وثائق «سي آي إيه» إيران والجيران بعد ثورة الخميني (5): «سي آي إيه» تجري تقييمًا ذاتيًا لإخفاقاتها

بعد قبول طهران القرار الأممي لوقف إطلاق النار وإنهاء حرب الخليج الأولى

سيدة إيرانية تودع ابنها المتجه للقتال في العراق (غيتي)
سيدة إيرانية تودع ابنها المتجه للقتال في العراق (غيتي)
TT

وثائق «سي آي إيه» إيران والجيران بعد ثورة الخميني (5): «سي آي إيه» تجري تقييمًا ذاتيًا لإخفاقاتها

سيدة إيرانية تودع ابنها المتجه للقتال في العراق (غيتي)
سيدة إيرانية تودع ابنها المتجه للقتال في العراق (غيتي)

خلال العام الأخير من الحرب العراقية الإيرانية، وعلى وجه التحديد قبل منتصف 1988، بدأت تظهر مؤشرات انتهاء المعارك، ومع ذلك استمر غالبية محللي الشأن الإيراني في وكالة الاستخبارات المركزية في تقديم استنتاجات خاطئة، عبر دائرة تحليل المعلومات إلى الرئيس الأميركي رونالد ريغان، ونائبه جورج بوش، ووزير خارجيته جورج شولتز، مفادها أن المرشد الديني الإيراني آية الله الخميني لن يقبل أبدًا بوقف غير مشروط لإنهاء الحرب مع العراق، في ظل التوازن القائم بين البلدين الجارين المتحاربين.
وخلافًا لتوقعات المحللين، أعلنت طهران قبولها لقرار أممي يدعو إلى وقف إطلاق النار، وهو ما جعل مسؤولي الوكالة يشعرون بالإحراج أمام صناع القرار. ولهذا السبب، قررت دائرة تحليل المعلومات في الوكالة مراجعة الكم الهائل من تقارير النصف الأول من عام 1988، في محاولة لمعرفة ما المقدمات الخاطئة التي قادت إلى التوصل لنتائج خاطئة.
ولجأ المعنيون بالتقويم إلى أسلوب علمي بحثي في المراجعة، إذ انتهى عملهم بورقة بحثية هدفت إلى استخلاص الدروس المستفادة من الأخطاء، وفي الوقت ذاته تقديم ما يشبه المرافعة لمسؤولي الوكالة بأن الإخفاق الجزئي لم يكن خطيرًا، استنادًا إلى نتائج وثيقة التقييم التي رأينا تسليط الضوء عليها هنا في الحلقة الخامسة والأخيرة، لما تتضمنها من إشارات وتلخيصات لتقارير كثيرة سبقت زمنيًا التاريخ الأصلي لهذه الوثيقة.
يعود تاريخ الوثيقة الأصلي إلى 17 أغسطس (آب) من عام 1988، وصنفت صفحاتها الـ12 بين «سري» و«سري للغاية».
رفعها ريتشارد ج. كير، نائب مدير دائرة المعلومات، إلى مدير وكالة المخابرات المركزية ونائبه حينها.
وهذا ما جاء في مقدمتها:
أرفق إليكم مع هذه المذكرة تقييمًا لتقارير موظفي دائرة تحليل المعلومات عن الإصرار الإيراني على مواصلة الحرب (مع العراق)، وأعتقد أنه من المفيد أن نتمعن جيدًا في مدى سلامة تقييمنا للضغوط التي تعرضت لها إيران قبل موافقتها على قرار الأمم المتحدة الشهر الماضي (يوليو/ تموز).
كما أعتقد أن تقييمًا مثل هذا جيد جدًا. وإذا كان هناك ما يمكن الإشارة إليه بشأن التقييم، فهو أن اتضاح الرؤية جاء بعد فوات الأوان، فلم تكن الرؤية واضحة لدينا بما فيه الكفاية في حينه، عن الجدل الداخلي الذي لا بد أنه قد جرى في إيران قبل إعلان قبول القرار. وأظن أن نتائج ذلك النقاش لم تكن قابلة للتأكد منها في ذلك الحين، وستجدون في المقتطفات المختصرة الملحقة بالتقييم المرفق معلومات مفيدة جدًا لفهم مراحل تطور تحليلاتنا.
وهناك واقعة معينة حيرتنا أكثر من غيرها، وهي اللامبالاة التي قابل بها الإيرانيون إسقاط طائرتهم. لقد كانت توقعات محللينا المدونة تؤكد أن الحادث سيدفع إيران إلى اتخاذ مواقف أكثر تشددًا ضد الولايات المتحدة، وإلى تصعيد الحرب نفسها. ولكن على غير المتوقع، يبدو أن الحادث اعتبر بسيطًا أو هامشيًا إلى حد ما، من وجهة نظر الإيرانيين.

