القبض على أكثر من 16 ألف مخالف للإقامة في السعودية خلال يومين

الحملة التفتيشية تصعد المطالبة بمراقبة الحوالات المالية للعمالة المخالفة قبل ترحيلها

القبض على أكثر من 16 ألف مخالف للإقامة في السعودية خلال يومين
TT

القبض على أكثر من 16 ألف مخالف للإقامة في السعودية خلال يومين

القبض على أكثر من 16 ألف مخالف للإقامة في السعودية خلال يومين

استمرت حالة الترقب والحذر في عدد كبير من مناطق المملكة لليوم الثاني على التوالي للحملات الأمنية التفتيشية على مخالفي نظام الإقامة، التي أعلنت عن إطلاقها السلطات السعودية بعد انتهاء المهلة التصحيحية للمخالفين، للقبض على مخالفي الإقامة والعمل، والتي أسفرت عن القبض على 16487 مخالفا، بينهم امرأتان في 7 مناطق في السعودية، خلال يومين.
واحتلت منطقة جازان النسبة الأعلى في معدل المقبوض عليهم؛ حيث بلغ عدد المخالفين بها 7 آلاف مخالف، تلتها منطقة مكة المكرمة بـ5 آلاف مخالف، ثم نجران بـ1187 مخالفا، فيما أتت العاصمة الرياض في المرتبة الثالثة في عدد المقبوض عليهم من المخالفين بواقع 818 مخالفا، ومن ثم منطقة المدينة المنورة بـ720 مخالفا، كما قبض في منطقة القصيم على 297 مخالفا، وحائل 201 مخالفا، وتركزت الحملة التي قامت بمنطقة مكة المكرمة في الأماكن العامة؛ مما أسفر عن القبض على 5 مخالفين.
وفي العاصمة الرياض، تولى الأمير تركي بن عبد الله، نائب أمير منطقة الرياض، الإشراف الميداني بنفسه على الحملة التي انطلقت فجر أمس بحي المنفوحة للقبض على مخالفي أنظمة الإقامة والعمل بعد انتهاء المهلة التصحيحية.
وأوضحت مصادر أن هناك عددا من المخالفين قبض عليهم ووجدت معهم أسلحة بيضاء، وبعضهم في حالة سكر، فيما قبض على امرأتين مخالفتين لنظام الإقامة في الرياض. وفي جازان قبض على أكثر من 7 آلاف مخالف بمنفذ «الطوال» في منطقة جازان أثناء تجمعهم.
ورصدت «الشرق الأوسط» في جولتها الميدانية بالعاصمة الرياض عددا من المحال التي أغلقت أبوابها بسبب عدم اكتمال تصحيح أوضاع العمالة، وبعضها الآخر ولى هاربا وترك المحل خوفا من القبض عليه وتطبيق الإجراءات النظامية بحقه، التي تصل إلى حد الترحيل من البلاد.
كما لاحظت «الشرق الأوسط» في جولتها لوحة تكرر وضعها في أكثر من محل مكتوب عليها «للتقبيل» بسبب عدم وجود عمالة؛ الأمر الذي سيوفر عددا كبيرا من فرص العمل للشباب السعودي في مجالات عدة، بداية من المطاعم، وانتهاء بمحال الإلكترونيات وأجهزة الجوال.
وعلى مدى العامين الماضيين، أطلقت وزارة العمل عددا من البرامج الرامية إلى إصلاح سوق العمل، ورفع نسبة السعوديين العاملين في القطاع الخاص، بأن عدلت نظام حصص التوظيف القائم في القطاع الخاص، وفرضت غرامات على الشركات التي تعين عددا من المغتربين أكثر من عدد موظفيها السعوديين.
وحسب إحصاءات رسمية، فإن معدل البطالة في المملكة يقدر بـ12 في المائة، بينما يمثل الوافدون 55 في المائة من إجمالي القوة العاملة البالغة نحو 11 مليون عامل.
وعلى مدى الأسابيع الماضية، أصدرت وزارة العمل وجهات حكومية أخرى تحذيرات متكررة في وسائل الإعلام وعبر رسائل نصية تلقتها هواتف المواطنين والمقيمين، ناشدت فيها المخالفين سرعة تصحيح أوضاعهم لتفادي الإجراءات الحاسمة المرتقبة التي تصل إلى الترحيل من البلاد للمخالفين، وإلى السجن عامين والغرامة بحد أقصى 100 ألف ريال للمتسترين عليهم.
يشار إلى أن ثماني جهات تشارك في الحملات الأمنية لضبط مخالفي نظامي العمل والإقامة، التي تضم: الضبط الإداري، الدوريات الأمنية، الأمن الوقائي، البحث الجنائي، قوات الطوارئ، بالإضافة إلى أمن المهمات، أمن الطرق، المرور، ولجان التوطين في إمارات المناطق.
الحملة التفتيشية تصعد المطالبة بمراقبة الحوالات المالية للعمالة المخالفة قبل ترحيلها.
على صعيد آخر يتناول المجتمع المحلي والمقيمون في السعودية هذه الأيام عددا من الرسائل التحذيرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي جاءت فور انتهاء المهلة التصحيحية لمسار سوق العمل في البلاد التي بدأت أول من أمس، والتي تضمنت اختلاسات كبيرة لبعض المواطنين والمقيمين من قبل محال وعمالة غير نظامية يعملون لحسابهم الخاص، في الوقت الذي هم فيه مهددون بالإغلاق أو المغادرة لعدم قانونيتهم أو قانونية مؤسساتهم التجارية، ولم يستطيعوا تصحيح أوضاعهم.
وركزت هذه التحذيرات التي جاءت على لسان قانونيين على عدم التعامل مع المؤسسات والمحال التجارية المشكوك في نظاميتها، والتي غالبا ما تكون مراكز لصيانة السيارات أو صيانة الأجهزة المنزلية أو مواد البناء والدهان وأعمال الألمنيوم والحديد والسباكة والكهرباء، وعدم الدفع بعربون كبير مقدما، والتحري عن الشركات والمؤسسات الأكثر أمانا، والتأكد من ذلك من خلال إيداع المبالغ في حساب المؤسسة البنكية، بحكم أن الحسابات التجارية لا يجري فتحها إلا لمؤسسات نظامية وقانونية مصرح لها بمزاولة أنشطتها التجارية في السوق السعودية.
من جهته، أفصح لـ«الشرق الأوسط» الدكتور فهد العنزي، عضو مجلس الشورى الحالي وعميد كلية الحقوق سابقا، عن تأييده لتلك التحذيرات التي جاءت بالتزامن مع أول أيام الحملات التفتيشية لمخالفي سوق العمل، معتبرا أن العمالة الموجودة الآن والمحال التجارية المخالفة قد يكون بينهم ضعاف نفوس يمارسون عمليات النصب والاحتيال لنيل أكبر قدر ممكن من الأموال السائلة التي يجري دفعها كمقدم أو عربون، خصوصا الأعمال التي يقوم بها مندوبو التسويق في بعض الشركات المخالفة؛ حيث يقوم العميل نفسه بتسليمهم الأموال بحسن نية، ثم بعد ذلك يفاجأ بالقبض على هذا المندوب وتسفيره دون تحصيل المبالغ المترتبة على أي عملية تجارية بين الطرفين، مفيدا بأن المخالفين يقومون بذلك ليقينهم بعدم قدرة الطرف الأول على الوصول إليهم بعد تحويل أموالهم السائلة بطرق نظامية من قبلهم، وبالتالي تسفيرهم بعد إلقاء القبض عليهم مباشرة دون تحصيل ما عليهم من مديونيات.
وأشار عضو مجلس الشورى إلى صعوبة تتبع السجل المالي للعامل المخالف قبل تسفيره من قبل الجهات المختصة، وذلك لقيامهم بتحويل أموالهم بطريقة نظامية من قبل بعض العمالة غير المخالفة، بالإضافة إلى بعض المواطنين ضعاف النفوس الذين يقومون بتحويل أموال المخالفين عبر حساباتهم الشخصية بنسبة ربح معينة، مبينا أن أكثر عمليات النصب تتمثل في أعمال المقاولات والعمالة المخالفة من المقاولين الذين يتصرفون في هذه الأموال بعد الحصول عليها من المتضرر الأول، وهو المواطن الذي قام بدفع المبلغ بحسن نية.
وأكد عضو مجلس الشورى أن الخطر المقبل يأتي بعد تسفير العمالة المخالفة، وما يترتب عليه من ضياع حقوق الآخرين، ومن هنا جاء التحذير، حسب وصفه، مشددا على أهمية التعامل مع المؤسسات القائمة الموثوقة، وتسليمهم المبالغ بعد التحقق من هوية المستلم ووضع مؤسسته، وعدم التعامل مع العمالة الفردية المخالفة؛ لأن هروبهم أو تسليم أنفسهم شيء محقق، ولكن بعد أن يقوموا بتهريب أموالهم خارج البلاد.
وقال: «لا بد من الحذر أثناء تنظيف السوق؛ لأن هناك جانبا أمنيا مهما، خصوصا من ناحية ارتفاع قضايا السرقات والنصب والاحتيال من قبل العمالة التي تعرف أن وجودها مؤقت، في الوقت الذي تطمع فيه تلك العمالة في قدر أكبر من الأموال قبل تسفيرهم بشكل إجباري».
ودعا الجهات الأمنية إلى الحذر من لجوء هذه العمالة للسرقات خلال هذه الفترة لتحقيق مزيد من الأموال قبل القبض عليهم، مؤكدا أن مجلس الشورى يراقب الحملة عن كثب ويؤيدها؛ لما لها من مردود اقتصادي مهم، تعزيزا لفرص العمل على المستوى المحلي.
وفي سياق متصل، أكد حطاب العنزي، المتحدث الرسمي لوزارة العمل، في اتصال أجرته «الشرق الأوسط» سير الأعمال التفتيشية في مسارها الصحيح بيومها الأول، وأن طريق التصحيح سيكون طويلا، معتبرا أن الأصل هو التمسك بالنظام من قبل المنتمين إلى سوق العمل، وأن النظام سيجري تطبيقه على أرض الواقع وفق أنظمة البلاد بالتنسيق المباشر مع وزارة الداخلية التي نرفع إليها ملفات المخالفات، وبالتالي تقوم الجهات المختصة بتطبيق العقوبة بشكل عادل.
من جهة أخرى، شهدت المدن السعودية يوم أمس يوما ثانيا من الحملة التفتيشية التي تقوم بها وزارتا «الداخلية» و«العمل» بحثا عن العمالة المخالفة، فيما أكدت مصادر مسؤولة لـ«الشرق الأوسط» أن توجه أعضاء التفتيش سيكون للمنشآت والمواقع التي تتصدر معدلات العمالة المخالفة، وسط تأكيدات على أن الحملة انطلقت أول من أمس ومستمرة وليست محددة بجدول زمني.

