خلافات في {آستانة} تعرقل صياغة آليات مراقبة لوقف إطلاق النار

موسكو تصر على تجاهل بيان جنيف لتسوية الأزمة وتتمسك بالدستور

أطفال سوريون في الجزء الخلفي من عربة، امس، في بلدة سقبا بريف دمشق التي تسيطر عليها فصائل معارضة  (إ ف ب)
أطفال سوريون في الجزء الخلفي من عربة، امس، في بلدة سقبا بريف دمشق التي تسيطر عليها فصائل معارضة (إ ف ب)
TT

خلافات في {آستانة} تعرقل صياغة آليات مراقبة لوقف إطلاق النار

أطفال سوريون في الجزء الخلفي من عربة، امس، في بلدة سقبا بريف دمشق التي تسيطر عليها فصائل معارضة  (إ ف ب)
أطفال سوريون في الجزء الخلفي من عربة، امس، في بلدة سقبا بريف دمشق التي تسيطر عليها فصائل معارضة (إ ف ب)

لم يتمكن المشاركون الرعاة في اجتماع آستانة أمس، الخاص بوضع آليات لمراقبة وقف إطلاق النار في سوريا، من التوصل إلى اتفاق نهائي حولها. هذا في الوقت الذي أصرت فيه موسكو على تجاهل آليات جنيف لتسوية الأزمة السورية وتمسكت بضرورة مناقشة الأطراف السورية الدستور المقترح، بحسب ما ورد على لسان وزير خارجيتها.
وعقد خبراء عسكريون من الدول الراعية لاتفاق وقف الأعمال القتالية في سوريا، اجتماعهم الأول، أمس، في العاصمة الكازاخية، ضمن ما يُطلق عليه «مجموعة العمليات المشتركة»، بهدف صياغة آليات لمراقبة التزام الأطراف السورية بوقف إطلاق النار.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة في العاصمة الكازاخية، بأن خلافات حول التزام الأطراف بوقف إطلاق النار خلال الفترة التي تلت مفاوضات آستانة يومي 23 و24 فبراير (شباط)، فضلا عن خلافات شكلية بين الوفود حول كيفية تنفيذ آليات مراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار، وتحديد المناطق الخاضعة لسيطرة «جبهة النصرة»، حالت دون الإعلان أمس عن اتفاق نهائي. وقالت المصادر إن الوفود قررت التشاور مع عواصمها، على أن تعود وتواصل جهودها لصياغة اتفاق نهائي حول كل القضايا المطروحة.
من جهته، قال رئيس الوفد الروسي إن مجموعة العمليات المشتركة ستعقد اجتماعًا ثانيًا يومي 15 و16 فبراير، «أي قبل مفاوضات جنيف، وسيتم خلاله بحث الوضع في الغوطة ووادي بردى بالتفصيل».
وقال ستانيسلاف حجي محميدوف، نائب رئيس مديرية العمليات في هيئة الأركان الروسية رئيس الوفد العسكري الروسي إلى آستانة، في تصريحات للصحافيين، إن «المجتمعين بحثوا الوضع حول الالتزام بوقف إطلاق النار»، لافتًا إلى أن «بعض الخروقات مستمرة، إلا أنها تراجعت بشكل عام»، مؤكدًا الاتفاق على العمل حتى التوصل إلى ضمان الالتزام التام بالاتفاق وعدم تكرار الخروقات.
وكشف محميدوف عن صياغة روسيا وثائق إضافية «تنظم شروط وقف تلك الأعمال، وتحدد مسؤوليات الأطراف في ضمان الوصول الإنساني، وتبادل المحتجزين قسريًا، وغيرها من تفاصيل»، واصفا تلك الوثائق بأنها «معقدة ويجب التوافق عليها مع المعارضة والحكومة».
وفي حديثه عن بعض النتائج التي تم تحقيقها خلال مفاوضات آستانة، أمس، أكد محميدوف في حديث لقناة «روسيا - 24»، أن الخبراء من الدول الراعية تمكنوا من وضع خريطة تحدد المناطق الخاضعة لسيطرة «جبهة النصرة»، لافتًا إلى «عمليات عسكرية تنفذها فصائل من الجيش الحر ضد (جبهة النصرة) في محافظتي إدلب وحلب»، داعيًا إلى القيام بعمليات مماثلة في مناطق وسط سوريا.
في غضون ذلك تواصل موسكو تأكيدها على ضرورة بحث مشروع الدستور الروسي كخطوة تالية بعد وقف إطلاق النار.
وتجاهل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، تسوية الأزمة السورية التي حددها بيان جنيف والقرار «2254». واعتبر أن الخطوة التالية هي إعداد مشروع دستور سوري. وقال لافروف في مؤتمر صحافي عقب محادثاته أمس مع نظيرته الفنزويلية، إن الهدف من لقاء آستانة كذلك «الحديث حول التحضيرات للخطوة التالية، أي مشاركة الحكومة وفصائل المعارضة المسلحة في المفاوضات السياسية»، ودون إشارة إلى قوى المعارضة السياسية، اعتبر أن المحادثات السياسية يجب أن تشمل «بما في ذلك مفاوضات حول إعداد الدستور لبحثه فيما بعد من جانب جميع القوى السياسية السورية»، وقال إن الهدف من هذا كله هو «تحفيز الحوار السوري الشامل»، مشددًا على أن نتيجته يجب أن تكون «التوصل لاتفاق تصوغه القوى السورية» دون أي إشارة إلى الأسس التي يجب أن يقوم عليها ذلك الاتفاق.
وكان ستانيسلاف محميدوف قد ذكر أن المجتمعين في آستانة لم يبحثوا مشروع الدستور السوري، إلا أنه أكد «عرض اقتراح المعارضة السورية والنظام لتشكيل لجان عمل خاصة بصياغة مشروع الدستور»، معربا عن اعتقاده بأن هذه الخطوة من شأنها تنظيم العمل على صياغة الدستور، وأنه «على أساس تلك اللجان يمكن لاحقا تشكيل لجنة دستورية لإنجاز صياغة الدستور، ووضع آليات اعتماده».
الدكتور رياض نعسان آغا، الناطق باسم الهيئة العليا للمفاوضات، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الهيئة ستشكل وفدها لمؤتمر جنيف وليس في برنامج عملها مناقشة الدستور، «فنحن مهتمون بمناقشة عملية الانتقال السياسي حاليا».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.