الحياة تعود إلى مدينة معان بعد انسحاب قوات الأمن الأردنية من أحيائها

وزير الداخلية أكد أن الشرطة لا تستهدف إلا «الخارجين عن القانون»

الحياة تعود إلى مدينة معان بعد انسحاب قوات الأمن الأردنية من أحيائها
TT

الحياة تعود إلى مدينة معان بعد انسحاب قوات الأمن الأردنية من أحيائها

الحياة تعود إلى مدينة معان بعد انسحاب قوات الأمن الأردنية من أحيائها

عاد الهدوء إلى مدينة معان (جنوب الأردن)، أمس، ولم تسجل أي حالات اعتداء على الممتلكات وذلك بعد وساطة عدد من وجهاء المدينة وشخصيات أردنية تدخلت لوقف أعمال العنف والشغب الذي اندلع في المدينة منذ مساء الثلاثاء الماضي على خلفية مقتل شاب على أيدي عناصر الدرك الأردني.
وأكد شهود عيان أن قوات الدرك انسحبت من أحياء مدينة معان وتمركزت خارجها لمنع الاحتكاك، فيما فتحت الدوائر الرسمية والحكومية أبوابها أمام المواطنين وعاد طلبة المدارس إلى مقاعد الدراسة بعد عطلة إجبارية امتدت منذ الثلاثاء.
وأضاف شهود العيان أنه لم تسجل خلال ليلة أمس أي عملية لتبادل إطلاق النيران بين الملثمين وقوات الأمن، فيما أزالت أجهزة بلدية معان مخلفات الحرائق والتكسير والدمار التي لحقت ببعض المؤسسات الحكومية والمحال التجارية.
وفي إفادته أمام مجلس النواب الأردني أمس، قال وزير الداخلية حسين المجالي إن «الحملة الأمنية في مدينة معان لا تستهدف أهالي معان الشرفاء، إنما تستهدف 19 مطلوبا للعدالة، وجاءت إثر إصابة خمسة من أفراد الدرك أمام محكمة معان».
وأضاف المجالي قائلا أمام النواب: «الأجهزة الأمنية لم تستهدف أي شخص بفكره السياسي أو العقائدي أو أي تجمع أهلي، والمطلوب هم الخارجون عن القانون». وقال إن «الوضع في معان، بفعل الخيرين من أبناء المحافظة وسواها، مستتب وعادت الحياة إلى طبيعتها».
وبين في رده على عدد من مداخلات النواب أن «الدولة الأردنية ليست عاجزة عن جلب المطلوبين على قضايا جرمية، إذ ألقت الأجهزة الأمنية القبض على 158 مطلوبا وتبقى 19 شخصا فقط».
وتشهد مدينة المعان، ذات التركيبة العشائرية، مواجهات مع السلطات بين الحين والآخر جراء تدني الخدمات وتفشي البطالة.
وحذر النائب بسام المناصير من تكرار سيناريو مدينة درعا السورية التي تفجرت فيها الثورة إثر تجاهل محافظها مطالب بعض الأهالي بإطلاق سراح أبنائهم الذين اعتقلتهم قوات الأمن السورية. وقال المناصير: «هناك محافظ في مدينة درعا ارتكب حماقة بسوريا وأدخلها في العصور الوسطى، وعلى الجميع تحمل المسؤولية في التعامل مع قضية معان».
وأكد خلال الجلسة أن طريقة علاج القضية فاقمت المشكلة أكثر، منتقدا حديث الوزير المجالي، وتسائل: «كيف تعجز الحكومة خلال عام عن إلقاء القبض على 20 شخصا؟». وتابع: «إن المجالي يتحدث وكأنه شريك في الحكم، ولا بد من معالجة الأزمة بطريقة غير تلك التي يتحدث بها المجالي».
من ناحيته، قال النائب أمجد آل خطاب إن «ملف معان ما زال مفتوحا منذ عام 1989، وإن المدينة تعرضت لصورة مشوهة ومقصودة، والبعض صورها مدينة خارجة عن القانون، إلا أن الأجهزة الأمنية والحكومة أغلقت ذلك الحديث»، مؤكدا أن «أهالي معان يريدون الأمان لمدينتهم». وأضاف أن «الأجهزة الأمنية تسببت بسقوط الدم في معان، ولفت إلى أن المدينة فقدت تسعة من أبنائها منذ سنة».
من جانبه، عبر حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، عن «بالغ أسفه لما آلت إليه الأمور في مدينة معان». وأكد على «تحريم دم الأردنيين، مواطنين ورجال أمن، وعلى أهمية تعزيز الأمن وسيادة القانون». وقال إن «الحل الأمني لم يفلح يوما في معالجة المشكلات، فمشكلة معان ومثيلاتها وإن بدرجات متفاوتة ليست وليدة الساعة، ولكنها محصلة أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية طالما حذر الحزب منها».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.