السودان يطالب مجلس الأمن بتنفيذ استراتيجية خروج «يوناميد»

الخبير الأممي لحقوق الإنسان يصل إلى الخرطوم عشية تمديد مهمة لجنة عقوبات دارفور

السودان يطالب مجلس الأمن بتنفيذ استراتيجية خروج «يوناميد»
TT

السودان يطالب مجلس الأمن بتنفيذ استراتيجية خروج «يوناميد»

السودان يطالب مجلس الأمن بتنفيذ استراتيجية خروج «يوناميد»

طالبت الحكومة السودانية مجلس الأمن الدولي بترجمة ما توصل إليه في قراره القاضي بتجديد تفويض لجنة الخبراء، التابعة للأمم المتحدة التي تراقب حظر الأسلحة في إقليم دارفور لعام إضافي إلى أفعال، وبإنفاذ استراتيجية خروج البعثة المشتركة لحفظ السلام في دارفور (يوناميد)، وفي غضون ذلك وصل أمس إلى البلاد الخبير المستقل المعني بأوضاع حقوق الإنسان لمراجعة مدى التزام الحكومة السودانية بتعهداتها في مجال حقوق الإنسان.
وقالت الخارجية السودانية في نشرة صحافية أمس إن السفير عمر دهب، مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، استشهد في بيانه للمجلس بالشهادات الدولية المتواترة المعتمدة على تقييم واقع الحال في الإقليم، والتي تؤكد توفر فرص وإمكانيات الوصول الإنساني لأي منطقة في دارفور، وطي صفحة النزاع المسلح، واستشراف حاضر ومستقبل السلام في البلاد، وأكدت أن المرجعية المركزية لاتفاقية الدوحة للسلام تعد من «أفضل الصكوك الدولية عالميًا في مجال إنهاء النزاعات ذات الطبيعة الداخلية».
ومدد مجلس الأمن الدولي مهمة فريق الخبراء المعني بلجنة العقوبات الدولية على السودان، والمتعلقة بالنزاع في دارفور لعام آخر، وفقًا للقرار 2340 الذي أصدره المجلس أول من أمس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يتيح إمكانية استخدام القوة لتنفيذ القرار.
ووافق المجلس بالإجماع على مشروع قرار أميركي قضى بتمديد ولاية لجنة العقوبات الدولية المفروضة على السودان، والخاصة بإقليم دارفور لسنة إضافية، تنتهي في 18 مارس (آذار) 2018، ونص القرار الصادر بموجب البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة على تجديد القرار 1591، الصادر عام 2005 بتمديد عمل لجنة العقوبات المكونة من خبراء الأمم المتحدة، استنادًا إلى أن الحالة في السودان «لا تزال تمثل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين». كما أكد القرار على الحاجة لإلحاق كافة الحركات المسلحة بالتفاوض لإحلال السلام في دارفور، والذي يقوده الاتحاد الأفريقي، وأعلن المجلس استعداده لفرض عقوبات تستهدف المتمردين الذين يرفضون المشاركة في جهود السلام الجارية في البلاد، خصوصًا في منطقة جبل مرة، وعلى رأسها حركة جيش تحرير السودان، بقيادة عبد الواحد محمد نور، ودعتها للمشاركة في المباحثات التي تستهدف الوصول لسلام دائم وشامل. كما أبدى المجلس استعداده لفرض عقوبات تستهدف الأفراد أو المجموعات، التي تمارس أفعالاً تقوض جهود السلام، وتزعزع الاستقرار في دارفور، وتعد انتهاكًا لحقوق الإنسان والقوانين المماثلة. كما حذر القرار القوى السياسية والحركات غير الموقعة على اتفاقية خريطة الطريق، باعتبارها حجر زاوية في عمليات وقف العدائيات والحوار السياسي الشامل.
وشدد القرار أيضا على أهمية وضع حد للعنف والانتهاكات المتواصلة لحقوق الإنسان في دارفور، ومواجهة أسباب الصراع بشكل جذري بين الحكومة والحركات المسلحة المتمردة. كما طالب القرار الدولي أطراف النزاع بضبط النفس، والوقف الفوري للعمليات العدائية كافة، بما في ذلك القصف الجوي والهجمات العشوائية على المدنيين، بما فيها انتهاكات قوات الدعم السريع التابعة للحكومة والجماعة الموالية لها.
وأعرب المجلس في قراره عن استيائه مما أطلق عليه انتهاكات القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، التي تقوم بها قوات الأمن الحكومية والجماعات المسلحة، بما في ذلك جماعات المعارضة المسلحة. وحث القرار خبراء لجنة العقوبات على تقديم تقارير عن أنشطتها، في موعد لا يتجاوز أقصاه 12 أغسطس (آب) القادم، على أن تقدم تقارير دورية عن أنشطتها والعقبات التي تعترض عملها كل ثلاثة أشهر.
وفي سياق متصل، وصل أمس الخبير المستقل المعني بأوضاع حقوق الإنسان في السودان أريستيد نونوسي إلى السودان في زيارة تستمر حتى 22 من الشهر الجاري، لتقييم جهود الحكومة السودانية المتعلقة بالتزاماتها الدولية تجاه حقوق الإنسان.
ويزور الخبير المستقبل البلاد بناء على دعوة من حكومة السودان لعقد اجتماعات في الخرطوم ودارفور، والقيام بزيارات ميدانية لمنطقتي سورتوني والجنينة في إقليم دارفور، ونقل تعميم صحافي صادر عن مكتب الأمم المتحدة بالسودان عن نونوسي قوله «سوف أتابع تنفيذ الحكومة السودانية لالتزاماتها الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وذلك بناء على التوصيات الصادرة من آليات حقوق الإنسان فيما يخص السودان، بما في ذلك التوصيات الواردة في تقريري الصادر في سبتمبر (أيلول) 2016 إلى مجلس حقوق الإنسان».
ويلتقي الخبير في زيارته للبلاد الجهات المعنية بملف حقوق الإنسان في البلاد، بما في ذلك الحكومة وممثلو المجتمع المدني والأكاديميون وقادة المجتمع، وممثلو السلك الدبلوماسي المعتمدون في الخرطوم وهيئات الأمم المتحدة لمناقشة الخطوات المتخذة من قبل السلطات لتحسين أوضاع حقوق الإنسان.
ويتوقع أن يتبادل نونوسي المعلومات التي تتعلق بمهمته مع هذه الجهات للتعرف على التحديات التي تواجهها، والاحتياجات الفنية الخاصة ببناء القدرات المطلوب معالجتها لتستطيع الحكومة الإيفاء بالتزاماتها.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».