اجتماعات الريحانية تنتهي بتشكيل لجنة لحل الخلافات بين الكتائب المقاتلة ورئاسة أركان «الحر»

أبو طلحة قائد «أحرار الشام» لـ {الشرق الأوسط} : هيئة الأركان لا ترقى إلى طموحاتنا

مقاتل يجهز سلاحه في حلب أمس (أ.ف.ب)
مقاتل يجهز سلاحه في حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات الريحانية تنتهي بتشكيل لجنة لحل الخلافات بين الكتائب المقاتلة ورئاسة أركان «الحر»

مقاتل يجهز سلاحه في حلب أمس (أ.ف.ب)
مقاتل يجهز سلاحه في حلب أمس (أ.ف.ب)

بعد لقاءات استمرت يومين مع وزير الخارجية القطري خالد العطية، التقى قادة الفصائل الإسلامية السورية المسلحة قيادة هيئة أركان «الجيش الحر» التي يرأسها اللواء سليم إدريس في اجتماع مهم بالريحانية، أمس، على الحدود التركية - السورية، لإيجاد صيغة تفاهمات بين الطرفين بعد تهديد عدد من تلك الفصائل بسحب اعترافها بهيئة أركان «الجيش الحر» والهيئة السياسية المتمثلة بالائتلاف السوري.
وانتهى الاجتماع بلا نتائج حاسمة، إذ قرر الطرفان تشكيل لجنة للحوار تضم ممثلين عن كل طرف. وقال موسى حمدو، القيادي في كتائب «شهداء سوريا»، لـ«الشرق الأوسط»، إن اللجنة ستجتمع في الأيام القليلة المقبلة لحسم الخلافات. وأضاف: «تريد الكتائب الإسلامية فرض بعض الشروط أو الانسحاب من الأركان، هذا غير مقبول، نحن (الجيش الحر) أيضا لنا شروطنا».
وبحث اجتماع الريحانية مصير انضواء تلك الفصائل تحت مظلة هيئة الأركان أم انفصالهم عنها لتشكيل قيادة عسكرية جديدة تمثل نحو عشرين من الفصائل الإسلامية الأكثر نفوذا على الأرض.
‫في وقت أعلن فيه عبد الجبار العكيدي، رئيس المجلس العسكري التابع لهيئة الأركان في حلب، استقالته، بعد سقوط بلدة السفيرة في أيدي النظام السوري أخيرا، يعتقد أن علاقة الأخير المميزة بالكتائب الإسلامية، وخصوصا الحاج مارع (عبد القادر صالح)، ستدفعه إلى الانضمام للتشكيل الجديد المزمع في حال لم تحل الإشكالات بين الجانبين.
وتعتقد هذه الفصائل أنها تستحق دورا عسكريا وسياسيا أكبر في المرحلة المقبلة في سوريا استنادا إلى وزنها في الداخل، حسبما يقول قادتها. كما تدور الخلافات حول التمويل وتنسيق العمليات العسكرية على الأرض واتخاذ القرار السياسي والتمثيل الدولي، مما دفع تلك الكتائب إلى توحيد موقفها بالضد من هيئة الأركان وائتلاف المعارضة بقيادة الشيخ أحمد الجربا.
و‫يقود تحركات هذه الفصائل أربعة زعماء بارزين لكتائب الثوار في دمشق وحلب وإدلب والرقة، وهم: زهران علوش قائد «لواء الإسلام» في ريف دمشق، وحاج مارع (عبد القادر صالح) قائد «لواء التوحيد» في حلب، وعيسى الشيخ قائد «صقور الشام»، وأبو طلحة القائد العسكري لـ«أحرار الشام» كبرى فصائل الإسلاميين المسلحة، الذي التقته «الشرق الأوسط» قبل ساعات من الاجتماع الحاسم مع قيادة هيئة أركان «الجيش الحر» في الريحانية.
وينظر إلى «أحرار الشام» على أنه أكبر فصيل عسكري معارض عدة وعددا في سوريا، يشمل فصيلا عسكريا وهيئة إغاثة هي الأكبر. علاوة على وحدات هندسية، يطلق عليها «مؤسسة الأحرار». كما يتولى التنظيم تسليم الموظفين الحكوميين رواتبهم في مدينة الرقة، حسب قادته.
