توتر بين طهران وأنقرة

الخارجية الإيرانية تستدعي السفير التركي ... ويلدريم مستاء من «الطائفية»

توتر بين طهران وأنقرة
TT

توتر بين طهران وأنقرة

توتر بين طهران وأنقرة

غداة موقف دولي موحد من السلوك الإيراني في المنطقة استدعت الخارجية الإيرانية السفير التركي في طهران، وسلمته مذكرة احتجاج على ما قالت إنها تصريحات «غير بناءة» أدلى بها كل من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو خلال الأيام القليلة الماضية، وذلك بعد ساعات من تصريحات المتحدث باسم الخارجية الإيراني بهرام قاسمي الذي قال خلال مؤتمره الصحافي أمس: «لصبر بلاده تجاه أنقرة حدود».
وأعلنت الخارجية الإيرانية أمس، أن مساعد وزير الخارجية الإيراني إبراهيم رحيم بور سلم السفير التركي في طهران رضا هاكان تكين مذكرة احتجاج بعد استدعائه إلى مقر الخارجية الإيرانية، ردا على ما قال إنها «تصريحات غير بناءة» أدلى بها إردوغان لدى زيارته للسعودية وقطر والبحرين، وتصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو حول إيران.
وبدا لافتا تصاعد التوتر بين أنقرة وطهران على خلفية التباين في وجهات النظر والمواقف بشأن الملف السوري في تصريحات وزير خارجية تركيا مولود جاويش أغلو في مؤتمر ميونيخ، الأحد الماضي، التي قال فيها إن إيران تلعب دورا في غير صالح الاستقرار والأمن بالمنطقة، وتسعى لنشر التشيع والمذهبية في سوريا والعراق، كما وجه انتقادات لاذعة إلى سياسة إيران «الطائفية الهادفة لتقويض البحرين والسعودية».
سبق استدعاء السفير التركي بساعات هجوم المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي خلال المؤتمر الصحافي، واتهم قاسمي تركيا بمحاولة تصدير مشكلات داخلية تواجهها أنقرة بعد الانقلاب.
وقال قاسمي بشأن التوتر الإيراني التركي «إنهم جيراننا. تلقوا مساعدات كثيرة منا بعد الانقلاب، لكن الوضع المتوتر وعدم الاستقرار في تركيا تسبب في سلوك غير متعارف من السياسيين الأتراك، ربما لم يفكروا في عواقب تلك التصريحات».
وعزا قاسمي الموقف التركي من طهران إلى «غضب المسؤولين الأتراك ومحاولات الهروب إلى الأمام»، بسبب ما قال إنها «السياسة الخاطئة التي كانت وراء توريط تركيا في دوامة المشكلات»، مشددا على أن المسؤولين الأتراك «يريدون التغطية على مشكلاتهم من خلال إثارة تلك القضايا». وأضاف أن بلاده «ستصبر حول تركيا، لكن الصبر له حدود»، مضيفا أن «طهران تأمل أن يكون لهذا الموقف التركي نهاية».
وتخشى طهران من توجه جديد تقوده الإدارة الأميركية ضد سياساتها في المنطقة خصوصا في العراق وسوريا، وذلك في حين تعتبر نفوذها الحالي أعاد توازن القوى في غرب آسيا.
في المقابل، واصل رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم انتقادات شديدة اللهجة ضد السلوك الإيراني، وقال إن «إيران ليست وحدها التي تشكل تهديدا في المنطقة، فهناك دول أخرى. الهدف ألا تحقق دولة ما نفوذا في سوريا أو العراق. الهدف لا بد أن يكون التوصل إلى حل يكفل أن يختار السوريون مصيرهم وأن يشكلوا حكومتهم».
وتابع يلدريم أن «إيران جارتنا التاريخية شهدت علاقاتنا كثيرا من التقلبات، ولكن نحن مستاءون من إحدى المسائل هنا، في حال تم التركيز على (المذهب) سيترتب على الأمر الكثير من الأضرار. لقد أودت الحروب المذهبية بحياة 12 مليون شخص في ألمانيا».
ولفت يلدريم إلى أن «السعودية ودول الخليج أيضا منزعجة من الأمر، ولديها حساسيات تتعلق بالجوانب الأمنية»، إلا أن «إيران دولة لديها تقاليد متجذرة، وننتظر منها إسهامات بناءة بخصوص المنطقة، لكننا سنشعر بالقلق في حال قيامها بأمور من قبيل توسيع مجال نفوذها».
لكن قاسمي أمس قال إن بلاده ستواصل «سياساتها البناءة بهدف السلام والأمن في المنطقة»، مشددا على أنها «لن تكون المبادرة على قلة الأخلاق والتوتر الأمني»، مضيفا أنه يأمل «بأن تفكر الجهات التي تطلق تصريحات غير ناضجة بنتائج المواقف»، حسب تعبيره.
كما تناول قاسمي مشاركة بلاده مع تركيا على طاولة المفاوضات التي تجري بين المعارضة السورية ونظام بشار الأسد، وقال قاسمي إن مشاركة بلاده في مفاوضات آستانة حول سوريا «لا تعني الموقف الموحد بين الثلاثي التركي والروسي والإيراني تجاه الوضع في سوريا»، معتبرا «ذلك موقفا خاطئا يزيد من تعقيد الأمور في سوريا وهو ما تعارضه إيران»، على حد قوله.
وأفاد قاسمي بأن إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا لا تعارض التزامات الدول في آستانة. وقال قاسمي إن بلاده تعارض أي تغيير في الخرائط وتقسيم الدول، وأنها تعتبره مضرا لكل دول المنطقة، مضيفا أن إيران تحاول منع حدوثه في العراق وسوريا. واعتبر قاسمي ما يتردد عن «سايكس بيكو» جديد في المنطقة لا يتجاوز كونه قضية «نظرية».
وتعد المرة الثانية خلال يومين التي يهاجم فيها قاسمي تركيا. وكان أول من أمس اتهم أنقرة بالسعي لإقامة إمبراطورية عبر تدخلات غير مشروعة وغير قانونية. كما اتهمها بدعم منظمات إرهابية والتورط في سفك الدماء وزعزعة استقرار المنطقة. كما حمل تركيا مسؤولية عدم الاستقرار في المنطقة والسعي للتهرب من الدوامة التي تسببها بها أنقرة. كذلك، إنها المرة الأولى التي تخرج فيها الخلافات للعلن بعدما تبادل وزيري الخارجية الزيارة منذ الصيف الماضي، وحاول الجانبان أن يوجها رسالة حول التفاهم تجاه الوضع الداخلي في سوريا، لكن مع اشتعال معركة حلب الأخيرة عاد الحديث حول الخلافات، وبدورها طهران حاولت أن تقلل من أهمية تلك الخلافات خلال توجه البلدين وروسيا إلى مفاوضات مباشرة حول سوريا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».