الخارجية الأميركية تطلق حملة «حرروا الصحافة»

الأمم المتحدة تناقش قضايا سلامة الصحافيين وسيادة القانون في اليوم العالمي لحرية الإعلام

الخارجية الأميركية تطلق حملة «حرروا الصحافة»
TT

الخارجية الأميركية تطلق حملة «حرروا الصحافة»

الخارجية الأميركية تطلق حملة «حرروا الصحافة»

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عن إطلاق حملتها السنوية الثالثة «حرروا الصحافة» من مقر البعثة الأميركية بالأمم المتحدة بنيويورك متزامنا مع اليوم العالمي لحرية الصحافة الموافق الثالث من مايو (أيار) حيث تبدأ فعاليات الحملة تحت رعاية سفيرة الولايات المتحدة سامانتا باور، من يوم الاثنين وتستمر لمدة أسبوع.
وقالت جين ساكي المتحدثة باسم الخارجية الأميركية إن «الحملة ستسلط الضوء على وسائل الإعلام التي تتعرض للهجوم والتهديد والترهيب أو التي تخضع للرقابة، وتسلط الضوء على الصحافيين الذين يتعرضون للضغوط والمخاطر أثناء القيام بتغطياتهم وندعو الحكومات لحماية وتعزيز حقوق الإنسان العالمية فيما يتعلق بحرية التعبير».
وأعلن توم مالينوفسكي مساعد وزير الخارجية الأميركي عن حالتين لقمع حرية الصحافة خلال تلك الحملة كمؤشر رمزي للصحافيين الذين يتعرضون للقمع والسجن والقتل خلال محاولاتهم تغطية الأخبار أو ممارسة حريتهم في التعبير. الحالة الأولى للصحافي الروسي سيرغي رزنيك من مدينة روستوف الذي يقضي حكما بالسجن 18 شهرا منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، بتهم إهانة موظف عام وتضليل السلطات، بعد انتقاداته للسلطات الإقليمية وكشفه للفساد والتجاوزات. وتعرض رزنيك لاعتداءات بدنية وإصابات في الرأس والرقبة من مجهولين ولم تقم السلطات بالتحقيق في الهجوم الذي تعرض له بما يشير إلى نمط للإفلات من العقاب في روسيا في حالات الهجوم على الصحافيين. ودعت واشنطن روسيا لإطلاق سراح رزنيك ووقف جميع المحاكمات ذات الدوافع السياسية وغيرها من أشكال الضغط على الصحافيين.
والحالة الثانية، هي اعتقال الحكومة الفيتنامية لثلاثة من المدونين الذين تم اعتقالهم في عام 2012 بعد كتابات تدعو إلى حرية التعبير وأدينوا بتهم الدعاية ضد الدولة.
وقد اختارت الأمم المتحدة الثالث من مايو ليكون اليوم العالمي لحرية الصحافة بهدف رفع الوعي بأهمية حرية الإعلام وتذكير الحكومات بواجبها في احترام وتعزيز الحق في حرية التعبير المنصوص عليها بموجب المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وإحياء لذكرى إعلان ويندهوك الذي رعته منظمة اليونيسيف في ناميبيا عام 1991 وينص على أنه لا يمكن تحقيق حرية الصحافة إلا من خلال ضمان بيئة إعلامية حرة ومستقلة وقائمة على التعددية لضمان أمن الصحافيين أثناء تأدية مهامهم.
وتحتفي منظمة الأمم المتحدة في هذا اليوم بالصحافيين الذين فقدوا أرواحهم أثناء أداء واجبهم وتقدم تقريرا حول أوضاع حرية الصحافة في كل أنحاء العالم وتكشف الهجمات التي تشنها بعض الحكومات على وسائل الإعلام.
ويركز اليوم العالمي لحرية الصحافة في عام 2014 على ثلاثة مواضع هي أهمية وسائل الإعلام في التنمية وسلامة الصحافيين وسيادة القانون واستدامة ونزاهة الصحافة.
وتقدم منظمة اليونيسكو جوائز حرية الصحافة السنوية في الثاني من مايو بمقر المنظمة للصحافيين والمؤسسات الذين قاموا بمساهمات مؤثرة في الدفاع عن حرية الصحافية في كل مكان بالعالم وتمنح الجائزة بناء على لجنة تحكيم مستقلة تضم من 14 من الصحافيين المستقلين ويتم الترشيح من قبل المنظمات غير الحكومية الإقليمية والدول التي ترعى حرية الصحافة والدول الأعضاء في منظمة اليونيسكو. وتقيم المنظمة مؤتمرا دوليا في باريس يومي الخامس والسادس من مايو لتقييم حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم ومناقشة الحلول لمواجهة التحديات والقضايا المرتبطة بحرية الإعلام مثل الحكم الرشيد والتغطية الإعلامية للإرهاب والإفلات من العقاب ودور وسائل الإعلام في البلدان التي تشهد صراعات كانت الولايات المتحدة قد استضافت اليوم العالمي لحرية الصحافة في واشنطن عام 2011 للمرة الأولى وناقشت خلال الاحتفال باليوم العالمي موضوعات آفاق وسائل الإعلام في القرن الحادي والعشرين والمبادئ الأساسية لحرية الإعلام في الوسائل الرقمية.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.