ميركل تصر على طرد المهاجرين غير الشرعيين... وتونس تتحفظ

إثر لقاء عقدته المستشارة الألمانية مع رئيس الوزراء التونسي

ميركل تصر على طرد المهاجرين غير الشرعيين... وتونس تتحفظ
TT

ميركل تصر على طرد المهاجرين غير الشرعيين... وتونس تتحفظ

ميركل تصر على طرد المهاجرين غير الشرعيين... وتونس تتحفظ

أصرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمام رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد على تسريع عمليات طرد المهاجرين غير الشرعيين الذين رفضت طلبات لجوئهم، في موضوع بالغ الحساسية منذ اعتداء برلين الذي نفذه مهاجر متطرف يحمل الجنسية التونسية.
وقالت ميركل في مؤتمر صحافي مشترك في برلين أمس: «العام الماضي وحسب معطياتي، غادر 116 مواطنا تونسيا ألمانيا» بعدما رفضت طلبات اللجوء التي تقدموا بها... لكن الأمر لا يجري بسرعة كافية ونناقش كيف يمكننا تحسين هذه العملية وكيف نفعل ذلك بلا صعوبة».
ورغم هذا التصريح المتشنج، فقد وصفت المستشارة الألمانية محادثاتها مع رئيس الوزراء التونسي «بالناجحة»، وقالت إن ألمانيا تعتز قلبيًا بالعلاقة مع تونس. وعبرت ميركل في المؤتمر الصحافي المشترك مع الشاهد، عن رغبة ألمانيا في تطوير التعاون بين البلدين في المجالين الاقتصادي والتعليمي، مشيرة إلى لقاء عقده الشاهد مع وزير المالية فولفغانغ شويبله، وإلى لقاء آخر سيجمع رئيس الوزراء التونسي مع وزيرة التعليم العالي الاتحادية يوهانا فانكا.
وفي مجال الإرهاب والتطرف، اعتبرت ميركل تونس وألمانيا هدفًا للإرهاب العالمي، وقالت إن الإرهاب انتقل إلى تونس بحكم حدوده المشتركة مع ليبيا والجزائر، في إشارة إلى المتطرف التونسي أنيس العامري (34) الذي قاد عملية دهس إرهابية بشاحنة في سوق في برلين وقتل 12 شخصًا، وقالت بهذا الخصوص: «نحن نريد أن نساعد، لكننا نطلب أيضًا أن يكون تبادل المعلومات مكثفًا في القضايا الأمنية»، وهي إشارة أخرى إلى رفض السلطات التونسية في البداية الاعتراف بتونسية أنيس العامري، وهو ما عرقل ترحيله إلى بلده قبل تنفيذه العملية الإرهابية.
وبخصوص المحادثات حول عودة اللاجئين التونسيين، الذين رفضت طلبات لجوئهم، اعترفت المستشارة بأن نسبة التونسيين بين اللاجئين الذين يصلون إلى الحدود الإيطالية لا تشكل سوى واحد في المائة من المجموع، موضحة أن غالبيتهم يأتون من ليبيا، وعرضت ميركل على الجانب التونسي تقديم مساعدات اقتصادية وتعليمية للراغبين بالعودة طوعًا إلى بلدهم تونس، وقالت في هذا السياق: «نحن ندرك أنهم سيواجهون كثيرا من التحديات، لكننا سنساعد».
ونقلت المستشارة إلى الجانب التونسي رغبة حكومتها في إقامة «مركز تشاور» مشترك في تونس لتنظيم إعادة اللاجئين التونسيين، الذين رفضت طلبات لجوئهم إلى بلدهم، مشيرة إلى أن 116 تونسيًا عادوا بالفعل من ألمانيا إلى بلدهم طوعًا خلال العام الماضي.