جانب من الحملة الأمنية التي تنفذها الجهات الأمنية في العاصمة الرياض (تصوير: خالد الخميس)



السعودية: غياب «المساءلة والعقاب» يشجع إسرائيل على التصعيد

السعودية: غياب «المساءلة والعقاب» يشجع إسرائيل على التصعيد
TT

السعودية: غياب «المساءلة والعقاب» يشجع إسرائيل على التصعيد

السعودية: غياب «المساءلة والعقاب» يشجع إسرائيل على التصعيد

أكدت السعودية، اليوم، أن غياب المساءلة والعقاب رغم استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، يشجعها على التصعيد، وينذر بعواقب خطيرة، وتوسيع رقعة العنف والحروب، والمزيد من التهديد لأمن المنطقة واستقرارها.

وجددت المملكة في كلمة ألقاها الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية، في الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة والسبعين المنعقدة في نيويورك، رفضها وإدانتها لجميع الجرائم الإسرائيلية الشنيعة المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أن «الجرائم الأخيرة المرتكبة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة، ما هي إلا فصل من فصول معاناة هذا الشعب الشقيق،

وفي ما يلي نص الكلمة:

نود في البداية أن نهنئ معالي السيد فليمون يانغ لانتخابه رئيسًا للدورة (التاسعة والسبعين) للجمعية العامة للأمم المتحدة، ونشكر معالي السيد دينيس فرانسيس على جهوده المبذولة خلال رئاسته للدورة السابقة.

