توتر أمني في «عين الحلوة» يواكب زيارة عباس إلى بيروت

عون حمّل الرئيس الفلسطيني مسؤولية الحفاظ على استقرار المخيمات

عون وعباس يستعرضان حرس الشرف في القصر الرئاسي ببعبدا قرب العاصمة اللبنانية (رويترز)
عون وعباس يستعرضان حرس الشرف في القصر الرئاسي ببعبدا قرب العاصمة اللبنانية (رويترز)
TT

توتر أمني في «عين الحلوة» يواكب زيارة عباس إلى بيروت

عون وعباس يستعرضان حرس الشرف في القصر الرئاسي ببعبدا قرب العاصمة اللبنانية (رويترز)
عون وعباس يستعرضان حرس الشرف في القصر الرئاسي ببعبدا قرب العاصمة اللبنانية (رويترز)

توتر الوضع الأمني في مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين، الواقع في جنوب لبنان، بالتزامن مع وصول الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في زيارة رسمية إلى بيروت تستمر 3 أيام. وقالت مصادر ميدانية في المخيم لـ«الشرق الأوسط» إن العناصر المتشددة التي تتخذ من حي الصفصاف مقرًا لها، بادرت إلى إطلاق النار في أرجاء المخيم فور الإعلان عن وصول عباس إلى بيروت، مما أدّى لوقوع جريح.
وتفاقمت المخاوف من أن يكون الحادث بتوقيته «المشبوه» مقدمة لزعزعة الأمن في المخيم، خصوصًا في ظل استمرار تجميد عمل القوة الأمنية المكلفة بضبط الأوضاع داخله، نتيجة خلافات مستمرة بين الفصائل.
وفي حين نفت مصادر في السفارة الفلسطينية بشدة أن يكون عباس بصدد البحث بموضوع القوة الأمنية، لافتة إلى أنّه «ثانوي»، مقارنة بالملفات التي سيبحثها مع المسؤولين اللبنانيين، وهو متروك للقيادات الفلسطينية في لبنان، أشار قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب إلى أن حركة فتح لا تزال على موقفها بتعليق عضويتها في اللجنة الأمنية «بانتظار إعادة النظر بمهامها، وطريقة اتخاذ القرارات داخلها، فتتم إعادة هيكلتها على أسس صحيحة وفاعلة».
وقال أبو عرب لـ«الشرق الأوسط»: «حاليًا، كل فصيل يقوم بمهامه لجهة حفظ الأمن داخل المخيم بشكل فردي، من دون الرجوع إلى اللجنة الأمنية».
وأوضحت مصادر في حركة فتح أن السبب الرئيسي الذي أدّى لفرط عقد اللجنة هو «الطريقة المعقدة التي تعتمدها لاتخاذ القرارات، والتي تستوجب موافقة 15 فصيلاً يشكلون هذه اللجنة للسير بأي قرار. وفي حال عارضه فصيل واحد، يتم إلغاء العملية كاملة».
واعتبرت المصادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الوضع حاليًا داخل المخيم «ليس خطيرًا، إنما متفلت»، لافتة إلى «فوضى أمنية تعم عين الحلوة».
ولا تبدو الجهات الرسمية اللبنانية الأمنية، كما السياسية، مطمئنة لاستمرار تجميد عمل القوة الأمنية داخل المخيمات، وهو ما أشار إليه رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني، حسن منيمنة، معتبرًا أن ذلك يفتح مجالاً أوسع لأطراف متعددة للعب بأمن المخيمات.
وقال منيمنة: «لا شك أن هذا الملف أساسي جدًا، ويتوجب أن يبحثه الرئيس الفلسطيني خلال زيارته إلى لبنان مع حركة فتح وباقي الفصائل، خصوصًا أن سبب المشكلة اليوم هو خلاف بين فتح وتنظيمات أخرى، كما غياب التنسيق الكامل بين الفصائل والسلطات الرسمية اللبنانية».
وبدأ الرئيس الفلسطيني، أمس، جولته على المسؤولين اللبنانيين بلقاء رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، على أن يلتقي، اليوم (الجمعة)، رئيس الحكومة سعد الحريري، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، ويجتمع لاحقًا في مقر إقامته بقيادات لبنانية ورؤساء الأحزاب.
وحمّل عون الرئيس الفلسطيني، خلال مؤتمر صحافي مشترك، مسؤولية الحفاظ على استقرار المخيمات، لافتًا إلى أنّه أكد له على «أهمية الدور الذي يلعبه في هذا المجال، كي لا تتحوّل هذه المخيمات إلى بؤر لمن يبغي استغلال مآسي الشعب الفلسطيني».
ورأى عون أن «مأساة فلسطين التي بدأت مع وعد بلفور بلغت عامها المائة، وهي الجرح الأكبر في وجدان العرب، وأول ضحاياها الشعب الفلسطيني، ثم اللبناني»، واعتبر أن «المقاربة التي تعتمدها إسرائيل منذ نشوئها، في صراعها مع العرب، قد تحقق لها بعض انتصارات آنية، ولكنها لا توصل للحل، ولا للسلام».
وأضاف: «لقد سقطت الأحادية في العالم، ولا يمكن أن تُبنى دولة على أحادية دينية ترفض الآخر، وتطرده من أرضه، ومن هويته، ومن ثقافته»، مشددًا على أن «التحدي الأبرز الذي يواجه عالمنا العربي هو مدى قدرتنا على فرض الحل العادل والشامل لجميع أوجه الصراع العربي - الإسرائيلي»، ولافتا إلى أن «الحاجة باتت أكثر من ملحّة لإيجاد حلول سياسية للأزمات وسفك الدماء المتواصل في بعض الدول العربية».
من جهته، شدد الرئيس الفلسطيني على أن «الفلسطينيين ضيوف في لبنان، إلى حين عودتهم المؤكدة إلى وطنهم فلسطين»، مؤكدًا الحرص على «أن يكونوا بمنأى عن صراعات المنطقة». وقال: «نحن نقف ضد الإرهاب، ودعونا منذ البداية إلى الحوار البنّاء، كما إلى صون وحدة الأراضي العربية»، معربًا عن أسفه لكون «العملية السياسية ما زالت تراوح مكانها، نتيجة إصرار إسرائيل على احتلال أرضنا، وإبقاء شعبنا في سجن كبير؛ وهذا ما لن نقبله، وسنواصل العمل بالطرق السياسية والدبلوماسية لتطبيق قرارات مجلس الأمن».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.