‫كما ينظر البعض إلى قادته السياسيين مثل حسان عبود، والعسكريين كابو طلحة، بأن لهم «مصداقية كبيرة» ‫في أوساط الحراك الثوري في الداخل منذ بدايته، إذ يحتفظون بتاريخ من المعارضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ويقول أبو طلحة لـ«الشرق الأوسط» حول الخلافات مع هيئة الأركان إن «هيئة الأركان بنيت في ظروف غير طبيعية وغير صحية وأنتجت هيئة لا ترقى لطموحاتنا».
والخلافات مع الأركان ليست جديدة، لكن الجديد هو التوجه المعلن لهذه الفصائل بالانفصال عن هيئة الأركان بشكل كلي. وأمضى قادة الفصائل العشرين الأيام الأخيرة في تركيا للتجهيز لهذا الكيان العسكري الجديد إن لم تفلح محاولاتهم في تعديل بنية مجلس قيادة الأركان بقيادة اللواء سليم إدريس.
‫ولا يتوقف الأمر فقط عند الكيان العسكري المزمع، بل يتعداه لتشكيل كيان سياسي يراد له تمثيل الثورة السورية في الخارج، بحسب أبو طلحة الذي قال: «إن لم تحل خلافاتنا مع (الأركان) و(الائتلاف)، فإننا سنشكل جسما عسكريا جديدا وجسما سياسيا جديدا. وسيكون الجسم السياسي الممثل الحقيقي لأهلنا في الداخل».
و‫قد تبدو هذه التصريحات صادمة فيما يتعلق برفض الهيئة السياسية؛ أي الائتلاف السوري المعارض الذي يمثل الثورة السورية في الخارج، لكنها في الواقع تستند إلى قوة وتأثير هذه الفصائل، كما أنها تستفيد من أجواء الإحباط المتنامي في المناطق المحررة الناتج عن عجز السياسيين في الخارج عن تحقيق أي إنجازات للثورة السورية.
ويقول أبو طلحة: «(الائتلاف) لا يمثل إلا نفسه والدول الداعمة له. نحن نعتبر أنفسنا الممثل الحقيقي للثوار».
‫ ‫ومع أن «أحرار الشام» فصيل مقرب من الدول الداعمة كقطر وتركيا لنفوذه الكبير داخل المناطق المحررة، إلا أنه يرفض «أن يكون محسوبا على أي دولة»، كما يقول أبو طلحة.
‫كما أن فصيل «أحرار الشام» كغيره من الفصائل ذات التوجه السلفي ترفض حتى أن تعتبر ضمن تشكيلات الجيش السوري الحر.
وتشير الوقائع على الأرض إلى وجود ثلاثة تقسيمات للفصائل السورية المعارضة:
‫الأولى: ‫الموالية لقيادة الأركان في «الجيش الحر»، كلواء «أحرار سوريا» في حلب، و«كتائب شهداء سوريا» و«الفاروق» (الفصيل الثاني) ومعظم فصائل حمص وريفها ودرعا. وهي فصائل إسلامية في لونها العام، ولكنها أقل راديكالية ولا تطالب بالضرورة بإقامة دولة إسلامية.
‫الثانية: الفصائل الإسلامية التي يغلب عليها التوجه السلفي وتطالب بإقامة دولة إسلامية، وهي تمثل القوة الأكبر على الأرض؛ مثل: «أحرار الشام»، و«لواء التوحيد»، و«صقور الشام»، و«لواء الإسلام»، و«أحفاد الرسول».
