«مهلا مايك تايسون»... يمكنني هزيمتك وأنا معصوب العينين

مع اقتراب نهاية العطلة الصيفية لدراسته في جامعة كونيتيكت في أغسطس (آب)، لا يزال لدى أليكس تان هدف واحد أخير ليحققه قبل عودته إلى الدراسة: استعادة الرقم القياسي العالمي في ألعاب الفيديو.
وللاستعداد، يجلس تان أمام جهاز الكومبيوتر في منزل عائلته في روكي هيل بولاية كونيتيكت. ثم يشغل (سوبر ماريو وورلد)، وهي لعبة الفيديو الكلاسيكية من عقد التسعينات على جهاز نينتندو، وفيها تقفز شخصية ماريو المحببة، وتسبح، وتطير عبر ثمانية عوالم ملونة زاهية لإنقاذ الأميرة تودستول. ثم يغلق تان، البالغ من العمر 20 عاما، والذي يلعب تحت اسم «بانجيابانغا»، عينيه بعصابة سوداء سميكة. وهدفه: إنهاء اللعبة بأسرع وقت ممكن وهو معصوب العينين.
* رقم قياسي
وفي عام 2015، كان تان الشخص الأول على مستوى العالم الذي ينهي لعبة (سوبر ماريو وورلد) وهو معصوب العينين، خلال 23 دقيقة و14 ثانية فقط، وهو الرقم القياسي الذي سُجل من قبل أقرانه في اللعبة والذين كانوا يتابعونه عبر قنوات البث الحي المباشر. وظل تان محتفظا بالرقم القياسي الذي حققه لفترة تزيد على العام حتى جاء لاعب ياباني يلعب تحت مسمى «دودايموري» ليهزمه محققا رقما قياسيا عالميا جديدا في يوليو (تموز) بفارق خمس دقائق فقط.
وعندما علم تان بتحطيم رقمه القياسي المسجل، قال: إن أداءه يمكن أن يكون أفضل.
وأردف قائلا: «كان هذا بمثابة الدافع القوي لكي أعود إلى عالم اللعب من جديد»، مضيفا أنه بدأ في اللعب وهو معصوب العينين بسبب أنه لم يفعل ذلك أحد من قبله.
وتان هو أحد اللاعبين الكثيرين الذين شاع عنهم في السنوات الأخيرة اللعب على ألعاب الفيديو الشهيرة وهم معصوبو العينين، الاتجاه المعروف في أوساط اللعب باسم «سرعة اللعب معصوب العينين»blindfolded speed running. ولقد تحولت هذه الهواية إلى اتجاه واضح على موقع «يوتيوب» وبين بعض من هواة البث الحي المباشر على موقع (تويتش Twitch)، وهو خدمة ألعاب الفيديو ذات البث الحي المباشر التي تملكها شركة أمازون الأميركية. حيث يبث الكثير من اللاعبين تجاربهم في اللعب وهم معصوبو العينين على موقع «يوتيوب» لإثارة الاهتمام لدى الآخرين لمجاراتهم، ولإنشاء قاعدة أو مجتمع جديد من الأرقام القياسية العالمية في هذا المضمار، ومن دون أي جهة رقابية تشرف عليه.
* توجه متنام
كيف يكون لعب ألعاب الفيديو من دون المتابعة البصرية المستمرة من اللاعبين؟ يقول أصحاب هذا الاتجاه الجديد إنهم يعتمدون فيه على المؤثرات الصوتية والموسيقى المصاحبة لمعرفة مواقعهم بالتحديد في عملية اللعب. ويقول جاكوب كريمينسكي، 23 عاما، الذي استكمل لعبة (بوكيمون بلو) من إنتاج شركة (جيم بوي) لألعاب الفيديو بالكامل وهو معصوب العينين خلال 19:50 دقيقة فقط، أنه اعتاد أن يضبط نفسه على أصوات الارتطام بالجدران لتوجيه نفسه عبر اللعبة، وتوقيت التغيرات في الاتجاهات وفق نقرات معينة يعرفها من الموسيقى التصويرية المصاحبة للعبة في بعض المواقع المحددة فيها.
وقال جاك ويدج، 30 عاما، إنه بدأ في اللعب وهو معصوب العينين في عام 2015 عندما كان عالقا، رغما عنه، في منزله في وسط عاصفة ثلجية عاتية في جزيرة الأمير إدوارد في كندا، حيث يعمل في خدمات التوصيل للمنازل. ولقد شاهد محاولة للعب معصوب العينين لإحدى أفضل الألعاب لديه، وهي لعبة (الضربة القاضية لمايك تايسون)، في إحدى الحفلات الخيرية في عام 2014. ولقد نجح اللاعب الذي كان يتابعه في الوصول إلى المراحل النهائية من اللعبة في مواجهة مايك تايسون قبل أن يخسر بالضربة القاضية.
