المغرب: «العدل والإحسان» تعتزم اللجوء للقضاء بعد إعفاء أعضائها من مهامهم الحكومية

قالت إن تشبيهها بجماعة غولن التركية غرضه التشويه

المغرب: «العدل والإحسان» تعتزم اللجوء للقضاء بعد إعفاء أعضائها من مهامهم الحكومية
TT

المغرب: «العدل والإحسان» تعتزم اللجوء للقضاء بعد إعفاء أعضائها من مهامهم الحكومية

المغرب: «العدل والإحسان» تعتزم اللجوء للقضاء بعد إعفاء أعضائها من مهامهم الحكومية

أعلنت جماعة العدل والإحسان الإسلامية المغربية (شبه محظورة)، أنها تعتزم اتخاذ عدد من الإجراءات، ومنها رفع دعاوى قضائية لإبطال قرارات إعفاء عدد من أعضائها من مهامهم داخل بعض المؤسسات الحكومية.
وعزا قياديون في الجماعة أسباب إعفاء نحو 105 من الأطر المنتمين إليها من مهامهم الوظيفية إلى المواقف السياسية المعارضة التي يتبناها هذا التنظيم؛ إذ قال فتح الله أرسلان، نائب الأمين العام للجماعة التي تعد من أكبر الجماعات الإسلامية المعارضة بالبلاد، في لقاء صحافي عقده أمس بمقر الجماعة في مدينة سلا المجاورة للرباط برفقة ثلاثة قياديين، إن «ما تتعرض له الجماعة هو بسبب مواقفنا السياسية ومما يجري في البلاد»، واصفا قرارات الإعفاء بأنها «هجمة شرسة على الحريات والديمقراطية وانتكاسة إلى الوراء».
وأوضح أرسلان أن الجماعة بصدد «استيعاب ما يحدث ووضعه في سياقه، ثم الرد عليه بكل السبل القانونية والمشروعة من أجل التعبير عن رفضنا القرار والتنديد به وتحميل المسؤولية لمن يقف وراءه، ودعوة كل الأطراف أن يستشعروا أن ما يحدث هو ليس قضية (العدل والإحسان) فقط، ولكنه قضية مجتمع بأكمله، واستبداد ينبغي للجميع التصدي له»، على حد تعبيره.
وردا على ما يقال بأن إعفاء أعضاء الجماعة من مهامهم داخل القطاعات الحكومية جاء ردا على سعيها إلى التغلغل داخل مفاصل الدولة في أفق تحقيق مشروعها السياسي، قال أرسلان إن ما يروج بهذا الشأن «كلام فارغ معروف مصدره ومن يروج له، ونحن لا نعبأ ولا نلتفت إليه».
وحذر أرسلان من كون الأوضاع في المغرب مرشحة لمزيد من الاحتقان، مضيفا أنه بدل أن تتوجه الدولة لحل المشكلات التي تؤدي إلى الاحتجاجات الشعبية، وتنفيس الاحتقان، فإنها تستهدف أعضاء الجماعة حتى لا ينخرطوا في الاحتجاجات وتخيف الأطراف الأخرى بأن يلقى أعضاؤها المصير ذاته.
وتعليقا على الجمود الذي يعرفه تشكيل الحكومة، قال أرسلان إن «الجمود مفتعل، ولو أريد للحكومة أن تتشكل فسيتم ذلك بإشارة واحدة».
من جهته، أوضح محمد الحمداوي، مدير مكتب العلاقات الخارجية في الجماعة، أن عدد الذين أعفوا من مهامهم بلغ 105 حالات، وأن العدد يزداد كل يوم في جميع المناطق، موضحا أن الأمر يتعلق بإنهاء المهام، والنقل إلى مناطق بعيدة، وليس عزلا عن الوظائف، مشيرا إلى أن القطاعات الوزارية المعنية هي الفلاحة ثم التربية والتعليم والمالية والبريد والاتصالات.
وردا على سؤال بشأن ما تردد عن رفض بعض الوزراء التأشير على قرار إعفاء عدد من الأطر من مهامهم، قال إن الجماعة لا علم لها بذلك، ولفت إلى أن جميع الذين طالهم قرار الإعفاء هم من ذوي الكفاءات، واصفا العملية بأنها «خطوة متهورة وغير محسوبة لم تحدث حتى في العهد البائد».
وقال الحمداوي إن هناك جهة ما تدفع نحو تأزيم الأمور ولا تريد أي انفتاح للبلد، وتسيء بذلك إلى صورته، مضيفا أن الحملة جاءت رد فعل على التفاعل الكبير الذي حظي به النداء إلى الحوار الذي أطلقته الجماعة من قبل كثير من السياسيين والحقوقيين والأكاديميين.
ومن جهته، قال عبد الواحد متوكل، رئيس الدائرة السياسية في الجماعة، إن الحملة الحالية التي تستهدف «العدل والإحسان» ليست الأولى، إلا أنها «جديدة من نوعها».
وردا على تشبيه جماعة العدل والإحسان المغربية بجماعة فتح الله غولن في تركيا، قال المتوكل إن «التشبيه لا يستقيم ولا يمكن أن يصدقه عاقل لأن الفرق شاسع بينهما، سواء في المنهح أو الخط الفكري والموقف السياسي»، مضيفا أن كل ما يقال عن ذلك «يدخل ضمن الحرب الممنهجة لتشويه الجماعة لأنه تيار منذ تأسيسه وهو ينمو باطّراد وكل محاولات شقه لم تنجح»، حيث كان الرهان على أن تؤثر وفاة عبد السلام ياسين المرشد العام للجماعة عليها وتتشتت إلا أنها «تزداد تماسكا وقوة، وهو أمر قل ما يقع داخل الحركات والأحزاب».
ووزعت الجماعة بيانا أمس ذكرت فيه أن الإعفاءات جرت في «إطار عملية كبرى لا يمكن وصفها بالقرارات الإدارية غير القانونية أو الانحراف والشطط في استعمال السلطة فحسب، بل هي حملة موغلة في التخلف»، رافضة وصفها بالجماعة المحظورة لأنها «جماعة قانونية والوثائق تؤكد ذلك».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.