فقاعة قروض «محتملة» في الولايات المتحدة

السياسات الاقتصادية تتأرجح بين ترمب ويلين

خبراء الائتمان يحذرون من توجهات ترمب لتخفيف القيود المصرفية حتى تتوسع البنوك في الإقراض (أ.ف.ب)
خبراء الائتمان يحذرون من توجهات ترمب لتخفيف القيود المصرفية حتى تتوسع البنوك في الإقراض (أ.ف.ب)
TT

فقاعة قروض «محتملة» في الولايات المتحدة

خبراء الائتمان يحذرون من توجهات ترمب لتخفيف القيود المصرفية حتى تتوسع البنوك في الإقراض (أ.ف.ب)
خبراء الائتمان يحذرون من توجهات ترمب لتخفيف القيود المصرفية حتى تتوسع البنوك في الإقراض (أ.ف.ب)

حذّر خبراء ائتمان من عودة القروض في الولايات المتحدة الأميركية إلى مستويات تبعث على القلق وتذكر بأسباب أزمة 2008، عندما انفجرت فقاعة الرهون العقارية، وخلقت أزمة مالية عالمية.
في تقرير حديث لمصرف «دويتشه بنك» ورد أن «نوعية بعض القروض الأميركية تسوء»، مع تحذير من «الأثر الممكن أن تتركه عودة الفوائد على الارتفاع في محافظ الائتمان».
أتت هذه التحذيرات بعد نشر إحصاءات أميركية رسمية أكدت أن «إجمالي قروض الأسر بلغ بنهاية 2016 نحو 12.5 تريليون دولار، بزيادة 460 مليارًا عن العام الماضي، وهو أكبر صعود منذ 2013». ويتجه هذا الرصيد سريعًا في 2017 ليتجاوز القمة التي كان بلغها في 2008 عشية انفجار الأزمة آنذاك عندما بلغ 12680 مليارًا. لكن الخوف هذه المرة ليس من الائتمان العقاري بل من قروض السيارات والطلاب وبطاقات الائتمان.
مصرفي نيويوركي يقول: «منطقان يتعارضان الآن. منطق الرئيس دونالد ترمب الراغب في تخفيف القيود لزيادة الإقراض، ومنطق الاحتياطي الفيدرالي المتجه لرفع الفائدة على الدولار والرامي بشكل غير مباشر إلى لجم الاقتراض نسبيًا، المنطق الأول توسعي أما الثاني فيغلب عليه التحفظ».
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن قروض الأسر الأميركية تسجل أرقاما قياسية متتالية حتى باتت «مقلقة». فقروض السيارات بدأت تسجل ارتفاعًا في نسبة المتعثر فيها.
ويبلغ إجمالي هذه القروض كما في نهاية 2016 نحو 1.1 تريليون دولار مقابل 698 مليارا في 2010، بمتوسط نمو سنوي يزيد على 10 في المائة، مما دفع مكتب حماية المستهلكين إلى «دق ناقوس الخطر لأن أعداد المتأخرين عن السداد ترتفع بشكل ملحوظ منذ سنتين على الأقل»، علما بأن متوسط قرض السيارة 30 ألف دولار بفائدة 11 في المائة وبمتوسط قسط شهري 500 دولار لمدة 5 سنوات.
أما قروض الطلاب فقد بلغت 1.4 تريليون دولار مقابل 521 مليارًا في 2005، إذ تضاعفت 3 مرات في 10 سنوات.
ومعظم هذه القروض ممنوحة من الحكومة بفائدة 3.74 في المائة لمدة 10 سنوات وبمتوسط قسط شهري 300 دولارًا.
هذه التسهيلات للجامعيين أتت ضمن سياسة تشجيعية انتهجها الرئيس السابق باراك أوباما. إلا أن تلك السياسة حفزت الجامعات على زيادة الأقساط بشكل كبير، فتعاظمت الحاجة إلى قروض أكثر وزاد متوسط القرض الواحد 100 في المائة إلى 32 ألف دولار، مقابل 16 ألفًا فقط في 2005.
وارتفع إجمالي عدد القروض في 10 سنوات من 11 إلى 40 مليون قرض جامعي.