‫وقادة هذه الفصائل الإسلامية، ومعظمهم من السلفية الجهادية، تربطهم أواصر مشتركة (من أيام سجن صيدنايا الشهير وباقي سجون ومعتقلات الأفرع الأمنية)، وباتوا فعليا يشكلون حالة مستقلة عن هيئة الأركان التي يرأسها اللواء سليم إدريس. ويقودون ‫أهم الفصائل العسكرية ذات التوجه الإسلامي التي تشكل ‫اللون الغالب لفصائل المعارضة المسلحة ‫في سوريا، ‫ولهم قياداتهم العسكرية التي تعمل على الأرض دون التنسيق بالضرورة مع المجالس العسكرية التابعة لهيئة الأركان المرتبطة بالائتلاف السوري المعارض (رغم أن عددا من هذه الفصائل لها ممثل في مجلس قيادة الأركان كـ«لواء التوحيد» و«أحرار الشام» و«صقور الشام»). ‫كما أن هذه الفصائل تتلقى التمويل الداخلي والخارجي في معظم الأحيان بمعزل عن هيئة الأركان.
‫ومحليا، تحكم تلك الفصائل الإسلامية سيطرتها على معظم المناطق المحررة في ريف دمشق وحلب وإدلب والرقة ‫وريف حماه. وتتولى إدارة تلك المناطق ضمن مجلس مشترك هو (الهيئة الشرعية). إذ تقوم تلك الهيئات بدور السلطة القضائية العليا التي تدير شؤون المدن المحررة، ‫ويمثل كل فصيل بقاض شرعي.
‫وترى تلك الفصائل أنها نجحت إلى درجة ما في تجربة الهيئات الشرعية في حلب وإدلب، إذ تكفلت بالسيطرة على تجاوزات بعض مجموعات المعارضة المسلحة غير المنضبطة التي ضاق بها الناس في المناطق المحررة وباتت تسيء إلى الثورة السورية جراء ارتكابها بعض الانتهاكات بحق المواطنين من اعتداءات وسرقة للمال العام.
‫الثالثة: الكتائب ‫الإسلامية المتطرفة كـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، و«جبهة النصرة». و(داعش) في خلاف كبير مع باقي الفصائل، وعلى رأسها السلفية الجهادية، ‫ووصلت الخلافات مع الفصائل الإسلامية وتنظيم «داعش»، وأغلب مقاتليه من الأجانب، إلى حد الاقتتال. إذ قتل تنظيم «داعش» أبو عبيدة المسؤول الإغاثي لـ«أحرار الشام» وما زالت الأزمة تتفاقم بين تلك الفصائل.
‫بل إن الخلافات بين السلفية الجهادية في سوريا وبعض القادة السوريين في «داعش» بدأت من أيام سجن صيدنايا في التمرد الشهير عندما عد التكفيريون كل من يسلم نفسه للنظام من عناصر السلفية الجهادية «كافرا».
‫ويعلق أبو طلحة على هذه الخلافات بين الفصائل بالقول: «المشكلة الأساسية ما زالت هي التقاتل على السيادة الذاتية للفصائل»، مشيرا إلى أن النزاعات أنهكت الثوار وسمحت للنظام بالتقدم على أكثر من جبهة، خصوصا في حلب.
‫ولكن أبو طلحة يبدو واثقا بقدرة الثوار على مواجهة التقدم الملحوظ لقوات النظام. ويقول: «مع أننا نقاتل ست دول على الأرض إلا أن النظام لا يستطيع الحسم، ولا يستطيع استرجاع ما فقده، فقط يحاول استرجاع طرق إمداد وتحقيق انتصارات رمزية. ‫النظام بحاجة لجيش آخر جديد لاستعادة ما فقده».
‫ويحاول قادة الفصائل تقديم خطاب أكثر اعتدالا فيما يتعلق بالعلاقة مع القوى الدولية. ففي اجتماعهم الأخير مع وزير الخارجية القطري العطية، تركوا الباب مفتوحا لإمكانية إجراء حوارات مع القوى الدولية، مع أنهم لم يتراجعوا عن قرارهم برفض مؤتمر جنيف وتخوين من يشارك فيه من الساسة. ويصر أبو طلحة على أنه «لا حل سياسيا سلميا إلا برحيل بشار الأسد».
‫ويضيف مبررا إصراره على رفض مؤتمر «جنيف 2» ما لم يتضمن رحيل الأسد قائلا: «نحن من يملك الأرض ونحن من يملك القرار السياسي».



المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)

تجتمع المعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند التي تشهد خلافات حادة مع الحكومة الفيدرالية بمقديشو، وسط توترات سياسية متصاعدة حول الانتخابات المباشرة واستكمال الدستور.

هذا الاجتماع، الذي يستمر من 17 إلى 20 ديسمبر (كانون الأول)، يراه خبير في الشأن الأفريقي والصومال تحدث لـ«الشرق الأوسط» أقرب إلى «محطة سياسية ذات تأثير محدود، ما لم يتمكن من تجاوز الانقسامات الداخلية والتوترات مع الحكومة وتقديم خطاب وطني جامع يستجيب لتطلعات الشارع الصومالي في الاستقرار والأمن والديمقراطية».

وتحتضن مدينة كيسمايو، العاصمة المؤقتة لولاية غوبالاند، الوفود المشاركة في مؤتمر المعارضة؛ فيما استقبل الأمين العام لمنتدى الإنقاذ الصومالي المعارض، محمد آدم كوفي، وزير الداخلية في غوبالاند، محمد إبراهيم أوغلي، وعدداً من المسؤولين بإدارة الولاية، بحسب ما نقله الموقع الإخباري «الصومال الجديد».

وأوضح أوغلي في تصريحات إعلامية، الثلاثاء، أن المؤتمر سيركز على وضع اللمسات الأخيرة على هيكل مجلس مستقبل الصومال وتحليل الوضع السياسي الذي تمر به البلاد.

وقال كوفي في تصريحات وقتها إن مؤتمر كيسمايو سيناقش قضايا مهمة في ظل المرحلة السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد.

وتستضيف الولاية هذا المؤتمر، الذي لم تعلق عليه مقديشو، بعد نحو 10 أيام من إعلان رئيس برلمان غوبالاند، عبدي محمد عبد الرحمن، أن غوبالاند انتقلت من ولاية إقليمية إلى دولة، في تصعيد للتوتر السياسي القائم بينها وبين الحكومة الفيدرالية التي تصف الإدارة الحاكمة حالياً في غوبالاند بأنها غير شرعية بعد إجرائها انتخابات أحادية الجانب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 أعادت رئيسها أحمد مدوبي الذي يحكم غوبالاند منذ عام 2012 إلى السلطة.

توتر واحتقان

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، علي محمود كلني، أن المؤتمر ينعقد في توقيت بالغ الحساسية، وسط احتقان سياسي متصاعد وخلافات مزمنة بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو وبعض الإدارات الإقليمية.

وتأتي أعمال المؤتمر، بحسب كلني، في ظل قطيعة طويلة بين إدارة غوبالاند والحكومة الفيدرالية؛ وهي قطيعة هيمنت على المشهد السياسي طوال معظم فترة رئاسة حسن شيخ محمود، مشيراً إلى أن العلاقة بين الرئيس الفيدرالي ورئيس غوبالاند أحمد محمد إسلام (مدوبي) اتسمت بتوتر حاد وصل في بعض المراحل إلى مستوى المواجهة السياسية المفتوحة، ما أفقد أي مسعى للتنسيق أو الشراكة معناها العملي.

وعن التحديات التي تواجه مخرجات المؤتمر، لفت كلني إلى التباين الواضح في مواقف القوى المشاركة في المؤتمر، سواء بشأن شكل نظام الحكم، أو آليات إدارة الدولة، أو مستقبل العملية الديمقراطية في البلاد، مشيراً إلى أن هذا التباين يقلّص فرص الخروج برؤية سياسية موحدة، ويجعل من الصعب تحويل المؤتمر إلى منصة ضغط فعالة في مواجهة الحكومة الفيدرالية.

