غوتيريس يدعو إلى فعل المزيد {لمجاراة كرم جيران سوريا} في ملف اللاجئين

لاجئون يشككون في احتمال العودة قريبًا إلى سوريا رغم المفاوضات

غوتيريس يدعو إلى فعل المزيد {لمجاراة كرم جيران سوريا} في ملف اللاجئين
TT

غوتيريس يدعو إلى فعل المزيد {لمجاراة كرم جيران سوريا} في ملف اللاجئين

غوتيريس يدعو إلى فعل المزيد {لمجاراة كرم جيران سوريا} في ملف اللاجئين

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في القاهرة أمس، إنه «ينبغي فعل المزيد لمجاراة كرم جيران سوريا» الذين استضافوا آلاف اللاجئين «دون تلقي دعم كاف من المجتمع الدولي عموما وأوروبا خصوصا»، في الوقت الذي يشكك فيه لاجئون في احتمال العودة قريبا إلى سوريا رغم المفاوضات الجارية.
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية المصري سامح شكري في أعقاب اجتماع مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قال الأمين العام للأمم المتحدة إن «دول المنطقة التي تتلقى عددا كبيرا جدا من اللاجئين السوريين (...)؛ لبنان والأردن وتركيا ومصر، لم تتلق دعما كافيا من المجتمع الدولي عموما وأوروبا خصوصا، بالنسبة للاجئين أنفسهم وظروف معيشتهم والمجتمعات المستضيفة لهم».
وأضاف غوتيريس: «حماية اللاجئين ليست مسؤولية الجيران، ولكن مسؤولية كل المجتمع الدولي». وتابع: «ينبغي فعل المزيد لمجاراة كرم جيران سوريا».
يجلس أحمد الخابوري أمام باب محل متواضع في مخيم الأزرق في الأردن ويحلم بالعودة إلى سوريا «اليوم قبل الغد»، لكنه لا يبدو متفائلا بتحقيق ذلك قريبا على الرغم من المفاوضات المرتقبة في جنيف وآستانة بهدف إيجاد حل للنزاع الدامي في بلاده. ويقول أحمد: «لا أعول كثيرا على المفاوضات».
ويعيل الخابوري (32 سنة) عائلته من بيع وتصليح الدراجات الهوائية. وتعد الدراجة وسيلة النقل الوحيدة داخل المخيم الواقع على بعد نحو 90 كيلومترا شمال شرقي عمان ويؤوي نحو 54 ألف لاجئ.
ويقول عمه (65 عاما) الذي فضل عدم ذكر اسمه: «كل يوم أتخيّل نفسي جالسا أمام بيتي في درعا. صورته والأرض حوله مزروعة لا تفارق قلبي وعقلي». ويضيف الرجل، الذي يرتدى الثوب العربي الأبيض وكوفية حمراء ويزور ابنته في المخيم بينما هو مقيم في مخيم الزعتري القريب من الحدود: «سوريا هي الوطن، سوريا هي الأرض والماء والهواء... لكن إلى أين نعود؟ ما زالت الحرب قائمة».
ويستضيف الأردن، بحسب الأمم المتحدة، أكثر من 650 ألف لاجئ سوري مسجلين رسميا، فيما تقول عمان إن عدد السوريين في المملكة يقارب 1.3 مليون.
في مدرسة داخل المخيم، ترسم غزل (5 أعوام) أشكالا على ورقة بيضاء وتلونها وهي تضحك مع رفيقاتها، وتقول لوكالة الصحافة الفرنسية: «أشتاق إلى صديقاتي وروضتي والجيران» في ريف حمص وسط سوريا، مضيفة: «بابا يفكر بالعودة، لكن ماما ترفض بسبب الخوف».
ويقول علي الغوثاني (42 عاما) من درعا في جنوب سوريا، ويعمل في مجال بيع الأجهزة الكهربائية في سوق بمخيم الأزرق لإعالة أسرة من 10 أفراد: «إذا تحقق الأمان في سوريا، فسأعود فورا حتى إن كان بيتي مهدمًا، سأبنيه من جديد. لا غنى لنا عن بلدنا». لكنه لا يعرف متى تتحقق هذه العودة. ويقول صديقه عبد المنعم المذيب (45 عاما) الذي يعمل في صيانة الأجهزة الجوالة: «إن شاء الله تهدأ الأمور، لكن من سيعود ليبدأ حياته من الصفر؟».
في مخيم المرج شرق لبنان الحدودي مع سوريا، يعبر لاجئون آخرون عن التشكيك ذاته. ويقول طارق سلوم (24 عاما) النازح من مدينة الزبداني قرب دمشق، بينما يقف أمام غرفة سقفها عبارة عن لوح من الزنك، وقد ارتدى معطفا أسود: «لا نتأمل شيئا، عقدوا حوارا أربع أو خمس مرات دون نتيجة. يعقدون مؤتمرا ويتقاتلون داخل المؤتمر، لن نصل إلى حل».
ويضيف: «الخاسر هو الشعب المسكين الذي خرج من بلده. كيف يمكن أن يشعر من يعيش في فندق 5 نجوم بالوجع؟ لا يشعر بالوجع سوى من يعيش اللجوء هنا وهناك». تقول قاسية العز، النازحة من حمص منذ عام 2013 ولها 10 أولاد، وهي تجلس داخل خيمتها: «نريد أمانًا وبيتًا صغيرًا لي ولأولادي، لا نريد أي شيء آخر».
ولجأ أكثر من 4 ملايين شخص إلى خارج سوريا، لا سيما دول الجوار، خلال سنوات النزاع، وهم يعيشون في ظروف صعبة. ونتيجة هذه الظروف، تتمسك شادية خالد العمر، (19 عاما) وهي أم لولدين، بشيء من الأمل: «حالتنا تعيسة جدا. نضع أملنا في الحوار الذي سيعقد لنعود إلى بلادنا. لا نريد أي شيء. مستعدون أن نعيش في البرية من دون إعمار، المهم أن أعود مع ولدي وأشعر بالانتماء إلى المكان الذي أنا فيه».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.