيجة توقف بعض الحقول بسبب الاضطرابات الاجتماعية وتواتر العطب الفني (إ.ب.أ)
تراجع الإنتاج المحلي للنفط الخام نتيجة توقف بعض الحقول بسبب الاضطرابات الاجتماعية وتواتر العطب الفني (إ.ب.أ)
TT

تونس تسعى لتقليص عجز الطاقة واستعادة السياحة

تراجع الإنتاج المحلي للنفط الخام نتيجة توقف بعض الحقول بسبب الاضطرابات الاجتماعية وتواتر العطب الفني (إ.ب.أ)
تراجع الإنتاج المحلي للنفط الخام نتيجة توقف بعض الحقول بسبب الاضطرابات الاجتماعية وتواتر العطب الفني (إ.ب.أ)

شارك أكثر من 255 عارضًا من كثير من دول العالم على غرار إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وتركيا وروسيا بالإضافة إلى تونس، في الصالون الدولي الأول للغاز والبترول والطاقات المتجددة الذي احتضنه قصر المؤتمرات بالعاصمة التونسية من 22 إلى 24 فبراير (شباط) الحالي.
وأكدت هالة شيخ روحه، وزيرة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، أن هذا الصالون يمثل فرصة مهمة للتباحث حول مواضيع ذات علاقة بقطاع الغاز والطاقات المتجددة.
واستعرضت واقع قطاع الطاقة وأوضحت اعتماد تونس على الغاز الطبيعي المورد من الجزائر بنسبة 75 في المائة.
وتسعى تونس إلى تنويع موارد الطاقة للتقليص من هذه التبعية، وذلك عبر تطوير الطاقات المتجددة لبلوغ نسبة إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة 30 في المائة في سنة 2030 إلى جانب العمل على تحسين مستوى النجاعة في ترشيد استهلاك الطاقة.
وأشرفت وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة في تونس للمرة الأولى على تنظيم هذا الصالون للاطلاع على كل ما هو جديد في مجال الطاقة، لا سيما المتجددة منها، وقدمت خلاله مداخلات علمية تناولت مواضيع متنوعة متعلقة بالاستثمارات في مجالات الغاز والبترول والطاقات المتجددة، إلى جانب مواضيع حول السلامة والعناية بالبيئة.
وعرف الصالون مشاركة عدد مهم من المؤسسات التونسية من بينها الشركة التونسية للكهرباء والغاز، ووكالة التحكم في الطاقة، والشركة التونسية للخدمات الخارجية، وعمادة المهندسين التونسيين وشركة «عجيل»، والمؤسسة التونسية للبترول والغاز، إلى جانب الشركة الفرنسية للغاز.
وبشأن هذه التظاهرة الاقتصادية، قال فتحي الدريدي مدير المؤسسة المنظمة لهذا الصالون، إنه يمثل مناسبة لدعم مناخ الاستثمار في تونس لا سيما في مجال الطاقات المتجددة، وأكد أن هذا المجال الاستثماري يُسهِم في تحقيق النمو الاقتصادي وتحريك عجلة التنمية في تونس، ناهيك بزيادة التعريف بقطاع الطاقات المتجددة وتسليط الضوء عليها.
ودعا الدريدي أهل الاختصاص في مجال الطاقات المتجددة إلى الاستعداد، منذ الآن للدورة الثانية من هذا الصالون المقررة خلال شهر سبتمبر (أيلول) من سنة 2018.
ومن ناحيته، أشار كمال أولاد العيد، الخبير التونسي في مجال الغاز والبترول، إلى أن هذا الصالون موجَّه لأهل الاختصاص وما على المستثمرين الشبان إلا استغلال الفرصة والتعريف بمشاريعهم في باب الطاقات المتجددة وإقناع الهياكل المالية بإمكانية تمويل أفكارهم المبدعة.
وتبحث تونس عن مصادر جديدة للطاقة لتعويض النقص الفادح المسجل على مستوى ميزان الطاقة، وسنت لهذا الغرض قانونا جديدا لإنتاج الطاقة الكهربائية للحساب الخاص بشرط توجيه الفوائض إلى الشركة التونسية للكهرباء والغاز (شركة حكومية).
