القوات العراقية تدخل الجانب الغربي للموصل وتقصف مواقع الإرهابيين في سوريا

حررت أول أحياء المدينة بعد إحكام سيطرتها على المطار ومعسكر الغزلاني

مدنيون يرحبون بالقوات العراقية التي دخلت أمس أحياء الجانب الغربي من الموصل أمس (أ.ف.ب)
مدنيون يرحبون بالقوات العراقية التي دخلت أمس أحياء الجانب الغربي من الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

القوات العراقية تدخل الجانب الغربي للموصل وتقصف مواقع الإرهابيين في سوريا

مدنيون يرحبون بالقوات العراقية التي دخلت أمس أحياء الجانب الغربي من الموصل أمس (أ.ف.ب)
مدنيون يرحبون بالقوات العراقية التي دخلت أمس أحياء الجانب الغربي من الموصل أمس (أ.ف.ب)

بعد إعلانها تحرير مطار الموصل، وتطهيره من مسلحي «داعش» بشكل كامل، تقدمت قوات الشرطة الاتحادية وقوات الرد السريع التابعة له باتجاه حي الطيران، أول أحياء جنوب الموصل، وتمكنت من اقتحامه، بينما دخلت قوات جهاز مكافحة الإرهاب بعد تحرير معسكر الغزلاني إلى حي المأمون، أول أحياء جنوب غربي المدينة.
وقال قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، لـ«الشرق الأوسط»: «اقتحمت قطعات الشرطة الاتحادية حي الطيران، وتمكنت من التوغل فيه، وقتلت 50 إرهابيًا، ودمرت 25 عبوة ناسفة، وعثرت على 145 مقذوفًا، خلال عمليات تحرير الحي»، كاشفا أن الشرطة الاتحادية تبعد نحو كيلومتر واحد عن حي الدواسة، في مركز مدينة الموصل، حيث المباني الحكومية.
وأضاف قائد الشرطة الاتحادية: «قوات فرقة مغاوير النخبة قتلت الإرهابي عبد الرحمن عطية، المكنى بأبي موفق العسكري، أحد القيادات الميدانية لـ(داعش) في حي الطيران»، مشيرًا إلى أن قوات الشرطة الاتحادية وضعت الحواجز والمصدات، وتواصل تطهير حي الطيران من مسلحي «داعش». وتابع: «إرهابيو (داعش) يستخدمون القناصة والعجلات المفخخة لإعاقة تقدمنا، لكن قناصة الاتحادية وطيران الجيش والطائرات المسيرة تواصل معالجة دفاعات العدو... والتقدم مستمر».
وفي السياق ذاته، قال قائد عمليات «قادمون يا نينوى»، الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله، في بيان، إن «قوات جهاز مكافحة الإرهاب اقتحمت حي المأمون، وتواصل التقدم فيه».
في غضون ذلك، دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذين تورطوا مع «داعش» إلى إلقاء السلاح، وتسليم أنفسهم للقوات العراقية، وأصدر أمس توجيهات جديدة إلى القوات الأمنية العراقية في معركة تحرير الجانب الأيمن من الموصل، وطالب بـ«بذل أقصى جهد لإنقاذ المدنيين، وحمايتهم وتوفير ممرات آمنة لخروجهم، واستقبالهم ونقلهم إلى المخيمات الآمنة»، مشددًا على الحرص الشديد على عدم وقوع خسائر في صفوف المقاتلين، وداعيًا إلى الحفاظ على المنشآت الحكومية وغير الحكومية، والممتلكات العامة والخاصة.
وأكد العبادي على مركزية إصدار المواقف العسكرية والتصريحات والتأني فيها، والحذر من إعطاء العدو فرصة للاستفادة من هذه المعلومات.
وشملت توجيهات العبادي للقوات العراقية التي تحارب «داعش» في الموصل «الحرص على التنسيق الدقيق والتام بين مختلف التشكيلات، برًا وجوًا، والاستفادة القصوى من المعلومات الاستخبارية عن تحركات العدو داخل المدينة. وتعميق حالة الانكسار والهزيمة التي لحقت بعصابات (داعش)، وهروب قياداته عبر زيادة الضربات النوعية والمركزة لمقرات العدو، ومعامل التفخيخ وطرق الإمداد».
ودعا العبادي أهالي الموصل إلى مساندة القوات الأمنية لتحريرهم من «داعش»، من خلال التصدي لمسلحيه، ومنعه من إلحاق الخسائر بالمدنيين، وتدمير المنشئات الخدمية. وأضاف: «هذه آخر فرصة للعناصر التي تورطت مع (داعش) لإلقاء السلاح، وتسليم أنفسهم لينالوا محاكمات عادلة، ومن دون ذلك فإنهم سيواجهون الموت الحتمي على يد مقاتلينا».
وتعتبر الموصل، المدينة الثانية في العراق، آخر أبرز معاقل تنظيم داعش في هذا البلد. وتحاول القوات الموالية للحكومة استعادتها بالكامل، من خلال عملية عسكرية واسعة بدأتها في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2016، مدعومة بطيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. وبعد نحو شهر على استعادة الجانب الشرقي من الموصل، في 24 يناير (كانون الثاني)، يشارك الآلاف من قوات الرد السريع، وهي قوات النخبة التي تحارب الإرهاب، ومن الشرطة الاتحادية، منذ الأحد الماضي، في عملية استعادة الجانب الغربي من المدينة.
وإضافة إلى طيران التحالف، ينتشر مستشارون عسكريون أميركيون على خط الجبهة، ولكن في مواقع خلفية.
ويبدو أن المعركة في غرب الموصل ستكون صعبة، فالضفة الغربية من الموصل تتألف من شوارع ضيقة جدًا، والمتطرفون فيها ليست أمامهم خيارات كثيرة باستثناء القتال حتى الموت، واستخدام المدنيين دروعًا بشرية.
وكان مسؤول أميركي في الاستخبارات قد قال إنه «لم يبق سوى ألفي متطرف» في القسم الغربي من المدينة، وإنهم محاصرون بالكامل من جميع الجهات.
وستشكل خسارة الموصل بالكامل نكسة لـ«داعش» وبالتالي لن يعود مسيطرًا سوى على منطقة في محيط مدينة الحويجة العراقية، على بعد 180 كيلومترًا جنوب شرقي الموصل، وعلى مدينة تلعفر غربًا، وعلى بلدات صغيرة غرب العراق.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.