«بيت الزيتون» سخاء لبناني على كتف الماء

عنوان يحول منطقة صناعية إلى مغناطيس للذواقة

يقدم المأكولات اللبنانية التقليدية في قالب عصري (تصوير: عزت بلتجي) - فطاير الزعتر والجبن - تصل القوارب إلى مدخل المطعم من الخلف (تصوير: عزت بلتجي)
يقدم المأكولات اللبنانية التقليدية في قالب عصري (تصوير: عزت بلتجي) - فطاير الزعتر والجبن - تصل القوارب إلى مدخل المطعم من الخلف (تصوير: عزت بلتجي)
TT

«بيت الزيتون» سخاء لبناني على كتف الماء

يقدم المأكولات اللبنانية التقليدية في قالب عصري (تصوير: عزت بلتجي) - فطاير الزعتر والجبن - تصل القوارب إلى مدخل المطعم من الخلف (تصوير: عزت بلتجي)
يقدم المأكولات اللبنانية التقليدية في قالب عصري (تصوير: عزت بلتجي) - فطاير الزعتر والجبن - تصل القوارب إلى مدخل المطعم من الخلف (تصوير: عزت بلتجي)

إذا كنت قد زرت لندن من قبل أو كنت من سكانها، تعرف بالتأكيد بأن المطاعم اللبنانية منتشرة بكثرة في أرجاء المدينة كافة، الطلب الغربي عليها كبير، وطلب العرب عليها لا حاجة لتفسيره، وقد تظن بأن الساحة أصبحت مكتظة جدا، ولا تتسع للمزيد إلى أن تجرب أطباق «بيت الزيتون» Beit El Zaytoun أجدد عنوان للأكل اللبناني في منطقة «أكتون» في غرب لندن المعروفة كونها منطقة صناعية تنتشر فيها المعامل ولكنها معروفة أيضا بأنها تضم المخابز اللبنانية والعراقية ومحلات بيع الحلويات الشرقية التي توزع لمحلات السوق المحلية.
عندما تصل إلى «بيت الزيتون» سوف تظن للوهلة الأولى أنك وصلت إلى العنوان الخطأ، مبنى عادي من الخارج يحمل اسم المطعم، تدخل إليه فستقبلك رائحة المخبوزات التي تظنها تقول لك «أهلا وسهلا» بلغتها الخاصة (إذا كان للمعجنات لغة)، وسيلفتك الديكور العصري ونظافة واجهة عرض المأكولات، ديكور بسيط غير مبالغ به، ولكنه جذاب وأنيق، والمفاجأة الكبرى هي الجلسة في الهواء الطلق في الجهة الخلفية من المطعم، والمفاجأة الأكبر هي موقعها بمحاذاة قناة المياه المعروفة باسم «ريجنتس كانال» التي تشق القوارب طريقها إلى هذه النقطة المعروفة باسم «أكتون لوك» بدءا من وسط لندن مرورا بـ«ليتل فينيس» في ميدافيل.
المنظر رائع، استطاع أيمن عاصي صاحب المشروع أن يستغل موقع المطعم بطريقة ذكية وأنيقة جدا، وترضي الجميع، لأن الباحة الخارجية تقدم فيها الأرجيلة أو الشيشة مع إمكانية التدخين، ويمكن الجلوس على أرائكها المريحة في أي وقت من الأوقات لأنها مدفأة بشكل جيد جدا، وتوضع على الكراسي أغطية سميكة توقيك برد لندن القاسي في بعض الأوقات، يقول عاصي: «إنه سعيد بإقبال الزبائن على مشروعه الجديد ويسعى إلى توسيعه وإضافة طابق علوي قريبا جدا».
زرت الكثير من المطاعم اللبنانية في لندن، بعضها جيد وبعضها أقل من لا بأس به، وللأمانة والصراحة هناك نوعان من المطاعم اللبنانية، التجارية المخصصة للأجانب لأنهم لا يعرفون الفرق ما بين الأكل اللبناني الجيد والأقل جودة، والنوع الثاني يركز على نوعية الطعام وعلى السخاء في التقديم وهذا الشيء ينطبق على «بيت الزيتون» الذي فتح أبوابه منذ 3 أشهر ليصبح حديث المدينة، فلا تخلو جلسة إلا وذكر اسم المطعم، لأنه يقدم أطباقا عالية الجودة بكرم واضح وبأسعار مدروسة جدا، فالمعروف عن المطاعم اللبنانية في لندن أنها غالية لدرجة أن بعض الشركات تمنع مديريها من تنظيم دعوات غداء أو عشاء العمل مع زبائنهم فيها لأنها باهظة الثمن.
ينظم «بيت الزيتون» كثيرًا من النشاطات التي تجمع العرب من مختلف جنسياتهم تحت سقف واحد، من بينها سهرة أسبوعية كل ليل خميس على أنغام العود، وتقدم المناقيش خلال تلك الأمسية على الصاج فتشعر وكأنك في لبنان.
وأجدد النشاطات التي نظمها المطعم، كان فطورا لبنانيا دعينا إليه، وسيقام صباح أيام السبت، حيث يتمكن الزبائن من تحضير المناقيش على طريقتهم الخاصة، فيأتي النادل إليك بلوح من الخشب وعليه قطع العجين مع ما لذ وطاب من المكونات مثل الزعتر والزيت والجبن وغيرها، وتقوم بنفسك بتحضير المنقوشة، وتوضع بالفرن وترجع إلى الطاولة جاهزة للأكل، وفي الخلفية صوت فيروز يصدح في ثنايا المكان، فتشعر أنك فعلا في لبنان مع تلك الإطلالة الرائعة على القوارب التي تمخر القناة على مسافة قريبة جدا منك.
من الأطباق المميزة الأخرى التي تقدم للفطور الفتة اللبنانية باللبن واللحم والصنوبر والفول المدمس والحمص والبيض بالقاورما.
ولمحبي التدخين، تقدم الشيشة على التراس الخارجي يوميا حتى ساعة متأخرة، وتقدم بعدة نكهات.
وأخيرا لا تترك المطعم إلا بعد أن تملأ استمارة للتعبير عن رأيك في الخدمة والأسعار والأكل... وما لفتني كان قول النادل: «أرجوك ركزي على النقاط السلبية لأن هدفنا التحسين» وبصراحة لم أجد أي نقطة سلبية.



