للفن مكان في {أسبوع لندن} الحافلhttps://aawsat.com/home/article/861291/%D9%84%D9%84%D9%81%D9%86-%D9%85%D9%83%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D9%88%D8%B9-%D9%84%D9%86%D8%AF%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D9%81%D9%84
«بيربري» تستند إلى النحات هنري مور في ثاني تشكيلة تعتمد فيها «العرض اليوم والبيع غدًا»
من عرض «بيربري» - البنطلونات عالية الخصر كانت غالبة على الجانب الرجالي
TT
TT
للفن مكان في {أسبوع لندن} الحافل
من عرض «بيربري» - البنطلونات عالية الخصر كانت غالبة على الجانب الرجالي
«بيربري» قدمت مساء يوم الاثنين الماضي، عرضًا ومعرضًا في الوقت ذاته. فقد كان عرضها لخريف وشتاء 2017 على خلفية معرض مصغر للنحات البريطاني هنري مور، احتضن نحو 40 عملا من أعماله، من بينها منحوتته الشهيرة «الأم وطفلها». ورغم أن المصمم كريستوفر بايلي لم يُخف يوما شغفه بالفن والأدب، حيث سبق له أن استوحى من أدباء «مجموعة بلومزبوري» كما من الرسام ديفيد هوكني، فإن اختياره للفنان هنري مور كان مختلفا. والسبب أن منحوتاته تشي بنظرة غير تقليدية لجمال الجسد إلى حد يُلغي معالمه، بينما الموضة تقوم على العكس تماما. لكن لحسن الحظ أن كريستوفر بايلي برهن على قدرة عجيبة على صياغة مفهوم الجمال لدى الفنان بطريقته وأدواته الخاصة مراعيا متطلبات السوق. صياغة أعطت الإحساس بأن منحوتات هنري مور كانت مجرد خلفية تُسند أشكالا هندسية ظهرت بشكل حرفي في كعوب الأحذية النسائية، وبشكل مجازي في أزياء تلعب على تضاريس الجسم، فتعانقها حينا وتُضخمها حينا آخر. فعندما بدأ العرض توضحت لغة الحوار بين المصمم والنحات أكثر عبر تصاميم غطت الجسم بالكامل ومنحته تضاريس مختلفة عما هو مألوف من دون أن تكون صادمة. فهي إما غير متوازنة في خطوطها وأطوالها، وإما ضخمة بأحجامها غير التقليدية أو بانحناءاتها وانحداراتها عن الأكتاف أو الخصر، أو أكمامها المنفوخة والطويلة بشكل غير عادي. الصوف أيضا أخذ سُمكا أكبر، بينما فقد المعطف الواقي من المطر نعومته واكتسب في المقابل قوة ظهرت في الجيوب وفي الأحزمة العريضة. اللافت أيضا أن المعطف الممطر، أو «ترانش» الذي يعود إليه المصمم في كل موسم ليعيد صياغته، تراجع عن دور البطولة لصالح «كابات» مبتكرة لا شك أنها ستكون الدجاجة التي ستبيض ذهبا للدار البريطانية، إلى جانب القمصان القطنية المطعمة بالدانتيل أو المزينة به من خلال ياقات عالية أو كشاكش على الأكتاف، من دون أن ننسى البنطلونات عالية الخصر بثنيات بالنسبة للرجل. ومع ذلك نعود للقول: إن ما يُحسب لكريستوفر بايلي عدم تأثره بنظرة هنري مور للجسد بشكل كبير، وحفاظه على مستوى معين من الجمال الذي تعودت عليه العين، وهو ما ظهر في القطع المنفصلة تحديدا. ففي الإطلالة الواحدة أحيانا قدم نحو خمس قطع تتباين أطوالها لتترك المجال لظهور أخرى من تحتها. فأسلوب الطبقات المتعددة هذا، اعتمده المصمم في الموسم الماضي وترك صدى طيبا، لأنه عملي في موسمي الخريف والشتاء بالنسبة لزبون يسافر بين القارات وبالتالي لا يعرف أي طقس سيواجهه عند وصوله. كما أنه أسلوب يراعي قواعد الموضة الجديدة، أو بالأحرى استراتيجية «العرض اليوم والبيع غدا» التي تتبناها الدار منذ الموسم الماضي. إذا كان هناك تساؤل حول العرض، فهو ليس عن جمال الأزياء، التي تشهد عليه حرفية عالية لا تضاهيها سوى فنية التصاميم وجرأة الابتكار، بل عن معرض يضم 40 عملا لنحات شهير وجدواها في الوقت الحالي. ما يجعل السؤال ملحا أكثر، أن الدار أول من عانق عالم الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، بينما المعرض يأخذنا إلى عالم مناقض تماما. الجواب الذي يقفز إلى الذهن هو محاولة الإبقاء على أسس الدار راسخة في الأرض ومترسخة في إرثها العريق وفنيتها بغض النظر عن الأدوات واللغة. كما قد يكون بكل بساطة فتح الحوار بين الملموس والأحلام، أو بين الماضي والمستقبل، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن هنري مور ولد في كاسلفورد بيوركشاير، المكان نفسه الذي بدأت دار «بيربري» تصنع فيه معاطفها الأيقونية و«كاباتها» منذ أكثر من قرن من الزمن.
الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسمhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B6%D8%A9/5094507-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%82%D9%85%D8%B4%D8%A9-%D8%AA%D8%A8%D8%B1%D8%B2-%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D9%8B-%D8%A3%D8%B3%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D9%8B-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%87%D8%B1%D8%A9-%D9%87%D8%B0%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%85
الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
في عالم الموضة هناك حقائق ثابتة، واحدة منها أن حلول عام جديد يتطلب أزياء تعكس الأمنيات والآمال وتحتضن الجديد، وهذا يعني التخلص من أي شيء قديم لم يعد له مكان في حياتك أو في خزانتك، واستبدال كل ما يعكس الرغبة في التغيير به، وترقب ما هو آتٍ بإيجابية وتفاؤل.
جولة سريعة في أسواق الموضة والمحال الكبيرة تؤكد أن المسألة ليست تجارية فحسب. هي أيضاً متنفس لامرأة تأمل أن تطوي صفحة عام لم يكن على هواها.
بالنسبة للبعض الآخر، فإن هذه المناسبة فرصتهن للتخفف من بعض القيود وتبني أسلوب مختلف عما تعودن عليه. المتحفظة التي تخاف من لفت الانتباه –مثلاً- يمكن أن تُدخِل بعض الترتر وأحجار الكريستال أو الألوان المتوهجة على أزيائها أو إكسسواراتها، بينما تستكشف الجريئة جانبها الهادئ، حتى تخلق توازناً يشمل مظهرها الخارجي وحياتها في الوقت ذاته.
كل شيء جائز ومقبول. المهم بالنسبة لخبراء الموضة أن تختار قطعاً تتعدى المناسبة نفسها. ففي وقت يعاني فيه كثير من الناس من وطأة الغلاء المعيشي، فإن الأزياء التي تميل إلى الجرأة والحداثة اللافتة لا تدوم لأكثر من موسم. إن لم تُصب بالملل، يصعب تكرارها إلا إذا كانت صاحبتها تتقن فنون التنسيق. من هذا المنظور، يُفضَّل الاستثمار في تصاميم عصرية من دون مبالغات، حتى يبقى ثمنها فيها.
المصممون وبيوت الأزياء يبدأون بمغازلتها بكل البهارات المغرية، منذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) تقريباً، تمهيداً لشهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول). فهم يعرفون أن قابليتها للتسوق تزيد في هذا التوقيت. ما يشفع لهم في سخائهم المبالغ فيه أحياناً، من ناحية الإغراق في كل ما يبرُق، أن اقتراحاتهم متنوعة وكثيرة، تتباين بين الفساتين المنسدلة أو الهندسية وبين القطع المنفصلة التي يمكن تنسيقها حسب الذوق الخاص، بما فيها التايورات المفصلة بسترات مستوحاة من التوكسيدو أو كنزات صوفية مطرزة.
بالنسبة للألوان، فإن الأسود يبقى سيد الألوان مهما تغيرت المواسم والفصول، يليه الأحمر العنابي، أحد أهم الألوان هذا الموسم، إضافة إلى ألوان المعادن، مثل الذهبي أو الفضي.
ضمن هذه الخلطة المثيرة من الألوان والتصاميم، تبرز الأقمشة عنصراً أساسياً. فكما الفصول والمناسبات تتغير، كذلك الأقمشة التي تتباين بين الصوف والجلد اللذين دخلا مناسبات السهرة والمساء، بعد أن خضعا لتقنيات متطورة جعلتهما بملمس الحرير وخفته، وبين أقمشة أخرى أكثر التصاقاً بالأفراح والاحتفالات المسائية تاريخياً، مثل التول والموسلين والحرير والمخمل والبروكار. التول والمخمل تحديداً يُسجِّلان في المواسم الأخيرة حضوراً لافتاً، سواء استُعمل كل واحد منهما وحده، أو مُزجا بعضهما ببعض. الفكرة هنا هي اللعب على السميك والشفاف، وإن أتقن المصممون فنون التمويه على شفافية التول، باستعماله في كشاكش كثيرة، أو كأرضية يطرزون عليها وروداً وفراشات.
التول:
لا يختلف اثنان على أنه من الأقمشة التي تصرخ بالأنوثة، والأكثر ارتباطاً بالأفراح والليالي الملاح. ظل طويلاً لصيقاً بفساتين الزفاف والطرحات وبأزياء راقصات الباليه، إلا أنه الآن يرتبط بكل ما هو رومانسي وأثيري.