رفسنجاني هو من أقنع الخميني بوقف الحرب
على النقيض من الدراسات الأكاديمية التي تتألف من ثلاثة أجزاء، تبدأ بالمقدمة ثم التفاصيل وتنتهي بالخاتمة، فإن التقارير الاستخبارية تنحو منحى مختلفًا من حيث الترتيب، حيث تراعي ضيق الوقت وكثرة المهام لدى صناع القرار، فتبدأ بالخلاصة أو بالنقاط الجوهرية التي توصل إليها المحلل أو المحللون، ثم تدخل في شرح كيفية الوصول إلى تلك النتائج. فإذا تمكن صانع القرار من قراءة الورقة كاملة، فهو شيء جيد، وإن اكتفى بقراءة السطور الأولى منها، فيكون جوهر الموضوع قد وصل إليه، لأنه مدون في تلك السطور التي لا يجب إهدارها بمقدمات أو شروح يفضل ألا تتصدر الأوراق المقدمة لكبار مسؤولي الدولة.
ولم تخرج ورقة التقييم الخاصة بتقارير الحرب العراقية الإيرانية عن هذه القاعدة، إذ إن دائرة المعلومات تولت إعدادها بهدف تحديد مكامن الخطأ، والكشف عن الدروس المستفادة من الإخفاق المفترض، ولهذا فقد بدأ التقييم بإيراد النتائج في نقاط جوهرية، على رأسها استدراك الوكالة أن المزيد من الاهتمام كان يجب أن يولى لدور هاشمي رفسنجاني الذي رجحت أنه كان راغبًا وقادرًا على تغيير موقف آية الله الخميني، وهو من تولى إقناعه بتجرع السم.

مجال الدراسة
كما استعرضت الوثيقة تقييمًا للإعلام، والمواد المتعلقة بإيران والعراق في النشرة الاستخبارية اليومية، والأبحاث والمذكرات والنقاط المكتوبة التي كانت بمثابة أساس لإحاطات شفوية. واستعرضت المذكرات والمراسلات المتبادلة بين الوكالات المختلفة خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) 1988 إلى 20 يوليو 1988. وركزت على إيجاد إجابات للأسئلة التالية:
ما المواضيع التحليلية الرئيسية والاستنتاجات التي ثبت صحتها؟ وهل تم عرضها بفاعلية واستمرارية؟
هل كانت الاستنتاجات بصورة عامة صحيحة في تفسيرها للأحداث والتقييمات والتحليلات؟
كيف تم تطوير توقعاتنا للتطورات المستقبلية، على وجه التحديد قرار إيران قبول وقف إطلاق النار؟
هل قدم المحللون العاملون في الملف العراقي الإيراني تغطية كافية خلال الفترة المشمولة بالتقرير؟

إخفاق التوقعات
«غني عن القول إننا لم نتوقع أن الحكومة الإيرانية ستغير (موقفها الراسخ) لمدة ثماني سنوات، وتقبل بوقف غير مشروط لإطلاق النار»، هكذا قيمت الوكالة أداءها الاستخباراتي في حرب الخليج الأولى.
ولكنها عادت لتبرر: «الطريق الوحيد الذي كنا سنعلم من خلاله بالتغيير الجذري في موقف إيران قبل إعلانه هو عن طريق مصدر لنا داخل دائرة الحكم الضيقة في طهران، وحتى هذا المصدر قد يكون قادرًا على إبلاغنا قبل أيام معدودة فقط من إعلان القرار».
ما أبداه محللونا في التحليلات المتعلقة بسير الحرب هو مدى التأرجح على الجانب الإيراني من وضع مريح إلى وضع يمكن تحمله، وفي الأخير وضع صعب مع حلول منتصف العام، ثم سرعان ما تحول إلى صعب جدًا إلى درجة لا تطاق في يوليو.

جيش إيراني متقهقر
ونوه التقرير إلى أن المحللين كانوا قد لاحظوا كذلك على الجيش الإيراني أن الروح المعنوية لجنوده قد أصبحت منخفضة، والاحتكاكات بين أفراده أصبحت كثيرة، فضلاً عن النقص الخطير في المعدات واللوازم، وصعوبة في التجنيد، وضعف في التدريب والقيادة. وفي المقابل، يختلف الأمر على الجانب العراقي، فهذه العوامل السلبية يقابلها تزايد روح العمل الجماعي بين أفراد القوات العراقية، وتم بذل جهد مفيد في التركيز على توظيف الحرب الكيماوية من قبل العراقيين، وتأثيرها على سير الصراع. وتجمع كل الاستنتاجات على أن جهود إيران غير مجدية لإجبار الولايات المتحدة وحلفائها من دول الخليج، على حد سواء، من خلال الوسائل الدبلوماسية والعسكرية.

الاستنتاجات الرئيسية
* غالبية المحللين ظلوا طوال الشهور السابقة لوقف إطلاق النار على قناعة بأنه لا شيء يمكن أن يجبر خميني إيران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات سوى تهديد وجودي لنظامه.

* في مايو (أيار) ويونيو (حزيران) من عام 1988 بدأت تظهر أقلية من المحللين لها وجهة نظر مخالفة مفادها أن طهران أصبحت مستعدة لإجراء محادثات.

* رأي الغالبية هو ما تم إدراجه في التقديرات الاستخباراتية العديدة، في النشرة الاستخبارية اليومية وفي الملف اليومي الخاص بالرئيس، وكذلك في جميع الأوراق البحثية والدراسات الأكثر تفصيلاً.

* كانت وجهتا النظر المتنافستان تعكسان اختلافًا في فهم المحللين للمناقشات التي كان تجري بين القيادات الإيرانية طوال هذه الفترة.

* ابتداء من أبريل (نيسان) بدأ المحللون إجراء نقاشات بشأن إمكانية التغيير في التفكير الإيراني بشأن وقف الحرب.

* أجمع الفريقان المتنافسان في وجهتي النظر، على صعوبة، وربما استحالة، التنبؤ بمتى يُمكِن إقناع آية الله الخميني بـ«تجرع السم»، حسب وصفه هو نفسه لمشاعره من وقف الحرب.

* كان يجب تولية المزيد من الاهتمام لدور رفسنجاني، الذي من المرجح أنه كان راغبًا وقادرًا على تغيير موقف آية الله الخميني، وكان من تولى إقناعه على تجرع السم.

* طوال الفترة ما بين 1 يناير (كانون الثاني) و20 يوليو (تموز) 1988، لم يتوقع غالبية المحللين مطلقًا أن تقبل الحكومة الإيرانية بوقف إطلاق نار غير مشروط.

* تحليلات الوثيقة كشفت ظهورًا تدريجيًا للنكسات العسكرية، والمشكلات الاقتصادية، والفشل الدبلوماسي في طهران، بحلول يوليو، مما وضع الخميني تحت ضغط كبير وحد من خياراته بشكل كبير.

* جرى توثيق حقيقة أن إيران بدأت بالتقهقر في حربها مع العراق.



غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

TT

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)
مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)

في المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، على مساحة لا تزيد على 360 كيلومتراً مربعاً، بطول 41 كم، وعرض يتراوح بين 5 و15 كم، يعيش في قطاع غزة نحو مليوني نسمة، ما يجعل القطاع البقعة الأكثر كثافة سكانية في العالم.

تبلغ نسبة الكثافة وفقاً لأرقام حديثة أكثر من 27 ألف ساكن في الكيلومتر المربع الواحد، أما في المخيمات فترتفع الكثافة السكانية إلى حدود 56 ألف ساكن تقريباً بالكيلومتر المربع.

تأتي تسمية القطاع «قطاع غزة» نسبة لأكبر مدنه، غزة، التي تعود مشكلة إسرائيل معها إلى ما قبل احتلالها في عام 1967، عندما كانت تحت الحكم المصري.

فقد تردد ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، في احتلال القطاع بعد حرب 1948، قبل أن يعود بعد 7 سنوات، في أثناء حملة سيناء، لاحتلاله لكن بشكل لم يدُم طويلاً، ثم عاد واحتله وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان عام 1967.

خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

في عام 1987، أطلق قطاع غزة شرارة الانتفاضة الشعبية الأولى، وغدا مصدر إزعاج كبيراً لإسرائيل لدرجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين، تمنى لو يصحو يوماً ويجد غزة وقد غرقت في البحر.

لكن غزة لم تغرق كما يشتهي رابين، ورمتها إسرائيل في حضن السلطة الفلسطينية عام 1994 على أمل أن تتحول هذه السلطة إلى شرطي حدود. لكن هذا كان أيضاً بمثابة وهم جديد؛ إذ اضطرت إسرائيل إلى شن أولى عملياتها العسكرية ضد غزة بعد تسليمها السلطة بنحو 8 سنوات، وتحديداً في نهاية أبريل (نيسان) 2001.

وفي مايو (أيار) 2004، شنت إسرائيل عملية «قوس قزح»، وفي سبتمبر (أيلول) 2004، عادت ونفذت عملية «أيام الندم». ثم في 2005، انسحبت إسرائيل من قطاع غزة ضمن خطة عرفت آنذاك بـ«خطة فك الارتباط الأحادي الجانب».

بعد الانسحاب شنت إسرائيل حربين سريعين، الأولى في 25 سبتمبر (أيلول) 2005 باسم «أول الغيث»، وهي أول عملية بعد خطة فك الارتباط بأسبوعين، وبعد عام واحد، في يونيو (حزيران) 2006، شنت إسرائيل عملية باسم «سيف جلعاد» في محاولة فاشلة لاستعادة الجندي الإسرائيلي الذي خطفته «حماس» آنذاك جلعاد شاليط، بينما ما زالت السلطة تحكم قطاع غزة.

عام واحد بعد ذلك سيطرت حماس على القطاع ثم توالت حروب أكبر وأوسع وأضخم تطورت معها قدرة الحركة وقدرات الفصائل الأخرى، مثل «الجهاد الإسلامي» التي اضطرت في السنوات الأخيرة لخوض حروب منفردة.

ظلت إسرائيل تقول إن «طنجرة الضغط» في غزة تمثل تهديداً يجب التعامل معه حتى تعاملت معها «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بانفجار لم تتوقعه أو تستوعبه إسرائيل وجر حرباً دموية على غزة، وأخرى على لبنان، وسلسلة مواجهات باردة في جبهات أخرى في حرب تبدو نصف إقليمية، وما أسهل أن تتحول إلى نصف عالمية.

أبرز الحروب

«الرصاص المصبوب» حسب التسمية الإسرائيلية أو «الفرقان» فلسطينياً:

بدأت في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2008، وشنت خلالها إسرائيل إحدى أكبر عملياتها العسكرية على غزة وأكثرها دموية منذ الانسحاب من القطاع في 2005. واستهلتها بضربة جوية تسببت في مقتل 89 شرطياً تابعين لحركة «حماس»، إضافة إلى نحو 80 آخرين من المدنيين، ثم اقتحمت إسرائيل شمال وجنوب القطاع.

خلفت العمليات الدامية التي استمرت 21 يوماً، نحو 1400 قتيل فلسطيني و5500 جريح، ودمر أكثر من 4000 منزل في غزة، فيما تكبدت إسرائيل أكثر من 14 قتيلاً وإصابة 168 بين جنودها، يضاف إليهم ثلاثة مستوطنين ونحو ألف جريح.

وفي هذه الحرب اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» إسرائيل باستخدام الفسفور الأبيض بشكل ممنهج في قصف مناطق مأهولة بالسكان خلال الحرب.

«عمود السحاب» إسرائيلياً أو «حجارة السجيل» فلسطينياً:

أطلقت إسرائيل العملية في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 باغتيال رئيس أركان «حماس»، أحمد الجعبري. واكتفت إسرائيل بالهجمات الجوية ونفذت مئات الطلعات على غزة، وأدت العمليات إلى مقتل 174 فلسطينياً وجرح 1400.

شنت «حماس» أعنف هجوم على إسرائيل آنذاك، واستخدمت للمرة الأولى صواريخ طويلة المدى وصلت إلى تل أبيب والقدس وكانت صادمة للإسرائيليين. وأطلق خلال العملية تجاه إسرائيل أكثر من 1500 صاروخ، سقط من بينها على المدن 58 صاروخاً وجرى اعتراض 431. والبقية سقطت في مساحات مفتوحة. وقتل خلال العملية 5 إسرائيليين (أربعة مدنيين وجندي واحد) بالصواريخ الفلسطينية، بينما أصيب نحو 500 آخرين.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - «كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

«الجرف الصامد» إسرائيلياً أو «العصف المأكول» فلسطينياً:

بدأتها إسرائيل يوم الثلاثاء في 8 يوليو (تموز) 2014، ظلت 51 يوماً، وخلفت أكثر من 1500 قتيل فلسطيني ودماراً كبيراً.