أين تأكل ألذ «فيش آند تشيبس»؟

أين تأكل ألذ «فيش آند تشيبس»؟
TT

أين تأكل ألذ «فيش آند تشيبس»؟

أين تأكل ألذ «فيش آند تشيبس»؟

في زحمة المطابخ العالمية التي تغزو شوارع لندن، يظلّ المطبخ الإنجليزي ثابتاً على مائدته التقليدية، متكئاً على أطباق متوارثة تحمل نكهة الماضي وهُوية المكان. وبين تلك الأطباق، تتربّع وجبة «فيش آند تشيبس» على العرش، بوصفها رمزاً شعبياً عابراً للطبقات الاجتماعية والأجيال.

«فيش آند تشيبس» ليست مجرد وجبة سريعة مكوّنة من سمك القد (cod) أو (haddock)، المقلي بقشرة ذهبية خفيفة ويُقدَّم مع بطاطس مقلية سميكة وخلّ وصلصة التارتار، (وأحياناً البازلاء المهروسة)، بل هي قصة وطن نسجتها الثورة الصناعية، ورافقتها الحروب، واحتضنتها المقاهي وأكشاك الشوارع، حتى أصبحت علامة ثقافية في الوعي البريطاني. ورغم ما يقال عن بساطة مكوّناتها، فإنها تختزن في طياتها تاريخاً طويلاً من التحوّلات الاجتماعية والاقتصادية، وتعكس فلسفة البريطانيين في الطعام: البساطة، والشعور بالشبع.

فما الذي يجعل طبقاً بهذا القدر من التواضع يحظى بكل هذا الحب والرمزية؟ وكيف بقي محافظاً على مكانته في وجه موجات الحداثة والتنوع العالمي؟ لنكتشف أسرار المطبخ الإنجليزي من نافذة طبق «فيش آند تشيبس».

جذور هذه الأكلة تاريخية وعميقة، وأصلها يعود إلى القرن التاسع عشر، ظهرت في إنجلترا خلال الثورة الصناعية، عندما بدأت طبقة العمال في المدن الكبرى مثل لندن تبحث عن وجبات مشبعة ورخيصة.