وتأتي تلك التحركات المعارضة، بينما يشتد منذ عام الجدل بشأن الانتخابات الرئاسية المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي اعتمدت بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، وجرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية على نحو لافت، وكانت العودة لاستكمال الدستور المؤقت الذي يعود إلى 2012 هي الشرارة الأبرز لتفاقم الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وغوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

هل من مخرجات ملموسة؟

كانت الخلافات بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والمعارضة قد اشتدت بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

وفي ضوء هذه المعطيات والخلافات المتصاعدة، يرى خبير الشؤون الأفريقية كلني أن تأثير مؤتمر كيسمايو سيظل محدوداً على مشروع الانتخابات المباشرة الذي تعمل حكومة حسن شيخ محمود على الإعداد له.

وتبقى القيمة السياسية للمؤتمر مرهونة بما قد يصدر عنه من مخرجات ملموسة، وبمدى قدرة المشاركين على توحيد مواقفهم حيال القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها استكمال جهود تحرير البلاد من الجماعات المسلحة، ومسار الانتخابات العامة وإعادة تصميمها على أسس توافقية، وإدارة الخلافات السياسية القائمة والسعي إلى مواءمتها ضمن إطار وطني جامع.

وفي النهاية، يؤكد كلني أن التحدي الحقيقي لا يكمن في عقد المؤتمرات بحد ذاتها، بل في القدرة على تحويلها إلى أدوات فاعلة لإنتاج حلول سياسية قابلة للحياة.


مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعم بلاده لاستقرار جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد التوقيع على اتفاقيات سلام تهدف إلى إنهاء التوتر القائم في منطقة «شرق الكونغو»، معرباً عن استعداد بلاده لبذل «كل جهد ممكن لمساندة مسار التسوية».

وتلقى السيسي اتصالاً هاتفياً، الأربعاء، من نظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، تناول مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين وتطرق إلى مستجدات الأوضاع في شرق الكونغو الديمقراطية، وفق بيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية.

ورحب السيسي خلال الاتصال بالتوقيع على اتفاق «الدوحة للسلام» الشامل بين حكومة الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو (حركة 23 مارس)، كما أعرب عن دعم مصر الكامل لاتفاق السلام الموقع في واشنطن ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكداً أنه يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى.

وأكد الرئيس المصري «استعداد بلاده لبذل كل جهد ممكن، بما في ذلك توفير المحافل اللازمة للأطراف المعنية، دعماً لمسار تسوية النزاع»، وفقاً لبيان الرئاسة المصرية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مراسم توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا بول كاغامي والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

من جانبه، نقل البيان المصري عن الرئيس الكونغولي «تقديره لمساندة مصر لجهود السلام والاستقرار في بلاده وفي المنطقة، واتفق الرئيسان على ضرورة تكثيف الجهود لتذليل أي عقبات قد تواجه تنفيذ اتفاقيات السلام».

ووقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسا رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن مطلع الشهر الحالي، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو ثلاثة عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

ويعد الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار أُبرمت في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، إضافة إلى إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو (تموز) الماضي.

وأشار المتحدث باسم الرئاسة المصرية إلى أن الرئيسين اتفقا خلال اتصال، الأربعاء، على أهمية تعزيز التشاور والتعاون الثنائي في القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يسهم في تحقيق الاستقرار والسلام والتنمية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وأكد السيسي تطلعه لاستضافه نظيره الكونغولي لمواصلة تعزيز التعاون بين البلدين، فيما ثمَّن تشيسكيدي الزخم الذي تشهده العلاقات مع مصر، مُعبراً عن تقديره للدعم الذي تقدمه لبلاده في مختلف القطاعات.

وفي مطلع هذا الأسبوع، قالت الخارجية المصرية إنها «تتابع بقلق بالغ التطورات المتسارعة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وما تشهده بعض المناطق من تدهور في الأوضاع الإنسانية الذي يفرض تحديات عاجلة على المدنيين»، مؤكدة دعمها المستمر لوحدة وسلامة وسيادة الأراضي الكونغولية.

