تحقيقات «إف بي آي» تكشف تورط العولقي في التخطيط لتفجير طائرة أميركية

وثائق تؤكد تجنيده للنيجيري عبد المطلب وإقناعه بتنفيذ مخطط إرهابي

أنور العولقي.. وفي الإطار النيجيري عبد المطلب («الشرق الأوسط»)
أنور العولقي.. وفي الإطار النيجيري عبد المطلب («الشرق الأوسط»)
TT

تحقيقات «إف بي آي» تكشف تورط العولقي في التخطيط لتفجير طائرة أميركية

أنور العولقي.. وفي الإطار النيجيري عبد المطلب («الشرق الأوسط»)
أنور العولقي.. وفي الإطار النيجيري عبد المطلب («الشرق الأوسط»)

في عدد من اللقاءات التي جرت في ملاذ «القاعدة» الآمن في اليمن عام 2009، تعرف أنور العولقي عن قرب على شاب نيجيري متطوع وتيقن من أن لديه العزيمة والقدرة على تنفيذ «عملية انتحارية»، وفي النهاية كشف ما كان يجول بخاطره. فالعولقي، الداعية الإسلامي أميركي المولد الذي أصبح لاحقًا من كبار المروجين لفكر تنظيم «القاعدة»، أخبر الشاب النيجيري عمر فاروق عبد المطلب أن «العملية يجب أن تتم على متن طائرة ركاب أميركية»، بحسب اعترافات عبد المطلب أمام مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي). أبلغ عبد المطلب وكلاء «إف بي آي» بأنه كان عاقدًا النية على قتل مدنيين أبرياء، معتبرًا إياهم مجرد «أضرار جانبية». وبحسب عبد المطلب، فقد عمل على تنفيذ ذلك وفق «النصائح» التي تلقاها من العولقي. فالوثائق التي أفرج عنها مؤخرًا، والتي حصلت صحيفة «نيويورك تايمز» على نسخة منها بعد معركة قضائية استمرت عامين استنادًا لقانون «حرية الحصول على المعلومات» كشفت الكثير من تفاصيل حلقة هامة في صراع الولايات المتحدة مع تنظيم القاعدة. فقد جند العولقي النيجيري عبد المطلب لتأتي بعد ذلك المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة ركاب أميركية في الجو، بينما كانت في طريقها إلى مدينة ديترويت في ليلة الكريسماس عام 2009 باستخدام متفجرات متطورة أخفاها أسفل سرواله الداخلي. تضمنت الوثائق سردًا تفصيليًا عن العولقي الذي وصفه عبد المطلب بالبطل الديني والناصح العملي في إلحاق الأذى والضرر بالآخرين، وجميعها أمور يراها «إف بي آي» ذات أهمية كبيرة. فادعاء الحكومة بأن العولقي كان وراء التخطيط لوضع المتفجرات أسفل سروال العولقي لم يجرِ تناوله في أي محكمة، لكنه بات المبرر الأساسي الذي دفع بالرئيس باراك أوباما إلى إصدار الأمر بقتله بطائرة درون في اليمن عام 2011. أصبح العولقي أول مواطن أميركي يقتل بشكل متعمد بأمر من الرئيس من دون أدلة جنائية أو محاكمة منذ الحرب الأهلية، وهو ما دعا بعض فقهاء القانون للتساؤل ما إذا كان الأمر دستوريًا. وجادل أوباما أن قتل العولقي في القانون يعادل إطلاق الشرطة بصورة مبررة النار على رجل مسلح يهدد المدنيين. وتسبب قرار «إف بي آي» الإبقاء على تفاصيل تلك المقابلة سرًا في تشكيك البعض في أدلة إدانة العولقي، لكن الوثائق التي بلغ عددها نحو 200 صفحة منقحة والتي أفرجت عنها المحكمة لصحيفة «ذا تايمز» الأسبوع الحالي بمقتضى حكم القاضي الفيدرالي أظهرت أن إدارة أوباما اطلعت على شهادة جلية من عبد المطلب أقر فيها بإشراف الداعية على تدريبه وإقناعه بتنفيذ المخطط. وقد تفيد تفاصيل اعترافات عبد المطلب في حسم الجدل الذي أثاره دونالد ترمب مجددًا عن ضرورة اللجوء للتعذيب للحصول على معلومات مهمة من المشتبهين في العمليات الإرهابية. أكثر المحققين خبرة يقولون لا، ورأيهم سيلقى التأييد بعد الاطلاع على هذه المقابلات. فقد قامت «إف بي آي» باستقدام عائلة عبد المطلب إلى الولايات المتحدة لرفع روحه المعنوية ودفعه للكلام والبوح، وآتت الفكرة ثمارها. ففي مقابلة تلو الأخرى، أدلى عبد المطلب بأوصاف كل شخص قابله في تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، والمقصود فرع اليمن، وتحدث على نحو صريح عن أرائه الخاصة في تنفيذ عمليات إرهابية، ورسم مجسمات لمعسكر التدريب في اليمن ولبيت العولقي ولغيره من بيوت