شهد هذا القماش قوته في عروض الأزياء في عام 2018، على يد مصممين من أمثال: إيلي صعب، وجيامباتيستا فالي، وسيمون روشا، وهلم جرا، من أسماء بيوت الأزياء الكبيرة. لكن قبل هذا التاريخ، اكتسب التول شعبية لا يستهان بها في القرنين التاسع عشر والعشرين، لعدد من الأسباب مهَّدت اختراقه عالم الموضة المعاصرة، على رأسها ظهور النجمة الراحلة غرايس كيلي بفستان بتنورة مستديرة من التول، في فيلم «النافذة الخلفية» الصادر في عام 1954، شد الانتباه ونال الإعجاب. طبقاته المتعددة موَّهت على شفافيته وأخفت الكثير، وفي الوقت ذاته سلَّطت الضوء على نعومته وأنوثته.
منذ ذلك الحين تفتحت عيون صناع الموضة عليه أكثر، لتزيد بعد صدور السلسلة التلفزيونية الناجحة «سيكس أند ذي سيتي» بعد ظهور «كاري برادشو»، الشخصية التي أدتها الممثلة سارة جيسيكا باركر، بتنورة بكشاكش وهي تتجول بها في شوارع نيويورك في عز النهار. كان هذا هو أول خروج مهم لها من المناسبات المسائية المهمة. كانت إطلالة مثيرة وأيقونية شجعت المصممين على إدخاله في تصاميمهم بجرأة أكبر. حتى المصمم جيامباتيستا فالي الذي يمكن وصفه بملك التول، أدخله في أزياء النهار في تشكيلته من خط الـ«هوت كوتور» لعام 2015.
ما حققه من نجاح جعل بقية المصممين يحذون حذوه، بمن فيهم ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور» التي ما إن دخلت الدار بوصفها أول مصممة من الجنس اللطيف في عام 2016، حتى بدأت تنثره يميناً وشمالاً. تارة في فساتين طويلة، وتارة في تنورات شفافة. استعملته بسخاء وهي ترفع شعار النسوية وليس الأنوثة. كان هدفها استقطاب جيل الشابات. منحتهن اقتراحات مبتكرة عن كيفية تنسيقه مع قطع «سبور» ونجحت فعلاً في استقطابهن.
المخمل
كما خرج التول من عباءة الأعراس والمناسبات الكبيرة، كذلك المخمل خرج عن طوع الطبقات المخملية إلى شوارع الموضة وزبائن من كل الفئات.
منذ فترة وهو يغازل الموضة العصرية. في العام الماضي، اقترحه كثير من المصممين في قطع خطفت الأضواء من أقمشة أخرى. بملمسه الناعم وانسداله وألوانه الغنية، أصبح خير رفيق للمرأة في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الدفء والأناقة. فهو حتى الآن أفضل ما يناسب الأمسيات الشتوية في أوروبا وأميركا، وحالياً يناسب حتى منطقة الشرق الأوسط، لما اكتسبه من مرونة وخفة. أما من الناحية الجمالية، فهو يخلق تماوجاً وانعكاسات ضوئية رائعة مع كل حركة أو خطوة.
تشرح الدكتورة كيمبرلي كريسمان كامبل، وهي مؤرخة موضة، أنه «كان واحداً من أغلى الأنسجة تاريخياً، إلى حد أن قوانين صارمة نُصَّت لمنع الطبقات الوسطى والمتدنية من استعماله في القرون الوسطى». ظل لقرون حكراً على الطبقات المخملية والأثرياء، ولم يُتخفف من هذه القوانين إلا بعد الثورة الصناعية. ورغم ذلك بقي محافظاً على إيحاءاته النخبوية حتى السبعينات من القرن الماضي. كانت هذه هي الحقبة التي شهدت انتشاره بين الهيبيز والمغنين، ومنهم تسلل إلى ثقافة الشارع.
أما نهضته الذهبية الأخيرة فيعيدها الخبراء إلى جائحة «كورونا»، وما ولَّدته من رغبة في كل ما يمنح الراحة. في عام 2020 تفوَّق بمرونته وما يمنحه من إحساس بالفخامة والأناقة على بقية الأنسجة، وكان الأكثر استعمالاً في الأزياء المنزلية التي يمكن استعمالها أيضاً في المشاوير العادية. الآن هو بخفة الريش، وأكثر نعومة وانسدالاً بفضل التقنيات الحديثة، وهو ما جعل كثيراً من المصممين يسهبون فيه في تشكيلاتهم لخريف وشتاء 2024، مثل إيلي صعب الذي طوعه في فساتين و«كابات» فخمة طرَّز بعضها لمزيد من الفخامة.
أما «بالمان» وبرابال غورانغ و«موغلر» و«سكاباريللي» وغيرهم كُثر، فبرهنوا على أن تنسيق جاكيت من المخمل مع بنطلون جينز وقميص من الحرير، يضخه بحداثة وديناميكية لا مثيل لها، وبان جاكيت، أو سترة مستوحاة من التوكسيدو، مع بنطلون كلاسيكي بسيط، يمكن أن ترتقي بالإطلالة تماماً وتنقلها إلى أي مناسبة مهمة. الشرط الوحيد أن يكون بنوعية جيدة حتى لا يسقط في خانة الابتذال.