كما نعرب في هذه المناسبة عن بالغ الشكر والتقدير لمعالي الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش على جهوده الدؤوبة في تحقيق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأهدافها.

السيد الرئيس

حرصت المملكة العربية السعودية منذ مشاركتها في تأسيس هذه المنظمة، على بذل كل جهد ممكن في سبيل ترجمة ميثاق الأمم المتحدة إلى واقع ملموس، عبر ترسيخ احترام القانون الدولي، وحفظ الأمن والسلم الدوليين، ودعم قنوات العمل الدولي متعدد الأطراف في جميع المجالات.

وفي هذا الإطار، شاركت المملكة بفاعلية في صياغة ميثاق المستقبل الذي اعتمده قادة العالم هذا الأسبوع، حيث تعد المملكة "الميثاق" و "قمة المستقبل" فرصة لإعادة تأكيد المبادئ المشتركة، وتعزيز التعاون لمواجهة التحديات، وتحقيق الأمن والسلم، ودعم التنمية المستدامة للأجيال القادمة، وتحرص المملكة على تفعيل دور المؤسسات المالية الدولية لضمان استمرار التعافي الاقتصادي والحد من المخاطر.

السيد الرئيس

يشهد عالمنا اليوم العديد من الأزمات التي تفاقمت بسبب الاكتفاء بإدارة تلك الأزمات دون إيجاد حلول عملية لمعالجتها، ويعود ذلك إلى تراخي الجهود الدولية الفاعلة، والانتقائية في تطبيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وقد أسفر ذلك عن توسع دائرة العنف والصراعات، وتهديد مبادئ الشرعية الدولية، وذلك يحتم علينا الالتزام بالمبادئ والأسس التي وضعها ميثاق الأمم المتحدة، والعمل المشترك والجاد للتركيز على الحلول السلمية طويلة الأمد التي تضمن حماية المدنيين، وتنهي القتال والحروب، وتوفر الأمن والنماء إقليميًا ودوليًا، وفي ظل التوترات القائمة بين الدول، تأخذ المملكة بنهج النأي عن الاستقطاب السياسي في المجتمع الدولي، وتسعى لتعزيز الحوار والتفاهم والتقارب بين الدول بما يعزز الأمن والسلام العالمي.

وفي هذا الصدد؛ تجدد المملكة رفضها وإدانتها لجميع الجرائم الإسرائيلية الشنيعة المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني الشقيق، وما الجرائم الأخيرة المرتكبة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة إلا فصل من فصول معاناة هذا الشعب الشقيق، الذي استمرت معاناته على مدار عقود من الزمن، فأودت الممارسات الوحشية الإسرائيلية منذ العام الماضي بحياة عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال، جراء قصف وقتل وتدمير وتجويع ممنهج، وسط كارثة إنسانية كبرى، تتفاقم يوما بعد يوم.

وانطلاقًا من رفضنا القاطع لهذا الواقع المرير، وضرورة التحرك لإنهائه، استضافت المملكة القمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية في الرياض، بتاريخ 11 نوفمبر 2023م بحضور قادة دول وحكومات الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وصدرت عن القمة قرارات تمثل إرادة الشعوب العربية والإسلامية جميعًا، ودعت إلى حقن الدماء وإيصال المساعدات دون قيود، وتحقيق مطالب الشعب الفلسطيني الشقيق المشروعة باستعادة أراضيه المحتلة وإقامة دولته المستقلة.

وترأست المملكة اللجنة الوزارية التي كلفتها القمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية بالقيام بزيارات لعدد من الدول؛ من أجل دعوة المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته، ووقف العدوان الإسرائيلي وحماية المدنيين.