منتسبي «القاعدة» هناك. كان وصفه دقيقًا للدرجة التي ساعدت الأميركان في اتخاذ قرارات قصف هذه الأماكن في حملة الطائرات من دون طيار التي شنتها الولايات المتحدة في اليمن. وتحدث العولقي، الذي يطلق الجميع في معسكر تدريب القاعدة في اليمن عليه لقب «الشيخ» تقديرًا لوضعه كداعية وزعيم ديني، بإسهاب مع الشاب النيجيري، الذي كان عمره في ذلك الحين 23 عامًا، ابن المصرفي الثري، عن رأيه في «الجهاد» كفريضة دينية. أسكن العولقي الشاب النيجيري في الطابق العلوي لمنزله في محافظة شبوة التي كان لـ«القاعدة» وجود كبير بها، وقدمه لبقية المدربين وصانعي المتفجرات بـ«القاعدة»، وفق إفادة عبد المطلب أمام محققي «إف بي آي». وساعد العولقي عبد المطلب في تسجيل مقطع مصور، وطلب منه أن يكون «قصيرًا وأن يشير فيه دومًا إلى القرآن»، ورتب معه طريقة للتواصل، وأعطاه بريدًا إليكترونيًا لكي يبلغه بما سيحدث لاحقًا. ونصح عبد المطلب بأن يطمس تفاصيل خط سيره بالسفر من اليمن إلى دولة أفريقية قبل حجز تذكرة الطائرة التي ينوي تفجيرها، وتُرك اختيار وجهة الطائرة لعبد المطلب الذي اختار ولاية ديترويت في 25 ديسمبر (كانون الأول)، وكان الاختيار عشوائيًا وفق أسعار تذاكر الرحلات وجدول الطيران. وطلب العولقي منه الانتظار إلى أن يصل بالطائرة إلى سماء الولايات المتحدة ثم يسقط الطائرة. وبحفظ هذه التعليمات عن ظهر قلب، أبلغ عبد المطلب رجال «إف بي آي» بأنه تابع بعينيه سير الطائرة رقم 253، على الشاشة المثبتة على ظهر المقعد أمامه، المتجهة من أمستردام إلى كندا، ثم انتظر إلى أن تصل إلى الحدود الأميركية، وتوجه إلى حمام الطائرة للإعداد النهائي للتفجير وفكر في التنفيذ هناك. لكن ليتأكد من أنه فوق الأرض الأميركية بالفعل، عاد عبد المطلب إلى مقعده ليراجع الخريطة على الشاشة قبل ضغط المكبس أسفل سرواله ليخلط المواد الكيميائية لإشعال المتفجرات.
لكن ربما بسبب ارتفاع الرطوبة لم تنفجر القنبلة لكن دخانًا تسرب من ملابسة ليتسبب في حروق خطيرة بجسده، ووفق عبد المطلب، حاول خلع سرواله المحترق قبل أن ينقض عليه الركاب. وهدد أحد أعضاء طاقم الطائرة بإلقائه خارجها، وقام راكب بضربه، قبل أن يتدخل عضو طاقم آخر وينتشله. بدأ عبد المطلب في التحدث إلى المسؤولين قبل مغادرته الطائرة، ليعترف بأنه حاول تفجير الطائرة وأنه عضو بتنظيم القاعدة. توقف عبد المطلب عن الكلام لاحقًا، غير أنه واصل الكلام بعد أسابيع قليلة وبدا متعاونًا بشكل كامل. فاجأ الشاب النيجيري القضاة في جلسة المحاكمة عام 2011 بإقراره بالذنب، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 2012. وبحسب تعليمات الداعية العولقي، تأكد عبد المطلب من أن الطائرة وصلت الأجواء الأميركية قبل تنفيذ الهجوم.
وفي عام 2005، وجد المحاضرات المسجلة للعولقي الذي لم يكن قد اعتنق الفكر المتطرف والعنف بعد، وعثر على أشرطة معروضة للبيع بأحد متاجر لندن. وفي عام 2009، وأثناء إقامته في دبي، شعر أن «الله يدعوه إلى الجهاد»، وعزم على التوجه لليمن للبحث عن الشيخ العولقي، الذي كان أصبح أحد قادة «القاعدة».
وفي التدريبات بمعسكر «القاعدة» باليمن، تلقى عبد المطلب تدريبات على استخدام بنادق الكلاشنيكوف الآلية عدة مرات، لكنه «لم يجد نفسه في إطلاق النار»، وأقنع العولقي بقدرته على تنفيذ عملية انتحارية. وعندما تلقى عبد المطلب مكالمة من صديق في نيجيريا يطلب منه العودة، أدرك أن والديه كانا وراء المكالمة، وشعر بألم نفسي عند إعداده لرحلة ديترويت، حيث لم يكن هناك سبيل لوداع والديه. فقد أبلغ وكلاء «إف بي آي» بأن العولقي أو أحد قادة «القاعدة» - وليس والداه - وحدهما قادران على إثنائه عن تنفيذ العملية. وكانت آخر رسائل العولقي له عبر البريد الإلكتروني تحثه وتدفعه لتنفيذ مهمته الانتحارية، حيث قال فيها: «أتمنى أن تسير الأمور على ما يرام. أمنياتي بالتوفيق لك»، وذيلها العولقي بتوقيعه.
* خدمة «نيويورك تايمز»