وبسبب توقفه عن العمل لبضعة أيام بسبب أحوال الطقس السيئة، قرر ويدج محاولة إنهاء اللعبة وهو معصوب العينين. ويقول ويدج عن ذلك: «تعلمت الانتظار واستباق الأمور، ويمكنني معرفة الأمر عند حدوث شيء خطأ، وذلك عند سماعي لصوت تعرضي للضرب في اللعبة»، وبعد أسبوع كامل من التدريب والممارسة المستمرة، استطاع ويدج استكمال مراحل اللعبة بنجاح في مدة لا تتجاوز 25 دقيقة فقط.
وقد جعل هذا الإنجاز الصغير من السيد ويدج من صغار المشاهير في عالم ألعاب الفيديو وذلك عندما التقطت الكثير من مواقع الألعاب الفيديو الخاص به، والذي كان قد نشره على موقع «يوتيوب». وقال السيد ويدج: «سمع الكثير من الناس في المدينة عن الفيديو الخاص والذي انتشر على نطاق واسع قبل أن أعلم بالأمر. حتى أن اثنين من أصدقائي توقفوا عن الحديث معي ظنا منهم أن الأمر خدعة كبيرة مدبرة».
ويقول أنيل شيراياث، مدير برنامج المجتمع في مجال ألعاب الفيديو السريعة لصالح موقع (تويتش)، إن الزيادة في أعداد اللاعبين معصوبي العينين قد تحول إلى اتجاه سائد، في جزء منه، بسبب الاتصال الذي يحققه ما بين اللاعبين والجماهير المتابعين.
وأردف شيراياث يقول في رسالة إلكترونية: «نظرا لهذه الرحلة المشتركة بين اللاعبين والجماهير، عندما ينجح اللاعبون في تحقيق هدف ما وهم معصوبو العينين ويتشارك الجمهور معهم في هذا النجاح، فإنها تعتبر من التجارب التي لا تنسى لكافة المشاركين فيها».
* بث مباشر
وقال تان، لاعب لعبة (سوبر ماريو وورلد)، إنه بدأ في اللعب وهو معصوب العينين في بدايات عام 2015 بعدما رأى اللاعبين على موقع (تويتش) يلعبون ويستكملون مراحل اللعب الأولى وهم معصوبو العينين. وتساءل تان إن كان يستطيع استكمال المراحل حتى النهاية بنفس الطريقة – وبعد كل شيء، فلقد أتم بالفعل لعبة (سوبر ماريو وورلد) مرات كثيرة حيث كان يستطيع تصور كل مرحلة من مراحل اللعبة في رأسه.
واتضح أنه يمكنه فعل ذلك. وبعد ضبط الرقم القياسي للعب وهو معصوب العينين من خلال تلك اللعبة في عام 2015، كان فيديو تان قد انتشر على مواقع صحيفة (يو إس إيه توداي)، وموقع (Sports Illustrated)، وغيرها من المواقع الأخرى. وبدأ تان في ممارسة التدريبات اليومية على اللعبة لتحسين مستواه منذ أن تعرض للهزيمة على أيدي اللاعب الياباني المذكور آنفا، والذي لم يستجب لرسالة تدعوه إلى التعليق على الأمر.
وفي أغسطس، وفي منزل أسرته، بث تان ممارسته للعبة وهو معصوب العينين في بث حي مباشر استمر ليومين متتاليين. وفي نهاية اليوم الثاني، استمع إلى صوت هزيمة شخصية (باوزر) الشرير في نهاية اللعبة. وكان التوقيت المسجل هو: 15:59 دقيقة، وهو رقم قياسي جديد لقي ترحيبا كبيرا في أوساط المتابعين للعبة وعلى موقع موسوعة غينيس العالمية للأرقام القياسية.
وقال تان عن ذلك: «بالنسبة لأغلب اللاعبين، ليس هناك احتفال معين بالأرقام القياسية العالمية، ولذلك ليس هناك شيء خاص بشأنها. ولكنه الشعور الجيد الرائع بالنسبة لي بسبب أن بقية المتابعين يعرفون جيدا أنهم عملوا بكل جدية للحصول على الرقم القياسي الجديد».

* خدمة «نيويورك تايمز»