ومن هذا المنطلق؛ ترحب المملكة بتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10 مايو 2024م، قرارًا يتضمن أن دولة فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة، كما ترحب بالقرار الإيجابي الذي اتخذته كل من مملكة النرويج، ومملكة إسبانيا، وجمهورية إيرلندا، وجمهورية سلوفينيا، وجمهورية أرمينيا باعترافهم بدولة فلسطين الشقيقة، وتدعو بقية الدول إلى المضي قدما بالاعتراف الثنائي، واستشعارا بمسؤوليتنا المشتركة للتحرك الجاد في سبيل تجسيد الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، فقد أعلنت المملكة مع شركائها أعضاء اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية المشتركة، ومملكة النرويج، والاتحاد الأوروبي، عن إطلاق التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، وندعو الجميع إلى الانضمام لهذا التحالف.

السيد الرئيس

لقد قدمت المملكة أكثر من (5) مليارات دولار أمريكي من المساعدات للشعب الفلسطيني الشقيق، ومنذ بداية الأزمة الراهنة في قطاع غزة، قدمت المملكة من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مساعدات إغاثية وإنسانية تقارب (185) مليون دولار أمريكي، وتم التوقيع على اتفاقيات مع عدد من المنظمات الأممية والدولية الإنسانية لتنفيذ مشاريع إنسانية، بمبلغ يزيد على (106) ملايين دولار أمريكي، وسوف تستمر المملكة في دعم وكالة (الأونروا) لتمكينها من تقديم خدماتها الإغاثية وتوفير الغذاء والدواء والاحتياجات الإنسانية للأشقاء اللاجئين الفلسطينيين، حيث بلغ إجمالي دعم المملكة لوكالة الأونروا ما يزيد على (مليار) دولار أمريكي.
وترحب المملكة بالرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن سياسات وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتأكيدها عدم قانونية الوجود الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ (57) عامًا، وتؤكد المملكة ضرورة القيام بخطوات عملية وذات مصداقية للوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية مبني على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، بما يكفل حق الشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.

إن غياب المساءلة والعقاب رغم استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، يشجعها على التصعيد، هذا التصعيد لن يحقق الأمن والاستقرار لأي طرف، وينذر بعواقب خطيرة، وتوسيع رقعة العنف والحروب، والمزيد من التهديد لأمن المنطقة واستقرارها

تؤكد المملكة على ضرورة الحفاظ على استقرار لبنان، واحترام سيادته، بما يتوافق مع القانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وهي تنضم إلى الجهود الدولية الهادفة إلى ترسيخ وقف فوري لإطلاق النار بما يتيح المجال للتوصل إلى تسوية دبلوماسية مستدامة. كما ندعو جميع الأطراف للتحلي بالحكمة وأقصى درجات ضبط النفس لتجنيب المنطقة وشعوبها مخاطر الحروب ومآسيها.

السيد الرئيس

لقد اتخذت المملكة خطوات واضحة للدفع نحو التهدئة والتنمية على الصعيد الإقليمي، حيث تم الاتفاق مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين على أساس احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، واحترام ميثاقي الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، بما ينعكس إيجابًا على ترسيخ الأمن والاستقرار، ودفع عجلة التنمية والازدهار الإقليمي، ونتطلع إلى تعاونها مع المجتمع الدولي فيما يخص البرنامج النووي والصواريخ الباليستية، كما استأنفت المملكة علاقاتها الدبلوماسية مع الجمهورية العربية السورية؛ لتعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين الشقيقين بشأن القضايا المشتركة، إيمانا من المملكة بأن حل الأزمة السورية سيسهم في تنمية واستقرار المنطقة، مع تأكيد أهمية الحفاظ على وحدة سوريا وأمنها واستقرارها وسلامة أراضيها، بما يحقق الخير لشعبها الشقيق.

إن المملكة حريصة على عودة السلام إلى اليمن الشقيق، وتدعم جميع الجهود الرامية إلى حل الأزمة ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني الشقيق، والدفع نحو الوصول إلى حلول سياسية لإعادة الأمن والاستقرار إلى اليمن والمنطقة، وتجدد تأكيد مبادرتها لإنهاء الحرب في اليمن، والتوصل إلى حل سياسي شامل.
وفي ظل ما تشهده منطقة البحر الأحمر من توترات تمس أمن وسلامة ممرات الملاحة الدولية والتجارة العالمية، فإن المملكة تجدد دعوتها إلى التحلي بالحكمة وتجنب التصعيد، وتعزيز الجهود المشتركة للمحافظة على أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر التي تعد حرية الملاحة البحرية فيها مطلبًا دوليًا يمس مصالح العالم أجمع.
وفي الشأن السوداني، تؤكد المملكة مواقفها الثابتة بشأن الحفاظ على أمن السودان وسلامته واستقراره، وتماسك الدولة ومؤسساتها ومنع انهيارها، ومساندته في مواجهة تطورات وتداعيات الأزمة الحالية، وقد استضافت المملكة محادثات السلام السودانية في محافظة جدة؛ لتأكيد ضرورة التهدئة، ووقف العمليات العسكرية، وإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية، ويجري العمل على استئناف محادثات جدة 3 لهذا الغرض.

