رئيس الحكومة التونسية يزور ألمانيا وسط تجاذب حول المرحّلين والدعم

في ظل تباين بين الأولويات المعلنة للبلدين

رئيس الحكومة التونسية يزور ألمانيا وسط تجاذب حول المرحّلين والدعم
TT

رئيس الحكومة التونسية يزور ألمانيا وسط تجاذب حول المرحّلين والدعم

رئيس الحكومة التونسية يزور ألمانيا وسط تجاذب حول المرحّلين والدعم

يبدأ رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد اليوم زيارة رسمية لألمانيا، في ظل تباين بين الأولويات المعلنة للبلدين. ففي حين تسعى تونس إلى جلب استثمارات ملحة لاقتصادها المتعثر، تركز برلين على الهواجس الأمنية وتعمل على حسم ملف أكثر من ألف تونسي قررت ترحيلهم.
ويلتقي الشاهد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وكبار مسؤولي حكومتها الاقتصاديين، بانتظار زيارة مماثلة لميركل مطلع الشهر المقبل. وقالت الحكومة التونسية في بيان إن زيارة الشاهد تأتي «في إطار حرص الطرفين على مزيد توطيد العلاقات وتعزيز مجالات التعاون».
وأكدت ميركل أنها تعتزم خلال زيارة الشاهد، بحث مسألة الإسراع في إجراءات إعادة التونسيين المرفوضة طلبات لجوئهم إلى بلدهم الأصلي، خصوصًا المصنّفين باعتبارهم «خطيرين أمنيًا». ويقدر عدد من تريد ألمانيا ترحيلهم بنحو 1100 تونسي. ودعت المستشارة الألمانية في رسالتها الأسبوعية إلى تصنيف تونس على أنها «دولة منشأ آمنة». ورأت أنه «يتعين مناقشة جميع المواضيع حسب الإمكانيات المتاحة في إطار الاحترام والهدوء المتبادل». واعتبرت أن تونس «مثال لتجربة نجاح في الربيع العربي»، مشدّدة على أن ألمانيا «ستواصل الوقوف إلى جانبها». ووصفت موقف الحكومة التونسية من تحسين التعاون في أكثر من مجال، خصوصًا ملف اللاجئين بلا وثائق، بأنه «إيجابي للغاية».
وكان وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أشار، قبل انتخابه رئيسًا للبلاد أول من أمس، إلى وجود اتفاق مبدئي مع نظيره التونسي خميس الجهيناوي على ترحيل طالبي اللجوء التونسيين المرفوضة طلباتهم، باستعمال وثائق بديلة عن جواز السفر، وهي عبارة عن «جواز مرور» تصدره ألمانيا ويحظى باعتراف تونسي.
ووفق عدد من المتابعين لتطورات العلاقة بين تونس وألمانيا، إثر الهجوم الإرهابي الذي نفذه التونسي أنيس العامري في برلين، تختلف أهداف البلدين من الزيارة. فدعم الاقتصاد التونسي والترويج للاستثمارات الألمانية على غرار صناعة السيارات وقطع غيار السيارات والتعاون في مجالي التعليم والبحث العلمي، إلى جانب إحياء مشروع إقامة جامعة ألمانية في تونس، ستمثل أهم مواضيع الزيارة بالنسبة إلى الشاهد.
أما بالنسبة إلى الجانب الألماني، فإن وضع التونسيين المقيمين في ألمانيا بطريقة غير قانونية يعتبر من أهم الملفات، خصوصًا بعد هجوم الشاحنة الذي نفذه العامري في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهو كان طالب لجوء رُفض طلبه. ويتوقع الجانب الألماني إقدام تونس على اتخاذ تدابير من شأنها تسريع ترحيل المهاجرين غير الشرعيين التونسيين.
ووفرت ألمانيا لتونس دعمًا ماليًا وتقنيًا خلال السنة الماضية بنحو 290 مليون يورو. وتلوح بصفة غير معلنة عن التراجع عن دعم الاقتصاد التونسي في حال عدم موافقة تونس على قبول رعاياها المرحلين.
ووقعت تونس وألمانيا مذكرة تفاهم الأسبوع الماضي تقضي بتعزيز التعاون في مجال تطوير المنظومة القضائية ونظام المساعدة القانونية، وهو ما أثار حفيظة نواب تونسيين، تخوفوا مما قد تتضمنه من بنود تمهد لترحيل مئات التونسيين من ألمانيا ممن رفضت طلبات لجوئهم. واعتبروا أن عدم نشر محتوى هذه المذكرة وتفاصيلها والاكتفاء بالإشارة إليها في موقع وزارة العدل التونسية بخبر وجيز، قد يكون مقدمة لتنفيذ اتفاق غير معلن بين البلدين.
وتشمل هذه الاتفاقية مجالات أخرى متعلقة بدعم المبادئ الدستورية وترسيخها وحماية حقوق الإنسان ومكافحة الفساد ومنع الجريمة ومقاومة الإرهاب والجرائم الإلكترونية والجريمة المنظمة، فضلاً عما يتصل بهيكلة المحاكم وتنظيمها والتعاون في المسائل المدنية.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.