ترمب يطلق إجراءً لرفع الضوابط عن المصارف

ترمب يوقع مرسوما لمراجعة قانون دود-فرانك بالمكتب البيضاوي في البيت الأبيض (أ.ب)
ترمب يوقع مرسوما لمراجعة قانون دود-فرانك بالمكتب البيضاوي في البيت الأبيض (أ.ب)
TT

ترمب يطلق إجراءً لرفع الضوابط عن المصارف

ترمب يوقع مرسوما لمراجعة قانون دود-فرانك بالمكتب البيضاوي في البيت الأبيض (أ.ب)
ترمب يوقع مرسوما لمراجعة قانون دود-فرانك بالمكتب البيضاوي في البيت الأبيض (أ.ب)

وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس (الجمعة)، مرسومين لمراجعة الضوابط على القطاع المصرفي التي فُرِضت بعد الأزمة المالية في 2008، ليحقق بذلك أحد وعود حملته الانتخابية، وأيضًا مكسبًا لـ«وول ستريت».
وينص المرسوم الذي وقعه ترمب على إعادة النظر في مجمل الضوابط المالية التي يشملها قانون «دود - فرانك» الذي أصدره الرئيس السابق باراك أوباما في 2010، وانتقده الجمهوريون والقطاع المالي، الذي يعتبر أنه يُلحِق ضررًا بالمصارف والمستهلكين.
وقال ترمب لدى توقيع الوثائق من المكتب البيضاوي بحضور نائبه مايك بنس: «اليوم نوقع المبادئ الأساسية لترتيب النظام المالي الأميركي». وأضاف: «لن يكون هناك أمر أهم من هذا أليس كذلك؟!».
وكان ترمب صرح، في وقت سابق، خلال استقباله رؤساء شركات كبار في البيت الأبيض: «سنقتطع الكثير من قانون دود - فرانك. لدي أصدقاء يعجزون عن إطلاق شركاتهم، لأن المصارف ترفض منحهم قروضًا بسبب الضوابط التي يفرضها قانون دود - فرانك».
وينص القانون على تشكيل هيئة حماية المستهلكين ويفرض على المصارف الاحتفاظ بنسبة أعلى من رؤوس الأموال لتفادي المديونية المفرطة، والخضوع سنويا لاختبارات الملاءة لتقييم صلابتها في حال حصول أزمة.
ورحبت «جمعية المصرفيين الأميركيين» (إيه بي إيه) بالمبادرة في بيان ودعت إلى «إعادة نظر دقيقة وحذرة في قانون دود - فرانك تتيح إطلاق حرية المصارف».
وتابع البيان: «نحن متحمسون للعمل مع الحكومة والكونغرس وهيئات ضبط المصارف لإجراء هذه التغييرات، بحيث تظل المصارف قوية وقادرة على تأمين رؤوس الأموال الضرورية لإعادة بناء اقتصادنا».
وكان المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر أعلن في وقت سابق «هذا القانون كان كارثة بسبب تأثيراته وأيضًا لأنه لم يحقق الهدف المرجوّ».
ويتطلب أي تعديل كبير في قانون «دود - فرانك» موافقة الكونغرس لكن الإدارة الأميركية الحالية أكدت أنها مستعدة لذلك.
ولم يعلق الاحتياطي الفيدرالي الذي يعتبر الهيئة الأساسية التي تنظم عمل القطاع المصرفي الجمعة على الإجراء.
من جهته، أعلن مدير المجلس الاقتصادي الوطني في البيت الأبيض غاري كون المسؤول الثاني السابق في مصرف «غولدمان ساكس» أن الهدف من رفع القيود عن الأسواق المالية ليس خدمة المصارف.
وقال كون في مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جورنال» إن «الأمر لا يتعلق بمصارف (جاي بي مورغان) أو (سيتيغروب) أو (بنك أوف أميركا). الأمر يتعلق بالتدخل في السوق العالمية، حيث علينا وبوسعنا أن يكون لنا موقع مسيطر ما دمنا لا نستبعد أنفسنا بسبب التشريعات».
وأوضح كون أن المصارف سيصبح بوسعها «تحديد أسعارها بفاعلية أكبر وبالتالي لما فيه مصلحة المستهلكين بشكل أكبر».
إلا أن منظمة «بابليك سيتيزن» غير الحكومية علقت بالقول: «العودة عن هذه القاعدة دليل على إن إدارة ترمب من صف (وول ستريت)».
واعترض السيناتور الديمقراطي تشارلز شورمر قائلا إن «الرئيس ترمب الذي تعهد التصدي للمصارف الكبيرة يتيح لها الآن تحديد خريطة الطريق». وأضاف أن الديمقراطيين «سيبذلون كل الجهود لعدم إلغاء قانون دود - فرانك».
وليس قانون «دود - فرانك» وحده محط أنظار الجمهوريين. فقد وجه نائب رئيس لجنة الخدمات المالية في مجلس الشيوخ باتريك ماكهنري رسالة أخيرا إلى رئيسة الاحتياطي الفيدرالي جانيت يلين يأمرها فيها بالانسحاب من كل المفاوضات الحالية، حول الضوابط المالية سواء في الولايات المتحدة أو في الخارج.
وقال ماكهنري: «يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي يواصل التفاوض حول المعايير التشريعية الدولية للمؤسسات المالية مع بيروقراطيين دوليين في دول أجنبية دون أي شفافية أو سلطة أو رفع تقرير بها. وهذا أمر غير مقبول».
وتثير هذه الإجراءات الجديدة للإدارة الأميركية قلقًا في الخارج. وصرح وزير الأسواق المالية في السويد بير بولوند لوكالة «تي تي» إن «ترمب يشكل فعلاً تهديدًا للاستقرار المالي»، وأضاف: «هذا خطير ومضر ومؤسف جدًا في أيامنا هذه».



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.