موظفة سابقة في «هارودز» تتهم الفايد بالاتجار بالبشر

محمد الفايد (أ.ف.ب)
محمد الفايد (أ.ف.ب)
TT

موظفة سابقة في «هارودز» تتهم الفايد بالاتجار بالبشر

محمد الفايد (أ.ف.ب)
محمد الفايد (أ.ف.ب)

في سياق الاتهامات الأخيرة المثيرة للجدل ضد الملياردير الراحل محمد الفايد، رفعت موظفة سابقة دعوى قضائية أمام محكمة فيدرالية في الولايات المتحدة، تتهم فيها الفايد بالاتجار بالبشر والانتهاك الجنسي. وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».

وزعمت الموظفة، التي تشير إليها وثائق المحكمة باسم جين دو، حفاظاً على سرية هويتها، أنها كانت ضحية لسوء المعاملة والانتهاك الجسدي في أثناء عملها في متجر «هارودز» الشهير، الذي امتلكه الفايد منذ عام 1985 حتى عام 2010. وتشير الدعوى إلى أن شقيق الفايد، علي، قد تكون لديه أدلة على هذه الانتهاكات.

علي الفايد (نيويورك تايمز)

وقالت دو، المقيمة في الولايات المتحدة، إنها تعرّضت للاغتصاب والانتهاك بشكل ممنهج، مضيفةً أن علي الفايد، البالغ من العمر 80 عاماً، كان على علم بتلك الانتهاكات ويملك أدلة عليها. وأوضحت الوثيقة المقدَّمة للمحكمة أن علي قد يكون شاهداً رئيسياً في هذا الملف، إذ ورد أنه كان على علم بالنشاطات غير القانونية التي تُتهم بها الشركة.

تأتي هذه الدعوى ضمن سلسلة متزايدة من الادعاءات ضد الفايد، التي أشارت إلى استخدام «هارودز» واجهةً لاستدراج النساء الشابات للعمل هناك واستغلالهن. وقد شبّه البعض جرائم الفايد المزعومة بجرائم مشاهير متهمين بالتحرش الجنسي مثل هارفي واينستين وجيفري إبستين، مشيرين إلى وجود نمط مماثل من الانتهاكات.

الفايد وُصف بـ«الوحش» خلال مؤتمر صحافي عقده الفريق القانوني (أ.ف.ب)

وتسعى دو إلى جمع أدلة من علي الفايد لتقديمها في دعوى قضائية أخرى في المملكة المتحدة. وأضافت في التماسها، أن التحقيقات يجب أن تتناول الخلل النظامي الذي سمح بوقوع هذه الانتهاكات لسنوات طويلة، مما أدّى إلى إفلات المتهمين من المحاسبة.

في سياق آخر، أشارت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) مؤخراً إلى تقارير من عشرات الموظفين السابقين في «هارودز» الذين أفادوا بتعرضهم لانتهاكات مماثلة. وقد أثارت تلك التقارير ضجة في الأوساط البريطانية، حيث دعت إلى إعادة النظر في ثقافة العمل السائدة داخل المتجر البريطاني ومساءلة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.

«هارودز» تشعر بصدمة واستياء بشأن اعتداءات ارتكبها الفايد (أ.ف.ب)

وأضافت المحامية ليندا سينغر، التي تمثل دو، أن شهادة علي الفايد ستكون حاسمة، ليس فقط من أجل قضية موكلتها، بل أيضاً لمساعدة ضحايا آخرين في المطالبة بحقوقهم ومحاسبة كل من ساهم أو أخفى هذه الانتهاكات.