«شات جي بي تي» يصمم عروض الطائرات دون طيار الجماعية... بلا اصطدام

على مدى الأشهر الثلاثة الماضية جرب الباحثون أكثر من 30 تصميم رقصات لما يصل إلى تسع طائرات دون طيار (صورة عامة من شاترستوك)
على مدى الأشهر الثلاثة الماضية جرب الباحثون أكثر من 30 تصميم رقصات لما يصل إلى تسع طائرات دون طيار (صورة عامة من شاترستوك)
TT

«شات جي بي تي» يصمم عروض الطائرات دون طيار الجماعية... بلا اصطدام

على مدى الأشهر الثلاثة الماضية جرب الباحثون أكثر من 30 تصميم رقصات لما يصل إلى تسع طائرات دون طيار (صورة عامة من شاترستوك)
على مدى الأشهر الثلاثة الماضية جرب الباحثون أكثر من 30 تصميم رقصات لما يصل إلى تسع طائرات دون طيار (صورة عامة من شاترستوك)

مما لا شك فيه أننا سنشهد مزيداً من الابتكارات نتيجة التقاطع الملحوظ بين الذكاء الاصطناعي والروبوتات. وبالفعل أنتج أحد هذه الإنجازات تصميماً لأسراب الطائرات دون طيار باستخدام «شات جي بي تي (ChatGPT)». يعرض هذا النهج المبتكر، بقيادة البروفيسورة أنجيلا شويلغ، من جامعة ميونيخ التقنية «TUM»، كيفية تناغم الذكاء الاصطناعي والروبوتات لإنتاج عروض آسرة للطائرات دون طيار مع الحفاظ على السلامة والدقة.

البروفيسورة أنجيلا شويلغ قائدة المشروع من جامعة ميونيخ التقنية (جامعة TUM)

تصميم الرقصات باستخدام «ChatGPT»

أصبحت تصميمات الرقصات المبتكرة هذه ممكنة من خلال واجهة «ويب» سهلة الاستخدام طوّرها طالب الدكتوراه مارتن شوك، حيث يمكن للمستخدمين اختيار المقطوعات الموسيقية، وتقديم مطالبات نصية لحركات الطائرة دون طيار المطلوبة، ثم تضمن الخوارزمية جدوى مسارات الطيران المقترحة، مما يمنع الاصطدامات المحتملة أثناء الأداء.

ويؤكد بحث الفريق التآزر بين الإبداع القائم على الذكاء الاصطناعي والسلامة.

وفي مختبر البروفيسور أنجيلا شويلغ، قام فريق البحث بتركيب ست كاميرات مثبتة على السقف في غرفة تبلغ مساحتها نحو 40 متراً مربعاً، وارتفاعها 3 أمتار. ويجري وضع علامة على الأرض بشريط عازل. تشير هذه إلى مواقع البداية للطائرات دون طيار. وبمجرد أن يتحقق الكومبيوتر من تصميم الرقصات المحتملة، يمكنها الانطلاق.

وترصد الكاميرات موقع المروحيات الرباعية المزودة بأربع مراوح ومحركات 200 مرة في الثانية، ويقوم النظام بمقارنتها بالموضع المطلوب. وقد أصبحت «العروض الجوية» في مختبر أنظمة التعلم والروبوتات التي أدركها فريق البحث باستخدام ما يصل إلى تسع طائرات دون طيار، آمنة بنسبة 100 في المائة دون مرشح الأمان الخاص.

تحديد المسارات وتجنب الاصطدامات

لم يكن إنشاء تصميمات الرقصات دون طيار باستخدام «ChatGPT» خالياً من التحديات. وفي حين أن «ChatGPT» يتفوق في إنشاء نص إبداعي واقتراح تصميمات الرقصات، إلا أنه كان يفتقر، في البداية، إلى المعرفة بقدرات الطائرات دون طيار والقيود المادية. ولمعالجة هذه المشكلة، طور الفريق خوارزمية أمان تحدد مسارات الطيران بدقة، وتتجنب الاصطدامات في الهواء وتسمح للطائرات دون طيار بأداء حركات معقدة بأمان. يعمل النظام الشامل، المسمى بـ«SwarmGPT»، بوصفه واجهة بين الطائرات دون طيار والمستخدم، مما يمكّن غير الخبراء من صياغة أداء آمن وجذاب للطائرات دون طيار.

تأثير «ChatGPT» على عمل الروبوتات

في الماضي، كان تطوير تصميمات الطائرات دون طيار يتطلب عمالة كثيفة ويستغرق وقتاً طويلاً. والآن كما يبدو باستخدام «ChatGPT»، يحقق الباحثون قفزة نوعية في الكفاءة، منشئين أكثر من 30 تصميماً للطائرات دون طيار في بضعة أشهر فقط. لقد أصبحت العملية قابلة للتطوير، حيث أتاح «ChatGPT» تطوير تصميمات الرقصات الآمنة لمقاطع موسيقية مدتها 30 ثانية باستخدام ثلاث طائرات دون طيار في نحو خمس دقائق. ويثير نجاح «ChatGPT» في تصميم الرقصات دون طيار، تساؤلات حول إمكانية تطبيقه على الأنظمة الآلية الأخرى. ومع ذلك تبدو البروفيسورة شويلغ متفائلة بشأن المستقبل، معتقدة أن الأساليب المماثلة يمكن أن تُحسن الموثوقية وسهولة الاستخدام في سيناريوهات الروبوتات المختلفة. هذا وتُعد إمكانية استخدام «ChatGPT» واجهة لغير الخبراء في برمجة الروبوتات عن طريق الأوامر الصوتية واعدة بشكل خاص.

يمثل دمج «ChatGPT» مع تصميم الرقصات دون طيار علامة بارزة في مجال الروبوتات. لا يوضح هذا النهج المبتكر الإمكانات الإبداعية للذكاء الاصطناعي فحسب، بل يؤكد أيضاً أهمية السلامة والدقة في تطبيقات الروبوتات.


مقالات ذات صلة

«المرصد»: القوات الأميركية في ريف دير الزور تسقط مُسيرة تابعة لفصائل موالية لإيران

المشرق العربي دورية مشتركة بقيادة أميركية في ريف القامشلي شمال شرقي سوريا (أرشيفية-رويترز)

«المرصد»: القوات الأميركية في ريف دير الزور تسقط مُسيرة تابعة لفصائل موالية لإيران

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن القوات الأميركية في قاعدة كونيكو للغاز في ريف دير الزور أسقطت طائرة مسيرة تابعة لفصائل موالية لإيران.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مسيّرة فوق الأراضي السورية (المرصد السوري)

«المرصد»: دمشق تسقط مسيّرة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

كشف «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الطائرة المسيّرة «المجهولة» التي تصدّت لها الدفاعات السورية، قبل يومين، تابعة لـ«المقاومة الإسلامية بالعراق».

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي أجواء الأردن شهدت على مدى الشهرين الماضيين تبادلاً للقصف بين إيران وفصائل عراقية من جهة وإسرائيل من جهة أخرى (رويترز)

الأردن يرفض محاولات «بعض الأطراف» انتهاك مجاله الجوي

نقلت «وكالة الأنباء الأردنية» اليوم (السبت) عن محمد المومني المتحدث باسم الحكومة الأردنية تأكيده رفض بلاده محاولات «بعض الأطراف في الإقليم» انتهاك مجاله الجوي.

«الشرق الأوسط» (عمان)
شؤون إقليمية عناصر من قوات الأمن الإسرائيلية يعملون بجوار سيارة متضررة جراء هجوم بمسيرة على شمال إسرائيل (رويترز)

مسؤولان: إسرائيل تتعرض لهجمات يومية بالمسيّرات من العراق

كشف مسؤولان لـ«وكالة أسوشييتد برس» أن الميليشيات المدعومة من إيران تطلق مسيرات هجومية في اتجاه واحد ضد إسرائيل من داخل العراق.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ خلال عرض طائرة مسيّرة صينية في مونتريال بكندا 13 نوفمبر 2019 (رويترز)

شركة أميركية لصناعة المسيّرات تتهم بكين باستخدام العقوبات لتعزيز الشركات الصينية

اعتبرت شركة أميركية لصناعة الطائرات المسيّرة أن العقوبات التي فرضتها بكين عليها ستعوق إنتاجها لأشهر عدة، وأن هدف بكين هو «تعميق الاعتماد» على الشركات الصينية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
TT

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.

