تركيا واليونان... علاقة جوار على بحر من الألغام

تصعيد شديد على خلفية العسكريين الأتراك الانقلابيين

متظاهرون يحتجون ضد أوضاع المهاجرين في المخيمات ويطالبون الدولة بنقلهم إلى داخل المدن (أ.ف.ب)
متظاهرون يحتجون ضد أوضاع المهاجرين في المخيمات ويطالبون الدولة بنقلهم إلى داخل المدن (أ.ف.ب)
TT

تركيا واليونان... علاقة جوار على بحر من الألغام

متظاهرون يحتجون ضد أوضاع المهاجرين في المخيمات ويطالبون الدولة بنقلهم إلى داخل المدن (أ.ف.ب)
متظاهرون يحتجون ضد أوضاع المهاجرين في المخيمات ويطالبون الدولة بنقلهم إلى داخل المدن (أ.ف.ب)

تصاعد التوتر بين الجارتين تركيا واليونان بوتيرة سريعة خلال الأيام القليلة الماضية، على خلفية قرار للمحكمة العليا اليونانية برفض تسليم 8 عسكريين أتراك فروا إليها بعد ساعات من محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) الماضي، ليتأكد من جديد أن العلاقة بين البلدين الواقعين على ضفة حوض إيجة تعوم على بحر من الألغام. وأمس (الجمعة)، اتهمت تركيا جارتها اليونان بانتهاك القانون الدولي بإجرائها تدريبات عسكرية في جزيرة كوس، في تصعيد لخلاف بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وقالت وزارة الخارجية التركية إنها على دراية بتقارير إعلامية يونانية ذكرت أن قوات يونانية خاصة نزلت بالمظلات على الجزيرة، وقالت إن التدريبات تشكل انتهاكًا لمعاهدة موقَّعَة عام 1947 تحظر كل أشكال التدريب العسكري المماثل على الجزيرة. وأكد مصدر في وزارة الدفاع اليونانية أنه كان هناك تدريب مقرر في مطلع الأسبوع بمشاركة مظليين، وأن «جدول تدريبات القوات المسلحة اليونانية لن يتوقف».
وردت أنقرة محذرة بأنها ستتخذ إجراء إذا اقتضت الضرورة، وقال حسين مفتي أوغلو المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية في بيان: «ندعو جارتنا اليونان إلى الإحجام عن الأفعال أحادية الجانب التي قد تثير توترات وتتعارض مع القانون الدولي»، واعتبر المتحدث التركي أنَّ المناورات اليونانية في بحر إيجة تُعتبر تصعيدًا من جانب واحد سيتسبب بزعزعة العلاقات بين البلدين، داعيًا اليونان إلى الابتعاد عنها.
وأكد مفتي أوغلو التزام بلاده بالقانون الدولي، مبينا أنَّ تفاهم باريس بعد الحرب العالمية الأولى، قضى بتسليم إيطاليا جزيرة كوس لليونان، شريطة عدم إقامة أي فعاليات أو تحركات عسكرية فيها.
وتصاعد التوتر بين البلدين منذ منعت محكمة يونانية، الخميس قبل الماضي، تسليم ثمانية جنود أتراك تتهمهم أنقرة بالضلوع في محاولة الانقلاب، وقالت تركيا، على الأثر، إنها ستراجع العلاقات مع اليونان، ولوحت أيضًا بإلغاء اتفاق إعادة قبول المهاجرين وهو جزء من اتفاق اللاجئين وإعادة القبول الموقع بين أنقرة والاتحاد الأوروبي في 18 مارس (آذار) الماضي.
وقال وزير خارجية اليونان نيكوس كوتزياس لراديو ألفا اليوناني إن تصرفات تركيا تبدو وكأنها «محاولة للتغطية على أزمتها الداخلية، ومن المهم إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة».
وتابع قائلا: «قمنا بإبلاغ كل الحلفاء والشركاء في حلف شمال الأطلسي وشركائنا في الاتحاد الأوروبي، بل والأمم المتحدة أيضًا، بأن تركيا قد تتصرف أحيانا بعصبية وبطريقة لا تتناسب مع متطلبات التطور الطبيعي للعلاقات الثنائية».
وأعلنت أثينا، الأربعاء الماضي، أن الطيران الحربي التركي انتهك مجالها الجوي أكثر من 100 مرة فوق وسط وجنوب بحر إيجة، ووصف وزير الدفاع اليوناني ذلك بأساليب «رعاة البقر».
وجزيرة كوس هي جزء من سلسلة جزر دوديكانيس الخاضعة لنزع السلاح في إطار اتفاق سلام أبرم بعد الحرب العالمية الثانية عندما سلمت إيطاليا تلك الجزر لليونان.
ورد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في تصريح، أول من أمس (الخميس)، أن تركيا تتصرف بـ«عقلانية». وأبلغ صحيفة «حرييت» التركية خلال زيارته لأميركا اللاتينية: «تقوم اليونان بأعمال استفزازية منذ فترة طويلة. نتصرف بعقلانية حتى لا تحدث توترات مع جيراننا». وأضاف: «نعلم كيف نرد الرد اللازم. نهج الوزير (وزير الدفاع اليوناني) ليس جديدًا... إذا تصاعد الموقف (لا قدر الله) أو إذا وقع حادث غير مرغوب فيه، فلن تكون هناك رجعة لكنه لم يوضح ما يقصده بعبارة (لن تكون هناك رجعة)».
