الصحافيون وقوانين الهجرة الأميركية

على رجال الإعلام التحسب لمرسوم ترمب وتفادي قانون حظر الدخول لأميركا

مظاهرات في مانهاتن بنيويورك ضد مرسوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يستهدف المهاجرين (رويترز)
مظاهرات في مانهاتن بنيويورك ضد مرسوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يستهدف المهاجرين (رويترز)
TT

الصحافيون وقوانين الهجرة الأميركية

مظاهرات في مانهاتن بنيويورك ضد مرسوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يستهدف المهاجرين (رويترز)
مظاهرات في مانهاتن بنيويورك ضد مرسوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يستهدف المهاجرين (رويترز)

رغم إيقاف العمل مؤقتا بمرسوم ترمب بشأن المهاجرين واللاجئين فإن استئناف تطبيقه محتمل في أي لحظة، كون المعركة القضائية لم تنته بعد. وما زالت الدوائر المسؤولة عن تنفيذ الأمر الرئاسي - من قبيل وكالة الجمارك وحماية الحدود ووزارة الأمن الوطني - عاكفة على تحديد ما يعنيه الأمر الرئاسي بالضبط، وكيفية تنفيذه. وستواصل لجنة حماية الصحافيين رصد التغييرات، وستُصدر تحديثات لهذا التنبيه إذا دعت الضرورة. ولا يُعتبر هذا التنبيه نصيحة قانونية.
ولهذا ينبغي على الصحافيين الذين يعبرون الحدود الأميركية أن يكونوا مدركين تمامًا لحقوقهم، وأن يعرفوا ما الذي سيجري فيما إذا أوقفوا قبل دخولهم إلى البلد، سواء أكانوا مواطنين أميركيين أو غير مواطنين.
تضمّن الأمر الرئاسي الصادر عن الرئيس ترمب تعليقًا لدخول مواطني العراق وسوريا وإيران والسودان وليبيا والصومال واليمن إلى أراضي الولايات المتحدة باستخدام أي فئة من فئات تأشيرات السفر، وذلك على امتداد الأيام التسعين المقبلة. (ويُلاحظ أنه يوجد شك فيما إذا كان «السودان» يشمل أيضًا جنوب السودان. وثمة لاعبا كرة سلة مولودان في جنوب السودان يشاركان في مباريات الجمعية الوطنية الأميركية لكرة السلة، والتي اتصلت بوزارة الخارجية الأميركية لتوضيح هذه المسألة).
وينص الأمر الرئاسي على قائمة من فئات تأشيرات السفر المستثناة من حظر السفر (التأشيرات الدبلوماسية، والتأشيرات الخاصة بمنظمة حلف شمال الأطلسي، والتأشيرات من نوع «سي - 2»، إضافة إلى التأشيرات من فئات «جي - 1، وجي - 2، وجي - 3، وجي - 4»). وبوسع الصحافيين المرافقين للبعثات الدبلوماسية إلى الأمم المتحدة والحاصلين على تأشيرة سفر من فئة «سي - 2» أن يستمروا باستخدام هذه التأشيرات.
ومع ذلك، لا يتناول الأمر الرئاسي التأشيرات للعاملين في وسائل الإعلام، والمعروفة باسم تأشيرات الفئة «آي» (I - Visas). وتُمنح هذه التأشيرات «لممثلي وسائل الإعلام الأجنبية، بما في ذلك العاملون في الصحافة والإذاعة والسينما والمطبوعات الذين يسافرون بصفة مؤقتة إلى الولايات المتحدة للعمل في مهنتهم، والمنهمكون في أنشطة في مجال المعلومات أو التعليم أو الإعلام، بحيث تكون هذه الأنشطة ضرورية لعمل وسائل الإعلام الأجنبية». وهذا يقود لجنة حماية الصحافيين إلى الاعتقاد بأن الصحافيين من مواطني أي من البلدان السبعة الواردة في الأمر الرئاسي والحاصلين على تأشيرات للعمل في أميركا لن يتمكنوا من دخول البلد لمدة 90 يومًا.
لا يتحدث الأمر الرئاسي عن إبعاد الأفراد الموجودين حاليًا في البلد. ومع ذلك، فإننا نوصي الصحافيين من أي من البلدان السبعة الواردة في الأمر الرئاسي الذين يعملون في الولايات المتحدة حاليًا استنادًا إلى التأشيرات المخصصة لوسائل الإعلام، ألا يغادروا البلد أثناء الفترة التي يغطيها الأمر الرئاسي. تضمّن الأمر الرئاسي أيضًا تعليقًا لبرنامج قبول اللاجئين لمدة أربعة أشهر، وإيقافًا لمعاملات اللاجئين السوريين إلى أجل غير مسمى. ولم ترد أي إشارة إلى طالبي اللجوء ضمن الاستثناءات التي حددها الأمر الرئاسي. ونوصي الصحافيين الذين قدموا طلبات لجوء في الولايات المتحدة، والمنتمين إلى أي من البلدان الواردة في الأمر الرئاسي، أن يتصلوا فورًا بمحامٍ مختص بشؤون الهجرة.
بالنسبة للأفراد الذين يحملون جنسيات مزدوجة، إحداهما جنسية أميركية والأخرى من جنسيات إحدى البلدان الواردة في الأمر الرئاسي، فسيتمكنون من دخول الولايات المتحدة ما دام قدموا وثائقهم الشخصية الأميركية عند دخولهم إلى البلد. ومع ذلك، صرّحت السلطات المكلفة بتنفيذ الأمر الرئاسي بأنه ستجري تحقيقات شاملة بشأن حاملي الجنسيات المزدوجة، وحسبما تراه ضروريًا. وينبغي على الصحافيين من حملة الجنسيات المزدوجة من إحدى البلدان السبعة الواردة في الأمر الرئاسي أن يتوقعوا الخضوع لتحقيقات إضافية عند عبورهم للحدود.
وأكّد وزير الأمن الوطني، جون كيلي، في تصريح أدلى به في 29 يناير (كانون الثاني)، أن حملة بطاقات الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة - أي ما يُدعى «البطاقة الخضراء» - من مواطني أي من البلدان السبعة الواردة في الأمر الرئاسي لن يُمنعوا بصفة تلقائية من دخول البلد. وقال الوزير في تصريحه إن تقييمًا سيجري لأوضاع حملة «البطاقة الخضراء» على أساس كل حالة بمفردها، ومن المرجح أن يخضعوا إلى قرارات تقديرية بشأن جدارتهم في دخول البلد. وكما هي حال حملة الجنسيات المزدوجة، يجب على حاملي وثيقة «البطاقة الخضراء» من مواطني البلدان الواردة في الأمر الرئاسي أن يتوقعوا الخضوع إلى تحقيقات إضافية عندما يسعون لدخول أراضي الولايات المتحدة.
يجب على جميع الصحافيين، وقبل أن يشرعوا بالسفر، أن يعدّوا خطة أساسية استعدادًا لمواجهة أي إشكالات، وهو ما يجب القيام به على أي حال عند عبور حدود أي بلد. ويجب أن تتضمن هذه الخطة إبلاغ أحد المعارف الموثوقين (فرد من العائلة أو صديق أو زميل) بتفاصيل الرحلة، بما في ذلك مسارها، وتفاصيل بشأن الخطوط الجوية المستخدمة، وطريقة المواصلات المستخدمة وموعد الوصول. ويجب على الصحافي تزويد هذا الشخص أيضًا بأي معلومات أخرى قد تكون مفيدة فيما إذا لم يتمكن الصحافي من الاتصال لتأكيد وصوله. ويجب على الصحافي أن يترك ضمن هذه المعلومات وسيلة اتصال بشخص معروف، لا سيما محاميا مختصا بشؤون الهجرة إذا كان ذلك ممكنًا، والذي ينبغي الاتصال به فيما إذا لم يتمكن الصحافي من الوصول إلى وجهته.



تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟
TT

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

أثار إعلان شركة «ميتا» تمديد فترة تقييد الإعلانات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، من دون أن تحدّد الشركة وقتاً لنهاية هذا التمديد، تساؤلات حول مدى فاعلية القرار في الحدّ من انتشار «المعلومات المضلّلة»، يأتي ذلك بالتزامن مع رصد تجاوزات مرّرَتها المنصة الأشهَر «فيسبوك» خلال الفترة السابقة برغم تقييد الإعلانات.

ما يُذكر أن «فيسبوك» أعانت بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي «حظر أي إعلان يحمل رسائل توجيه سياسي أو اجتماعي من شأنه التأثير في سير الانتخابات الرئاسية الأميركية»، غير أن مراقبين قاموا برصد تجاوزات على المنصة وصفوها بـ«التضليل»، وقالوا إن «فلاتر» المحتوى على «ميتا» – التي تملك «فيسبوك» – «غير متمرّسة» بما يكفي لتمييز المحتوى الذي ينتهك إرشادات المصداقية، ما يثير شكوكاً بشأن جدوى قرار الشركة تقييد الإعلانات.

الدكتور حسن مصطفى، أستاذ التسويق الرقمي والذكاء الاصطناعي في عدد من الجامعات الإماراتية، عدّ قرار «ميتا» الأخير «محاولةً لتجاوز المخاوف المتزايدة حول استغلال الإعلانات في التأثير على الرأي العام»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ميتا تخشى اتهامها بنشر المعلومات غير الموثوقة بشكل واسع إبان الفترات الانتخابية وما بعدها، لا سيما وأنه سبق اتهام الشركة من قبل بوجود محتوى يؤثر على الرأي العام خلال فترات انتخابية سابقة».

وعن دور «ميتا» في الحدّ من «المعلومات المضللة»، أوضح مصطفى أنه «لا تزال المعلومات المضلّلة تحدياً قائماً برغم ما اتخذته (ميتا) من إجراءات لمكافحتها، والتقليل من انتشار الأخبار الكاذبة»، وقال عن دور الشركة في هذا الصدد: «لقد عزّزَت (ميتا) التعاون مع جهات خارجية للتحقّق من صحة الأخبار، فباتت تعتمد على منظمة (فاكت تشيك/ FactCheck)، وشبكات من المؤسسات المستقلة؛ للتحقّق من الأخبار المتداوَلة عبر المنصة».

واستشهد الدكتور مصطفى ببعض التقارير الصادرة عن منظمة «هيومن رايتس ووتش»، التي أظهرت إحراز «ميتا» تقدماً في مجال الحد من «خطاب الكراهية»؛ «إذ تمكّنت خوارزميات الشركة من التعرّف على بعض الأنماط المتكرّرة للمحتوى المسيء، وحذفه تلقائياً قبل أن ينتشر»، غير أنه مع ذلك عدّ إجراءات «ميتا» غير كافية، مشيراً إلى أن «خوارزميات الذكاء الاصطناعي ما زالت محدودة القدرة على معالجة المحتوى بلغات ولهجات متنوعة، أو فهم السياقات الثقافية المعقّدة، ما يجعل من الصعوبة بمكان وضع حدود واضحة أمام تحقيق نجاح كامل في تقليص خطاب الكراهية».

هذا، وكانت المنظمة الدولية «غلوبال ويتنس» قد أعدّت تقريراً حول ما إذا كانت منصات التواصل الاجتماعي قادرةً على اكتشاف وإزالة «المعلومات المضلّلة الضارّة»، لا سيما المتعلقة بانتخابات الرئاسة الأميركية، وأشارت في نتائجها عقب الانتخابات الأميركية إلى أن أداء «فيسبوك» كان أفضل مقارنةً بمنصة مثل «تيك توك»، لكن التقرير لم ينفِ التورّط في نشر «معلومات مضلّلة» برغم القيود، كذلك ذكر التقرير أن «فيسبوك» وافَق على واحد من بين 8 إعلانات اختبرت بها المنظمة قيود المنصة للحَدّ من «المعلومات المضلّلة»، ما رأته المنظمة «تحسّناً ملحوظاً مقارنةً بأداء المنصة السابق مع أنه لا يزال غير كافٍ».

من ناحية أخرى أشار تقرير صادر عن منظمات المجتمع المدني «إيكو» و«المراقبة المدنية الهندية الدولية»، إلى أن «ميتا» سمحت بظهور إعلانات تحتوي على عبارات تحريضية ضد الأقليات على منصّتها خلال فترة الانتخابات الأميركية، كما أشارت إلى رصد «محتوى زائف» مصنوع بأدوات الذكاء الاصطناعي.

وحول هذا الأمر، علّق خالد عبد الراضي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» بمصر والمملكة العربية السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، على قرار «ميتا» بالقول إننا بصدد محاولات عدّها «غير جادة»، ودلّل على ذلك بأن «(ميتا) قيّدت الإعلانات قبل الانتخابات الأميركية بأسبوع واحد فقط، وهذه مدة غير كافية إذا كانت المنصة بالفعل جادّة في الحدّ من التضليل والتأثير على الرأي العام، مثلاً (إكس) كانت أكثر جدّية من خلال تقييد أي منشور موجّه قبل الانتخابات بشهر»، مشيراً إلى أنه «بالتبعية شاهدنا على منصة (فيسبوك) محتوى مضلّلاً وزائفاً طُوّر بالذكاء الاصطناعي».

وأوضح عبد الراضي أن «(ميتا) لم تفرض قيوداً على الإعلانات بشكل عام، بل على نوع واحد فقط هو الإعلانات السياسية المدفوعة، ومن ثم تركت المجال أمام التضليل والتأثير على الرأي العام»، ودلّل كذلك على قلة جدّية الشركة بقوله: «بعد الانتخابات الأميركية في 2020 واجهت (ميتا) عدة اتهامات بتوجيه الرأي العام، ما دفع الشركة لاتخاذ إجراءات جادّة، من بينها توظيف (فِرق سلامة) معنية بمراجعة النصوص؛ للتأكد من ملاءمتها مع معايير المنصة، غير أن عمل هذه الفِرق أُنهِي لاحقاً، ما يشير إلى أن ادّعاءات المنصة لم تكن جدّية».