ويقول مصدر مالي: «المشكلة الآن تكمن في رغبة الرئيس ترمب في إعادة هذا الدور إلى المصارف ومؤسسات التمويل الخاصة بدلاً من الإقراض الحكومي. لكن فائدة قروض الطلاب في القطاع المالي الخاص تصل إلى 13.76 في المائة مقابل 3.74 في المائة حكوميًا».
أما قروض بطاقات الائتمان (السحب على المكشوف حتى سقوف معينة)، فقد بلغت 995 مليار دولار، وتشهد بعض التباطؤ في نموها، بفعل تشدد المصارف قليلاً خوفًا من الإنفاق المفرط باستخدامها.
ويؤكد الاحتياطي الفيدرالي أن «قروض الأسر شهدت في 2016 أكبر نمو لها في 10 سنوات، وتتجه في 2017 لتبلغ المستوى الخطر الذي كان عشية اندلاع أزمة 2008».
في المقابل، يقول مصرفي مؤيد لإجراءات تخفيف القيود إن «نسبة إجمالي القروض إلى الناتج الاسمي الخام 67 في المائة حاليًا مقابل 85 في المائة في 2008، وإن مكونات قروض الأسر في 2017 تختلف عما كانت عليه عشية الأزمة، لأن قروض السكن والرهن العقاري مضبوطة أكثر، فهي انخفضت بين 2008 و2013، ثم استقرت لتعود إلى النمو العقلاني والمدروس في 2015 و2016، وتبلغ الآن نحو 8.5 تريليون دولار، أي أنها استغرقت 7 سنوات لتستطيع بلوغ مستويات 2009».
ويضيف الفيدرالي: «صحيح أن نسبة القروض المتعثرة ترتفع قليلاً لكنها لا تتجاوز 4.8 في المائة من إجمالي المحافظ الائتمانية حاليا مقابل 8.5 في المائة في 2008».
على صعيد آخر، يحذر خبراء الائتمان من توجهات ترمب لتخفيف القيود المصرفية حتى تتوسع البنوك في الإقراض لأن تشخيصه برأي هؤلاء «يختلف عن الواقع الذي يشير إلى فقاعات أخرى يجب الحذر منها».
على صعيد العقار التجاري ارتفع مؤشر «غريت ستريت أدفايزر» 107 في المائة منذ 2009، بعدما استفاد هذا القطاع من عودة النمو الاقتصادي وإجراءات حل أزمة 2008، وانخفاض معدلات الفوائد، فحصلت طفرة مشاريع وصعدت الأسعار على نحو غير مسبوق حتى بلغ حجم القطاع 11 ألف مليار بنهاية 2016. لكن علامات «التعب» بدأت تظهر عليه ليفقد زخمه.
في العام الماضي، ولأول مرة منذ الأزمة، تراجع الطلب بنسبة 11 في المائة كما أكدت مؤسسة ريل كابيتال أناليتيكس. وتزداد المساحات غير المؤجرة بعد تراجع الطلب على المكاتب بنسبة 13.5 في المائة وفق مكتب الدراسات المتخصص «ريس». أما العوائد فهبطت من 13.5 في المائة في 2015 إلى 9.2 في المائة في 2016، كما أكد المجلس الوطني للعقار والاستثمار والائتمان.
وهناك فقاعة أخرى حذرت منها وكالة موديز للتصنيف الائتماني تشكلت بتراكم سندات لشركات تصنيفها منخفض جدا (Junk Bonds) قيمتها الآن تريليون دولار، وتستحق تباعا حتى 2021.
وهذا الرصيد يعتبر رقمًا قياسيًا آخر في هذا النوع من الإصدارات «غير الموفقة» بعد الأرقام التي شهدتها أزمة 2008.
تبقى الإشارة إلى مؤشر رسمي أميركي آخر مفاده انخفاض العائد الاستثماري عمومًا (متوسط كل القطاعات) إلى 5.7 في المائة متراجعًا عدة نقاط قياسًا ببداية 2016.
ومع بداية دورة صعود الفائدة كما وعد الاحتياطي الفيدرالي ستنخفض تلك العوائد أكثر، وسيجد المقترضون أنفسهم أمام كلفة تمويل أعلى.
عندئذ يتضح هل سيأخذ المقترضون حذرهم من فقاعة جديدة؟ أم أنهم سينفخون فيها أكثر؟



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.