نصيحة شخصية من القنصل الأميركي وعرب وراء عدم التوجه إلى {الجنايات} الدولية

ترمب يتعمد تجاهل السلطة الفلسطينية ورام الله تعتقد «أن الأمر لن يطول»

نصيحة شخصية من القنصل الأميركي وعرب  وراء عدم التوجه إلى {الجنايات} الدولية
TT

نصيحة شخصية من القنصل الأميركي وعرب وراء عدم التوجه إلى {الجنايات} الدولية

نصيحة شخصية من القنصل الأميركي وعرب  وراء عدم التوجه إلى {الجنايات} الدولية

لم تجر إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أي اتصال بالسلطة الفلسطينية منذ توليه منصبه في الـ20 من يناير (كانون الثاني) الماضي، على الرغم من محاولات الفلسطينيين للتواصل معه. وقال مسؤول فلسطيني لـ«الشرق الأوسط»: «لا البيت الأبيض ولا حتى الخارجية الأميركية... لا أحد يجيب».
ويتضح من المحاولات التي أجرتها السلطة للتواصل مع إدارة ترمب، أنه يتعمد تجاهلها، بعد أن أرسل إليه الرئيس عباس رسالة رسمية أو أكثر، وحاول مساعدون له التواصل مع آخرين في إدارته، لكن من دون جدوى.
وقد بعث عباس إلى ترمب برسالة مكتوبة قبل توليه منصبه، شرح فيها وجهة نظره حول مسألة نقل السفارة إلى القدس، وأخرى مهنئا له بعد توليه منصبه، ولم يتلق ردا.
وبحسب المسؤول الفلسطيني، فقد كان القنصل الأميركي في القدس، هو قناة الاتصال الوحيدة حتى الآن.
والقنصل الأميركي يزور رام الله بين الفينة والأخرى، ويلتقي عباس وعريقات ومسؤولين آخرين في السلطة، وحتى في اللجنة المركزية لحركة فتح. وكان دائما يحمل رسائل من الإدارة الأميركية السابقة. لكنه منذ تولي ترمب الرئاسة، يجري هذه اللقاءات بصورة شخصية.
وقال المسؤول: «القنصل هو الذي طلب من القيادة الفلسطينية تجنب إغضاب الإدارة الأميركية الجديدة في هذا الوقت». وأضاف: «قال رأيه الشخصي حول مخاوف من ردة فعل عنيفة من ترمب، إذا ما أقدمت السلطة على التوجه إلى الجنايات الدولية». وتابع: «قال إنه يخشى من قطع المساعدات، وإغلاق مكتب المنظمة، ووضعها على قائمة الإرهاب، لكن ذلك لم يكن رسالة رسمية من الإدارة الأميركية».
المسؤولون الفلسطينيون، أخذوا التهديد على محمل الجد، كونه أتى من رجل الإدارة الأميركية في المنطقة، وبعد تجاهل ترمب لهم، وتلميحات قالها بنفسه، بأنه سيعيد دراسة المساعدات المقدمة للسلطة.
وفي وقت سابق، قال أمين سر اللجنة التنفيذية الأسبق لمنظمة التحرير، ياسر عبد ربه، إن القيادة الفلسطينية تخشى فعلا من ردة فعل أميركية وإسرائيلية إذا ما ذهبت إلى الجنايات.
وبالتدقيق في بيانات الرئاسة الفلسطينية، يتضح حرص المؤسسة الرسمية الفلسطينية على عدم إغضاب ترمب.
لذا، اقتصر بيان الرئاسة الأخير، الذي جاء ردا على شرعنة إسرائيل مستوطنات على أرض فلسطينية خاصة، على الإدانة، ولم يشر إلى نية التوجه إلى الجنايات الدولية. بل لجأ الفلسطينيون إلى الطلب من ترمب فتح حوار معهم عبر البيانات الرسمية.
وفي هذا الصدد، قال عباس، إنه يتطلع إلى العمل معه. كما أصدرت وزارة الخارجية بيانا الأسبوع الماضي، طلبت فيه من وزير الخارجية الأميركي الجديد، ريكس تيلرسون، إطلاق مفاوضات جدية بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. ودعت الخارجية إدارة ترمب، إلى «الإسراع في فتح حوارات مباشرة بين الولايات المتحدة وطرفي الصراع دون تجاهل أو تغييب أي منهما».
ويعتقد مراقبون، أنه من دون أن يعطي الفلسطينيون إدارة ترمب الوقت الكافي، لن يلجأوا إلى إغضابه بالذهاب إلى الجنايات.
ولم تشجع دول عربية القيادة الفلسطينية على مثل هذه الخطوة أصلا وطلبت منها التروي.
وكان مسؤولون فلسطينيون، قد أعلنوا مرارا، في مرات سابقة، أنهم سيتوجهون فورا إلى الجنايات بشأن ملف المستوطنات، وملفات أخرى كذلك.
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن السلطة لم تقدم شكوى رسمية حتى الآن، وإنما «إحالة» فقط، وهي بمثابة إحاطة الجنايات علما بوجود ملف.
ولكن حتى مع تجنب أخذ خطوات ضد إسرائيل، يصر ترمب على تجاهل الفلسطينيين، وهو ما يثير قلقا متزايدا في رام الله، خصوصا أن الرئيس الأميركي، أجرى في وقت قصير، مكالمتين مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. وسيلتقيه في واشنطن في يوم الـ15 فبراير (شباط) الحالي.
ويأمل مسؤولون فلسطينيون أن يفتح ترمب قناة اتصال مع رام الله بعد لقائه نتنياهو. وتعتقد القيادة الفلسطينية، أن ترمب لا يستطيع تجاهلها إلى وقت طويل، إذا أراد فعلا دفع عملية السلام كما أعلن مسبقا.
وكان ترمب أعرب في وقت سابق، عن اعتقاده بإمكانية تحقيق السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط، على الرغم من الأوقات العصيبة التي تمر بها المنطقة.
وأوكل ترمب مهمة متابعة هذا الملف، إلى زوج ابنته جاريد كوشنير.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.