وخلال السنة الماضية، أكدت المصادر ذاتها أن أنشطة استخراج النفط والغاز في تونس عرفت انخفاضا بنسبة 10 في المائة مقارنة بما حققته سنة 2015.
ومن المنتظر أن تستثمر تونس في غضون سنة 2030 ما قيمته 15 مليار دولار في قطاع الطاقة خصوصًا في مجال توليد الكهرباء من الطاقات المتجددة وترشيد استعمال الطاقة والنجاعة الطاقية في محاولة لتجاوز مصادر الطاقة التقليدية. وأكدت خلال الفترة الماضية على أن 35 شركة أجنبية (فرنسية وبلجيكية وإسبانية) تستعد للاستثمار في مشاريع للطاقات المتجددة في تونس موزعة بين 20 مشروعًا في مجال الطاقة الشمسية و15 مشروعًا في طاقة الرياح.
وخلال الفترة ذاتها، سجل الإنتاج المحلي للنفط الخام، انخفاضًا بـ6.2 في المائة نتيجة توقف الإنتاج في بعض الحقول النفطية جراء الاضطرابات الاجتماعية وتواتر العطب الفني في عدد من مواقع الإنتاج. أما الإنتاج التونسي من الغاز الطبيعي فقد تراجع بدوره بنسبة 11 في المائة.
ووفق إحصائيات قدمتها وزارة الطاقة والمناجم، فقد تراجع إنتاج تونس من النفط إلى أقل من 50 ألف برميل يوميا في حين يبلغ إنتاج الغاز الطبيعي 6.5 مليون متر مكعب يوميًا.
من ناحية أخرى، تلقَّت السياحة التونسية دفعة جديدة وسط آمال باستعادة أسواق أوروبية بعد سنوات من الترنح بسبب الهجمات الإرهابية والاضطرابات الاجتماعية.
وتحتاج تونس إلى الحفاظ على وتيرة الاستقرار الأمني، الذي حققته تدريجيًا منذ 2016، في أعقاب ثلاث هجمات دامية في 2015، خلفت 59 قتيلاً من السياح و13 عنصرًا أمنيًا، بهدف استعادة صورتها كوجهة سياحية جاذبة وآمنة في حوض المتوسط.
وبدأت فيما يبدو بالتعافي تدريجيًا من الأثر الكارثي لتلك الهجمات على القطاع السياحي الذي يشغل أكثر من 400 ألف عامل بشكل مباشر، ويُسهِم بقسط مهم في توفير النقد الأجنبي.
وقد بدأت الإجراءات الأمنية تعطي أكلها اليوم مع ارتفاع نسق الرحلات البحرية إلى تونس هذا العام تزامنًا مع عودة متوقعة لسياح الأسواق التقليدية من فرنسا وألمانيا، بشكل خاص ودول أخرى من غرب أوروبا.
وقال رضوان بن صالح، الخبير في السياحة وعضو الجامعة التونسية للنزل «المؤشرات جيدة حتى الآن وهي أفضل من 2016، وكالات الأسفار الألمانية لها برامج مع تونس هذا العام، وعلينا انتظار شهر مارس (آذار) لتقييم الحجوزات». وأضاف بن صالح: «الأمر المهم أننا تجاوزنا التحذير السابق بأن تونس وجهة غير آمنة. هذا الانطباع لم يعد موجودا اليوم».
وعزز هذا التحول قرار الخارجية البلجيكية أول من أمس الخميس عن رفع جزئي لتحذير السفر لمواطنيها نحو تونس شمل الوجهات الواقعة على الساحل شرق البلاد. وستبدأ شركة «توماس كوك» العالمية باستئناف أولى رحلاتها إلى تونس انطلاقا من بلجيكا في الثامن من أبريل (نيسان) المقبل.
كما أعلنت شركة «توي» الألمانية عن نيتها استئناف رحلاتها إلى تونس خلال موسم الصيف.