واقترحت دار النشر «هاربر كولينز» الأميركية الكبرى أخيراً على بعض مؤلفيها، عقداً مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رسالة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي «إل إل إم» لمدة 3 سنوات.

آراء متفاوتة

ولكي تكون برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مختلف أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، تنبغي تغذيتها بكمية مزدادة من البيانات.

وبعد التواصل مع دار النشر أكدت الأخيرة الموافقة على العملية. وأشارت إلى أنّ «(هاربر كولينز) أبرمت عقداً مع إحدى شركات التكنولوجيا المتخصصة بالذكاء الاصطناعي للسماح بالاستخدام المحدود لكتب معينة (...) بهدف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها».

وتوضّح دار النشر أيضاً أنّ العقد «ينظّم بشكل واضح ما تنتجه النماذج مع احترامها حقوق النشر».

ولاقى هذا العرض آراء متفاوتة في قطاع النشر، إذ رفضه كتّاب مثل الأميركي دانييل كيبلسميث الذي قال في منشور عبر منصة «بلوسكاي» للتواصل الاجتماعي: «من المحتمل أن أقبل بذلك مقابل مليار دولار، مبلغ يتيح لي التوقف عن العمل، لأن هذا هو الهدف النهائي من هذه التكنولوجيا».

هامش تفاوض محدود

ومع أنّ «هاربر كولينز» هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقوداً من هذا النوع، فإنّها ليست الأولى. فدار «ويلي» الأميركية الناشرة للكتب العلمية أتاحت لشركة تكنولوجية كبيرة «محتوى كتب أكاديمية ومهنية منشورة لاستخدام محدد في نماذج التدريب، مقابل 23 مليون دولار»، كما قالت في مارس (آذار) عند عرض نتائجها المالية.

ويسلط هذا النوع من الاتفاقيات الضوء على المشاكل المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم تدريبه على كميات هائلة من البيانات تُجمع من الإنترنت، وهو ما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الطبع والنشر.

وترى جادا بيستيلي، رئيسة قسم الأخلاقيات لدى «هاغينغ فايس»، وهي منصة فرنسية - أميركية متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أنّ هذا الإعلان يشكل خطوة إلى الأمام، لأنّ محتوى الكتب يدرّ أموالاً. لكنها تأسف لأنّ هامش التفاوض محدود للمؤلفين.

وتقول: «ما سنراه هو آلية لاتفاقيات ثنائية بين شركات التكنولوجيا ودور النشر أو أصحاب حقوق الطبع والنشر، في حين ينبغي أن تكون المفاوضات أوسع لتشمل أصحاب العلاقة».

ويقول المدير القانوني لاتحاد النشر الفرنسي (SNE) جوليان شوراكي: «نبدأ من مكان بعيد جداً»، مضيفاً: «إنّه تقدم، فبمجرّد وجود اتفاق يعني أن حواراً ما انعقد وثمة رغبة في تحقيق توازن فيما يخص استخدام البيانات مصدراً، التي تخضع للحقوق والتي ستولد مبالغ».

مواد جديدة

وفي ظل هذه المسائل، بدأ الناشرون الصحافيون أيضاً في تنظيم هذا الموضوع. ففي نهاية 2023، أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اليومية ملاحقات ضد شركة «أوبن إيه آي» مبتكرة برنامج «تشات جي بي تي» وضد «مايكروسوفت» المستثمر الرئيسي فيها، بتهمة انتهاك حقوق النشر. وقد أبرمت وسائل إعلام أخرى اتفاقيات مع «أوبن إيه آي».

وربما لم يعد أمام شركات التكنولوجيا أي خيار لتحسين منتجاتها سوى باعتماد خيارات تُلزمها بدفع أموال، خصوصاً مع بدء نفاد المواد الجديدة لتشغيل النماذج.

وأشارت الصحافة الأميركية أخيراً إلى أنّ النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو كأنها وصلت إلى حدودها القصوى، لا سيما برامج «غوغل» و«أنثروبيك» و«أوبن إيه آي».

ويقول جوليان شوراكي: «يمكن على شبكة الإنترنت، جمع المحتوى القانوني وغير القانوني، وكميات كبيرة من المحتوى المقرصن، مما يشكل مشكلة قانونية. هذا من دون أن ننسى مسألة نوعية البيانات».