اندلعت الحرب بعد أن اغتالت إسرائيل مسؤولين من حركة «حماس» اتهمتهم أنهم وراء اختطاف وقتل 3 مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

شنت إسرائيل خلال الحرب أكثر من 60 ألف غارة على القطاع ودمرت 33 نفقاً تابعاً لـ«حماس» التي أطلقت في هذه المواجهة أكثر من 8000 صاروخ وصل بعضها للمرة الأولى في تاريخ المواجهات إلى تل أبيب والقدس وحيفا وتسببت بشل الحركة هناك، بما فيها إغلاق مطار بن غوريون.

قتل في الحرب 68 جندياً إسرائيلياً، و4 مدنيين، وأصيب 2500 بجروح.

قبل نهاية الحرب أعلنت «كتائب القسام» أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري لجيش الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وما زال في الأسر.

«صيحة الفجر»:

عملية بدأتها إسرائيل صباح يوم 12 نوفمبر عام 2019، باغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، بهاء أبو العطا، في شقته السكنية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وردت «حركة الجهاد الإسلامي» بهجوم صاروخي استمر بضعة أيام، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية.

كانت أول حرب لا تشارك فيها «حماس» وتنجح إسرائيل في إبقائها بعيدة.

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

«حارس الأسوار» أو «سيف القدس»:

بدأت شرارتها من القدس بعد مواجهات في حي الشيخ جراح، واقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ثم تنظيم مسيرة «الأعلام» نحو البلدة القديمة، وهي المسيرة التي حذرت «حماس» من أنها إذا تقدمت فإنها ستقصف القدس، وهو ما تم فعلاً في يوم العاشر من مايو (أيار) عام 2021.

شنت إسرائيل هجمات مكثفة على غزة وقتلت في 11 يوماً نحو 250 فلسطينياً، وأطلقت الفصائل أكثر من 4 آلاف صاروخ على بلدات ومدن في إسرائيل، ووصلت الصواريخ إلى تخوم مطار رامون، وقتل في الهجمات 12 إسرائيلياً.

 

«الفجر الصادق» أو «وحدة الساحات»:

كررت إسرائيل هجوماً منفرداً على «الجهاد» في الخامس من أغسطس (آب) 2022 واغتالت قائد المنطقة الشمالية لـ«سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، تيسير الجعبري، بعد استنفار أعلنته «الجهاد» رداً على اعتقال مسؤول كبير في الحركة في جنين في الضفة الغربية، وهو بسام السعدي.

ردت «حركة الجهاد الإسلامي» بمئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، وقالت في بيان إنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح)، في انتقاد مبطن لعدم مشاركة «حماس» في القتال. توقفت العملية بعد أيام قليلة إثر تدخل وسطاء. وقتل في الهجمات الإسرائيلية 24 فلسطينياً بينهم 6 أطفال.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام خريطة لغزة خلال مؤتمره الصحافي في القدس ليلة الاثنين (إ.ب.أ)

«السهم الواقي» أو «ثأر الأحرار»:

حرب مفاجئة بدأتها إسرائيل في التاسع من مايو 2023، باغتيال 3 من أبرز قادة «سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة)، أمين سر المجلس العسكري لسرايا القدس، جهاد غنام (62 عاماً)، وقائد المنطقة الشمالية في السرايا خليل البهتيني (44 عاماً)، وعضو المكتب السياسي أحد مسؤولي العمل العسكري في الضفة الغربية، المبعد إلى غزة، طارق عز الدين (48 عاماً).

وحرب عام 2023 هي ثالث هجوم تشنه إسرائيل على «الجهاد الإسلامي» منفرداً، الذي رد هذه المرة بتنسيق كامل مع «حماس» عبر الغرفة المشتركة وقصف تل أبيب ومناطق أخرى كثيرة بوابل من الصواريخ تجاوز الـ500 صاروخ على الأقل.

... ثم الحرب الحالية في السابع من أكتوبر 2023.