وشددت مصر، وفق بيان للخارجية، السبت، على أهمية التهدئة ووقف أي تصعيد ميداني بما يسهم في خلق بيئة مواتية للحوار واستعادة الاستقرار؛ مؤكدة الالتزام باتفاق واشنطن للسلام بوصفه إطاراً أساسياً لبناء الثقة وتخفيف التوتر.

كما أكدت مصر ضرورة وقف الأعمال العدائية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، مشددة على الحاجة إلى دعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحسين الوضع الإنساني ومنع مزيد من التدهور.


«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
TT

«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل

استبقت حكومة الوحدة الليبية المؤقتة نتائج الحوار الأممي المهيكل بالتأكيد على «أولوية الاستفتاء على الدستور»، معلنة إجراء تعديلات وزارية قريبة، تزامناً مع تأكيد عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، دعم فرنسا للانتخابات.

وقالت حكومة الوحدة المؤقتة، التي رحبت بانطلاق الحوار المهيكل، إنها ستُعلن خلال الأيام القريبة المقبلة عن تعديلات حكومية إصلاحية، تشمل سدّ الشواغر الوزارية، وتهدف إلى رفع مستوى الكفاءة، وتعزيز الأداء المؤسسي، وتوسيع دائرة التوافق بما يدعم متطلبات المرحلة المقبلة.

وأكدت «الوحدة» في بيان لها، مساء الثلاثاء، أن جوهر المرحلة لا يرتبط بتعدد المسارات أو تسمياتها، بقدر ما ينصرف إلى تحقيق الهدف الوطني، المتمثل في إجراء الانتخابات، بوصفها الاستحقاق الذي ينتظره الليبيون لتجديد الشرعية، ووضع حد لحالة عدم اليقين السياسي، مشدّدةً على أن توجهها الأساسي يتمثل في الاستفتاء على مشروع الدستور أولاً، ومؤكدة أنها تتعاطى بإيجابية مع الاختراق، الذي طرأ على حالة الجمود السابقة، وعبّر عن ذلك شخصيات فاعلة، الأمر الذي يفضي إلى الذهاب المباشر نحو الانتخابات التي أصبحت اليوم محل إقرار من مختلف الأطراف، بعد أن ظلت لفترة موضع نقاش، بما يعكس تحولاً واضحاً في مقاربة الحل السياسي.

وعدّت «الوحدة» أن استمرار الخلاف حول القوانين الانتخابية، إن لم يُحسم، فإنه يكرّس الحاجة إلى الاحتكام إلى أسس دستورية واضحة، تُبنى عليها العملية الانتخابية، وتضمن قابليتها للتطبيق، وهو ما أكدت عليه المفوضية العليا للانتخابات بإعلان جاهزيتها متى توفرت هذه الأطر القانونية السليمة.

كما جدّدت الحكومة التزامها بدعم كل ما من شأنه الدفع نحو الانتخابات ضمن مسار وطني مسؤول، يحفظ وحدة الدولة، ويعكس الإرادة الشعبية، ويجنب البلاد الدخول في مراحل انتقالية إضافية.

في سياق ذلك، أوضح وزير الدولة للاتصال بحكومة الوحدة، وليد اللافي، أن التعديلات الوزارية المرتقبة ستركز على اختيار وزراء أكفاء، وتراعي المناطق الجغرافية دون استثناء، مشيراً إلى أنها ستشمل وزارات سيادية وخدمية، وتمثيلاً أكبر للشباب.

في غضون ذلك، أظهر تقرير أممي تفضيلاً واسعاً بين الليبيين لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة. وطبقاً للتقرير، الذي نشرته بعثة الأمم المتحدة في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، حول نتائج المشاورات العامة للحوار المهيكل، فقد أكد 86 في المائة ممن شاركوا في استطلاع عبر الإنترنت جاهزيتهم للتصويت فوراً، فيما أكد أكثر من 70في المائة أن مشاركتهم تؤثر فعلياً.

ووصف التقرير الأزمة الجوهرية في ليبيا، بأنها أزمة سياسية ناجمة، عما وصفه بانقسام مؤسسي وجهوي عميق، وسلطات متنافسة، وغياب سلطة تنفيذية واحدة ذات شرعية وطنية، ما ينعكس سلباً على الاقتصاد والأمن والحوكمة.