وتؤكد المملكة حرصها على أمن واستقرار أفغانستان ووحدة أراضيه، وأنه لا يمكن أن تعيش أفغانستان بمعزل عن محيطها الإقليمي والدولي، خاصة في ظل الخطر الذي يشكله بقاء الجماعات الإرهابية في أفغانستان، ونؤكد أهمية الحد من تدهور الأوضاع الإنسانية والأمنية والاقتصادية، الذي يمنح الفرصة للجماعات والميليشيات المتطرفة لتعزيز وجودها في أفغانستان، ونؤكد أن الاستقرار الاقتصادي والتنموي لا يتحقق إلا في بيئة يسودها استقرار سياسي واجتماعي.

وفيما يخص الأزمة الروسية - الأوكرانية؛ تجدد المملكة دعوتها إلى إنهاء الأزمة، والحد من آثارها وانعكاساتها السلبية على أمن العالم واستقراره، وقد بذل صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظه الله - مساعيه الحميدة للإفراج عن عدد من الأسرى من جنسيات مختلفة، واستضافت المملكة في العام الماضي اجتماعًا لمستشاري الأمن الوطني وممثلين لما يزيد على (40) دولة ومنظمة دولية، وتؤكد المملكة ضرورة بذل جميع الجهود الممكنة في سبيل إنهاء الأزمة، وحل الخلافات سلميًا، واحترام مبادئ القانون الدولي، والسعي لحفظ أمن ومصالح الجميع، كما تؤكد المملكة استعدادها للاستمرار في بذل جهود الوساطة بين طرفي الأزمة.
السيد الرئيس

إن المملكة من واقع رؤيتها 2030 تهدف إلى تلبية تطلعات الأجيال المقبلة، وتمكين المرأة والشباب، وتنمية الإبداع والابتكار، وترسيخ قيم التسامح، ومد جسور التواصل مع العالم، وتهدف من خلال نهجها التنموي إلى تحقيق نهضة شاملة ومستدامة، تركز على الإنسان، بما يحفظ حقوقه، ويعزز كرامته، ويلبي تطلعاته.

السيد الرئيس

تلتزم المملكة في مجال الطاقة بتحقيق التوازن بين ثلاث ركائز هي: أمن الطاقة، وتوفير الطاقة ميسورة التكاليف للجميع، والحد من آثار التغير المناخي، وتحرص المملكة على استقرار أسواق النفط العالمية وموثوقيتها واستدامتها، وتلبية الاحتياجات بما يعزز توفر الطاقة وسهولة الوصول إليها وأمن وسلامة الإمدادات، لضمان اقتصاد عالمي مزدهر، يعود بالنفع على المنتجين والمستهلكين، وتلتزم المملكة بالإسهام في الحد من آثار التغير المناخي، وذلك من خلال تبني نهج شمولي في تحولات الطاقة مبني على أساس منطقي ومنظم وعادل، بحيث يتم تحقيق أهداف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس عبر الاستفادة من جميع التقنيات التي تسهم في معالجة انبعاثات الاحتباس الحراري من جميع المصادر، بما فيها البترول والغاز اللذان سيستمران جزءًا محوريًا من مزيج الطاقة العالمي لعقود آتية، وفضلا عن امتلاك المملكة للتقنيات التي مكنتها من أن تكون من أقل الدول في مؤشر كثافة انبعاثات الكربون والميثان في عمليات البترول والغاز، فإنها تواصل تطوير منتجات طاقة أخرى منخفضة الانبعاثات، وفي هذا الصدد؛ تعمل المملكة على بناء مجمع لالتقاط الكربون ونقله وتخزينه في مدينة الجبيل الصناعية بطاقة التقاط وتخزين تصل إلى (9) ملايين طن سنويًا من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2027م، وبطاقة قصوى تصل إلى (44) مليون طن سنويًا بحلول عام 2035م.

