جمعيات تنتقد ألمانيا وإيطاليا لمحاولة إرغام تونس على قبول مهاجريها

تسجيل 153 انتهاكًا في السجون ومراكز التوقيف خلال 2016

جمعيات تنتقد ألمانيا وإيطاليا لمحاولة إرغام تونس على قبول مهاجريها
TT

جمعيات تنتقد ألمانيا وإيطاليا لمحاولة إرغام تونس على قبول مهاجريها

جمعيات تنتقد ألمانيا وإيطاليا لمحاولة إرغام تونس على قبول مهاجريها

طالبت مجموعة من المنظمات والجمعيات الحقوقية الناشطة في مجال الهجرة بوقف ما تتعرّض له السلطات التونسية من ضغوط وصفتها بـ«غير المحتملة» من جانب إيطاليا وألمانيا، لدفعها إلى قبول إعادة المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين الذين يتم طردهم من ألمانيا وبعض الدول الأوروبية.
وطالبت هذه المنظمات الاتحاد الأوروبي وجميع البلدان الأعضاء في الاتحاد بإبداء التزام حقيقي باستقبال المهاجرين واللاجئين على أراضيها، وبدعم تونس دعما فعليا في تعزيز سيادة القانون ومكافحة الإرهاب، دون السعي إلى فرض مقايضة في هذا المجال.
وأشار «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» و«الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان» و«مركز تونس للهجرة واللجوء»، و«الجمعية الأوروبية للدفاع عن حقوق الإنسان»، إلى جانب عدد من الجمعيات الحقوقية، إلى أن إرغام تونس على استقبال الأشخاص الذين يعترضهم خفر السواحل الإيطالية داخل أراضيها، كما جاء في مقال صحافي إيطالي، مقابل تقديم الدعم لها في مجال مكافحة الإرهاب، هو بمثابة «انتهاك فاضح لالتزامات الاتحاد الأوروبي وكذلك إيطاليا، التي سبق أن أدانتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عام 2012 بسبب إعادة ترحيلها طالبي اللجوء السياسي نحو ليبيا».
وعبرت تونس خلال الأسبوع الماضي عن رفضها القاطع لاقتراح المسؤولين الألمان والإيطاليين، الذين كانوا يعتزمون إعادة المهاجرين واللاجئين إلى أراضيها، وفكرة بناء مركز لإيوائهم على الأراضي التونسية.
وتفاوض الحكومة الألمانية السلطات التونسية لقبول نحو ألف و500 مهاجر تونسي غير شرعي، بينهم مجموعة وصفت بالخطيرة، إلا أن نتائج تلك المفاوضات بقيت مبهمة. وفي هذا الشأن قال عبد الرحمان الهذيلي، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في تصريح إعلامي، إن تونس وغيرها من بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط لا تمتلك القدرة على استقبال الأشخاص الذين يحتاجون إلى حماية دولية، مؤكدا عدم وجود ضمانات كفيلة بحمايتهم من العقاب ضد «الهجرة غير المصرّح بها»، وهو ما يشكّل انتهاكا للحق الأساسي في مغادرة أي بلد والحق في التنقل.
وأضاف الهذلي أن تونس لا تملك الضمانات القانونية حيال الأشخاص الذين لا يرغبون في طلب اللجوء، والذين قد يتعرضون لخطر الاحتجاز والطرد في ظروف غير إنسانية.
وحول ما يتعلق بالهجرة غير الشرعية، قال الهذلي إن «جريمة الهجرة غير المصرح بها» أدرجت في القانون التونسي سنة 2004، وجاءت كنتيجة مباشرة للضغوط التي مارسها الاتحاد الأوروبي على النظام السابق، مثلما هو الشأن لبلدان أخرى مثل الجزائر والمغرب والسنغال.
وكانت الحكومة الألمانية قد اعتبرت المغرب والجزائر وتونس «دولا آمنة»، بنية ترحيل اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية بشكل أسرع، علما بأن السلطات الألمانية كانت تشترط لقبول طلبات اللجوء من مهاجري المغرب والجزائر وتونس تقديم أدلة تؤكد ما يعانونه من اضطهاد أو مخاطر أخرى، ويعد تصنيف هذه الدول ضمن خانة الدول الآمنة بمثابة انتهاء مرحلة قبول مهاجرين على أراضيها.
وكشف بحث ميداني، أجراه المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن نحو 45 في المائة من الشباب التونسي له استعداد للهجرة، حتى لو كانت هجرة غير نظامية أو غير شرعية، وأن 81 في المائة منهم مستعدون لتمويل الهجرة غير النظامية. وأكد المنتدى ثبوت فشل المنوال التنموي في تونس، ومن تجليات هذا الفشل ارتفاع ظاهرة الهجرة غير النظامية، إذ إن نحو 25 ألف شاب غادروا البلاد بطرق غير شرعية في فترة أحداث ثورة 2011.
من جهة ثانية، أعلنت «المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب» (غير حكومية) أمس تسجيل 153 «انتهاكا»، تراوحت بين «التعذيب والعنف وسوء المعاملة» داخل السجون ومراكز التوقيف التونسية في 2016.
ونشرت المنظمة أمس تقريرها السنوي حول انتهاكات حقوق الإنسان المسجلة في السجون ومراكز التوقيف خلال الفترة ما بين الأول من يناير (كانون الثاني) ونهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2016.
ووفق التقرير «سجلت المنظمة 153 حالة تتوزع بين التعذيب والعنف وسوء المعاملة حسب المعايير المعتمدة لديها في تصنيف الانتهاكات» في 2016، مشيرة إلى أن العدد كان 250 في العام الفائت. وتمثلت أغلب هذه الانتهاكات في الاعتقال التسعفي (59 في المائة من الحالات) وسوء المعاملة (33 في المائة) والتعذيب» (4 في المائة)، والموت المستراب (2 في المائة)، والتهديد (بالاغتصاب) أو محاولة الاغتصاب (2%).
وتتصدر الشرطة قائمة السلطات الأمنية التي ترتكب انتهاكات في حق المحتفظ بهم والمقبوض عليهم، بنسبة 62 في المائة، يليها حراس السجون (24 في المائة)، ثم الحرس الوطني (الدرك) بنسبة 14 في المائة، حسب التقرير.
وأوضحت مؤسسة المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، راضية النصراوي، أن تراجع عدد الانتهاكات في 2016 مرده إلى تعديل قانون الإجراءات الجزائية الذي بات يسمح للمحامي بمرافقة موكله بعد توقيفه. لكن المنظمة طالبت اليوم بإصلاحات جديدة على القانون.
وجاء في التقرير أيضا أنه «لم يتم إلى اليوم إصلاح حقيقي وملموس للمؤسستين الأمنية والسجنية بدليل أن القوانين القديمة التي تنظم عملها لا تزال سارية. ويؤدي التأخير في الإصلاح إلى تواصل ارتفاع معدلات الانتهاكات وكذلك تواصل ظاهرة الإفلات من العقاب».
وأبدى مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب بن إيمرسون، في ختام زيارة إلى تونس في مطلع فبراير (شباط) الحالي، قلقه إزاء ظروف الاعتقال في السجون التونسية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.