غوتيريس: لا حل للقضية الفلسطينية إلا بإقامة الدولتين

السيسي يجري مباحثات مع الأمين العام للأمم المتحدة في القاهرة

الرئيس السيسي لدى استقباله غوتيريس في قصر الاتحادية بالقاهرة أمس (أ.ف.ب)
الرئيس السيسي لدى استقباله غوتيريس في قصر الاتحادية بالقاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

غوتيريس: لا حل للقضية الفلسطينية إلا بإقامة الدولتين

الرئيس السيسي لدى استقباله غوتيريس في قصر الاتحادية بالقاهرة أمس (أ.ف.ب)
الرئيس السيسي لدى استقباله غوتيريس في قصر الاتحادية بالقاهرة أمس (أ.ف.ب)

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مباحثات بقصر الاتحادية في القاهرة أمس مع أنطونيو غوتيريس، سكرتير عام الأمم المتحدة، الذي يقوم بزيارة لمصر حاليًا ضمن جولة له بالمنطقة.
وعقب انتهاء المحادثات، قال غوتيريس إن «مصر لها وضع جيو سياسي مركزي ولاعب أساسي في المنطقة، وهي تسهم بشكل أساسي في التوصل إلى حلول لقضايا وأزمات الشرق الأوسط».
وأكد غوتيريس، خلال مؤتمر صحافي عقده مع وزير الخارجية المصري سامح شكري: «إننا اتفقنا فيما بيننا على أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا من خلال تطبيق حل إقامة الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، وأنه يجب فعل كل شيء لتحقيق هذا الهدف على أرض الواقع»، مشددًا على أن مكافحة الإرهاب يجب أن تتواصل بحزم، مع إيجاد حلول سياسية للأزمات في المنطقة، ومن خلال محادثات جنيف بشأن الوضع في سوريا، وأيضًا من خلال تحقيق المصالحة والوحدة الوطنية في العراق، منوهًا في السياق ذاته بأهمية دعم المجتمع الدولي لدول المنطقة للاتفاق معًا لحل الأزمة في ليبيا واليمن، والعودة إلى عملية المصالحة وإعادة الإعمار، ووقف معاناة شعوبهما، وبهذا الخصوص قال الأمين العام للأمم المتحدة: «أتطلع للعمل مع مصر لإيجاد حلول للأزمات في المنطقة».
وفي ما يتعلق بآليات العمل على إعادة الثقة في الأمم المتحدة، أوضح غوتيريس أنه «من المهم أن نؤكد أن الأمم المتحدة تنفذ ما تريده الدول الأعضاء، وهناك وجود مهم ومساهمة لمصر في حل الأزمات، والتغلب علي العقبات التي تواجهها المنظمة، وأنا ملتزم بالعمل مع الدول الأعضاء لإصلاح وإعادة هيكلتها واستعادة ثقة الشعوب فيها».
أما بالنسبة للوضع في سوريا، فقد أعرب الأمين العام عن أمله في استمرار وقف إطلاق النار بعد مباحثات جنيف ومحاربة الإرهاب ودعم العملية السياسية، وقال بهذا الصدد: «مصر ودول المنطقة تستقبل الكثير من اللاجئين السوريين، لكنها لم تحصل على الدعم الكافي (سواء بالنسبة للاجئين أو الدول المستقبلة لهم)»، مشددًا على أن دعم وحماية اللاجئين ليس فقط مسؤولية الدول المجاورة، بل أيضًا مسؤولية المجتمع الدولي كله، وهو ما يتطلب المزيد من الدعم سواء للاجئين أنفسهم، أو للدول المضيفة لهم في المنطقة.
من جانبه، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن الرئيس السيسي عبر خلال لقائه الأمين العام للأمم المتحدة عن اهتمام مصر بالتعاون مع الأمم المتحدة، والعمل مع المنظمة الدولية في شتى المجالات، مشيرًا إلى أنها كانت مناسبة ليتوجه رئيس الجمهورية للأمين العام للأمم المتحدة مرة أخرى بالتهنئة على توليه منصبه.
وأشار شكري إلى أن غوتيريس يتمتع بكونه رجل دولة ورئيس وزراء سابق ويتحلى بالحكمة، مضيفًا أن السلطات المصرية تثق في أنه سيضطلع بمسؤوليته بكل كفاءة واقتدار، في ظل التحديات التي يواجها المجتمع الدولي والتغلب عليها، مؤكدًا أن مصر ستستمر في التواصل مع المنظمة الدولية، من خلال بعثة مصر لدى الأمم المتحدة، والتواصل المباشر مع الأمين العام، خاصة في ظل عضوية مصر غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي.
وبخصوص الأزمة السورية، لفت شكري إلى أن مصر عبرت عن دعمها لمسار العملية السلمية في سوريا ولجهود مبعوث الأمم المتحدة دي ميستورا، موضحًا أن مصر تنظر باهتمام لمشاركة المعارضة الوطنية السورية في محادثات جنيف، وتشكيل وفدها بشكل متوازن يضم كل الأطياف السياسية، بما يؤدي إلى تيسير هذه المفاوضات ويطلق المناخ المناسب للاستمرار.
وشدد شكري على أن المجتمع الدولي لا يقبل أن يكون لأي طرف شرط في ما يتعلق بتسوية الوضع في سوريا، وأنه لا بد من إيجاد حل سياسي يلبي طموحات الشعب السوري ويدعم استقرار الدولة السورية.
وفي الشأن الليبي قال شكري إن لجنة الحوار الخاصة بليبيا عقدت مشاورات برئاسة رئيس أركان القوات المسلحة المصرية مع القيادات الليبية ورئيس المجلس الرئاسي الليبي، والبرلمان والجيش الوطني الليبيين لبناء الثقة، والوصول إلى رسم خارطة الطريق، وتشكيل الهياكل ومؤسسات الدولة، بما يتفق مع اتفاق الصخيرات ونتائج مشاورات الأطياف السياسية الليبية، مع التأكيد على أن أي حل يجب أن ينبع من حوار «ليبي ليبي» ومخرجات ليبية، موضحًا أن مصر تسعى من جانبها لتوفير المناخ المناسب لتحقيق ذلك، وأن هذه المشاورات أسفرت عن استخلاص مسار يدعم الأطراف المشاركة ويبنى على إيلاء المسؤولية للجان تشكل من مجلس النواب ومجلس الدولة لإقرار التعديلات التي تحتاجها اتفاقية الصخيرات، بهدف استكمال بناء مختلف مؤسسات الدولة الليبية.
وتابع شكري أنه التقى أمس وفدًا موسعًا لمجلس الدولة الليبي، وأن هناك احتضانًا لخارطة الطريق، وهو ما يعد تطورًا إيجابيًا يدعم المؤسسات الشرعية والجيش الوطني الليبي الذي يضطلع بمسؤولية لدحر الإرهاب ودعم استقرار البلاد.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.