السيد الرئيس

تدعم المملكة أهداف التنمية المستدامة، والتعاون الدولي لمواجهة تحديات التغير المناخي، وأعلنت المملكة في القمة السعودية - الأفريقية في الرياض، عن تخصيص ما يقارب (50) مليار دولار أمريكي لدعم هذه الجهود، وأطلقت عدة مبادرات رائدة تعتمد على نهج الاقتصاد الدائري للكربون، مثل: مبادرة السعودية الخضراء، ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر، بالإضافة إلى الاستثمار في أفضل تقنيات خفض الكثافة الكربونية، وزيادة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الأمثل لإنتاج الكهرباء، وإنتاج الهيدروجين النظيف، وهي عازمة على أن تكون منتجًا ومصدرًا رئيسًا لهما في العالم، كما تدعم المملكة مشاريع متعددة تهتم بترشيد الاستهلاك ورفع كفاءة الطاقة، والمحافظة على الحياة الفطرية، واستدامة الثروة المائية والحياة البحرية.

ومن هذا المنطلق؛ استضافت المملكة اليوم العالمي للبيئة عام 2024م، التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وسوف تستضيف مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (COP16) نهاية هذا العام؛ لتؤكد التزامها بحماية البيئة، ومقاومة ومكافحة الجفاف والتصحر، وتسلمت المملكة ملف استضافة المنتدى العالمي الحادي عشر للمياه 2027م، وفي هذا الصدد؛ أشير إلى إعلان صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظه الله - عن تأسيس المنظمة العالمية للمياه في سبتمبر من العام الماضي، التي تهدف إلى تطوير وتكامل جهود الدول والمنظمات لمعالجة تحديات المياه بشكل شمولي.

السيد الرئيس

إن المملكة حريصة على العمل نحو الوصول إلى عالم خال من الأسلحة النووية، وشرق أوسط مستقر، ومن هذا المنطلق، تشدد المملكة على ضرورة التزام جميع الدول بالمحافظة على منظومة منع الانتشار، مع الحفاظ على حق الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.

السيد الرئيس

تساند المملكة الجهود المبذولة للتصدي للتنظيمات الإرهابية، ونؤكد أهمية تعزيز العمل المشترك، ومواصلة التنسيق بين الشركاء الدوليين لمواجهة التهديد الذي تشكله هذه الجماعات على بلداننا وشعوبنا، ونشدد على ضرورة بذل المزيد من الجهود للحد من تأثير الحملات الدعائية التي تطلقها الجماعات الإرهابية، ونؤكد أهمية مواصلة العمل الدولي للتصدي لتمويل الإرهاب، وضرورة تبادل المعلومات المتعلقة بهذا الشأن.

السيد الرئي

لقد حظيت المملكة بثقة المجتمع الدولي من خلال اختيارها لاستضافة معرض إكسبو الدولي 2030 تحت شعار "حقبة التغيير: المضي قدما بكوكبنا نحو استشراف المستقبل"، لتحقيق فكرة المعرض المتمثلة باستشراف مستقبل الكوكب والتطورات التقنية المفيدة، مع التركيز على أهداف التنمية المستدامة، ويمثل المعرض فرصة لتعزيز العمل في المشاريع ذات التأثير العالمي، والتعاون لإيجاد حلول عالمية من خلال الابتكار والاستدامة والشمولية؛ التزاما منا تجاه البلدان النامية، وتعرب المملكة عن شكرها وتقديرها للدول التي دعمت استضافتها لهذا الحدث العالمي.

ختامًا، نتطلع إلى أن تسهم جهودنا في إيصال رسالتنا وقيمنا ومبادئنا للعالم، في جو يسوده الاحترام والشراكة لبناء مستقبل أفضل للبشرية جمعاء.