«فالنتاين مسلح» في دمشق... سهارى يرقصون بالمسدسات ويستعرضون رزم المال

رواد المحلات هم طبقة المستفيدين من الحرب الذين يجنون أموالاً لا يعرفون قيمتها

«فالنتاين مسلح» في دمشق... سهارى يرقصون بالمسدسات ويستعرضون رزم المال
TT

«فالنتاين مسلح» في دمشق... سهارى يرقصون بالمسدسات ويستعرضون رزم المال

«فالنتاين مسلح» في دمشق... سهارى يرقصون بالمسدسات ويستعرضون رزم المال

بينما تتناوب الأزمات الاقتصادية الخانقة على الحياة اليومية للسوريين مع ارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من 80 في المائة، تشهد أماكن السهر إقبالا غير مسبوق وسفاهة غير مبررة في تبديد الأموال على اللهو والرقص مما يجعل السوريون يتساءلون: من هؤلاء الذين يؤمون تلك الأماكن، وكيف يأتون بالمال كي يبددوه على هذا النحو من العبث؟
ومن يزور أحد أماكن السهر في العاصمة السورية، سواء كانت فنادق الخمس نجوم مثل الشيراتون، الداماروز، الفورسيزون، أو مطاعم وبارات أبو رمانة والمالكي والقصاع وباب توما، سيدهش من أعداد الساهرين، لكنه سرعان ما سيكتشف الطبقة التي ينتمون إليها بمجرد أن يبدأ البرنامج الفني الذي يكاد لا يخلو منه مكان سهر في مدينة دمشق الآن، إذ يسارع الشباب والصبايا إلى حلبة الرقص ويعقدون الدبكات على أنغام موسيقى شعبية صاخبة، غالبا هي آلة الأورغ ومطرب شعبي يؤدي أغاني كانت تعرف بسوريا باسم (أغاني الكراجات)، أي الأغاني التي يضعها سائقو مراكز انطلاق النقل العام إلى المحافظات. يدبك الساهرون وقد دججت خصور أغلبهم بالمسدسات مع ساهرات صغيرات تغيب وجوههن تحت طبقات كثيفة من مواد التجميل، يتمايلن بشعر أشقر بلاتيني أو أسود فاحم على كعوب عالية، في مشهد كان سابقا محصورا في أماكن السهر الشعبية أو الرخيصة وبات في السنوات الأخيرة مشهدا عاما في غالبية الأماكن، ليبدو الأمر وكأنه غزو فج لما تبقى من ليل دمشق والسوريين.
هؤلاء كما يقول صاحب أحد المحلات في المدينة القديمة: «طبقة المستفيدين من الحرب، الذين ظهروا خلال السنتين الأخيرتين كأثرياء جدد يجنون أموالا طائلة ولا يعرفون أين وكيف ينفقونها، بل والأهم، لا يعرفون قيمتها». وصاحب المحل الذي عُرف محله قبل عشرين عاما كمكان راق يقصده المثقفون لما فيه من لمسة فنية رصينة، اضطر في السنوات الأخيرة للحاق بركب المحلات الأخرى، وعدل برنامجه الفني من عزف على العود وطرب أصيل إلى عزف على الأورغ وغناء شعبي، لأن الزبائن تغيروا. ويقول إن معظم الذين كانوا يرتادون مكانه من طلاب الفنون الجميلة والفنون المسرحية والموسيقية كانوا يستمتعون بالبرامج التي يقدمها زملاؤهم، غير أن هؤلاء اختفوا، فمنهم من اعتقل أو قتل، ومنهم من هاجر. ومن تبقى، ليست لديه إمكانية مادية للسهر أو ارتياد أماكن عامة. يتابع مدير المحل قوله إن تكلفة عشاء الشخص الواحد ما بين 15 إلى 30 ألفا في الليلة الواحدة: «وراتب أي من زبائني القدامى لا يتجاوز الخمسين ألفا». أما زبون آخر من الأثرياء الجدد وغالبا هم من عناصر الميليشيات المسلحة «شبيحة»، فإن طاولته لا تقل عن مائة وخمسين ألفا أي عشرة أضعاف طاولة الأصدقاء المثقفين: «هذا النوع من الزبائن أضطر إلى مسايرة ذائقته بغض النظر عن ذائقتي الشخصية، فأحضر لهم المطرب الذي يحبونه والذي يجعلهم يشربون ويرقصون إلى الصباح». ويؤكد صاحب المحل، أن أكثر من تسعين في المائة من المطاعم في المدينة القديمة تتبع المنطق ذاته وتتنافس على جذب الزبائن من خلال هذا النوع من البرامج.
رانيا سورية مقيمة في دبي جاءت في زيارة لأهلها بدمشق بعد غياب سبع سنوات. عبرت عن دهشتها من مستوى الانحطاط في أماكن السهر السورية، وقالت: «لم أتوقع أبدا أن أرى في دمشق ما رأيته في أكثر من مكان. ذهبت مع عائلتي إلى مكان أعرفه سابقا وأحبه كثيرا، فوجئت بشباب يرقصون والسلاح على خصورهم وأكداس المال ظاهرة من جيوبهم، ويقومون بحركات استعراضية استفزازية». وتابعت: «كنا نتعشى بهدوء إلى أن بدأ البرنامج الفني وبدأت الكراسي ترتج من الضجيج والصخب، ولم نكد نستوعب ما يجري حتى بدأ المطرب يغني للرئيس ولزعيم (حزب الله) اللبناني ويمجد سوريا، ليعود بعدها إلى أغان منحدرة في مستواها. شعرت وكأننا في معتقل تعذيب لا مكان للترفيه... تملكني رعب شديد من إمكانية إطلاق رصاص في حالة انتشاء أحدهم، فآثرت وأسرتي الانسحاب بعد أقل من نصف ساعة على بدء البرنامج. وتختم كلامها بالقول إنها شعرت بغصة وهي تغادر ذلك المكان، وأيقنت «أن دمشق التي تعشقها رحلت ولا نعرف إذا كانت ستعود».
وظهر التنافس المحموم في أماكن السهر عشية عيد الحب (الفالنتاين) فرغم أزمة البنزين التي خيمت بثقلها على جميع السوريين حتى الميسورين منهم الذين لم يعد بمقدورهم التحرك وقيادة سياراتهم لمسافات طويلة، فإن بطاقات حفلات الفالنتاين نفدت قبل خمسة أيام. وبلغت بطاقة حفل فارس كرم مائة ألف ليرة أي (مائتي دولار) وعلي الديك ستين ألفا، ومحمد إسكندر خمسين ألفا، وذلك بالتوازي مع الإقبال على شراء هدايا الفالنتاين باهظة الثمن، إذ بدأ سعر دمية الدبدوب الأحمر من خمسين ألفا إلى مائتي وخمسين ألفا، اشتراه من استطاع إلى ذلك سبيلا. ومن التعليقات الساخرة ما قاله أحد الشاب الذي اكتفى بشراء وردة حمراء لصديقته بألف ليرة: «الذي معه مال هو الذي يحمل البندقية، وهو الذي يسهر ويحتفل بالفالنتين بالعتاد الكامل، البندقية بيد والدبدوب الأحمر بيد... وهو الذي لا يعرف الحب، وإلا ما سمح لنفسه المشاركة بالقتل والخراب والدمار».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.