«جنيف 4» بعد يومين وسط «آمال ضعيفة»

قوات النظام السوري مستمرة بقصف مواقع المعارضة

قوات النظام السوري مستمرة بقصف مواقع المعارضة (أ.ف.ب)
قوات النظام السوري مستمرة بقصف مواقع المعارضة (أ.ف.ب)
TT

«جنيف 4» بعد يومين وسط «آمال ضعيفة»

قوات النظام السوري مستمرة بقصف مواقع المعارضة (أ.ف.ب)
قوات النظام السوري مستمرة بقصف مواقع المعارضة (أ.ف.ب)

قال اليوم (الثلاثاء)، مسؤول مشارك في المحادثات التي تجريها الأمم المتحدة بشأن سوريا في جنيف، إنّ المحادثات التي من المقرر أن تبدأ هذا الأسبوع في جنيف، مبنية على تفويض واسع من قرار للأمم المتحدة يطالب وسيط الأمم المتحدة بعقد محادثات بشأن "عملية انتقال سياسي".
وكانت الأمم المتحدة تراجعت الأسبوع الماضي على ما يبدو عن استخدام عبارة "انتقال سياسي"؛ وهو ما فهمته المعارضة بأنه يعني الإطاحة برئيس النظام السوري بشار الأسد أو تقويض صلاحياته على الأقل.
وقال مايكل كونتت مدير مكتب مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا في إفادة دورية بالمنظمة الدولية، أن دي ميستورا يضع اللمسات الأخيرة على الترتيبات الخاصة بالمحادثات. وأفاد بأنّ "الدعوات وكذلك جدول الأعمال الموضوعي الثابت مبنية على النطاق الواسع لقرارات مجلس الأمن خصوصًا 2254 الذي يعد الموجه الأساسي لنا في هذه العملية. "الفقرة الإجرائية الثانية من (القرار) 2254 تطالب المبعوث الخاص بعقد المفاوضات الرسمية بشأن عملية الانتقال السياسي".
وستتركز المحادثات على ثلاث مجموعات من القضايا التي يفوض القرار 2254 دي ميستورا بالتوسط فيها وهي إقامة نظام حكم يتسم بالمصداقية والشمول وعدم الطائفية وعملية لصياغة دستور جديد وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة.
وستستأنف المفاوضات بين النظام والمعارضة الخميس المقبل، في جنيف وسط آمال ضعيفة في أن تنجح بوقف النزف المستمر منذ ست سنوات في سوريا وفي ظل استمرار العنف على الارض ووجود هوة شاسعة بين الطرفين وغموض في الموقف الاميركي.
وتنطلق هذه الجولة، وهي الأولى بعد فشل المحادثات الأخيرة بين يناير (كانون الثاني)، وإبريل (نيسان) 2016، في المدينة السويسرية برعاية الامم المتحدة، ووسط تصعيد للعنف كسابقاتها.
وتقصف قوات النظام منذ أيام مواقع المعارضة قرب دمشق وفي محافظة حمص (وسط)، الأمر الذي اعتبرته المعارضة "رسالة دموية" لنسف المفاوضات.
غير أنّ المفاوضات تستأنف وسط ظروف ميدانية مختلفة عن الوضع في ابريل 2016، مع استعادة قوات النظام مدينة حلب بكاملها بعدما ظل الشطر الشرقي منها لسنوات معقلا بارزًا للفصائل المعارضة للنظام. وحظي هذا الأخير في معركة حلب بدعم عسكري قوي من حليفتيه روسيا وإيران. وباتت سيطرة المعارضة تقتصر على 13 في المائة من الأراضي السورية، حسب بعض التقديرات.
وفي التغييرات الميدانية أيضًا، أصبحت تركيا الداعمة للمعارضة بحكم الواقع، طرفًا في المعارك منذ إطلاقها حملة عسكرية برية في شمال سوريا، ضد المتطرفين من جهة والاكراد من جهة أخرى. في موازاة ذلك، قامت أنقرة بتقارب مع موسكو، الحليفة الثابتة للنظام السوري لترعى معها وطهران وقفًا لاطلاق النار اعلن في أواخر ديسمبر (كانون الأول)، لكنه هش للغاية وتقطعه بانتظام خروقات واسعة، ويستمر تساقط الضحايا.
وأعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا، أنّه ليس "متوهما" بشأن المفاوضات، وذلك أثناء جلسة نقاش بشأن سوريا الاحد في مؤتمر ميونيخ للأمن. غير أنّه قال "حان الوقت لكي نحاول من جديد"، لافتا إلى أنّ الظروف تبدلت في ظل التقارب بين موسكو، حليفة دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة.
وتسعى الأمم المتحدة هذه المرة إلى جلوس الطرفين إلى طاولة واحدة، حسب مصادر دبلوماسية قريبة من المحادثات. وكان التفاوض خلال الجولات السابقة غير مباشر، إذ كان وفدا التفاوض يتوجهان إجمالا إلى الوسيط الدولي، ولا يتحادثان مباشرة.
ويرأس وفد النظام السوري السفير الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري الذي سيكون أيضا المفاوض الاساسي عن فريقه، ويرأس وفد المعارضة نصر الحريري، بينما سيكون محمد صبرا كبير المفاوضين.
ويفترض تشكيل مجموعات عمل لبحث الموضوعات الثلاثة الواردة في خارطة طريق للحل تضمنها قرار الأمم المتحدة 2254 الصادر في آخر 2015.
وذكر دي ميستورا بأن خارطة الطريق تنص على "حكومة ذات مصداقية تضم جميع الأطراف، ودستور جديد يضعه السوريون لا أطراف خارجية، وإجراء انتخابات بإشراف الأمم المتحدة، يشارك فيها اللاجئون السوريون".
ووسط كم من الموضوعات التي تحتاج إلى بحث في العمق، ترتدي مسألة "الانتقال السياسي" معنى مختلفا تمامًا لدى كل من الطرفين.
وقال أنس العبدة رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في ميونيخ "سنذهب إلى جنيف لمناقشة حل سياسي"، لكنه أكّد أنه لن يكون ممكنا تسوية أي مشكلة "طالما أن الأسد في السلطة".
ووسط هذه الهوة الشاسعة بين الطرفين، تتحول الأنظار إلى القوى الاقليمية والدولية، صاحبة النفوذ الكبير في مسألة إنهاء النزاع.
وأدى التقارب التركي - الروسي إلى تغيير المعطيات حسب دي ميستورا الذي يرى ضرورة في "دعم الواقعية السياسية عندما تسير في الاتجاه الصحيح". واعتبر مصدر دبلوماسي فرنسي من جهته، أنّ "من مصلحة روسيا الخروج من هذا النزاع الطويل، فيما تبدي إيران دعما أعمى لبشار الأسد".
لكن المجهول الأكبر يبقى موقف الولايات المتحدة من الشق السياسي في الملف السوري.
ولم يصدر عن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي طلب من البنتاغون خططا جديدة قبل نهاية فبراير (شباط)، لمكافحة تنظيم "داعش"، أي مؤشر حتى الساعة إلى المشاركة في جهود حل النزاع الذي أدّى إلى مقتل أكثر من 310 آلاف شخص ونزوح الملايين.
واكتفى الموفد الأميركي الخاص للتحالف الدولي بريت ماكغورك في ميونيخ بالقول "سنكون في غاية الأنانية في ما يتعلق بحماية مصالحنا والعمل من أجلها"، مذكرا أنّ أولوية بلاده هي "تدمير داعش".
لكن رئيس منظمة "هيومن رايتس ووتش" كينيث روث ردّ متعجبا إلى جانبه "ليكن الله في عون السوريين إن كان عليهم انتظار دونالد ترمب لطرح حل!".



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».