كولومبيا تبدأ محادثات سلام مع فصيل متمرد

الإكوادور تحتضن الجلسات للوصول إلى اتفاق مشابه لاتفاق «فارك»

مراسم تسليم الجندي الكولومبي المحتجز وسط جنود تابعين لحركة التمرد (إي إل إن) وبرعاية الصليب الاحمر في اراوكا بكولومبيا (أ.ف.ب)
مراسم تسليم الجندي الكولومبي المحتجز وسط جنود تابعين لحركة التمرد (إي إل إن) وبرعاية الصليب الاحمر في اراوكا بكولومبيا (أ.ف.ب)
TT

كولومبيا تبدأ محادثات سلام مع فصيل متمرد

مراسم تسليم الجندي الكولومبي المحتجز وسط جنود تابعين لحركة التمرد (إي إل إن) وبرعاية الصليب الاحمر في اراوكا بكولومبيا (أ.ف.ب)
مراسم تسليم الجندي الكولومبي المحتجز وسط جنود تابعين لحركة التمرد (إي إل إن) وبرعاية الصليب الاحمر في اراوكا بكولومبيا (أ.ف.ب)

بعد أسابيع من بدء الحكومة الكولومبية تنفيذ اتفاق السلام الموقع بينها وبين الحركة الثورية المتمردة والمعروفة باسم «فارك»، جاء الآن البدء في تنفيذ المرحلة الثانية لتحقيق السلام الشامل في البلاد، عبر إطلاق مفاوضات مع آخر فصيل متمرد في البلاد، وهو جيش التحرير الوطني، أو المعروف باسم «آي إل إن».
العاصمة الإكوادورية كيتو شهدت الاجتماعات الرسمية للوفود بحضور مفاوضين من الجانب الحكومي ومن الجانب المتمرد إضافة إلى الدول الراعية للسلام في كولومبيا، وهي البرازيل وتشيلي وفنزويلا وكوبا والنرويج والإكوادور (البلد المضيف).
من جهته، قال بابلو بلتران المفاوض عن جيش التحرير الوطني المتمرد إن حركته تحاول التوصل إلى حل سياسي للصراع يضمن مشاركة في الحياة السياسية.
وتعتبر هذه المحادثات منفصلة عن المفاوضات التي جرت مع حركة «فارك»، إلا أن جدول الأعمال سيشمل قضايا مماثلة كالمشاركة السياسية ونزع السلاح وتعويض الضحايا.
وتستمر المفاوضات الجديدة نحو 45 يومًا ينتج عنها التوصل إلى اتفاق على نقاط أساسية تترجم على أرض الواقع إلى اتفاق إطاري يضمن التزام الطرفين بتسوية الصراع. وقال كبير مفاوضي الحكومة خوان كاميلو رستريبو إن الجانبين سيظلان مخلصين لجدول الأعمال وسيتفاوضان بأسرع ما يمكن.
ويعتبر النزاع في كولومبيا من أقدم وأطول النزاعات في المنطقة وأسفر عن مقتل وفقدان نحو 300 ألف شخص.
ومع بدء الحكومة المفاوضات مع «جيش التحرير الوطني» الذي يؤمن بمبادئ الثوري تشي غيفارا تعتبر هذه هي المرحلة الأخيرة لإحلال السلام في البلاد.
من جهته، عبَّر الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس عن ارتياحه لأن المرحلة العلنية من المفاوضات بين الحكومة الكولومبية وجيش التحرير الوطني بدأت في كيتو، مما سيسمح بالتوصل إلى سلام كامل، مؤكدًا بذلك هذه المحادثات التي تنهي مواجهات مسلحة مستمرة منذ 52 عاما.
وسبقت هذه المحادثات ثلاث سنوات من المفاوضات السرية مع «جيش التحرير الوطني»؛ الحركة التي استوحت مبادئها من الثورة الكوبية وتقول الحكومة الكولومبية إنها تضم نحو 2000 مقاتل.
كان سانتوس الذي مُنِح جائزة نوبل للسلام في 2016 تقديرا لجهوده من أجل إحلال السلام، اشترط مسبقا الإفراج عن النائب السابق أودين سانشيز الذي يحتجز كرهينة لدى حركة جيش التحرير الوطني، أما حركة التمرد فتطالب بالعفو عن أربعة متمردين مسجونين.
وكان من المقرر البدء في المفاوضات في أكتوبر (تشرين الأول)، إلا أنها أُلغِيَت حينذاك لأن شروط الإفراج لم تتحقق، إلا أن حركة التمرد التي لا يعرف عدد الرهائن المحتجزين لديها، أفرجت عن النائب السابق بينما أصدرت الحكومة عفوا عن المتمردين الملاحقين، وبينهم اثنان سيشاركان في المفاوضات.
وأفرجت حركة التمرد عن رهينة كانت تحجزه منذ نحو عشرة أيام، هو العسكري فريدي مورينو، في خطوة وصفها كبير مفاوضي الحكومة بـ«النبأ السار». وقال عضو مجلس الشيوخ اليساري ايفان سيبيدا الذي سيحضر حفل الافتتاح إنها مبادرة سلام جديدة ستؤدي إلى أجواء جيدة.
ومنذ ستينات القرن الماضي، شارك في النزاع المسلح نحو ثلاثين حركة تمرد يسارية متطرفة أو ميليشيات شبه عسكرية يمينية متطرفة، مما أسفر عن سقوط 260 ألف قتيل على الأقل وفقدان أكثر من ستين ألفًا آخرين، ونزوح أكثر من ستة ملايين شخص.
وتقول مصادر حكومية كولومبية إن الرئيس سانتوس ينوي التفاوض حول اتفاق مشابه للنص الذي وقع في نوفمبر (تشرين الثاني) مع متمردي «جبهة القوات الثورية المسلحة الكولومبية» (فارك).
ويقول فريديريك ماسيه الخبير السياسي في جامعة «اكسترنادو» في العاصمة الكولومبية بوغوتا، إن عملية السلام الجديدة تبدو صعبة ومختلفة عن تلك التي جرت مع «فارك»، واستمرت أربع سنوات. وأضاف أن «جيش التحرير الوطني يريد تعديلات أعمق بكثير في المجتمع».
وشمل جدول الأعمال ستة عناوين هي: مشاركة المجتمع الأهلي في بناء السلام، والديمقراطية من أجل السلام، والتحولات من أجل السلام، والضحايا، وإنهاء النزاع المسلح وتطبيق الاتفاق النهائي.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.