«يوم الرؤساء» سيئ لترمب في لندن ونيويورك

متظاهرون يهتفون تنديدًا بسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب في يوم الرؤساء بلوس أنجليس (رويترز)
متظاهرون يهتفون تنديدًا بسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب في يوم الرؤساء بلوس أنجليس (رويترز)
TT

«يوم الرؤساء» سيئ لترمب في لندن ونيويورك

متظاهرون يهتفون تنديدًا بسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب في يوم الرؤساء بلوس أنجليس (رويترز)
متظاهرون يهتفون تنديدًا بسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب في يوم الرؤساء بلوس أنجليس (رويترز)

تجمع آلاف المتظاهرين مساء أمس (الاثنين) خارج البرلمان في لندن احتجاجًا على زيارة الدولة التي يتوقع أن يقوم بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب هذا العام إلى المملكة المتحدة.
وهذه ثالث مظاهرة في لندن للاحتجاج على زيارة الرئيس الأميركي. وكانت مظاهرة أولى جمعت في 30 يناير (كانون الثاني) عشرات الآلاف من الناس، بينما شارك في المظاهرة الثانية في بداية فبراير (شباط) 10 آلاف محتج.
وتجمع المحتجون بعد ظهر الاثنين أمام البرلمان، في وسط العاصمة البريطانية.
وهتف الحشد: «هل ترمب موضع ترحيب للقيام بزيارة هنا؟ لا!»، حاملين لافتات تدعو إلى «مقاومة ترمب» و«الدفاع عن المهاجرين».
وتم تنظيم المظاهرة أمس في وقت كان فيه نواب البرلمان يبحثون خلال فترة ما بعد الظهر في زيارة الدولة هذه.
ووقع نحو 1.9 مليون شخص عريضة تدعو إلى جعلها زيارة رسمية عادية بدلاً من زيارة دولة.
ولم يخضع النقاش داخل البرلمان لأي تصويت، وبالتالي فإنه لن يكون له سوى تأثير معنوي على الحكومة.
ودان كثير من النواب العماليين ومن الحزب الوطني الاسكوتلندي سلوك الرئيس الأميركي ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي قال عنها النائب العمالي ديفيد لامي إنها «مستعدة لفعل كل شيء من أجل التوصل إلى اتفاق تجاري».
وقال النائب العمالي بول فلين إن تنظيم زيارة دولة سيقود إلى اعتقاد بأن «البرلمان البريطاني والأمة البريطانية يؤيدان دونالد ترمب»، معتبرًا أن سلوك الرئيس الأميركي «مقلق للغاية».
ورد وزير الدولة للشؤون الخارجية آلان دونكان على النواب، قائلاً إن «الزيارة يجب أن تتم، وستحصل. وعندما تحصل أعتقد أن المملكة المتحدة ستخصص استقبالاً محترمًا وسخيًا للرئيس الأميركي».
وكان مقررًا أيضًا خروج مظاهرات أخرى في أنحاء البلاد، وخصوصًا في غلاسكو حيث تجمع 300 شخص.
في الإطار ذاته، تظاهر نحو 10 آلاف شخص أمس في نيويورك، هاتفين «ترمب ليس رئيسي»، تزامنًا مع خروج مظاهرات مماثلة في مدن أميركية عدة، وذلك على هامش احتفال البلاد بـ«يوم الرؤساء».
وتجمع متظاهرون من كل الأعمار والإثنيات في ساحة كولومبوس أمام فندق ترمب الدولي وقرب سنترال بارك تعبيرًا عن استيائهم من إدارة الرئيس دونالد ترمب.
وتهدف المظاهرات إلى إظهار أن المعارضة الشعبية للرئيس الجمهوري ما زالت على زخمها بعد مرور شهر على تنصيب ترمب في 20 يناير الماضي.
واستفاد الناشطون المعارضون لترمب من مناسبة «يوم الرؤساء»، لتنظيم مظاهرات في مدن أميركية عدة، منها لوس أنجليس وشيكاغو وأتلانتا وواشنطن.
وارتدى بعض المتظاهرين سترات عليها شعارات مناهضة لترمب أو تسخر منه وتصوره كأنه طفل بين يدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقالت ريما شتراوس إحدى المتظاهرات إنه «يؤذي بلدنا، نحن سنخسر بلدنا إن لم نفعل شيئًا».
وأضافت: «ترمب لن يستمع إلينا، لكن إذا تظاهر الناس العاديون في الشوارع قد يصبح لدينا نوع من الثورة ضده، آمل ذلك».



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.