من جانبه، تحدث يوسف الشاهد عن «خطة مارشال» لتحسين الوضع الاقتصادي والتعليمي في شمال أفريقيا، مؤكدا على أهمية إعادة السياحة الألمانية إلى تونس إلى سابق عهدها، وعلى مساعي بلاده في الحرب على الإرهاب، وطرق تحسين فرص العمل في تونس.
وبخصوص عودة المرحلين التونسيين إلى بلادهم، اعترف الشاهد بأن تونس رفضت في السابق استقبال تونسيين تحولوا إلى مجرمين في ألمانيا، لأنهم مزقوا وثائقهم التونسية، في إشارة ثانية إلى الإرهابي التونسي أنيس العامري. وفي هذه النقطة بالذات ردت ميركل على أقوال الشاهد، وتحدثت عن مواطنين تونسيين مصنفين في ألمانيا كإرهابيين «خطرين»، مثل أنيس العامري، رغم أنهم لا يشكلون نسبة مهمة، وقالت إن أمثال هؤلاء يجب أن يعودوا طواعية في أفضل الحالات، وقسرًا إذا لم يستجيبوا للدعوة الطوعية، وقالت بهذا الخصوص: «علينا هنا أن نتحرك بسرعة». وهي رسالة ضمنية إلى الحكومة التونسية التي تأخرت في توفير الوثائق اللازمة لترحيل العامري.
وواصلت ميركل حديثها عن اللاجئين بالقول إن 4600 سقطوا ضحايا في البحر الأبيض المتوسط، وبسبب نشاط مهربي البشر، ودعت إلى شراكة واسعة بين ألمانيا وبلدان شمال أفريقيا «كي يرى البشر مستقبلاً لهم في بلدانهم وليس في أوروبا».
وانتهى المؤتمر الصحافي بمصافحة ودية، وبزيارة إلى موقع العملية الإرهابية التي نفذها العامري، إلا أن الجانبين لم يشيرا إلى قضية إنشاء معسكرات للاجئين في تونس. وكانت ميركل قد جددت عزمها السبت الماضي على أن تبحث مع رئيس الوزراء التونسي إمكانية إقامة مخيمات في تونس لاستقبال المهاجرين، الذين يتم إنقاذهم خلال عمليات عبور المتوسط من أجل منع وصولهم إلى أوروبا، مشيرة إلى أن تونس عبرت عن «موقف إيجابي جدًا» في هذه المسألة. كما أكدت على قضية استعادة اللاجئين، وقالت إن هاتين النقطتين ستكونان أساسيتين في اللقاء مع رئيس الوزراء التونسي.
وعند سؤاله عن موضوع «معسكرات اللاجئين» في الشمال الأفريقي، قال الشاهد إن هذا الموضوع لم يطرح في اللقاء.
وكانت تصريحات ميركل حول «معسكرات اللاجئين» في شمال أفريقيا قد تعرضت لانتقاد شديد من طرف المعارضة، ممثلة بحزب الخضر واليسار والمنظمات الإنسانية، خاصة أن تصريحات ميركل جاءت بعد يومين فقط من نشر تقرير لمنظمة العفو الدولية يحذر تونس من العودة إلى أساليب التعذيب في حربها على الإرهاب.
ومن غير المستبعد أن يكون موقف الشاهد الرافض للاتهامات الألمانية بعرقلة عودة اللاجئين التونسيين من ألمانيا، هو سبب شطب مقترح معسكرات اللاجئين المذكور من جدول المباحثات بين الطرفين الألماني والتونسي.
وقال يوسف الشاهد في مقابلة مع صحيفة «بيلد» الواسعة الانتشار، نشرت أمس إن «السلطات التونسية لم ترتكب أي خطأ»، محاولا فيما يبدو إلقاء المسؤولية على السلطات الألمانية. وقال: «ننتظر من السلطات أدلة واضحة على أن الشخص هو تونسي فعلاً»، مشيرا إلى أن «المهاجرين غير الشرعيين يستخدمون أوراقًا مزورة ما يصعب الأمر ويؤدي إلى إبطاء العملية».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.