الفلسطينيون يرفضون المسارات الإقليمية وتبادل السكان

الفلسطينيون يرفضون المسارات الإقليمية وتبادل السكان
TT

الفلسطينيون يرفضون المسارات الإقليمية وتبادل السكان

الفلسطينيون يرفضون المسارات الإقليمية وتبادل السكان

وصفت السلطة الفلسطينية موقف وزير الدفاع الإسرائيلي، حول اتفاق سلام محتمل مع الفلسطينيين، بأنه تكرار ممل مرفوض. وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية، إن التصريحات والمواقف التي أطلقها وزير الحرب الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، بشأن القضية الفلسطينية، «تكرار ممل لمواقف إسرائيلية هدفها تهميش القضية الفلسطينية وإضعافها».
وأضاف المصدر، أن «ليبرمان بتصريحاته، إنما يشكك مجددًا في أولويات القضية الفلسطينية بصفتها القضية المركزية في الشرق الأوسط، عبر جملة من الادعاءات الكاذبة، في مقدمتها العودة إلى (اجترار) الموضوع الإيراني، قائلاً إن (المشكلة الرئيسة في المنطقة لا تعد حاليًا النزاع بين اليهود والفلسطينيين، ولكنها تتمثل في إيران) تارة، والترويج لما يسمى (مسارات إقليمية بديلة) لحل القضية الفلسطينية تارة أخرى».
ووصف المصدر سيل الصيغ التي يطلقها ليبرمان وأركان الائتلاف اليميني الحاكم في إسرائيل لحل القضية الفلسطينية، بأنها عبارة عن «فقاعات وهمية»، الهدف منها كسب مزيد من الوقت، للإجهاز على ما تبقى من الأرض الفلسطينية وحل الدولتين.
وأكد المصدر المسؤول، أن «القيادة الفلسطينية واعية كل الوعي لما يحاول نتنياهو وأركان ائتلافه الحاكم تسويقه للرأي العام، بهدف خلط الأوراق وإعادة ترتيب الأولويات في المنطقة، لصالح المشروع الاستيطاني التوسعي، مستغلين في ذلك ضبابية الموقف الأميركي تجاه الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني». وأضاف المصدر أن «جميع الحلول والصيغ التي تنتقص من الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني مصيرها الفشل». وتابع أن «الدبلوماسية الفلسطينية ستواصل تحركها بشكل حثيث على المستويات كافة، لتوضيح الأبعاد والتداعيات الخطيرة لما تحاول حكومة نتنياهو الترويج له، وهي ماضية في مساعيها لتشكيل جبهة دولية عريضة لحماية حل الدولتين، وقطع الطريق على محاولات إسرائيل لتفريغ هذا الحل من مضمونه الحقيقي». وكان المصدر الفلسطيني يرد على تصريحات لليبرمان، كرر فيها موقفه من الحل مع الفلسطينيين، قائلاً إن هناك «حاجة لدفع عملية حل الدولتَين قدمًا». وأضاف ليبرمان أنه «يجب دفع حل الدولتين قدمًا، من خلال تبادُل الأراضي والسكان».
واعتبر الفلسطينيين وحدهم، غير قادرين على توقيع اتفاق مع إسرائيل، لأن ذلك يتطلب تدخلاً إقليميًا.
وشدد ليبرمان على أنه يجب الانفصال عن الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية، وكذلك عن الفلسطينيين الذي يعيشون ضمن حدود 67، في إشارة إلى المواطنين العرب في الداخل (عرب 48).
وقال ليبرمان إنه «ما من سبب بأن يبقى مواطنو مدينة أم الفحم العربية، الذين يعتبرون أنفسهم فلسطينيين، مواطنين في دولة إسرائيل».
وأضاف أن «المبدأ الأساسي للتوصل إلى تسوية هو تبادل الأراضي والسكان، وليس الأرض مقابل السلام».
وحسب قول ليبرمان، فمن الضروري أن يكون الاتفاق الإسرائيلي - الفلسطيني عبارة عن بند واحد من بنود السلام الإقليمي بين إسرائيل والعالم العربي المعتدل.
ويرفض الفلسطينيون مبدأ ليبرمان، ويقولون إن مبدأ تبادل الأرض يتم بالقيمة والمثل وبمساحة محدودة للغاية، لا تؤثر على الدولة الفلسطينية وتواصلها ولا على العرب في الداخل.
ورفض مبدأ حل الدولتين مع تبادل سكاني، جاء في وقت رفضت فيه السلطة كذلك، مبدأ حل الدولة الواحدة.
وقال وزير الخارجية رياض المالكي، إن حل الدولة الواحدة مرفوض.
وأضاف أمس أثناء لقائه وفد لجنة فلسطين في البرلمان الأوروبي في رام الله: «كيف سيتحقق مبدأ حل الدولة الواحدة، من خلال ابتلاع مزيد من الأرض الفلسطينية، وإقامة المستوطنات غير الشرعية على الأراضي المحتلة عام 1967، ضاربة بعرض الحائط القرارات والمواثيق الدولية الداعية لحماية مبدأ حل الدولتين؟ كيف سيتحقق في ظل سياسة فصل عنصري؟ وما الطريقة التي ستقوم بها الحكومة الإسرائيلية بمعاملة الشعب الفلسطيني؟».
وتطرق المالكي إلى الخطوات الإسرائيلية التي يقوم بها رئيس وزراء حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، على الصعيد الإقليمي، من خلال إقامة علاقات مع الحكومات العربية، معتقدًا أن هذا الأمر سيلزم الفلسطينيين لاحقًا، بالدخول في مفاوضات سلام مع الجانب الإسرائيلي.
وحذر المالكي من الأساليب الملتوية للسياسة الإسرائيلية، التي تريد أن تثبت للعالم، أن الفلسطينيين وحدهم من يتحملون مسؤولية فشل المفاوضات ورفض أي حل مستقبلي.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.