كما أنها جاءت نتيجة دمج ثقافي، فالسمك المقلي جاء من اليهود السفارديم في لندن في القرن السابع عشر، بينما البطاطس المقلية جاءت من بلجيكا وفرنسا، وتم دمج الاثنين لاحقاً لتشكيل الطبق المعروف اليوم.

كانت تُباع في أكشاك رخيصة، وتُعد أول «أكل سريع» في بريطانيا. فهي سهلة الأكل وتقدَّم في المطاعم الشعبية والراقية أيضاً، حيث يتفنن الطهاة هذه الأيام في شكلها ومذاقها والصلصات التي تقدَّم معها، وتعد أيضاً من الأطباق الشهيرة التي يتناولها رواد الشواطئ وتباع بمحاذاة في أماكن مثل برايتون وغيرها من الوجهات الساحلية.

شهرتها عبر التاريخ سببها أنها كانت من بين الوجبات القليلة غير المقيدة بالحصص التموينية في الحربين الأولى والثانية. وعدَّتها الحكومة البريطانية طعاماً مهماً للمحافظة على الروح المعنوية.

«فيش آند تشيبس» هي رمز ثقافي بريطاني يتمتع بشهرة عالمية واسعة تماماً مثل شهر الشاي الإنجليزي وطقوسه.

عندما يأتي السياح إلى لندن تكون قائمة أهم المطاعم التي تقدِّم هذا الطبق أولية لهم. إليكم أهم العناوين:

المطاعم التقليدية

- ذا فرايرز ديلايت The Fryer's Delight (Bloomsbury)

مفتوح منذ 1958، يعمل فيه إيطاليان ويستخدم دهن البقر التقليديّ.

- ذا غولدن هيند The Golden Hind (Marylebone)

تأسَّس منذ أكثر من مائة عام، ويتميز بطبق السمك المقرمش ببهار خفيف.

- سيشيل أوف ليسون غروف Seashell of Lisson Grove

مطعم عريق منذ بعد الحرب، يتميز بمكونات عالية الجودة، وهو في قائمة الأفضل دائماً.

- بوبيز فيش آند تشيبس في سوهو وسوق سبيتالفيلدز وكامدن ونوتينغ هيل

نال جائزة «Best independent fish and chips»، وتستخدم فيه نوعية فاخرة من السمك الطازج.

- فيش لاونج Fish Lounge في بريكستون

مطعم أنيق، حصل على لقب «أفضل فيش آند تشيبس بوسط لندن»، والسمك يُقدّم بأنواع متعددة.

- بروكليز روك Brockley’s Rock

حائز جائزة Good Food Award، يديره قبرصيون يونانيّون.

- ميكيز تشيبي في ستو نيونتون Micky’s Chippy (Stoke Newington)

مفتوح منذ 25 عاماً، يقدم جودة ثابتة وسعراً ممتازاً (أقل من 10 جنيهات إسترلينية).

- ذا مايفير تشيبي The Mayfair Chippy في منطقة مايفير

يُعدّ من أبرز وأشهر خيارات سمك وشرائح البطاطس المقليّة في لندن، ويُحبّه الزوار العرب لعدة أسباب مميزة منها أنه يقع في قلب مايفير الراقية، بالقرب من مناطق التسوّق ومحطة Bond Street، مما يجعله وجهة أولى للزوار العرب الباحثين عن تجربة فاخرة وسط المدينة.

كما يحرص على تقديم سمك طازج ومستورد من مراكب صيد بريطانيا، مع بطاطس ممتازة وصلصات محضّرة داخلياً (التارتار، والكاري، وغيرها).

ميزة المطعم أنه يقدِّم هذا الطبق بطريقة نباتية وخالية من الغلوتين، مما يجذب العرب الذين يتبنون حميات مختلفة.

رغم الأسعار المرتفعة نسبياً (طبق «مايفير كلاسيك» بنحو 23 - 25 جنيهاً إسترلينياً)، فإن الخدمة الأنيقة والديكور الجميل يوفّران إحساساً بالفخامة، وتجد فيه طاولات في الخارج. هذا المطعم حائز تصنيف «روزيت» من دليل «ميشلان»، بالإضافة إلى جوائز أخرى. تجدر الإشارة إلى أن الحجز ضروري، ومن الممكن أيضاً الانتظار في الطابور للحصول على طاولة من دون حجز في حال كانت متوفرة.