بن دغر: تحرير الحديدة بات ممكنًا بعدما قطعنا أيادي إيران

انفجار بالخطأ قرب قصر الرئاسة في عدن لم يخلف أضرارًا ولا إصابات

مسلح يمني داخل محل لبيع هدايا بمناسبة عيد الحب في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
مسلح يمني داخل محل لبيع هدايا بمناسبة عيد الحب في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

بن دغر: تحرير الحديدة بات ممكنًا بعدما قطعنا أيادي إيران

مسلح يمني داخل محل لبيع هدايا بمناسبة عيد الحب في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
مسلح يمني داخل محل لبيع هدايا بمناسبة عيد الحب في صنعاء أمس (إ.ب.أ)

شدد رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر على أن تحرير مدينة الحديدة الواقعة على البحر الأحمر بات ملحًا، حتى يكتمل تطهير واستعادة كل موانئ الدولة ومنافذها. وقال بن دغر خلال لقائه بنائب رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الوطني، اللواء الركن أحمد سيف اليافعي، إن «مصير العدو قد قرب من النهاية، وتحرير وتطهير ميناء الحديدة بات ممكنًا وملحًا، ليكتمل تطهير واستعادة كل موانئ الدولة ومنافذها من هذه الميليشيات التي استخدمتها في العمليات العسكرية والتهريب، وأعاقت وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى أبناء الشعب اليمني».
وأكد رئيس الوزراء «عزم الحكومة على إعادة تنشيط وتشغيل ميناء المخا لما له من أهمية في تحرير الساحل الغربي الاستراتيجي وميناء ميدي بعد تحريرهما من قبضة الميليشيات الانقلابية»، مضيفًا: «بتحرير مينائي المخا وميدي نكون قد قطعنا إحدى أيادي إيران في تهريب الأسلحة للميليشيات الانقلابية، التي استخدمت هذين الميناءين المهمين لتهديد الملاحة الدولية». في غضون ذلك، باشرت ميليشيات الحوثي وصالح في إقليم تهامة، عمليات مداهمات واعتقالات في مديرية الزيدية، الواقعة شمال محافظة الحديدة. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن «الميليشيات الانقلابية نفذت حملة عسكرية في قرى مديرية الزيدية، وداهمت عددًا من المنازل، حيث روعت الأطفال والنساء وكبار السن، وقامت باعتقال عدد من المواطنين بينهم طبيب في القرية، ومعلم، واقتادهم إلى مكان مجهول دون أي أسباب تُذكر».
وأضافت أن «عملية الاختطافات ومداهمات المنازل لاقت سخطًا كبيرًا بين أهالي القرى، في ظل تزايد الانتهاكات المستمرة من قبل الميليشيات ضد الأهالي، بزعم تواصلهم مع قوات الجيش اليمني، ومع اقتراب وصول القوات إلى الحديدة لتحريرها».
وفي جبهة تعز المشتعلة، جنوب العاصمة صنعاء، تجددت المواجهات العنيفة بين الجيش اليمني، المسنود من طيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية، وميليشيات الحوثي وصالح في جبهة حيفان الريفية، جنوب المدينة، على أثر استعادة قوات الجيش اليمني لعدد من المواقع المهمة والاستراتيجية التي كانت خاضعة لسيطرة الميليشيات الانقلابية. وقال سهيل الخرباش، القيادي في جبهة حيفان، من القوات الموالية للجيش اليمن، لـ«الشرق الأوسط» إن «الميليشيات الانقلابية قصفت وبشكل عنيف على مواقع الجيش اليمني والقرى في المفاليس، بعدما شنت قوات الجيش اليمني هجومًا عنيفًا على مواقع ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية في الاحكوم بحيفان، وتمكنت من السيطرة على تبة الخزان والتبة الخضراء، وسط تبادل القصف بين الطرفين». ووسعت قوات الجيش اليمني من نطاق سيطرتها في الساحل الغربي لتعز وشمال مدينة المخا الساحلية، مع التحضير للهجوم والسيطرة على منطقة «يختل» حيث تتحصن فيها الميليشيات الانقلابية بعد فرارها من قرى ومواقع في الساحل الغربي ومدينة المخا، التي تبعد عنها نحو 10 كيلومترات. في غضون ذلك، نفى مصدر رسمي يمني تردد أنباء عن انفجار عبوة ناسفة في قصر الرئاسة بمعاشيق في عدن، أمس، مؤكدًا أن ما حدث هو انفجار مقذوف «آر بي جي» جراء الحرارة الزائدة، ولم يؤدِّ إلى أي إصابات.
وأضاف المصدر في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن «ما حصل هو أن حشوة قذيفة تابعة لأحد أفراد الضيوف القادمين إلى القصر، ويبعد مسافة كبيرة عن حرم قصر معاشيق انفجرت بالخطأ نتيجة لارتفاع درجه الحرارة، ولم يتسبب الحادث في أضرار ولا إصابات، وأن الأمور طبيعية ومستقرة». ودعا المصدر العسكري في الحرس الرئاسي إلى تحري الدقة في كل ما يتصل بالوضع الأمني في عدن، وعدم إقلاق المواطنين والأشقاء من خلال تهويل بعض التطورات.
على صعيد آخر، تزامنت التطورات الأمنية في عدن خلال الأيام الماضية، مع تهاوٍ كبير في سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، وتحديدًا الدولار الأميركي والريال السعودي، حيث ارتفعت أسعار العملات مقابل الريال إلى مستويات قياسية، قبل أن يتدخل البنك المركزي.
وبحسب مصدر مقرب من إدارة البنك لـ«الشرق الأوسط»، فقد تم الاتفاق، بين قيادة البنك وشركات الصرافة المحلية، على «الالتزام بشراء الريال السعودي من 80 والبيع من 82، وبالنسبة للدولار الأميركي يتم الشراء من 300 والبيع من 304».
وتستمر التحديات الأمنية والاقتصادية أمام المواطنين اليمنيين، فالعاصمة المؤقتة عدن تعيش وضعًا أمنيًا بعد الأحداث التي شهدتها، قبل ثلاثة أيام، عندما حاولت مجاميع مسلحة عرقلة حركة عودة تطبيع الحياة.
ويقول باسم الشعبي، رئيس مركز مسارات للإعلام والاستراتيجية، إنه «منذ البداية حذرنا، وقلنا إن هناك من يضع ألغامًا في طريق الأمن والاستقرار في عدن، وبادرت منظمات مجتمع مدني إلى تقديم مشاريع، في محاولة لتجنيب عدن السقوط في الفوضى، لكن هناك إعراضًا عما يُقدم، وهذا للأسف كان سببًا فيما يبدو في إحداث حالة من الإرباك، والتداخل في السلطات، لكن عدن تجاوزت مخاطر كبيرة، وهي اليوم أمام استحقاقات جديدة اقتصادية وخدمية، ويقع على القيادة السياسية مسؤولية الانتقال بعدن من هذا الوضع إلى وضع جديد بمشاركة كل قوى المقاومة وبدعم التحالف العربي».

ويضيف الباحث اليمني أن «اليمن لن ينجو ولن يخرج إلى بر الأمان إلا بمشاركة جميع أبنائه، الذين دافعوا عنه ووقفوا سدًا منيعًا ضد الانقلاب، ولا يجوز إقصاء الآخرين، لأن الإقصاء كان سببًا في حد ذاته وتسبب بمشكلات كبيرة في الماضي، لذا علينا استيعاب الماضي وتجاربه للانطلاق صوب المستقبل، عدن بخير وستكون بخير بإذن الله، والتحالف العربي لن يتخلى عن الشرعية، والشرعية لن تستطيع التخلي عن التحالف العربي، والمعركة مشتركة، وهي في طريقها لإنجاز النصر».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم