المعارك العنيفة تدخل يومها الرابع في طرابلس

رؤساء بلديات ليبيا يرفضون الاتفاق المبرم بين طرابلس وأوروبا بخصوص الهجرة

المعارك العنيفة تدخل يومها الرابع في طرابلس
TT

المعارك العنيفة تدخل يومها الرابع في طرابلس

المعارك العنيفة تدخل يومها الرابع في طرابلس

دخلت أمس المعارك العنيفة بين الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس يومها الرابع على التوالي، فيما أعربت الإدارة الأميركية عن قلقها البالغ بسب دخول كثير من العربات التكتيكية التابعة لحكومة الإنقاذ الوطني، التي يترأسها خليفة الغويل إلى طرابلس، تحت اسم تنظيم «الحرس الوطني الليبي».
ونعى أمس الجيش الوطني الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، طاقم طائرة هليكوبتر حربية من طراز «إم آي - 35» بعد أن سقطت أول من أمس جنوب رأس لانوف، خلال شنها غارات جوية على ميليشيات «سرايا الدفاع عن بنغازي» أثناء تقدمها في اتجاه حقلي الغاني والمبروك شرق منطقة الجفرة. وقال مسؤول عسكري إن الطائرة سقطت بالقرب من بلدة زلة بوسط البلاد، وإن أعضاء طاقمها المؤلف من 3 أشخاص لقوا حتفهم، فيما قال العقيد أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش، لـ«الشرق الأوسط» إنه تم العثور على حطام الطائرة قرب حقل المبروك النفطي جنوب رأس لانوف، موضحا أن جثامين الشهداء ستنقل إلى مطار رأس لانوف، ثم إلى قاعدة بنينا الجوية ببنغازي لاحقا.
في غضون ذلك، أكدت رئاسة أركان سلاح الجو الليبي استمرار الغارات الجوية على ميليشيات مسلحة، قالت إنها تحاول الهجوم على الموانئ النفطية. كما شهدت شوارع طرابلس أمس اشتباكات متقطعة لليوم الرابع على التوالي بين الميليشيات المتناحرة على السلطة في المدينة منذ نحو عامين، حيث انتشرت دبابات وآليات عسكرية، خاصة في منطقة وادي الربيع، كما تم إغلاق طريق السدرة وعين زارة والنصب التذكاري بسواتر لمنع حركة المرور.
واتهمت حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج وتحظى بدعم دولي، جماعات خارجة عن القانون باستخدام الأسلحة الثقيلة ضد قوات الأمن المركزي التابعة للحكومة في منطقة مشروع الهضبة جنوب العاصمة. ودعت في بيان لها كل وحدات الجيش والشرطة لأن «تعمل على وقف العابثين ممن يعملون في استراحات ومقار بعيدة عن مقارها الرئيسية.
ومن جهتها، قالت الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة تعرب عن قلقها إزاء نشر هذه العربات، معتبرة أن لديها «إمكانات التسبب بتفاقم زعزعة استقرار الوضع الأمني الهشّ أصلا في طرابلس». وقال البيان الذي وزعته السفارة الأميركية في طرابلس: «على ليبيا أن تعمل على بناء قوة عسكرية وطنية موحدة تحت قيادة مدنية تكون قادرة على توفير الأمن لجميع الليبيين ومكافحة الجماعات الإرهابية»، معتبرا أن «التشرذم وانعدام التنسيق بين القوات الليبية لا يمكن إلا أن يفيد (داعش) وسواها من جماعات إرهابية تسعى لاستغلال أراضي ليبيا ومواردها... ونحن ما زلنا نواصل تشجيع الليبيين على دعم المصالحة السياسية وحكومة الوفاق الوطني، وهي تعمل على معالجة التحديات الأمنية والاقتصادية الحرجة لليبيا، وصون وحدة ليبيا، والإشراف على الانتقال إلى حكومة جديدة من خلال انتخابات سلمية، وضمن إطار الاتفاق السياسي الليبي».
وحثت الخارجية الأميركية جميع الأطراف على تجديد جهودها لتحقيق المصالحة القومية عن طريق الحوار السياسي.
وكانت مجموعات مسلحة من مدينة مصراتة (غرب) قد وصلت إلى طرابلس، وأعلنت عن تأسيس قوة مسلحة، وهو ما أثار قلق السلطات المحلية وواشنطن. وزعم مصدر قريب من حكومة السراج المدعومة من الأمم المتحدة والدول الغربية، أن معظم المجموعات المسلحة التي وصلت إلى العاصمة تنضوي تحت راية القوات التي طردت العام الماضي تنظيم داعش من سرت.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم كشف اسمه: «إنهم يشعرون الآن بأنهم مهمشون، وباتوا يبحثون عن دعم»، موضحا أن اجتماعات عقدت مع قياداتهم لإيجاد حل.
وفي هذا السياق قال محمود زقل، آمر منطقة مصراتة الذي تولى رئاسة الحرس الوطني: «نسعى لبناء مؤسسة وطنية بعيدة عن كل التجاذبات السياسية والحزبية والقبلية، ونعلن الاستمرار في متابعة تنظيم داعش الإرهابي ورصد تحركاته، والقضاء عليه في كل مدن ومناطق ليبيا»، معلنا عن «تقديم جميع أنواع الدعم والحماية لمؤسسات الدولة ومقارها وحمايتها حتى تقوم بعملها، بعيدا عن الابتزاز الذي تمارسه بعض الميليشيات الخارجة عن القانون»، وأكد على «حماية سفارات الدول والبعثات الدبلوماسية وتوفير الأمن لرعاياها داخل الوطن».
ويزيد الإعلان عن تأسيس «الحرس الوطني» من إضعاف حكومة السراج، التي تستعد لتشكيل «حرس رئاسي» بدعم من الأمم المتحدة، بهدف ضمان أمن مؤسسات الدولة والبعثات الدبلوماسية.
وبعد عام على تأسيسها لا تزال هذه الحكومة عاجزة عن بسط سلطتها على جميع أراضي البلاد، وحتى على العاصمة طرابلس، كما أنها تواجه حكومة أخرى في شرق ليبيا ترفض الاعتراف بها.
وتأتي هذه التطورات فيما يخشى رؤساء بلديات ليبية من جنوبها الصحراوي وسواحلها الشمالية أن يتسبب الاتفاق الذي أبرم بين طرابلس وروما لتمويل مراكز لاحتجاز المهاجرين في ليبيا، في نقل أزمة المهاجرين التي تواجهها أوروبا إلى الأراضي الليبية.
وقال حامد الخيالي، عميد بلدية سبها، التي تعد بؤرة لتهريب المهاجرين في جنوب البلاد، إن «أولويتنا هي مساندة أبنائنا وليس السماح بإقامة مهاجرين غير شرعيين في مراكز. وإذا كان الأوروبيون يريدون السماح لهم بالإقامة فيمكنهم استضافتهم على أراضيهم، وهي أكبر، لكن ليس في ليبيا لأننا لدينا مشكلاتنا الخاصة التي ينبغي أن نهتم بها».
من جهته قال حسين الذوادي، عميد بلدية مدينة صبراتة الساحلية الغربية، وهي نقطة المغادرة الأكثر استخداما من قبل المهربين لعبور البحر المتوسط، إن إبقاء المهاجرين في ليبيا سيكون «خطوة خطيرة، وفكرة السماح ببقاء المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا وتوفير ظروف جيدة لمعيشتهم مرفوضة من جانب الليبيين ومن السلطات أيضا»، مشيرا إلى أن أزمة المهاجرين أكبر بكثير من قدرة السلطات الليبية على التعامل معها.
وقال رؤساء بلديات الكفرة ومرزق وغات في الجنوب لوكالة «رويترز» عبر الهاتف، إنهم يعارضون الاتفاق لأسباب مماثلة، كما قال عدد من رؤساء البلديات إنهم لم يتم إخطارهم بالاتفاق قبل إبرامه.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أكد قبل أيام أنه سيحاول حماية المهاجرين في ليبيا، وزيادة الترحيل الطوعي من خلال تعزيز التعاون مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.