وعدّ انتشار السلاح عقبة أساسية أمام الانتخابات والسلام الدائم، وحدّد الأولويات الأساسية في القطاع الأمني بنزع سلاح التشكيلات المسلحة، وإعادة إدماجها، وإنشاء جيش ومؤسسات أمنية موحدة، مع تأكيد السيطرة المدنية، وتحقيق أمن مرتكز على الحقوق وفي خدمة المواطن.

كما تحدث التقرير عن «سلطة سياسية شرعية واحدة، تسيطر فعلياً على الجيش والأمن»، بالإضافة إلى «أطر قانونية ومعايير مهنية واضحة تُطبق بعدالة، وحوافز مالية وضوابط مشفوعة بعقوبات لتشجيع الاندماج والالتزام».

وكانت البعثة الأممية قد أصدرت وثيقة «الإطار المرجعي» الرسمي للحوار، الذي يحدد منصة شاملة تضم 120 إلى 124 مشاركاً ليبياً، يمثلون تنوعاً جغرافياً واجتماعياً، مع نسبة لا تقل عن 35 في المائة للنساء، بالإضافة إلى مشاركة الشباب وذوي الإعاقة.

ويركز الحوار على أربعة مسارات رئيسية هي: الحوكمة، والاقتصاد، والأمن، والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان، مع دمج حقوق المرأة بوصفه موضوعاً مشتركاً.

ويعتمد على مبادئ الملكية الليبية، والشمول، والشفافية، وبناء التوافق، ويستمر لمدة 4 إلى 6 أشهر، بهدف إصدار توصيات توافقية ملموسة لمعالجة جذور النزاع، وتهيئة الانتخابات.

اجتماع صالح ورئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب)

وتعهد أعضاء الحوار المهيكل، وفقاً لمدونة قواعد السلوك، التي أصدرتها البعثة الأممية أيضاً بوضع المصلحة الوطنية أولاً، والنزاهة، ورفض الضغوط أو المزايا المادية، واحترام الآراء، وتجنب التمييز أو المضايقة، والحفاظ على سرية المداولات.

في المقابل، أكد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الذي بدأ زيارة مفاجئة إلى العاصمة الفرنسية باريس، لم يسبق الإعلان عنها، في لقائه، مساء الثلاثاء، مع رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية يائيل بيفيه، أن حل الأزمة الليبية يتطلب تضافر الجهود الدولية لمساعدة الشعب الليبي في التعبير عن إرادته الحرة في انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة، وحذّر من أن قيام البعثة الأممية بفتح مسارات إضافية «سيعقد هذا المسار، ولن يكون لها أثر فعلي إيجابي على ملف التسوية السياسية».

ونقل صالح عن يائيل التزام فرنسا بدعم ومساندة الشعب الليبي في تحقيق رغبته في بناء دولة ديمقراطية مستقرة.

وكان صالح نقل عن رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جيرارد لاروشيه، في اجتماعهما تأييده لمقترحاته بشأن حل الأزمة الليبية من خلال الوقوف مع الشعب الليبي، وحقه في اختيار رئيسه وبرلمانه عن طريق الانتخابات المباشرة، لافتاً إلى قيام مجلس النواب بواجباته كاملة في إصدار قانوني انتخاب الرئيس ومجلس الأمة، وتقديم لجنة (6 + 6) المشتركة مع مجلس الدولة، نتائج أعمالها، التي قال وفقاً لعبد الله بليحق، الناطق باسم صالح، إنها نالت رضا مختلف الأطراف، ودعم مجلس الأمن الدولي.

كما أكد صالح، خلال لقائه مع بول سولير، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي، دعم فرنسا لمجلس النواب الليبي ومساعيه لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة، مشيداً بمخرجات لجنة (6 + 6) بوصفها خطوة توافقية مهمة بشأن القوانين الانتخابية، مشيراً إلى ضرورة استمرار اللجنة في مهامها.