وقالت آنيا براون، المسؤولة الإعلامية بشركة «توي»، إن الشركة ستبدأ تسيير رحلات منظمة هذه الصيف إلى جزيرة جربة السياحية جنوب تونس، بمعدل رحلتين كل يوم سبت انطلاقا من مدينتي فرانكفورت ودوسلدورف.
وفي زيارة إلى تونس، قال الرئيس التنفيذي لشركة «إم إس سي» للرحلات البحرية فرانسيسكو فاجو، عقب لقائه رئيس الحكومة يوسف الشاهد ووزير السياحة سلمى اللومي الرقيق، أول من أمس (الخميس): «الشركة لها تاريخ كبير مع تونس. نحن هنا للنظر في إمكانية العودة واستئناف هذه الشراكة في المستقبل والاستثمار في تونس»، وأضاف: «نريد العودة سريعًا لنكون الشريك السياحي الأول لتونس».
وتوقفت الرحلات البحرية باتجاه تونس منذ الهجوم الإرهابي على متحف باردو في مارس 2015، وسقوط 21 سائحًا أجنبيًا جاءوا في رحلة بحرية، ولم تستأنَف الرحلات إلا في أكتوبر (تشرين الأول) في رحلة واحدة فقط في عام 2016، الذي شهد انحسارًا ملحوظًا للعمليات الإرهابية، واستقرارًا أمنيًا مع تشديد السلطات لإجراءاتها الأمنية في المطارات والموانئ والحدود والمدن الكبرى وحول معاقل الجماعات المسلحة في المرتفعات.
واستقبل ميناء حلق الوادي بالعاصمة العام الحالي ثلاث رحلات بحرية حتى الآن، ويتوقع استئنافها بنسق عادي في الربيع.
وفي العادة يشكل سياح الرحلات البحرية نحو 20 في المائة من حجم الزائرين الأجانب لتونس على امتداد العام، البالغ عددهم أكثر من ستة ملايين سائح، قبل أن يشهد حالة من الكساد في أعقاب هجمات 2015. وألقت تلك الهجمات بظلالها على السياحة التقليدية، مع تقلص الوافدين من الأسواق الأوروبية الغربية بشكل حاد بسبب تحذيرات السفر إلى تونس، وفي مقدمتها بريطانيا.
وطالبت وزارة الخارجية التونسية، في وقت سابق، بريطانيا، برفع تحذير السفر لرعاياها منذ هجوم فندق «إمبريال» في سوسة في يونيو (حزيران) 2015، الذي خلف 38 قتيلاً، أغلبهم بريطانيون.
وقال وزير الخارجية خميس الجهيناوي: «بريطانيا تدرك جيدًا الجهود التي تبذلها تونس لحفظ أمن زوارها وتأمين المواقع والمسالك السياحية ونقاط العبور».
وأنقذت الأسواق الروسية في آخر لحظة الموسم السياحي العام الماضي، بتوافد أكثر من 600 ألف سائح روسي على أبرز المنتجعات السياحية، في وقت لم يكن يتخطى فيه العدد القادم من هذه السوق سنويا 50 ألفا في أحسن الأحوال.
وليس واضحا بعد ما إذا كانت وكالات الأسفار الروسية ستحافظ للعام الثاني على التوالي على النسق ذاته لحجم التدفق الاستثنائي، على الرغم من التطمينات التي قدمتها الوزير اللومي في وقت سابق.
ولا تزال حالة الطوارئ سارية في البلاد منذ التفجير الإرهابي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، الذي خلَّف 12 قتيلاً من الأمن الرئاسي، وتم التمديد فيها آخر مرة في 16 من الشهر الحالي لمدة ثلاثة أشهر.
وقال وزير الدفاع فرحات الحرشاني إن خطر الإرهاب يظل قائما ما دامت الأوضاع ليست مستقرة في الجارة ليبيا، في ظل غياب مؤسسات الدولة على الأرض. وتجري تونس والجزائر ومصر وساطات للتوصل إلى حل سياسي شامل بين الفرقاء الليبيين.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.