وقال جاويش أوغلو: «التزمنا دائمًا بمواصلة المحادثات الاستكشافية (مع اليونان). لكن وزير الدفاع اليوناني رئيس حزب اليمين المتشدد في حكومة تشيبراس، دائمًا ما يقوم بإثارة الفتن. منذ القدم كانت اليونان تتعمد الاستفزاز، لكننا نتعامل بمنطق ضبط النفس لتفادي التوتر مع الدولة الجارة».
وأضاف: «نحن نتجاهل معظم هذه القضايا. لكنه أصبح يستغل أزمة كارداك (الجزيرتين المتنازع عليهما) من أجل التصعيد. أدعوه للعودة إلى صوابه. يجب ألا يستغلوا ضبطنا للنفس، فنحن نمتلك أيضًا القدرة على الرد... نحن نتصرف بكامل الوعي والنضج، وعلى وزير الدفاع اليوناني أن يتصرف بوعي ونضج». وكان التوتر تصاعد بشدة بعد صدور قرار المحكمة اليونانية العليا بشأن العسكريين الأتراك في السابع والعشرين من يناير (كانون الثاني) الماضي، وقام رئيس الأركان التركي خلوصي أكار، وقادة القوات البرية والجوية والبحرية، الأحد الماضي، السفن الحربية التابعة للأسطول التركي بقاعدة «أكسار» في بحر إيجة.
وقال بيان صادر عن رئاسة الأركان التركية إن أكار ومرافقيه استقلوا بعد ذلك زورقين هجوميين، وتفقدوا منطقة جزيرة كارداك الصخرية التركية في بحر إيجة الواقعة بالقرب من جزر يونانية.
وأكد رئيس الأركان خلال جولته أن القوات المسلحة التركية مستمرة في حماية حقوق ومصالح تركيا وشعبها برًا وبحرًا وجوًا. وشدد على أن القوات المسلحة التركية قوة مؤثرة ورادعة في المنطقة.
وجاءت الزيارة التفقدية ردًا على قيام وزير الدفاع اليوناني بالتوجه إلى جزيرة كارداك.
وشهدت الأشهر الأخيرة توترا بين تركيا واليونان بسبب كثير من القضايا كان على رأسها قضية إعادة الضباط المتورطين في المحاولة الانقلابية، الذين فروا إلى اليونان، وترفض هذه الأخيرة تسليمهم، إضافة إلى تصريحات شديدة اللهجة كانت تصدر عن وزير الدفاع اليوناني تكتفي تركيا بالرد عليها من خلال بيانات وزارة الخارجية الداعية إلى التحلي بالمسؤولية وضبط النفس.
وطالب رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم نظيره اليوناني أليكسيس تشيبراس، بإعادة النظر في قرار محكمة بلاده العليا بحق العسكريين الانقلابيين الثمانية الذين فروا إلى اليونان عقب فشل المحاولة الانقلابية. وقال إنه أرسل خطابًا لنظيره اليوناني لإعادة الانقلابيين الثمانية إلى تركيا، مبينًا أنه ينتظر ردًا منه.
ووصف رئيس الوزراء التركي قرار المحكمة اليونانية العليا بحق الانقلابيين الثمانية بـ«المخيب للآمال»، مطالبًا بإعادة النظر في القرار من الناحية القانونية.
وحول زيارة وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس إلى جزيرة كارداك، قال يلدريم: «على ما يبدو فإن اليونان تسعى إلى تصعيد التوتر». وفي معرض رده على سؤال حول توقعاته لتطور الأمور بين البلدين، أوضح رئيس الوزراء التركي أن «اليونان جارة لتركيا، والجار اختيار القدر وليس اختيارنا، ويجب علينا أن ننجح في التعايش مع الجار الموجود». وتسببت قضية العسكريين الثمانية في مزيد من التوتر في العلاقات المعقدة بالفعل بين الجارتين تركيا واليونان العضوين في حلف «الناتو»، اللتين ما زالتا على خلاف بشأن المسألة القبرصية والحدود في بحر إيجة.
وتطالب اليونان تركيا بسحب قواتها من شمال قبرص وتعارض نظام الضمانات المعمول به في الجزيرة المقسمة إلى شطرين؛ تركي ويوناني، فيما أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن القوات التركية ستبقى هناك للأبد من أجل حماية مصالح القبارصة الأتراك. وتثير خطط يونانية للإسكان في 28 جزيرة صغيرة في بحر إيجة قلقًا تركيًا بسبب النزاع القائم على الجزر والحدود البحرية مع اليونان.
واتفاقية إعادة قبول اللاجئين من اليونان هي جزء من اتفاقية للاجئين موقعة بين تركيا والاتحاد الأوروبي في 28 مارس 2016 تتضمن دعمًا ماليًا وتخفيفًا لقيود تأشيرة «شينغن» للمواطنين الأتراك، وتسهيل مفاوضات الالتحاق بالاتحاد الأوروبي مقابل منع تدفق اللاجئين على الدول الأوروبية.



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.