أسبوع حاسم لترتيبات الانتخابات البرلمانية اللبنانية

البطريرك الماروني يطالب بقانون «يعطي المواطن قيمة صوته ويكون شاملاً وعادلاً»

الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في بيروت أمس (أ. ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في بيروت أمس (أ. ب)
TT

أسبوع حاسم لترتيبات الانتخابات البرلمانية اللبنانية

الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في بيروت أمس (أ. ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في بيروت أمس (أ. ب)

تعيش الساحة اللبنانية أسبوعًا حاسمًا، من شأنه تحديد المسار الذي تتجه إليه الانتخابات البرلمانية المفترضة في مايو (أيار) المقبل، في ضوء موقف متوقع لرئيس الجمهورية ميشال عون من مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي يرفض توقيعه لعدم قبوله إجراء الانتخابات، وفق القانون القائم المعروف بقانون الستين، تيمنًا بالعام الذي أجريت الانتخابات على أساسه.
وتوقع مقربون من عون قيامه بخطوة ما في اتجاه إعادة مرسوم دعوة الهيئات الناخبة إلى الحكومة، للضغط باتجاه بحث قانون جديد، فيما لا تزال الأطراف السياسية بعيدة عن التوصل إلى اتفاق على صيغة مشتركة للقانون.
وفي الإطار نفسه، شدّد عضو «تكتل التغيير والإصلاح» (الذي كان يرأسه عون) النائب آلان عون، على ضرورة أن يتحمّل المجلس النيابي مسؤولياته من أجل إنتاج قانون جديد للانتخابات، مشيرًا إلى أن الانتخابات وفق قانون الستين غير واردة، وبالتالي لا يجوز الاستمرار في المفاوضات إلى الأبد.
ولفت إلى أنه بعد أن وقّع رئيس الحكومة سعد الحريري مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، لا يمكن لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ألا يوقع وألا يقوم بخطوة ما، كاشفًا أن خطوات الرئيس «باتت قريبة جدًا، وربما الأسبوع المقبل، سيكون هناك تحرّك عملي في هذا الإطار». وشدّد عون على أنه في حال حصلت عرقلة ما، فإن الجانب المعني هو الذي سيتحمّل مسؤولية عدم إجراء الانتخابات، مؤكدًا ضرورة حسم الجدل، لأن موعد الاستحقاق يقترب، وما زلنا نتكلّم عن الموضوع. وقال: «بعدما تم رفض الاستفتاء الذي طرحه رئيس الجمهورية، لا بد لمجلس النواب من تحمّل مسؤولياته من خلال التصويت على القانون، فلا يجوز أن نبقى مكتوفي الأيدي». واستبعد الوصول إلى مرحلة التمديد التقني، موضحًا أن مثل هذا التمديد «لا يمكن أن يتم من دون تصوّر واضح». وقال: «لا مكان للتمديد بالمطلق. وفي حال حصوله سيكون ضمن القانون الجديد».
ودعا البطريرك الماروني بشارة الراعي الجميع إلى «التضامن والتوحد ودعم مسيرة الجمهورية بقيادة الرئيس ميشال عون»، معتبرًا أن عون «يعيد لبنان رويدًا لمكانته على المستوى العربي والدولي». وشدد على «الحاجة إلى قانون انتخابي يضمن للمواطن قيمة صوته كي يستطيع مساءلة ومحاسبة نوابه، فلا يُفرض النواب عليه، وتتمكن من جهة ثانية كل المكونات اللبنانية أن تتمثل وفق مسار الأمور، في البرلمان».
وشدد الراعي بعد زيارته القصر الجمهوري أمس على «الحاجة الكبيرة بعد انتخابات الرئاسة وتشكيل الحكومة، إلى مجلس نيابي يجدد وجوه أعضائه... وعلاوة عل كل ذلك، أحببنا أن نقول لفخامة الرئيس، إننا ندعم كل مسيرته في بناء الوطن وإن علينا جميعًا أن نتضامن ونتوحد وندعم مسيرة الجمهورية بقيادة فخامته». وأضاف: «لم أدخل ولا أدخل مع فخامة الرئيس بنوعية القانون، بل نتحدث في ظل ما قلته، عن قانون يعطي المواطن قيمة صوته ويكون شاملاً وعادلاً يمكّن المكونات اللبنانية من الترشح والوصول إلى البرلمان. أما تقنيات القانون فتعود إلى مجلس النواب ولم نتحدث بها مع فخامة الرئيس». وأعرب رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي عن استغرابه لـ«تراجع النقاش في إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية، وكأن هناك من يريد إبقاء الغموض سيد الموقف أو إيصالنا إلى انتخابات وفق قانون الستين النافذ أو فرض تأجيل جديد للانتخابات بحجج وأعذار مختلفة أو إدخال البلد في متاهات وسجالات دستورية لا يحمد عقباها».
ورأى أن «الأكثر غرابة أن جميع المسؤولين يقولون الشيء ونقيضه، فهم يصرحون من جهة برفضهم قانون الستين والسعي إلى إنجاز قانون جديد للانتخاب، ومن جهة أخرى، يبررون لأنفسهم التلكؤ الحاصل في إقرار هذا القانون. فطالما كل الخيارات الانتخابية قد أشبعت درسًا، وثبت أن قانون النسبية الذي أرسلته حكومتنا والذي يعتمد النسبية بمعايير واحدة وعادلة، يحقق أفضل تمثيل بين الخيارات المطروحة، مما يعيق تكثيف البحث فيه وتعديل ما ينبغي تعديله في شكل الدوائر وحجمها، بما يؤمن إقراره في المجلس النيابي ضمن المهل المتاحة، وبالتالي يصبح التأجيل التقني لأشهر قليلة لوضع الآليات التنفيذية للقانون أمرًا مشروعًا ومقبولاً».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.