«لودر» تطيح 23 إرهابيًا استيقظوا من خلايا «القاعدة» النائمة

تحذيرات من تكرار «سيناريو سوريا» بتوظيف الجماعات لإطالة أمد المعركة في اليمن

جندي من القوات الحكومية اليمنية لدى تطهير زنجبار عاصمة محافظة أبين من تنظيم القاعدة منتصف أغسطس الماضي (غيتي)
جندي من القوات الحكومية اليمنية لدى تطهير زنجبار عاصمة محافظة أبين من تنظيم القاعدة منتصف أغسطس الماضي (غيتي)
TT

«لودر» تطيح 23 إرهابيًا استيقظوا من خلايا «القاعدة» النائمة

جندي من القوات الحكومية اليمنية لدى تطهير زنجبار عاصمة محافظة أبين من تنظيم القاعدة منتصف أغسطس الماضي (غيتي)
جندي من القوات الحكومية اليمنية لدى تطهير زنجبار عاصمة محافظة أبين من تنظيم القاعدة منتصف أغسطس الماضي (غيتي)

«استيقظت الخلايا النائمة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب خلال الأيام الأخيرة، على وقع انتصارات داخلية للحكومة الشرعية والتحالف العربي، ومتغيرات دولية أبرزها الموقف الأميركي الجديد الصارم ضد سياسة إيران وحلفائها في المنطقة».
بهذا بدأ الباحث اليمني السياسي نجيب غلاب تعقيبه على تحركات التنظيم الإرهابي الأخيرة في اليمن.
ولم تهدأ محافظة لودر اليمنية خلال الأيام الماضية من وقع المواجهات مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الذي كثف من تحركاته خلال الأيام الأخيرة، وخرج الأهالي أمس لمجابهة التنظيم، وأطاحوا بـ23 عنصرًا على الأقل حاولوا السيطرة على مواقع أمنية في المدينة.
يقول عبد اللطيف السيد قائد قوات الحزام الأمني في جعار وأحور وشقره (وهي مدن تتبع لمحافظة أبين)، إن عناصر التنظيم سحبت جثث قتلاها بعدما منيت بالهزيمة التي شارك فيها الأهالي مع القوات. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «كما باءت محاولة أخرى للتنظيم بالفشل لدى محاولته اقتحام مديرية أحور».
وبسؤاله عن سر التحرك الأخير للتنظيم، أرجع عبد اللطيف السيد ذلك إلى «ارتباطهم بالانقلاب». ويضيف: «ينشرون الفوضى في المناطق المحررة لإرباك المشهد العسكري الذي قد يسقط صنعاء قريبًا أمام تقدم الجيش والمقاومة».
نزار جعفر القيادي في اللجان الشعبية (الموالية للحكومة اليمنية) يشير في اتصال مع «الشرق الأوسط» إلى خلو مقاتلي لودر من أي إصابات خلال المواجهات في اليومين الماضيين، «رغم قلة العدة والعتاد»، لافتًا إلى انسحاب عناصر «القاعدة» صوب منطقتي موديه والوضيع، التي تحتفظ فيهما «بأطقم طبية وجراحين من مختلف الجنسيات».
وتقول مصادر عسكرية إن عناصر من التنظيم تتمركز في جبل صهيل المطل على «مفرق النائب»، وهو مفرق سمي باسم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي حين كان نائبًا للرئيس؛ نظرًا لوقوعه قرب «دكيم» قرية هادي، في الطريق الذي يربط المدينة بمحافظات شبوة وحضرموت والمهرة.
ويحذر نجيب غلاب من تكرار السيناريو السوري باستغلال الجماعات الإرهابية في إدارة المعركة، من قبل ميليشيات الحوثي والرئيس السابق علي عبد الله صالح، ويقول غلاب إن التوجه الأميركي الجديد دفع بالانقلابيين إلى محاولة تسويق أنفسهم من جديد بتحريك «القاعدة» والإيهام بأنها الخطر الأكبر على اليمن، وهو تكرار للسيناريو السوري.
ويضيف أن التحول في أبين والبيضاء مسرح لإدارة عمليات «القاعدة» وإدارة معركتها ضد «الشرعية» و«التحالف» بدأ يتضح، إذ يسلح الانقلاب ويسهل لعناصر التنظيم التحرك في محافظة البيضاء القابعة تحت سيطرته، ويسعى في المقابل إلى السيطرة على بعض المناطق في أبين.
ويرجع غلاب تحرك «القاعدة» أيضًا إلى أنها «بدأت تشعر بأنها مستهدفة فبدأت بتحريك أوراقه والانقلاب جاهز لدعمها».
وفي عدن، قالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) إن رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد بن دغر «وجه الوزارات والجهات المعنية وقيادة المنطقة العسكرية الرابعة بالتعاون مع السلطة المحلية بمحافظة أبين بتوفير الآليات والتجهيزات الأمنية اللازمة لقيام المنظومة الأمنية بالمحافظة بأعمالها ومهامها على النحو المطلوب، مؤكدًا أن الحكومة لن تتوانى عن القيام بدورها في التصدي الحازم للعناصر الإرهابية تحت أي غطاء أو اسم أو ارتباط كان، خاصة مع ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، وذلك بالتعاون مع الأشقاء في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن».
وأضاف البيان أن رئيس الحكومة «شدد على وضع خطة أمنية عاجلة ومحكمة لمحاصرة وإجهاض بروز أي بؤر إرهابية أو محاولات لنشر عناصرها الضالة من جديد في محافظة أبين، لحماية أمن واستقرار المواطنين والممتلكات العامة والخاصة».
ويعود الباحث السياسي اليمني غلاب إلى القول إن هناك ترجيحًا بأن مواجهة «القاعدة» ستترك أثرًا على «الشرعية» في بعض المناطق، لكن جزءًا من أهدافها يتمثل في مكافحة الإرهاب، وهو جزء من إسقاط الانقلاب واستعادة الدولة.
ويستدرك قائلاً: «صحيح أن الحكومة الشرعية تدرك هذه المخططات، وبالتالي سيديرون معاركهم باتجاهين؛ الانقلاب و(القاعدة)»، مجددًا التحذير من أن «الانقلاب يوظف (القاعدة) ويعدها أحد المداخل الأساسية لتسويق نفسه دوليًا».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».